بعد مليون عام، سوف تكون القارات بنفس الشكل الذي هي عليه اليوم وستبقى الشمس تسطع مع كل فجرٍ جديد، إلا أن أشكال البشر قد تشهد تحولاتٍ جذرية.
فبالعودة إلى ما يقارب الـ10 آلاف عام، تطور البشر وعلى مدار الـ150 سنة الماضية أٌضيفت 10 سنتيمرات إلى متوسط الطول وعلى مدار 65 عاماً أضيفت 20 عاماً إلى متوسط العمر، الفضل في كل ذلك يعود إلى التقدم في العلوم.
فكيف سيكون شكل البشر بعد مرور ألف عام أو حتى مليون عام؟
تطور الإنسان القديم
"لفهم تطورنا المستقبلي نحتاج إلى النظر إلى الماضي". بعد أكثر من ألف عام هل سيكون البشر مزودين بإضافاتٍ إلكترونيةٍ متطورةٍ تشملها أجسادهم؟ هل ستكون أطرافهم قابلة للنمو؟ وهل ستصبح عيونهم مثل الكاميرات، كما نرى في قصص الخيال العلمي؟ هل يتحول الانسان إلى هجين بين الكائنات البيولوجية والاصطناعية؟ هل نصبح كائنات أصغر حجماً أم أطول، وهل تتغير ملامح وجوهنا أو يتغير لون بشرتنا؟ هذه المجموعة من الأسئلة طرحها موقع "بي بي سي"، مشيراً إلى أنه من الصعب الإجابة عنها على وجه الدقة، إلا أنه بالإمكان العودة إلى مليون عام إلى الوراء للوقوف على كيفية تطور البشر وكيف كانت حالتهم من قبل. في البداية، أوضح الموقع أنه لم يكن "الإنسان العاقل" المعروف باسم "Homo sapiens" قد ظهر قبل مليون عام، بل كانت هناك على الأرجح بضعة أنواع مختلفة من البشر، بما في ذلك "Homo heidelbergensis" الذي يشترك في أوجه تشابه بين "الإنسان المنتصب"، والبشر المعاصرين.في أقل من 4 عقود، يزعم العلماء أننا سنعيش حياة أطول، وسيكون لدينا أطفال في سن الشيخوخة ونعتمد على الذكاء الإصطناعي للقيام بمهامنا البسيطة، كما أن البشر سيظهرون نضوجاً جنسياً متأخراً.
يكاد يكون من المؤكد أن البشرة السمراء تزداد على الصعيد العالمي مقارنة بالبشرة الفاتحة. ومن ثم أتوقع أن يكون البشر في المتوسط بعد عدة أجيال أكثر اسمراراً مما هم عليه اليوم.وخلال العشرة آلاف عام الماضية، حدثت تغييرات كبيرة تحتم على البشر التكيف معها، فقد أدت الحياة الزراعية وتوافر الغذاء إلى مشاكل صحية ساعد العلم على حلها، على غرار علاج مرض السكري من خلال الإنسولين، أما من حيث الشكل الخارجي فقد أصبح الناس أكثر بدانةً وفي بعض المناطق أطول في القامة. وبالعودة إلى الماضي، كان البشر يعتمدون على الصيد وجمع الثمار، فكانت دائرة اتصالهم اليومي بغيرهم من البشر محدودة، إلا أن "توماس مايلوند"، المتخصص في تحليل البيانات الحيوية في جامعة آرهوس في الدنمارك، يرجح أن يتطور البشر بشكل يساعدهم على التعامل مع ازدحام بيئتهم ببشر آخرين، كأن تتطور لديهم القدرة على تذكر عدد أكبر من أسماء غيرهم من البشر.
تحولات على صعيد الشكل ونمط الحياة
via GIPHY من المتوقع أن يؤدي تغيّر المناخ والذكاء الإصطناعي والتحولات الجينية إلى إحداث تغييراتٍ جذريةٍ في أجسام البشر وأشكالهم الخارجية، كأن يتحول لون عيون الناس بعد ألف عام إلى اللون الأحمر وتصبح بشرتهم داكنة كردّ فعل على الاحتباس الحراري. لطالما اهتم الناس بمعرفة ما سيكون عليه شكل الإنسان مع مرور السنوات، فهل سيكون مشابهاً لما تصوره الأفلام الخيالية والقصص الافتراضية؟ نظريات عديدة تتعلق بهذا الموضوع، ومنها فيديو من إعداد AsapScience يضع سيناريو افتراضياً لما سيصبح عليه الإنسان في المستقبل. فمع تزايد الاحتباس الحراري، من المرجح أن يصبح البشر أكثر نحافة وطولاً بشكل يجعلهم قادرين على تبديد الحرارة بشكلٍ أفضل، كما أن الوجوه قد تتغير بشكلٍ ملحوظ، وفق ما يؤكده الدكتور آلان كاون، الحاصل على درجة دكتوراة في علم الجينومات الحاسوبية من جامعة واشنطن. ووفق موقع "فوربس"، يعتقد "كاون" أن المفتاح لتطورنا المستقبلي هو "انتزاع السيطرة" على الشكل البشري من التطور الطبيعي وتكييف البيولوجيا البشرية لتلائم حاجاتنا، فعندما تصبح الهندسة الوراثية هي القاعدة "سيتحدد مصير الإنسان على نحو متزايد من خلال الأذواق البشرية"، كاشفاً أن الجبين سيستمر في الاتساع في ظل نمو الدماغ. واللافت أنه عندما يتقن الإنسان علم الوراثة بشكل كلي، فإن وجهه سيميل لأن يحظى بسماتٍ جذابة: خطوط قوية، أنف مستقيم، أما العيون فمن المرجح أن يتحول لونها إلى الأحمر كما أنه من المرجح أن تتسع بشكلٍ كبير وذلك لأن الجنس البشري "سيستعمر" النظام الشمسي ويبدأ الناس في العيش في البيئات الخافتة من المستعمرات بعيداً عن أشعة الشمس. والمثير للدهشة أنه ليس علينا الانتظار طويلاً لكي نشهد على هذه التحولات، لأنه بحلول العام 2050 سيتطور نوع جديد من البشر نتيجة التكنولوجيا الجديدة، وهو أمر أكده "كاديل لاست، باحث في Global Brain Institute بالقول إن الجنس البشري سيشهد "تحولاً جذرياً لناحية التطور". via GIPHY ففي أقل من 4 عقود، يزعم "لاست" بأننا سنعيش حياة أطول، وسيكون لدينا أطفال في سن الشيخوخة ونعتمد على الذكاء الإصطناعي للقيام بمهامنا البسيطة، كما أن البشر سيظهرون نضوجاً جنسياً متأخراً، ويشير الباحث إلى أن التحول سيكون مهماً للغاية مشبهاً إياه بالتحول من القرود إلى الإنسان. وفي هذا الصدد كشفت دراسة عن 10 خصائص محتملة قد يتحلى بها موظف في الـ35 من عمره في العام 2040: -حجم دماغ أكبر مع تحديث للبرامج والذاكرة. -زرع أجهزة في الأذن للاستغناء عن سماعات البلوتوث. -اتساع حجم المعدة والمؤخرة بسبب غياب التمارين الرياضية وتناول كميات أكبر من الطعام. -عيون حمراء اللون نتيجة الساعات الطويلة في العمل. -تعلم لغات جديدة لمواكبة التطورات الاقتصادية العالمية. -أصابع يد ذكية مع رقائق للمساعدة في العمل. -عضو ذكري صغير الحجم نتيجة غياب الممارسة الجنسية وانخفاض عدد الشركاء الجنسيين.لا مفر من التغيير
يعتبر "توماس مايلوند أن "زرع جسم غريب في الدماغ سيكون من شأنه مساعدتنا في الاحتفاظ بأسماء عدد أكبر من البشر: "تمكنا من تحديد الجينات المسؤولة عن تطور الدماغ بطريقة تساعد في تذكر الأسماء، وقد نعدل أيضاً تلك الجينات، وهو أمر يبدو كخيال علمي، ولكنه ممكن علمياً في الوقت الراهن". فصحيح أنه في وقتنا هذا، يتم زرع بعض الأجهزة خارج الجسم، كجهاز لتنظيم ضربات القلب، ومن المرجح زرع أشياء أخرى في المستقبل لتحسين قدرات الشخص، كعين اصطناعية مزودة بكاميرا يمكنها التقاط ألوان وترددات بصرية مختلفة، لكن مايلوند يعتقد أن مسألة إجراء بعض التعديلات الجينية قد يصبح أمراً غير أخلاقي، إذ قد يختار الناس ملامح أولادهم فيتشكل الأبناء بحسب رغبات والديهم. وبمعزل عن الافتراضات، هل يمكن أن تعطينا الاتجاهات الديمغرافية أي معنى لما قد يبدو عليه البشر في المستقبل؟ يقول دكتور "جيسون إيه هودجسون"، المحاضر بمجال التحديات المتعلقة بالأنظمة البيئية: "إن التنبؤ بما سيحصل بعد مليون عام هو مجرد تكهنات صرفة، ولكن التنبؤ بالمستقبل المباشر هو أمر ممكن عبر تحليل البينات الحيوية والدمج بين ما نعرفه عن التنوع الجيني الآن وأنماط التغير الديموغرافي في المستقبل. via GIPHY ويتوقع هودجسون أن تصبح المناطق الريفية والحضرية مختلفة، إذ يوضح أن جميع الهجرات تأتي من الريف إلى المدن، وبالتالي نشهد زيادة التنوع الجيني بين سكان المدن بينما يقل بين سكان الريف، كما تختلف معدلات الإنجاب بين مجموعة سكانية وأخرى، فالسكان في أفريقيا مثلاً يتزايدون بسرعة وبالتالي تنتشر جيناتهم أكثر على مستوى العالم، بينما أصحاب البشرة الفاتحة يتزايدون بمعدلات أقل. وعليه يتكهن "هودجسون" أن تزداد بشرة العالم إسمراراً: "يكاد يكون من المؤكد أن البشرة السمراء تزداد على الصعيد العالمي مقارنة بالبشرة الفاتحة. ومن ثم أتوقع أن يكون البشر في المتوسط بعد عدة أجيال أكثر اسمراراً مما هم عليه اليوم". وماذا عن الفضاء؟ هل سينتهي الحال بالبشر لإستعمار المريخ؟ ولو حدث ذلك فكيف سيتطور الإنسان في بيئة الكوكب الجديد؟ مع انخفاض الجاذبية على سطح المريخ، قد يتغير شكل عضلات أجسامنا وربما تطول أذرعنا وسيقاننا، وفي بيئة أكثر برودة تشبه ما كانت عليه الأرض في العصر الجليدي، هل يصبح الإنسان مشعراً أكثر حتى يتسنى له الاحتفاظ بحرارة الجسم، مثلما كان الحال مع "إنسان نياندرتال"؟ في الحقيقة لا نملك إجابات واضحة على مثل هذه الأسئلة، ولكن بالتأكيد أن التنوع الجيني بين البشر يزداد ويكشف "هودجسون" أنه عالمياً تطرأ تقريباً طفرتان جديدتان لكل واحد من الـ3,5 مليار زوج قاعدي في الجينوم البشري كل عام، وهو أمر رائع يجعل من المستبعد أن نبقى على نفس الصورة في غضون مليون سنة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين