رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سلطنة عمان برفقة زوجته. من شأن خبر مماثل أن يثير ضجة، لا سيما وأنها الزيارة الرسمية الأولى إلى السلطنة، بعد تجميد العلاقات الرسميّة إثر اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000.
احتفى التلفزيون العماني، في تقرير بث صور اللقاء على وقع الموسيقى، بالزيارة المخصصة لـ"مناقشة سبل الدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط، وبالقضايا ذات الاهتمام المشترك"، بينما نشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بياناً أفاد فيه أن "نتنياهو قام بزيارة رسمية إلى سلطنة عمان هي الأولى منذ عام 1996"، وقد "عاد إلى تل أبيب بعد اختتام الزيارة الرسمية إلى هناك برفقة زوجته".
وكان السلطان قابوس قد وجه الدعوة إلى نتنياهو وزوجته بعد اتصالات مطولة أُجريت بين البلدين، بينما شارك في الزيارة وفد إسرائيلي ضمّ كل من رئيس الموساد يوسي كوهين، مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات، مدير عام وزارة الخارجية يوفال روتيم، رئيس ديوان رئيس الوزراء يؤاف هوروفيتس والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء العميد أفي بلوت.
وحسب نص البيان المشترك، الذي صدر في ختام الزيارة، فإن الأخيرة "تشكل خطوة ملموسة في إطار تنفيذ سياسة رئيس الوزراء التي تسعى إلى تعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول المنطقة من خلال إبراز الخبرات الإسرائيلية في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاقتصاد".
التعليق الإسرائيلي... "ببساطة: الأمر رائع"
تُعدّ الزيارة الأولى من نوعها بين قابوس ونتنياهو، منذ زيارة شيمون بيريز عام 1996 إلى عمان، حين كان يشغل منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء. وكان قد سبقه بعامين إلى هناك إسحاق رابين.
لا توجد علاقات دبلوماسيّة لغاية الآن بين الطرفين، لكنهما كانا قد وقعا في يناير 1996، اتفاقاً لافتتاح متبادل لمكاتب تمثيل تجارية، قبل تجميد العلاقات رسمياً عام 2000.
وتعليقاً على الزيارة، غرّد معلّق الشؤون العربية روعي قيس في قناة "كان" الإسرائيلية قائلاً إن "الأمر الذي يثير الجنون أن العمانيين كشفوا عن اللقاء على تلفزيونهم قبل إصدار بيان مكتب رئيس الحكومة نتنياهو: ببساطة الأمر رائع".
في المقابل، لاقت الزيارة ردود فعل مستنكرة من مغردين رأوا فيها تطبيعاً يرفضه الشعب وإن قبلته الحكومات، لافتين إلى جهود إسرائيل لـ"احتواء الخليج" وسط تذكير بالجدل الأخير الذي حصل مؤخراً جراء المشاركات الرياضية لإسرائيليين في قطر والإمارات والحديث عن عزف النشيد الإسرائيلي هناك.
معنى أن يرحّب"اللاعب المستقل والمتزن" بإسرائيل
احتفاء الجانب الإسرائيلي بالزيارة يعود إلى عوامل كثيرة لا تنحصر بإعادة تفعيل العلاقات المجمّدة فحسب، فما يجعل "الأمر رائعاً" بالنسبة لإسرائيل هو تقاربها مع السلطنة في ظلّ موقف الأخيرة من القضايا العربية وما عُرف من تقاربها مع إيران إلى جانب الدور الذي لعبه السلطان قابوس في مناسبات عديدة لجهة تحويل السلطنة إلى لاعب مستقل ومتزّن في السياسة الخارجية.
لقد جمع قابوس أعداء كثراً إلى طاولته، من الصراع الخليجي - الإيراني، إلى الملف اليمني، وصولاً إلى الصراع الإيراني - الأمريكي.
احتفى التلفزيون العماني، في تقرير بث صور اللقاء على وقع الموسيقى، بالزيارة المخصصة لـ"مناقشة سبل الدفع بعملية السلام في الشرق الأوسط، وبالقضايا ذات الاهتمام المشترك"
رغم تجميد العلاقات العلنية مع عمان في أعقاب الانتفاضة الثانية، أشار الإسرائيليون مراراً إلى "العلاقات الدافئة مع عمان"
أن يبدأ باب التطبيع مع سلطنة عمان يعني أن إسرائيل قد فتحت باباً إلى البلاد التي كان سلطانها أول رئيس عربي يزور روحاني، كما كان قد توسط لإطلاق سراح معتقلين لدى الجانبين الأمريكي والإيراني. ولا ينسى العالم له اتفاقيات التعاون الأمنية العديدة التي تربط السلطنة بالجمهورية الإسلامية.
وكان قابوس، الذي تستمر أحوال صحته ومصير السلطنة من بعده في إثارة التكهنات، قد جنّب بلاده الصراعات في منطقة مشتعلة، ولم يظهر انحيازاً لطرف دون آخر. وهو عضو مؤسس وأساسي في مجلس التعاون الخليجي، لكنه شريك إيران وحليف الولايات المتحدة وبريطانيا، وتجمعه علاقات اقتصادية مع الصين والهند وباكستان، وودّ متبادل مع أوروبا وروسيا.
لاقت الزيارة ردود فعل مستنكرة من مغردين رأوا فيها تطبيعاً يرفضه الشعب وإن قبلته الحكومات، لافتين إلى جهود إسرائيل لـ"احتواء الخليج"
وعلى الصعيد اليمني، كان قابوس قد امتنع عن المشاركة في عاصفة الحزم التي أطلقها مجلس التعاون لاستهداف الحوثيين في اليمن. كما أعدّ مبادرة في الإطار تتضمن إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية سريعة، وتحويل الحوثيين إلى حزب سياسي.
وكان موقفه من القضية الفلسطينيّة بارزاً عربياً، إذ أصرّ مراراً على أن الاستقلال الفلسطيني "ليس هبة من أحد"، علماً أن زيارة نتنياهو تأتي بعد أيام قليلة من لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالسلطان في مسقط.
وكان وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي تحدث، في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في 10 ديسمبر الماضي، عن أن جامعة الدول العربية “ليست مسجداً، بل هي دار للسياسة والعمل بالسياسة، وسنتخذ قرارات تعبر عن حقائق الأمر في ذات الوقت الذي تسعد أشقاءنا في ساحات التظاهرات”، في إشارة إلى احتجاجات الفلسطينيين على القرار الأمريكي بشأن القدس.
"العلاقات الدافئة"
رغم تجميد العلاقات العلنية مع عمان في أعقاب الانتفاضة الثانية، بعد شعور الحكام أن الرأي العام انقلب على إسرائيل، أشار الإسرائيليون مراراً إلى "العلاقات الدافئة مع عمان"، فـ"على الرغم من إغلاق مكتب التمثيل الإسرائيلي، الواقع في شارع العذيبة في مسقط، فإن الحكومة العمانية شجعت بهدوء الدبلوماسيين الإسرائيليين على البقاء، ما دام الارتباط المستمر بين البلدين لا يزال سراً"، حسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
وكانت زيارة أجراها في فبراير الماضي وزير خارجية سلطنة عمان وُصفت بـ"النادرة"، بعدما وصل إلى محافظة أريحا في الضفة الغربية عبر جسر الملك حسين (اللنبي) الذي يسيطر عليه الإسرائيليون.
كما جمعت العاصمة القطرية الوزير العماني مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني خلال زيارتهما الدوحة عام 2008، وهو كان اللقاء الرسمي الأخير بين مسؤولين من البلدين، قبل أن يعود نتنياهو إلى عمان اليوم في زيارة أقلّ ما توصف به أنها مثيرة للجدل والمخاوف.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...