بعد نحو سبع ساعاتٍ من إعلان اختطافه في ظروفٍ غامضةٍ، عثرت الأجهزةُ الأمنيّةُ الأردنيةُ صباحَ السبت على الأمين العام لمؤسّسة "مؤمنون بلا حدود" الأردني الدكتور يونس قنديل، في أحراش منطقة عين غزال بالعاصمة عمّان، في وضعٍ حرجٍ بعد تعرّضه للتعذيب من قبل الخاطفين، مما أدّى لإصابته بارتجاجٍ في الدماغ. وأوضحتْ مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" التي تتّخذُ من المغرب مقرّاً لها، أن ثلاثة مسلّحين أنزلوا قنديل بالعنفِ وتحت تهديدِ السلاح من سيّارته خلال عودته من صالون الحلاقة، واقتادوه معهم إلى منطقة أحراشٍ شجريةٍ كثيفة، حيث تعرّض للضرب المبرّح والتعذيب الجسدي والنفسي ووضعوا شريطاً على فمه وكيساً على رأسه. وكشفت المؤسّسة أن الجلّادين كتبوا على ظهر قنديل بالمشارط والأدوات الحادّة عبارة "مسلمون بلا حدود" وأحرقوا لسانه وكسروا إصبعه، "في إشارةٍ واضحةٍ إلى رغبةِ الجُناة في إخراس صوتِه وكسرِ قلمه وإسكات عقله عن التفكير" بحسب ما قالته المؤسّسة، مُضيفةً أنهم طلبوا منه حرفياً أن يتوقّفَ هو ومؤسّسة مؤمنون بلا حدود عن الكتابة والحديث. المعذبون استخدموا كذلك القرآن في تهديده بالقتل، إذ وضعوا "شيئاً مجهولاً" على رأسه، تبيّن فيما بعد أنه قرآن، وأخبروه أنهم وضعوا على رأسه قنبلةً موقوتةً ستنفجر في حال تحرّك، ثم تركوه بعدما أوثقوه بشجرة وقد كان فاقداً للوعي حتى عثرت عليه الأجهزة الأمنية في حالٍ يُرثى لها. /1900256973355983/?type=3&theater
تزامن اختطاف قنديل، الذي يرقدُ في مستشفى الأردن الآن، مع إلغاء وزارة الداخلية الأردنية، بسبب ضغوط التيارات الإسلامية "مؤتمر انسدادات المجتمعات الإسلاميّة والسرديّات الإسلاميّة الجديدة" الذي كان مقرراً عقده في عمّان، في الثاني من نوفمبر الحالي، بمشاركةِ نخبةٍ من أبرز المفكرين والباحثين في العالم العربي والغربي. يرجّح مقرّبون من قنديل أن يكون مختطفوه من جماعة الإخوان المسلمين، خاصةً بعد أن وصفوا القائمين على المؤتمر بـ"الإلحاد والتعدّي على ثوابت الدين الإسلامي"، لكن هذا الاتهام لم يصدر عن جهاتٍ رسميةٍ أو قضائية بشأن ضلوع الإخوان في تعذيب قنديل. الصحافي وأستاذ الإعلام في الجامعة الأمريكية في دبي، الأردني موسى برهومة، وهو صديقٌ لقنديل، قال لرصيف22، إنه تحدّث إليه عقبَ الحادثة ليطمئن عليه، لافتاً إلى أن صوته كان مُتعَبَاً لكنه بالوقت ذاته مليءٌ بالحماسة والعزم، لأنه مؤمنٌ بما فعله، ويعتبر نفسه رائداً من روّاد التنوير، الذين ينبغي ألا يخافوا من قوى الظلام والتهديد والتكفير. وأضاف أن "معنويات قنديل كانت عالية ومبَشِّرة بأن هذه القوى الإرهابية لن تستطيع أن تُخرس المفكّرين عن النضال ومواصلة مشروعهم في إزالة الجهل من عقولِ المجتمعات العربية التي سيطر عليها نوع من التديّن الشعبي الذي يسوّقه بعض المشايخ والفقهاء وهو بعيد بعد الأرض عن السماء عن قيم الإسلام والدين التي تدعو إلى الرحمة والتسامح". ولفتَ إلى أن المجرمين ارتكبوا فعلتهم بحق يونس قنديل، "الرجل المسالم" حسب وصفه، الذي لا يملك سلاحاً سوى عقله وقلمه وفكره، بدوافع أنهم يريدون المجتمع كُله أن ينصاع لتصوراتهم"الركيكة والمتناقضة عن الدين" كما أنهم يريدون فرض الدين بالقوة والتهديد، ويمنعون الناس من إبداء آرائهم. وأوضحَ برهومة أن الإسلام لم يدعُ إلى التنكيل بالناس واختطافهم والكتابة بالآلات الحادة بطريقة مؤذية ومتوحّشة على أجسادهم، وحرق أطراف من أجسادهم (في إشارة إلى ما فعلوه بالدكتور قنديل) مؤكداً أن ما حصل لا يمكن أن يعترف أو يقرّ به أي دين. وأشار إلى أن على السلطات الأردنية الآن أن تسارع إلى البحث عن الجُناة وكشفهم وتعريتهم وتقديمهم أمام الرأي العام، وتوضيح الدوافع والجهات التي حرّكتهم من أجل ارتكاب هذه الجريمة. وكشف برهومة أن قنديل تلقى أكثر من ألفي تهديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في أعقاب هذه الحملة التي جرت برعاية حكومية ( إلغاء المؤتمر) كما أوضح أنه تمّ تزويد المدعي العام بالتهديدات خلال شكوى تقدم بها قنديل إلى القضاء ،إلا أنّ أحداً لم يحرّك ساكناً، ولم تقمْ الجهات المختصة بتوفير حماية للأشخاص الذين تعرّضوا للتهديد، في سيناريو يُعيد أجواء ما جرى للشهيد ناهض حتر أيام حكومة هاني الملقي، بحسب برهومة. واللافت أن الحكومة لم تتخذ تدابير لحمايتة أو وقف التحريض بحقه رغم آلاف التهديدات وتقديم أدلة بها للسلطات. وتقول "مؤمنون بلا حدود" وفي بيان لها إنها تتمنى أن يكون في ما حدث عظة "كي لا ترتهن السلطات لابتزازت فئةٍ سياسيةٍ على حساب أخرى لأغراض "تكتيكية" وأن تكون بوصلتها مظلّة لجميع الفاعلين الاجتماعيين، وخاصّة الذين يرغبون في نقل مجتمعاتنا العربية إلى مرحلة التفكير العقلاني الذي لا يرهن حياته لفصيل سياسي ذي طابع أيديولوجي ويزعم أنه الناطق الحصري باسم الدين، وأنّه القيّم على ضمائر البشر وعقولهم وخياراتهم الدنيوية".
الجلّادون كتبوا على ظهر يونس قنديل بالمشارط والأدوات الحادّة عبارة "مسلمون بلا حدود" وأحرقوا لسانه وكسروا إصبعه، "في إشارةٍ واضحةٍ إلى رغبةِ الجُناة في إخراس صوتِه وكسرِ قلمه وإسكات عقله عن التفكير"
المعذبون استخدموا القرآن في تهديده بالقتل، إذ وضعوا شيئاً مجهولاً" على رأسه، تبيّن فيما بعد أنه قرآن، وأخبروه أنهم وضعوا على رأسه قنبلةً موقوتةً ستنفجر في حال تحرّك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين