من منا لا يطمح إلى إصلاح الماضي أو محو حدثٍ تاريخي مؤسف يؤثر سلباً على البشرية؟ ماذا عن السفر إلى المستقبل لرؤية حدثٍ استثنائي كأول هبوط بشري على سطح المريخ؟
في الواقع إن مفهوم السفر عبر الزمن هي فكرةٌ جذابة لطالما أثارت اهتمام العلماء وشكلت موضوعاً شائعاً في الخيال العلمي منذ عقود.
من "Doctor Who"، إلى "ستار تريك" و"العودة إلى المستقبل" أفلامٌ عديدة لعبت بخيالنا بعدما قدمت لنا فرضية التنقل عبر الزمن وخوض مغامراتٍ مثيرةٍ.
صحيح أنه في الوقت الراهن لا يمكننا بناء آلة للانتقال عبر الزمن، ولكن هل يمكننا فعل ذلك في المستقبل؟
via GIPHY
أتباع السفر عبر الزمن
"إذا قدم أحدهم طلب الحصول على منحة بحث لدراسة السفر عبر الزمن، فسيتم فصله على الفور"، هذا ما قاله العالم الفيزيائي "ستيفن هوكينغ" في كتابه الذي حمل عنوان "أجوبة مقتضبة عن أسئلةٍ كبيرةٍ". كان البروفيسور "ستيفن هوكنغ" من أتباع السفر عبر الزمن، وقبل وفاته دوّن في كتابه الأخير ما يلي: "لا يمكن إستبعاد السفر السريع في الفضاء والسفر عبر الزمن وفقاً لفهمنا الحالي"، ومع إصدار الكتاب بعد وفاته في مارس 2018، لم يتمكن خريجو جامعة كامبريدج من شرح نظريته بشكلٍ كاملٍ، وفق ما ذكره موقع Express.كان البروفيسور "ستيفن هوكنغ" من أتباع السفر عبر الزمن، وقبل وفاته دوّن في كتابه الأخير ما يلي:"لا يمكن إستبعاد السفر السريع في الفضاء والسفر عبر الزمن وفقاً لفهمنا الحالي".
في حين أن معظم الأشخاص يفكرون في الوقت على أنه "ثابت" فإن الفيزيائي ألبرت آينشتاين اعتبر أن الوقت هو مجرد "وهم" وأمر نسبي يختلف حسب سرعتك في الفضاء.على الأرجح أن "هوكينغ" كان محقاً في اعتبار السؤال المتعلق بإمكانية السفر عبر الزمن "سؤالاً خطيراً للغاية" لا يزال من الممكن تناوله علمياً، خاصة أنه كان متفائلاً بحذر حين كشف أن فهمنا الحالي لا يمكنه استبعاد إمكانية السفر عبر الزمن. ويبدو أن السفر عبر الزمن يحدث بالفعل إنما بمستوياتٍ محدودةٍ جداً، فإذا أخذنا مثلاً تجاربنا اليومية، لوجدنا أننا نعتمد على قدرتنا على الاتصال بأصدقائنا وعائلاتنا أينما كانوا في العالم لمعرفة أحوالهم في الوقت الحالي والمشكلة أننا نعتبر ذلك من الأمور البديهة. واللافت أن هناك بعض الأمور التي لا يمكننا معرفتها في الواقع، حيث تسير الإشارات التي تحمل أصواتهم وصورهم بسرعة غير مفهومة، لكنها لا تزال تستغرق بعض الوقت حتى تصل هذه الإشارات إلينا. وعليه، فإن مسألة عدم قدرتنا على الوصول إلى "الآن"، لشخص ما في مكان آخر بعيد عنا، يقع في قلب نظريات ألبرت آينشتاين عن المكان والزمان. via GIPHY
الوقت وسرعة الضوء
في حين أن معظم الأشخاص يفكرون في الوقت على أنه "ثابت" فإن الفيزيائي ألبرت آينشتاين اعتبر أن الوقت هو مجرد "وهم" وأمر نسبي يختلف حسب سرعتك في الفضاء. وبحسب آينشتاين فإن المكان والزمان هما جزء من شيء واحد يدعى "الزمكان"، مشدداً على أنه ينبغي لنا الاستعداد للتفكير في المسافات عبر الزمن مثل تفكيرنا في المسافات في الفضاء. تقوم فكرة آينشتاين الثورية على الافتراض أن معدل التبادل بين الوقت والمسافة في الزمكان هو سرعة الضوء، وهي أعلى سرعة يمكن لأي إشارة الانتقال بها، ما يضع حدوداً أساسيةً لمدى معرفتنا بما يجري في أي مكانٍ آخر في الكون. لكن هذه النظرية تشكل معضلة كبيرة لأولئك الحالمين بالسفر عبر الزمن، وفق ما يشير إليه "بيتر ميلينغتون" في موقع The Conversation قائلاً: "بالنسبة إلي، تعد عودتي بالزمن والتخطيط لأحداث من شأنها منع ولادتي من الحدوث بمثابة وضع التأثير، أي أنا، قبل السبب، أي ولادتي، مضيفاً أنه في حال كانت سرعة الضوء عالمية، فعندها يجب قياسها لتبلغ 299،792،458 متراً في الثانية في الفراغ، بمعزل عن السرعة التي نتحرك بها. أدرك آينشتاين أن سرعة الضوء المطلقة تجعل المكان والزمان نفسيهما غير مطلقين، واتضح أن الساعات المتحركة يمكن أن تتحرك عقاربها على نحو أبطأ من الساعات الثابتة: "كلما تحركت بشكلٍ أسرع، تحركت عقارب ساعتك على نحو أبطأ بالمقارنة مع الساعات التي تمر بها". أما كلمة "نسبي" فهي كلمة الفتاح هنا، بحيث يشرح الكاتب بأن الوقت سيمر بشكلٍ طبيعي بالنسبة إليك، ومع ذلك فكل شخص لا يزال واقفاً في مكانه سيشاهدك بالحركة البطيئة. وبالتالي في حال كنت تتحرك بسرعة الضوء، ستبدو للناظرين وكأنك مجمد داخل الزمن، في حين ستشاهد الآخرين وهم يتحركون بسرعةٍ كبيرةٍ إلى الأمام. وفي هذا الصدد، هناك سؤال يطرح نفسه في هذا الخصوص: ماذا لو سافرنا بسرعةٍ تتجاوز سرعة الضوء، هل سيرجع الوقت إلى الوراء مثلما تظهره أفلام الخيال العلمي؟ لسوء الحظ، يتطلب الأمر طاقة غير محدودة لدفع الإنسان ونقله بسرعة الضوء، وحتى لو استطعنا فعل ذلك، لن يمر الوقت ببساطة إلى الوراء. وبدلاً من ذلك، لن يكون من المعقول الحديث عن التحرك إلى الأمام والوراء. وعليه سوف ينتهك قانون السببية ومفهوم السبب والنتيجة سيفقد معناها. via GIPHYالثقوب السوداء
إعتبر آينشتاين أن قوة الجاذبية هي نتيجة للطريقة التي تعتمدها الكتلة بقطع الزمان والمكان، و"كلما ازداد حجم الكتلة في منطقةٍ ما من الفضاء، ازدادت مساحة الزمكان وتباطأت حركة عقارب الساعات القريبة منها". وفي حال تواجد المزيد من الكتلة بكمياتٍ كافيةٍ، سيصبح الزمكان مشوهاً لدرجة أن الضوء لا يستطيع الإفلات من جاذبيته، ليقود ذلك إلى تشكل ثقب أسود، أما إذا اقتربنا من حافة الثقب الأسود، فإن عقارب الساعة ستبدو بطيئة إلى حد بعيد مقارنة بتلك البعيدة عنها. via GIPHY فهل يمكننا تشويه الزمكان بالطريقة الصحيحة لدفعه للانغلاق على نفسه مرة أخرى والعودة بالزمن؟ يبدو أن هذا الأمر ممكن الحدوث إلا أننا بحاجة إلى ثقب دودي يمكننا عبوره، لكننا لا نزال في حاجة إلى إنتاج مناطق ذات طاقة سلبية لتحقيق الإستقرار. وبالرغم من أن الفيزياء الكلاسيكية في القرن التاسع عشر تشدد على استحالة تطبيق هذا التصور، إلا أن النظريات الحديثة لميكانيكا الكم تعتبر أن الأمر ممكن حدوثه. وبحسب ميكانيكا الكمّ فإن المساحة الفارغة ليست فارغة، إنما تمتلئ بأزواج من الجسيمات التي تبرز وتختفي داخل الوجود، وفي حال تمكنا من إنشاء منطقة بحيث يسمح لعدد قليل من الجسيمات بالدخول والتنقل من أي مكانٍ آخر، فإن هذه المنطقة ستكون لها كثافة طاقة سلبية. ومع ذلك، لا يزال العثور على نظرية ثابتة تجمع بين ميكانيكا الكم ونظرية آينشتاين حول الجاذبية أحد أكبر التحديات في الفيزياء النظرية. ويمكن لنظرية واحدة الجمع بين نظريتين، وهي نظرية الأوتار، التي تعرف "بنظرية إم"، التي من شأنها تقديم احتمالية أخرى. تتطلب هذه النظرية أن يكون لها 11 بعداً، بعداً زمانياً و3 أبعاد مكانية نتحرك خلالها و7 أبعاد أخرى متعرجة بشكل غير مرئي، فهل بامكاننا إعتماد هذه الأبعاد المكانية الإضافية لاختصار المسافة والوقت؟ كان "هوبكينغ" متفائلاً بذلك.هل السفر عبر الزمن ممكن بالفعل؟
بالرغم من أن فهمنا الحالي للنظر عبر الزمن لا يستبعد هذا الاحتمال، من المرجح أنه غير قابل للتطبيق، وفق ما أكده "بيتر ميلينغتون". via GIPHY وأوضح الكاتب أنه رغم تفاؤله، فقد أدرك "هوكينغ" أن قوانين الفيزياء غير المكتشفة التي ستحل محل نظريات آينشتاين يوماً ما قد تتآمر لتمنع أجساماً ضخمة مثلي ومثلك من الانتقال ذهاباً وإياباً عبر الزمن، وسواء خبأ لنا المستقبل آلات للسفر عبر الزمن، يمكننا أن نريح أنفسنا بحقيقة أنه عندما نتسلق جبلاً أو نسير بسرعة بالسيارة، نغيّر سرعة تحرك عقارب الساعة: "لذلك عندما تحيي فعاليات يوم "التظاهر بأنك مسافر عبر الزمن" في 8 ديسمبر، تذكّر أنك مسافر عبر الزمن بالفعل، ولكن ليس بالطريقة التي تطمح إليها".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.