خيبة أمل كبيرة عمّت الفيسبوك المغربي، يوم أمس الأربعاء، بعدما أيّدت محكمة الاستئناف في مدينة سلا (قرب العاصمة) الحكم الابتدائي الصادر أواخر العام الماضي في حق المدوّن المرتضى إعمراشا، الناشط في الحراك الذي هزَّ منطقة الريف العام الماضي. حكم القاضي بسجن إعمراشا لمدة خمس سنوات، على خلفية إدانته بتهم "تحريض الغير وإقناعه بارتكاب أفعال إرهابية"، "الإشادة بأفعال تكوّن جرائم إرهابية" و"الإشادة بتنظيم إرهابي". تصاعدت ردود الأفعال الغاضبة مباشرة بعد الحكم الاستئنافي، وشعر كثيرون بخيبة أمل كبيرة كما عبّروا عن سخطهم من هذا التوجه الذي انتهجته الدولة لمحاربة الناشطين وإخراس الأصوات المنتقدة، على اختلاف أشكالها، وقد وصل الأمر حدّ اتهام شخص معروف بانفتاحه كإعمراشا بتهم إرهاب.
من هنا بدأت القصة
في 9 يونيو 2017، نشر المرتضى إعمراشا (31 سنة) تدوينة ساخرة على حسابه الفيسبوكي كتب فيها أنه تلقى اتصالاً من صحافي يسأله عن أنباء تقول بأنه حاول إدخال أسلحة إلى منطقة الريف، سنة 2011، بالتواصل مع ثوار في ليبيا. بدا سؤال "الصحافي" المُفترض جدياً لكن جواب إعمراشا أتى ساخراً ليقول إن ما سُئل عنه من إدخال أسلحة صحيح وبأنه يتعلق بـ"أمر وجّهه له أيمن الظواهري عندما قام بزيارته في تورا بورا" في أفغانستان، مضيفاً أن الصحافي المزعوم سأله مراراً "هل أكتب هذا حقًا؟، وأنا أقول له اكتب اكتب... لكنه لم يكتبها لأنه ليس رجلاً هو والذين أرسلوه".خيبة أمل كبيرة عمّت الفيسبوك المغربي، بعدما أيّدت محكمة الاستئناف الحكم الابتدائي الصادر أواخر العام الماضي في حق المدوّن المرتضى إعمراشا، الناشط في الحراك الذي هزَّ منطقة الريف العام الماضي
للمفارقة، حصل إعمراشا، عام 2015، على جائزة السلام الدولية التي تمنحها المنظمة الدولية للبحث عن أرضية مشتركة، بالنظر إلى مساهمته في محاربة الفكر المتطرف للجماعات الإسلامية المتشددة. فكيف يُمكن التصديق بسهولة أن يقبع في السجن بسبب الإرهاب؟في هذه الفترة بالضبط التي نشر فيها هذه التدوينة، كانت منطقة الريف على صفيح ساخن بسبب احتجاجات الساكنة، التي ارتفعت وتيرتها بعد اعتقال ناصر الزفزافي في 29 مايو الماضي وتوالي سلسلة الاعتقالات في صفوف النشطاء الذين كانوا يُحرّكون الاحتجاجات. اعتقد المرتضى بأن سبب اعتقاله هو نشاطه في الحراك الشعبي، لكنه علم بعد ذلك بأنه اعتُقل بتهمة "الإرهاب"؛ وهنا كانت الصدمة. وبالإضافة إلى تدوينته عن الأسلحة، سيتمّ اتهام إعمراشا بالإشادة بعملية اغتيال السفير الروسي في أنقرة، على الرغم من أنه كتب على حسابه بأن "قتل السفير جريمة إرهابية والقاتل مجرم، مهما كانت دوافعه". بعد أيام قليلة على اعتقاله، قرّرت المحكمة بشكل استثنائي إطلاق سراحه مؤقتاً، لحضور تشييع والده في مسقط رأسه في مدينة الحسيمة، ونتيجة ما قيل بأنه محاولة لوقف حالة الاحتقان التي يمكن أن تشهدها المنطقة بسبب اعتقاله. أُعيد إلى السجن بعد الحكم الابتدائي عليه، وقد تمّ اقتياده إليه من داخل قاعة المحكمة.
"هيومن رايتس ووتش": قد يكون الحكم انتقامياً
مطلع فبراير الماضي، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريراً خاصاً عن اعتقال إعمراشا، اعتبرت فيه بشكل صريح أن قضيته "قد لا تكون قضية إرهاب على الإطلاق، وإنما طريقة ملتوية لمعاقبة قيادي آخر لحركة احتجاجية، يبدو أن الحكومة المغربية مصممة على سحقها". وكانت سارة ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، قد صرّحت بقولها إنه "مرة أخرى، يُزج بناشط مغربي في السجن بعدما أُدين على أساس (اعترافات) مطعون فيها"، مشددة على أن السلطات المغربية مُطالبة بـ"إجراء تحقيق كامل في زعم إعمراشا بأن محضر الشرطة أُنجز تحت الضغط، وأن تستبعد أي دليل يبدو أنه جاء نتيجة الإكراه". المنظمة الحقوقية، التي لطالما أزعجت السلطات المغربية بتقاريرها، دعت الجهات الرسمية إلى ضرورة إعادة النظر في إدانة إعمراشا بالسجن خمس سنوات، على اعتبار أن الحكم عليه قد يكون "انتقاماً لنشاطه في حركة احتجاج اجتماعي"، في إشارة إلى حراك الريف.المرتضى إعمراشا... "الفقيه العلماني"
يَصعُب إيجاد شخص يقول كلمة سوء في حق المرتضى إعمراشا، وذلك عائد إلى كونه محبوب من قبل الجميع، بسبب مواقفه التي تُعتبر مُنفتحَة جداً إزاء قضايا مجتمعية تُثير الجدل والانقسام في المجتمع المغربي. بالنسبة للمرتضى، على سبيل المثال، فإن "منع الإفطار العلني في رمضان، لمن أراد ذلك، ليس من دين الإسلام، إنما هو قانون وضعي، الأَوْلى انتقاده لا مساندته، لأنه يناقض مبدأ حرية المعتقد المنصوص عليه صراحة في كثير من آيات القرآن". أكثر من ذلك، يرى الإمام السابق بأنه "ليس للمثلية الجنسية حدّ في الشرع، والإسلام نفسه لا مشكلة لديه في الاعتراف بالأقليات". وللمفارقة، حصل إعمراشا، عام 2015، على جائزة السلام الدولية التي تمنحها المنظمة الدولية للبحث عن أرضية مشتركة، بالنظر إلى مساهمته في محاربة الفكر المتطرف للجماعات الإسلامية المتشددة. فكيف يُمكن التصديق بسهولة أن يقبع في السجن بسبب الإرهاب؟رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...