هي واحدة من أهم التحف المعمارية في لبنان بل وفي العالم أيضاً، ورغم صيتها الدولي، إلا أنها محل إهمال، بل الأخطر أنها مهددة بالانهيار. الأمر يتعلق بمعرض طرابلس تلك التحفة المعمارية المذهلة، من تصميم المهندس البرازيلي العالمي أوسكار نيماير في عام 1962، تعتبر إحدى أهم المعالم المعمارية والفنية التي تركها نيماير خارج بلده الأم البرازيل. غير أن هذا الإهمال لم يثنِ منظمة يونسكو عن دراسة إدراج معرض طرابلس على قائمة التراث العالمي.
قصة معرض طرابلس "معرض رشيد كرامي الدولي" مثيرة وهي أكبر من مجرد قصة إدراج معلم على قائمة التراث العالمي. فهذا البناء الضخم، شُيد على مساحة مليون متر مربع بتصميم هندسي غريب مع اعتماد مادة الباطون للبناء. شرع نيماير بإنجاز المعلم في عهد الرئيس فؤاد شهاب سنة 1964، وتوقف العمل به عام 1975 بسبب اندلاع الحرب الأهلية ولم يكتمل منذ ذاك التاريخ. يضم المعرض 120 ألف متر مربع من الحدائق أرادها نيماير مفتوحة دون أسوار و33 ألف متر من البرك المائية و20 ألف متر من القاعات، تضم المسرح المكشوف، المسرح التجريبي، صالة المؤتمرات، متحف الفضاء، فاعة المعارض، بيت الضيافة. حين قامت الحرب الأهلية في لبنان، تحول المبنى الضخم إلى مأوى للمسلحين والميليشيات وتحولت صالاته الشاسعة لمخازن السلاح والذخيرة وصارت بعض صالاتها سجوناً ومراكز تعذيب وتصفية. يضم المعرض قاعة رئيسية من مستوى واحد مفتوحة على بعضها البعض، وحدائق بلا أسوار، تعكس الفكر اليساري لنيماير. أصدر نيماير، قبل وفاته بأشهر قليلة، كُتيباً ضم فيه أبرز إنجازاته الهندسية التي أشرف على تنفيذها، وعندما سُئل لماذا لم ينشر أي صورة عن معرض رشيد كرامي الدولي، أجاب: "لماذا أعرض صوراً للموقع الذي أهملوه حتى قتلوه؟" بدوره، قال رئيس فرع المعماريين في نقابة المهندسين بطرابلس، وسيم ناغي، "إن المعرض نموذج مستقبليّ فريد في لبنان والمنطقة، بالحداثة واعتماد المنحنيات، يختصر تطوّر العمارة في مئة عام". يقيم فنانون معارضهم في معرض طرابلس لإلقاء الضوء على معلم مهدّد بالانهيار، منهم منظمو معرض الفن المعاصر العالمي "أطوار العمران" الذين اختاروه لمعرضهم سبتمبر الماضي، وقالت القائمة عليه كارينا الحلو حينها إنه "يوثق لمرحلة ذهبية من تاريخ لبنان الحديث بما حملته من أحلام عمرانية وعلمية وثقافية أودت بها الحرب الأهلية العام 1975. وأضافت أن الهدف من هذه المعارض، إضافة إلى تذكير اللبنانيين بماض مشرق عاشه بلدهم، هو "إلقاء الضوء على الخطر المحدق بهذا المعلم".
أصدر المهندس البرازيلي أوسكار نيماير، قبل وفاته بأشهر قليلة، كُتيباً ضم فيه أبرز إنجازاته الهندسية التي أشرف على تنفيذها، وعندما سُئل لماذا لم ينشر أي صورة عن معرض رشيد كرامي الدولي في لبنان، أجاب: "لماذا أعرض صوراً للموقع الذي أهملوه حتى قتلوه؟"
ترك المهندس البرازيلي أوسكار نيماير خلفه مَعلماً أثرياً لم يكتمل، تحول بالنسبة لسكان طرابلس في لبنان إلى ذكرى أليمة من الحرب الأهلية، فهو مشروع حلم انتزع من أهل المدينة ليصبح ملجأ الميليشيات في حرب ذكراها ثقيلة مثل السور الرمادي الذي يحيط بالمعرض.قال رئيس مجلس إدارة معرض رشيد كرامي أكرم عواضة "نحاول أن نحصل على أموال من الحكومة.. لقد تلقينا وعوداً من مسؤولين ولكن لم تتحقق بعد، نأمل أن تتحقق في القريب العاجل لأن بعض المباني تحتاج إلى تدخّل سريع". وأضاف "نأمل أيضاً أن نحصل على تصنيف من اليونسكو... فهذا قد يفتح الباب لأموال من جهات مانحة". ترك نيماير خلفه مَعلماً أثرياً لم يكتمل، تحول بالنسبة لسكان طرابلس إلى ذكرى أليمة من الحرب الأهلية، فهو مشروع حلم انتزع من أهل المدينة ليصبح ملجأ الميليشيات في حرب ذكراها ثقيلة مثل السور الرمادي الذي يحيط بالمعرض والذي لم يشيده نيماير في البداية، سور يفصل الماضي عن الحاضر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...