أعلنت إدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) أنه في 22 سبتمبر 2135 قد يصطدم كويكب بالأرض -اسمه بِنو- وحجمه تعادل مبنى إمباير ستايت في نيويورك، وطاقته بقوة ترسانة الصواريخ النووية الباليستية الأمريكية.
وفق ناسا، فإن أكثر التقنيات تقدماً لن تقدر على منع النيزك من الاصطدام بالأرض، فالنووي قد يكون الحل الوحيد، ولكن نتائجه غير إيجابية على الأرض.
كان الخبر صادماً في الغرب، حيث بدأت الأبحاث والدراسات الساعية لإنقاذ الأرض من دمار أكيد، فيما يبدو أن الخبر جاء عادياً في الشرق حسب مبدأ "أحييني النهار ده وموتني بكرة".
سألنا عدداً من الكتّاب والسينارست عن كيفية تعاطيهم مع الخبر وتصوراتهم لنهاية الأرض إذا فشلت "ناسا" في مواجهة النيزك.
البداية كانت مع الكاتب والروائي وصاحب مبادرة "أكتب صح" حسام مصطفى إبراهيم -38 عاماً- قال: "مع قرب النهاية في مصر، سيسرع الشباب إلى وسائل التواصل الاجتماعي لتحديث الاستاتيوس الخاصة بهم، وربما يصرّح بعضهم بمشاعره لمن يحب، بعد طول تأجيل بسبب ظروفه، فيما سيصدح الشيوخ من فوق المنابر والقساوسة من أعماق الكنائس محرضين العباد على التوبة، ربما بقليل من الشماتة، إذ يظن كل واحد منهم أن مهنته ستحميه وأن من لم يستمع إليه يستحق مصيره!".
وأضاف:" رجل الشارع لن يقف مكتوف اليدين، فبعض الناس سيهجر المدينة إلى القرى والصحارى، أملاً في أن يتأخر أجله، وبعضهم سيجلس بلا حراك في المكان الذي وصله الخبر فيه، فيما "ولاد الناس الكويسين" يبحثون عن واسطة -اعتادوها طوال عمرهم- كي يفلتوا من هول ما سيأتي! وسوف تتعالى أصوات الأمهات والجدّات بالدعاء، وهن يحتضنّ أبناءهن، ويتمنّين لو منحن ما تبقى لهن من ساعات لهم، بينما تتحسر إحداهن على ابنتها التي "هتدخل آخرة قبل ما تدخل دنيا"، وفي الخلفية آيات من الذكر الحكيم تبشر برحمة الله الغفور".
وتابع: "الصحفيون، غالباً، سيكونون مشغولين بكتابة الخبر الأخير، والتقاط الصورة الأخيرة، ومسؤولو الدعاية والمبيعات سيسعون للاستفادة من الأمر، ربما بعرض شقق فاخرة في الآخرة، فيما السياسيون يخزّنون الأوراق والمستندات في حقائب من الجلد الطبيعي على أمل تقديمها دفوعاً، والتفاوض بها من أجل وضع أفضل في الحياة التالية".
ويختم: "الأطفال وحدهم سيحتفظون بابتساماتهم وضحكهم وألعابهم، فهم لم يتلوثوا بعد ليدركوا أن الكل باطل الأباطيل وقبض ريح".
وقال الكاتب المسرحي أحمد عصام -35 عاماً- (له إصدارات متعددة في مجال المسرح آخرها "البؤساء... العودة"): "في اليوم الأول لانتشار خبر قرب اصطدام النيزك بالأرض لن يكون هناك حديث للصحف ولا لوكالات الأنباء أو مواقع التواصل الإجتماعي سوى موضوع ارتطام النيزك. يعيش الكل أياماً عصيبة خاصة بعدما أعلنت كل دول العالم أنه لا مفر من تلك النهاية المؤلمة، وأن الانفجار الناتج عن هذا الارتطام سوف يكون عاتياً لدرجة تجعله قادراً على سحق كل شيء على ظهر الأرض.
وقتها ستتحول الأرض برمتها إلى مدينة للملائكة، وتمتلىء دور العبادة والمعابد بالنساك. الناس لا يدخرون جهداً في زيارة ذويهم وتبادل الود والتراحم، لم يعد هناك فقير تقريباً، الأثرياء يوزعون أموالهم على الفقراء على أمل التخلص من ذنوبهم".
وتابع: "فجأة تعلن جريدة علمية أمريكية كبرى أنه من الممكن أن تكون هناك احتمالات للنجاة في بعض الدول تحت سطح الأرض، وعلى أعماق آمنة، ولسخرية القدر نكتشف أن كل البلاد الصالحة لهذه الفكرة هي من البلاد الكادحة الجائعة الفقيرة... ثم يجد العالم نفسه محتاجاً إلى تلك البلاد، فتعلن الدول الكبرى حرباً ضروساً ضد الدول الفقيرة، فيما تغري شعوبها بالذهب مقابل قبول الاستعمار. وقتها ستنتشر الميليشيات المسلحة والعصابات في كل مكان، وفجأة تزيد أعمال النهب والسرقة، ويبدأ القتال. وهنا تأتي العقوبة لتشمل الجميع فيرتطم النيزك بالأرض ليمحو أنانية الكل وتنتهي الحياة".
وقال القاص إبراهيم غانم -36 عاماً- صاحب المجموعة القصصية "أنهار صامتة": "الخبر سينتشر بشكل كبير، وسوف يصدق الجميع أن هناك نيزكاً على بعد أيام من الأرض وأنه سيدمرها، فينتشر الرعب في جميع أنحاء العالم، باستثناء أمريكا، التي وحدها تعرف الحقيقة".
وأكمل: "الحقيقة التي ستتكشف للعالم في وقت لاحق تفيد أن أمريكا هي من نشرت الخبر لتغزو الفضاء والكواكب الصالحة للحياة وتقيم عليها مشروعات أشبه بالكومباند، ومن ثم تبيعها للأثرياء بمبالغ فلكية، لتقنعهم أن ذلك هو السبيل الوحيد للخلاص، رغم أنها حيلة لتحقق أكبر استفادة مادية ممكنة. ولن تنسى أمريكا الأرض، حيث ستقوم بالاستيلاء على ثروات البلاد كافة بحجة حماية ثروات الأرض من الهلاك والحفاظ عليها للأجيال التالية. وفي النهاية طبعاً سيكتشف الكل الخدعة، غير أنهم سيحمدون الله أنهم ما زالوا على قيد الحياة".
وقال الروائي والكاتب الساخر مصطفى شهيب -34 عاماً-: "سنرى الكائنات الفضائية الهابطة من النيزك، وهي تتعايش معنا بشكل طبيعي، وسيعملون في الوظائف العادية، أما النساء منهم فسوف يتزوجن من مصريين، وقتها سيجد المصري زوجة "لقطة" لأن المهر لن يكون غالياً".
وتابع ساخراً: "هيعملوا مشروعات في مصر تناسبهم، مثل الكباري المعلقة في الفضاء لتفادي الزحمة، وكمان هيعملوا مطاعم خاصة بيهم لأن الأكل المصري أكيد مش هيناسبهم".
وعلق السينارست سامح جلال -42 عاماً-: "بما أن "ناسا" بكل ما تملك من قوى وتكنولوجيا وعلوم قالت إنه يستحيل مواجهة النيزك، فالسيناريو الأقرب هو أن يدمر النيزك الأرض، وقتها لن يبقى على قيد الحياة سوى مجموعة من أثرياء العالم الذين يحتمون بالملاجئ التي تقام الآن تحت الأرض بالقرب من وادي سيلكون، الذي يعتبر عاصمة التكنولوجيا في العالم. هؤلاء فقط هم الذين سيبدأون حياة جديدة على الأرض، وكم أتمنى أن تكون حياة نظيفة خالية من الحروب والمشاحنات".
وأضاف: "أعتقد أن أثرياءنا العرب فقط سينجون من تلك المأساة، وسيهربون بأموالهم إلى أمريكا لشراء ملاجئ هناك، وضمان البقاء على قيد الحياة حتى بعد ضرب النيزك للأرض، ولا أعتقد أنه سيكون لهم دور مهم في الحياة الجديدة لأن أمريكا سترسم ملامحها وفقاً لخططها التي تضمن لها أيضاً السيطرة على العالم، ويمكن لأجل هذا الغرض أن تشترط وجود جنسيات معينة في تلك الملاجئ، غير أنها لن تستبعد أعداءها الحقيقيين، لتتمكن من تنفيذ مخططاتها".
وقال الروائي خالد عبد العاطي -40 عاماً- (صدرت له روايات عدة أحدثها "مفترق طرق"): "أتوقع أن ترسل أمريكا مجموعة من أمهر العلماء في رحلة خارج الأرض لمواجهة النيزك، وسوف تجمع أموالاً طائلة من كل دول العالم لتوفر الإمكانات اللازمة لتلك المواجهة، وبعد تدريب شاق ستكشف عن موعد بداية الرحلة، وقبل يوم واحد من انطلاق المركبة النووية تبدأ الحروب في جميع أنحاء العالم حيث يتصارع الناس على المياه والغذاء. وبينما ترسل أمريكا مركبتها وتنجح في تدمير النيزك، وتستعد للإعلان عن الخبر السعيد، يأتي الخبر الأهم عن أن الأرض لم يعد عليها أحد وأن الكل قد لقى مصرعه في حرب نووية".
ماذا عن توقعات الجمهور العادي؟
قالت صباح عبد الحميد، 47 سنة، ربة منزل: "يا مين يعيش، يعني هو إحنا ضمنا إننا نعيش لبكرة لما نفكر في حاجة ممكن تحصل بعد 100 سنة، طالما أننا مش هنبقى موجودين يبقى مفيش داعي نشغل دماغنا كفاية علينا اللي إحنا فيه واللي إحنا بنشوفه من مشاكل كل يوم". وقال هادي فاروق، 35 سنة، موظف: "لا أعتقد بأمر كهذا. الكلام عن نيزك يصدم بالأرض مجرد خزعبلات. نهاية الأرض معروفة وعلامات الساعة كذلك، ولا داعي للقلق والتوتر". وقال تامر زكريا، طالب، 18 سنة: "ما أحنا ياما سمعنا كلام عن نيزك هيضرب الأرض وفي النهاية مفيش أي حاجة بتحصل، أنا فاكر في مرة قالوا نفس الكلام، وقعدت أسبوع كامل مش عارف أنام وفي النهاية مفيش حاجة حصلت وربنا سترها". وقال محمد علي، 30 سنة، خريج كلية تجارة: " يا ريت يضربها بقى عشان نخلص من الهم اللي إحنا فيه، هو يعني الحياة بقى فيها إيه عشان الواحد يتمسك بيها. طب أقولك حاجة ياريت أصلاً النيزك ده يضرب الأرض بكرة ولا بعد بكرة مش شرط يعني بعد 100 سنة أهو يبقى خدمنا خدمة العمر. ولو حصل طبعاً مش هيبقى لينا أي دور، هنفضل مكانا لحد ما الحياة تنتهي. الخوف بس أن ضرب النيزك للأرض ونهاية العالم تتذاع على قناة مشفرة، وإحنا معناش فلوس نشترك فيها". وقالت مريم محمود، 23 سنة، خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية: "قبل نهاية 2100 سنسمع عن أوبئة وبراكين وزلازل كثيرة سوف تتولى مهمة إفناء الأرض، لقد سمعنا خلال الفترة الماضية عن فيروسات وقف العلماء أمامها في حيرة من أمرهم، وهذا يؤكد أنه مع ارتفاع نسب التلوث سوف تزداد تلك الفيروسات والأوبئة لدرجة قد لا نستطيع مواجهتها، وبالتالي تكون نهايتنا على يدها".في الأدب والسينما
اهتم عدد من الأدباء وصُناع السينما بوضع تصورات خاصة لنهاية العالم، ومن أبرز الأعمال التي سلطت الضوء على تلك الفكرة، رواية "عندما تصطدم العوالم" للكاتبين فيليب وايلي وإدوين بالمر، التي تحكي عن اقتحام كوكبين للمجموعة الشمسية، أحدهما يحول الأرض إلى شظايا، والآخر يحمل معه بديلاً للنجاة. وفي رواية يوم التريفيدس The Day of the Triffids التي كتبها جون ويندهام 1951، تدور الأحداث حول مذنب يمر بالأرض، ليصيب الجميع بالعمى، فيما ينجو واحدا فقط ليكون هو السبيل لخلاص العالم وبدء حياة جديدة. كما تحدث إدغار ألان بو في قصة "محادثة إيروس وكارميون" عن دمار العالم عن طريق مذنب يقضي على النيتروجين من جو الأرض ويترك الأكسجين فقط، مما يحول العالم إلى جحيم. أيضا رواية "واحد من ثلاثمائة" التى كتبها ج. ت. مكينتوش 1954، يكتشف العلماء اليوم الذي تصبح فيه الشمس سوبرنوفا وتتسبب فى تبخر بحار الأرض، وإنهاء كافة مظاهر الحياة. فيبدأ سباق لبناء آلاف السفن الفضائية غرضها الوحيد هو نقل الهاربين على رحلة نحو المريخ. بينما دارت رواية مطرقة لوسيفر لجيري بورنيل ولاري نيفن (1977) حول مذنب يضرب الأرض، وتكافح البشرية من أجل النجاة والبقاء على قيد الحياة. وبالنسبة للأفلام لدينا فيلم Independence Day، فقد دارت أحداثه عن غزو فضائي للأرض بتكنولوجيا متفوقة بهدف تدمير الحياة عليها. أما فيلم War of the Worlds، تدور الحرب التي يواجهها سكان كوكب الأرض مع كائنات قادمة من كواكب أخرى وتفشل الجيوش في مواجهة تلك الكارثة. فيما ناقش فيلم Deep Impact قيام رحلة فضائية إلى المسبار الفضائي المضطرب ليقوموا بإصلاح المشكلة قبل أن ينفجر ويمحو الحياة من الأرض. وهنالك الفيلم "2012 " الشهير الذي يرصد هلاك الأرض نتيجة وهج شمسي ضخم. وكذلك فيلم Armageddon الذي يعتبر من أبرز الأفلام في هذا الشأن، وفيه تنجح وكالة الفضاء في حفر الكويكب الذي يتوقع العلماء اصطدامه بالأرض وزرع قنبلة نووية تحوله لفتات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين