شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
طيف صدام حسين يظهر في لندن

طيف صدام حسين يظهر في لندن

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 20 نوفمبر 201811:31 ص
ظهر طيفُ الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد 12 سنةً على إعدامه، في أحد أحياء شرقي لندن، الاثنين، إذ فوجئ قاطنو الحي بظهور لوحةٍ تذكارية تحمل اسم "صدام" بمنطقتهم. على أحد المقاعد وسطَ شارعٍ مزدحم في منطقة وانستيد، ظهرت اللوحةُ النحاسية، والتي كُتب عليها "تذكار محبة لصدام حسين"، مع الإشارة إلى تاريخ ميلاده عام 1937 وتاريخ إعدامه عام 2006. أثارت اللوحة التي تُمجد صدامَ الذي اعتُبر ديكتاتوراً وجلاداً، غضبَ عددٍ من سكان الحي، منهم ميليسا تشينين، 38 عاماً، التي صرحت: "أصابني الفزع. كانت أمي في زيارة لنا ولفتت انتباهي إلى اللوحة، بصراحة صُدمت، وحاولت التأكدَ منها مباشرة". وأضافت لصحيفة "اندبندنت" البريطانية "اعتقدت أنها مخطئة، لكن ما أثار رعبي أنها كانت على حق… الاحتفاءُ بشخص تسبب في كل هذا الرعب أمرٌ فظيع. وإذا كانت نكتة، فهي ليست مُضحكة على الإطلاق". "رغم أنني ضحكت بدايةً على النكتة المريضة، إلا أنني كلما فكّرت بها أكثر، كُلما أصبح الأمر غيرَ مُضحك"، قالت الصحافية البريطانية فيكتوريا ريتشارد، التي كانت أولَ من صوّر اللوحة، ونشرتها على تويتر.
وأضافت "رُبما ننسى من يكون صدام، وما فعله، لكن ضحاياه وعائلات ضحاياه لن ينسوه أبداً، ولن يضحكوا على هذه النكتة"، مُتسائلة ما إن كانت هناك لوحة أخرى في مكان ما قبل هذه. وقالت ريتشارد إنها تتمنى معرفةَ المزيد عن صاحب النكتة، وما دفعه لفعل ذلك، لافتة إلى أنها "سيئةٌ في كل الأحوال". وبعد ظهور اللوحة بساعاتٍ قليلة، أوضح متحدثٌ باسم مجلس حي "ريد بريدج"، "لم نعطِ إذناً لأحد بوضع هذه اللوحة وقد أُزيلت". أُطيح بصدام حسين الذي حكم العراقَ أكثرَ من 30 عاماً، خلال الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأُعدم صباح أول أيام عيد الأضحى عام 2006 بعد أن أدانته السُلطات العراقية بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".

"كانت لديه القدرة على أن يكون مبهراً ولطيفاً"

كلّفت المُخابراتُ المركزية الأمريكية مسؤولَ المخابرات السابق، جون نيكسون، بالتحقق من هوية صدام واستجوابه بعدما تمّكنت من القبض عليه عام 2003  في خندق صغير تحت الأرض بجوار منزلٍ ريفي في مسقط رأسه تكريت. أوضح نيكسون أنه بدأ بدراسة شخصية الرئيس العراقي السابق منذ التحاقه بجهاز المخابرات الأمريكية عام 1998، وكان دورُه فيها توفيرَ خلفيةٍ وافية عن عدد من زعماء العالم، وتحليلَ الأسباب وراء "تحولهم إلى طغاة". يقول إنه حدد ثلاثَ علامات مهمةً للتعرف على صدام وهي أثرُ الطلقة الموجودة في رجله أثناء محاولة اغتيال الرئيس الأسبق عبد الكريم قاسم، والوشمُ الموجود على إحدى يديه، وهي علامةٌ تضعها عشيرة البوناصر التي ينتمي إليها صدام حسين. أما العلامة الثالثة، فهي شفتُه السفلى، نتيجة إدمانه على التدخين. "عندما بدأتُ التحدث إليه، رمقني بنظرة كتلك التي كانت في عينيه في صورة غلاف كتاب كان على مكتبي سنواتٍ. كان مشهدًا يفوق السريالية"، أضاف نيكسون الذي قال إنه لم يصدق بأنه يتولى التحقيقَ مع أخطر رجل مطلوب في العالم، واصفاً بأن الأمر كله بدا "هزلياً". ووصف نيكسون في كتابه "استجواب الرئيس" (2017) بأن صدام حسين كان "كتلةً من التناقضات"، وأن جانبَه الإنساني يختلف تماماً مع ما انتشر في وسائل الإعلام الأمريكية لافتاً إلى أنه "كان من أكثر الشخصيات المؤثرة التي قابلتها في حياتي، وكانت لديه القدرةُ على أن يكون مبهراً، ولطيفاً، ومضحكاً، ومهذباً عندما يريد ذلك." لكن قال نيكسون إنه كان يتحول إلى النقيض من كل ما سبق عندما كان يفقد السيطرةَ على أعصابه، إذ يتحول إلى "شخص وقح، ومتغطرس، وبذيء، ووضيع، ومرعب". يقول نيكسون إن الموضوعَ الأهم على الإطلاق الذي أرادت المخابرات المركزية الأمريكية معرفته هو أسلحةُ الدمار الشامل، والتي كانت الذريعةَ التي استخدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا لتبرير غزوهما العراق، إذ كانتا تروجان لمزاعم وجود هذا النوع من الأسلحة في البلاد. ولكن بعد مُقابلته لصدام حسين، وبعد إجرائه عمليات بحثٍ للتحقّق من مدى ثبوت أو نفي هذه المزاعم، توّصل إلى نتيجة أنه أوقف البرنامجَ النووي لبلاده منذ سنواتٍ عدة قبل سقوطه في أيدي القوات الأمريكية، وأنه لم يكن يعتزم استئنافَه ثانية.
ظهر طيفُ الرئيس العراقي السابق صدام حسين بعد 12 سنةً على إعدامه، في أحد أحياء شرقي لندن.
"رُبما ننسى من يكون صدام، وما فعله، لكن ضحاياه وعائلات ضحاياه لن ينسوه أبداً، ولن يضحكوا على هذه النكتة"
كشف نيكسون في كتابه أنه عندما عاد إلى الولايات المتحدة لتسليم تقاريره، كانت الإدارةُ الأمريكية ترغب بسماع ما تريد لدعم نظرياتها ومواقفها المسبقة فقط، لافتاً إلى أن المُخابرات المركزية الأمريكية لا تختلف عن بقية المؤسسات البيروقراطية. وأشار إلى أنه كان يُعامَل في ما بعد، في مقرّ المخابرات الأمريكية كشخصٍ غريب، الجميع يحاول الابتعادَ عنه. أعرب نيكسون عن أسفه لما حدث في العراق منذ الإطاحة بصدام حسين في 2003، ورجّح أن يكون وضعُ المنطقة أفضلَ لو بقي في السلطة العراقية. وخلص إلى أنه "رغم ما ارتكبه صدام من فظائع إلا أنه ليس بذلك الشيطان أو "هتلر" الصورة التي صورتها الإدارة الأمريكية". بقي أن نسأل: من وضع لوحةَ صدام في قلب لندن؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image