بعض الصداقات هي كشرارة الحب التي تولد فجأةً من دون أن يدري المرء كيف ومتى حصل ذلك، فمنذ أيام الطفولة تولد صداقات معيّنة، البعض منها يستمر مع الوقت وينمو مع التقدم في العمر في حين أن البعض الآخر يتلاشى نتيجة الظروف الحياتية المستجدّة، وفق ما أكدته الدكتورة "سوزان ديغيتس وايت"، صاحبة كتاب Toxic Friendships: Knowing the Rules and Dealing with the Friends who Break Them:"نحن نتغيّر وبدورهم يتغير الأصدقاء مع مرور الوقت، نتيجة الظروف والتطلعات الاجتماعية الجديدة".
كيف تولد شرارة الصداقة وكيف تنطفىء؟
لعلّ أكثر الأسباب التي تجعلنا نرتبط بعلاقة صداقة مع الناس هو "القرب المادي" بيننا وبينهم، هذه النقطة تشرحها أكثر "ماهزاد حوشاد"، أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة "ماساتشوستث دارتموث" بالقول:"نحن نميل إلى أن نصبح أصدقاء مع أشخاص نراهم كثيراً، على غرار الأشخاص الذين يعيشون بالقرب منا، يعملون معنا أو يشاركوننا في بعض الأنشطة"، مشددةً على أننا نصبح أصدقاء مع الأفراد الذين يشبهوننا لكونهم يساعدوننا على تحقيق أذواقنا وقيمناوتفضيلاتنا: إذا كنا وصديقنا نحب لعب التنس مثلاً، فهذا يعني وجود شريك جديد في اللعبة.
وبالطريقة نفسها التي تولد فيها الصداقات، فإنها قد تتلاشى أيضاً، خاصة عندما تتغيّر ظروف الحياة، كترك الوظيفة أو العيش في مكان آخر... وتتأزم العلاقة أحياناً بين الطرفين وتتحول الصداقة إلى مصدر قلق وكابوس يصعب الخروج منه بسهولة.
الصداقات السامة
تشكل الصداقات جزءاً كبيراً من نظام الدعم الخاص بنا، ومع الوقت تتبدل الظروف وتتغيّر أطباع الناس، وقد يتحول الصديق "الداعم" والمساند إلى شخصٍ مصدر للقلق، فتصبح العلاقة بيننا وبينه مرهقة ومشحونة بالتوتر.تحدثوا معه بكل احترام عن كل الأمور والتصرفات التي قام بها في السابق والتي زعجتكم، هذا وامنحوا الشخص المقابل فرصةً للتعبير عن شعوره، وتقبلوا ردود أفعاله حتى إن كانت "هستيرية" بعض الشيء
الصداقة هي مثل أي زواج ناجح أو علاقة رومانسية جميلة، تحتاج إلى الجهد والوقت والاستثمار لكي تنمو وتزدهر وإلا فسيكون مصيرها الفشلمن الصعب علينا أحياناً الاعتراف بحقيقة أن هناك بعض الأشخاص الذين يدخلون حياتنا بلمح البصر قد يغادرونها أيضاً من دون إنذار، فالصداقة هي مثل أي زواج ناجح أو علاقة رومانسية جميلة، تحتاج إلى الجهد والوقت والاستثمار لكي تنمو وتزدهر وإلا فسيكون مصيرها الفشل.
ولكن كيف نعرف أنه آن الأوان للتخلي عن علاقة الصداقة التي تربطنا بشخصٍ ما؟
إن تعرضنا لضربةٍ قاسيةٍ لا يعني بالضرورة أن الصداقة قد انتهت بالفعل أو يجب أن تنتهي على الفور، بل من الأجدى تقييم العلاقة قبل اتخاذ أي قرار نندم عليه في وقتٍ لاحقٍ، وفق ما أكده موقع life hack مشيراً إلى أن أصعب درس نتعلمه هو عندما نبتعد ولا نريد خسارة صديق جيّد بسبب فورة غضبٍ حمقاء.
وبالتالي إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الشأن: متى كانت آخر مرة قمتم فيها بتقييم "الأصدقاء" الموجودين في حياتكم، بناءً على دورهم الفاعل في تحسين حياتكم أو إضافة جرعات زائدة من "الدراما"؟
يرجح موقع shine أن يكون هناك على الأقل شخص أو شخصان يستغلكونكم أو ببساطة لا يضعون أي جهدٍ فعلي لإنجاح العلاقة، أما إذا كنتم مترددين في كيفية التعاطي مع هؤلاء، فينبغي أن تطرحوا على أنفسكم السؤال التالي: في حال كنتم في محنةٍ، فهل بامكانكم الاعتماد على هؤلاء الأشخاص لإخراجكم منها؟ في حال ترددتم في الإجابة فهذا يكون بمثابة تأكيد على أن هؤلاء الأفراد ليسوا جديرين بصداقتكم. وعندما تتحول الصداقة إلى بذل جهد من طرفٍ واحد، فهذا يمكن أن يكون بمثابة مؤشر على أن العلاقة لم تعد سليمة، وعندها وفق "سوزان ديغيتس وايت" يجب أن نسأل أنفسنا: هل نحن أفضل حالاً مع هؤلاء الأصدقاء أم من دونهم"؟
في الواقع هناك بعض المؤشرات التي من شأنها فضح الصداقات السامة: -إذا كان الطرف الآخر يسرق منكم، أو ينشر الشائعات أو يكذب عليكم أو يمتنع عن دعمكم، فهذه الأمور كلها تناهض مفهوم الصداقة. -إذا كانت السلبيات أكثر من الإيجابيات في العلاقة. -إذا كنا نشعر بأننا أسوأ حالاً بعد قضاء بعض الوقت مع الصديق المفترض. -إذا كنا نشعر بأننا لسنا من ضمن أوليات الشخص الآخر والذي يعمد باستمرار إلى إلغاء المشاريع معنا أو تأجيلها.
دليل الانفصال عن صديق/ة
عندما يذكر شخص ما كلمة "انفصال" أول ما يتبادر إلى ذهننا هو "وجع القلب" الناجم عن فشل العلاقة العاطفية بين شخصين، إلا أن الانفصال قد يشمل الأصدقاء أيضاً وقد يكون مؤلماً تماماً كمسألة إنهاء العلاقات الرومانسية.
في الحقيقة إن أخذ قرار الانفصال عن صديق/ة هو أمرٌ مرعب ولكن هناك بعض الأشياء التي يمكن القيام بها للتخفيف من وطأة المشكلة وجعلها أقل صعوبةً على الطرفين. في البداية تعتبر الأخصائية في مجال الصحة العقلية "ماليكا بهوميك" أن توضيح الشعور للطرف الآخر بشأن ما يزعجنا من شانه أن يقرب وجهات النظر بيننا وبينه ويعطيه فرصةً لتصحيح سلوكه، مع العلم أن هناك بعض المواقف التي تحتم على المرء إنهاء الصداقة فوراً ومن دون أخذ وردّ، ولكن من الضروري دوماً الحرص على عدم الاختفاء من العلاقة كالشبح لأن هذا السلوك يؤذي مشاعر الآخرين.
من هنا، في حال وجدتم أنكم استنفذتم كل خياراتكم وأنتم تحاولون إنجاح هذه الصداقة من دون جدوى أو توصلتم ببساطة إلى قناعةٍ بأن هذه العلاقة لا تستحق منكم كل هذا الجهد وقررتم الانفصال عن صديقكم/ صديقتكم، فعندها حددوا موعداً لمقابلة الطرف الثاني وتحدثوا معه بكل احترام عن كل الأمور والتصرفات التي قام بها في السابق والتي زعجتكم، هذا وامنحوا الشخص المقابل فرصةً للتعبير عن شعوره، وتقبلوا ردود أفعاله حتى إن كانت "هستيرية" بعض الشيء. ففي نهاية المطاف إن تلقي قرار الانفصال ليس سهلاً على الإطلاق:" الانفصال صعب مهما كانت الأسباب وبامكانكم أن تجعلوا التجربة أكثر إيلاماً أو أن تحولوا هذه النهاية إلى فرصة لتعزيز الصالح... ضعوا هذا الأمر في الحسبان عند تقييمكم لكيفية التعامل مع أي صداقة قد تربككم في الوقت الحالي واعملوا أفضل ما بوسعكم لنفسكم ولعلاقاتكم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 19 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 5 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين