شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
النظرة المجتمعية العنصرية إلى الطبيب البيطري أو كما يطلق عليه: دكتور

النظرة المجتمعية العنصرية إلى الطبيب البيطري أو كما يطلق عليه: دكتور "البهايم"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 12 نوفمبر 201805:08 م
تخرج إبراهيم من كلية الطب البيطري في العام 2007، وبالرغم من أنه لم يكن في البداية راغباً بالالتحاق بتلك الكلية، فقد وُضع تحت الأمر الواقع، وبعد تخرجه كان لا بد أن يبدأ عملاً خاصاً به كطبيب "حر" ولا ينتظر تعييناً حكومياً لأن الحكومة المصرية توقفت عن تعيين بيطريين منذ العام 1995. وقد فتح عيادته الخاصة لرعاية الحيوانات، وكان أن ارتطم بالواقع من خلال ممارسته المهنة "كطبيب حر". العنصرية من المجتمع المصري تجاه الطبيب البيطري دفعت إحدى الفتيات لكتابة "بوست" تسأل فيه عن نظرة المجتمع المصري للطبيبة البيطرية وما سر التفرقة بينها وبين نظيرتها البشرية خاصة فيما يتعلق بمسألة "المهور". "البوست" الذي قد يراه البعض سطحياً ألقى الضوء على جانب مهم، وهو العنصرية تجاه الأطباء البيطريين في مصر، حيث حصد البوست أكثر من ألفي تعليق، غالبيتها تزدري مهنة الطبيب البيطري، من عينة "بتوع بهايم، بتوع قطط وكلاب، حزمتين برسيم وخس هنا" وغيرها من التعليقات. Veterinary-in-Egypt في فيلم "آه من حواء" كرست زبيدة ثروت النظرة المجتمعية العنصرية إلى الطبيب البيطري، فكانت تنعت رشدي أباظة دائما بدكتور "الحمير" أو دكتور "البهايم"، ربما ليس هذا هو الفيلم الوحيد الذي تحدث بإزدراء عن تلك المهنة في مصر، مما دفع الدكتور خالد العامري نقيب الأطباء البيطريين لمناشدة المنتج محمد العدل إلى إنتاج وكتابة أفلام سينمائية تُصحح الصورة المغلوطة عن الطبيب البيطري.

مخاطر وتهديدات

مارس إبراهيم دوره كطبيب بيطري حر في القرية التي يعمل بها وضواحيها، لكن الأمر لم يخلُ من منغصات، كعدم دفع الفلاح بدل الكشف أو ثمن الدواء، واعتبار أن الأمر يتصل بحيوان أخذ حقنة أو علاج ما، فلماذا يدفع؟
لا يعترف الفلاحين بأن الحيوان روح يجب الدفع مقابل الكشف عليها، هم يفاصلون في ثمن الكشف والعلاج، أو يسيرون بمبدأ "فوت علينا بكرة".
العمل في مجال الطب البيطري أصبح "بيزنس"، فهناك آلاف العيادات غير المرخصة تبيع أدوية مغشوشة.
"لا يعترف الفلاحين بأن الحيوان روح يجب الدفع مقابل الكشف عليها، هم يفاصلون في ثمن الكشف والعلاج، أو يسيرون بمبدأ "فوت علينا بكرة" وهو ما يدفعني في أحيان كثيرة لطلب قيمة الكشف والعلاج قبل توقيع الكشف على الحيوان"، يقول إبراهيم لرصيف22. في حالة نفوق حيوان مما نطلق عليه حيوان الحقل "كالجاموسة" وغيرها، تكون الطامة الكبرى، فالفلاح يُحملني مسؤولية موتها، ويطالبني بسداد ثمنها، رغم أنني أكون قد حذرته من تعرضها لأمور معينة. هم لا يعترفون أن الحيوان روح يجب الصبر عليه في العلاج، ومن ثم فهو يموت في حال الإهمال، ولا يحمل الذنب سوى الطبيب". ويضيف إبراهيم: هناك مخاطر كثيرة أتعرض لها، فقد حاول أحد الفلاحين قتلي عندما رفضت علاج أحد حيواناته المريضة وطلبت منه أن يقوم بذبحها لأنها ستموت، هو لم يُنفذ كلامي، ومات الحيوان بالفعل، وإذا به يفاجئني بركوب حصانه ويحاول سحلي على الطريق، لولا تدخل بعض الأشخاص لكنت في خبر كان. via GIPHY الطبيب البيطري في مصر يعمل تحت التهديد دون حماية أمنية، فهو يعمل فقط تحت حماية عائلته وعلاقات النسب والمصاهرة خاصة في القرى" يقول لرصيف22 الطبيب البيطري أحمد حسين. ويضيف "تعرضت وزملائي لمختلف أنواع التهديد والضرب حتى أن أحد الفلاحين حرر محضراً في قسم الشرطة ضد أحد زملائي اتهمه بقتل 4 أبقار بعد أن مات خروفه نتيجة إهمال منه وليس من الطبيب، ولولا النزعة القبلية في القرى لسُجن".

وحدات بيطرية مُهملة وأدوية مغشوشة

في مصر، 18 كلية للطب البيطري، ومن المنتظر أن يرتفع عددها لـ22 كلية خلال عامين، وبلغ عدد البيطريين العاملين في الدولة 11 ألفاً و145 طبيباً في 2016، موزعين على 263 إدارة بيطرية، و1746 وحدة بيطرية، و487 مجزراً، و307 مزارع دواجن، و8 حدائق الحيوان، وحديقة للأسماك، و5 مستشفيات بيطرية، و3 آلاف طبيب بيطري يعملون بموجب عقود على صناديق المجازر، وتبلغ مرتباتهم 250 جنيهاً، ويحصلون عليها كل 3 أشهر، وتبلغ نسبة البطالة في صفوف البيطريين حوالي 18% وفقاً لبيانات نقابة الأطباء البيطريين المصرية.
هم لا يعترفون أن الحيوان روح يجب الصبر عليه في العلاج، ومن ثم فهو يموت في حال الإهمال، ولا يحمل الذنب سوى الطبيب
عندما تخرجت إنجي أحمد من الثانوية العامة كان حلمها الالتحاق بإحدى كليات القمة، فبحسب النظرة المصرية والترتيب المجتمعي للكليات، هناك كليات للقمة وأخرى "للقاع"، وبالرغم من أنه ترتيب مجحف تضع الأسر المصرية أبناءها تحت الاختيار بين الطب والهندسة أو لا شيء، وفي حالة إنجي فإن مجموعها لم يؤهلها للالتحاق بإحدى كليات القمة كما خططت أسرتها، ورغم رفضها الالتحاق بكلية الطب البيطري فقد خضعت لرغبة أهلها. "محدش بيدخل بيطري بمزاجه، المجموع بيضطرني ندخلها" تقول إنجي لرصيف22. وتضيف "بعد كل الدراسة والعناء تم تعيني بوظيفة إدارية بإحدى الوحدات البيطرية، ولحسن الحظ أنها داخل مدينة.،لم أكن أنوي الاستمرار بعد حكايات زملائي عما يتعرضون له داخل المجازر والسلخانات". إنجي كانت أوفر حظاً من الطبيب محروس أحمد الذي يعمل بإحدى الوحدات البيطرية في محافظة الغربية، ففي حجرة متهالكة يقوم بمفرده بالكشف على الحيوانات متخذاً الأرض الترابية مقعداً له. ويقول أحمد لرصيف22 "لا يهتم التفتيش الذي يأتي غالباً من 3 جهات: الهيئة البيطرية أو إدارة التفتيش بالمركز أو المحافظة سوى بالدفاتر المُسجل بها الأدوية التي تصرف للوحدة. صحيح أن تلك الدفاتر مهمة لكن من السهل فبركتها. الأولى أن ينظروا إلى حالنا وأن نُعامل معاملة آدمية". ما قاله محروس يؤكده المزارع فتحي محمود الذي يرفض إعطاء ماشيته أدوية من الوحدة البيطرية لأنها في النهاية بنفس ثمن الدواء الذي يشتريه من صيدليات خاصة رغم عدم جودته، "فلماذا أخاطر بموت ماشيتي"، يتساءل محمود. العمل في مجال الطب البيطري أصبح "بيزنس"، فهناك آلاف العيادات غير المرخصة تبيع أدوية مغشوشة. كذلك هناك من يمتهنون الطب البيطري وهم لم يدرسوه  بحسب رأي الطبيب البيطري إيهاب عباس. ويضيف عباس: "بالرغم من هذه الصورة السوداوية، هناك بعض الأحياء الراقية التي تحترم مهنة الطبيب البيطري وتقدس الحيوان كروح يجب الاهتمام بها، لكن في النهاية تبقى القاعدة الكبرى هي السخرية من مهنة الطبيب البيطري، فمصر ليست كلها أحياء راقية".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image