أظهر تحقيقٌ نشرته صحيفةُ نيويورك تايمز، مساء السبت، أن السعوديةَ قامت بتجنيدِ موظفٍ في موقع تويتر لمساعدتها في التجسس على المستخدمين والنشطاء المنشقين عن النظام أو المعارضين له. وبحسب ما نشرته الصحيفةُ فإن الحكومةَ السعودية جندت جيشاً من المستخدمين على تويتر لإسكات منتقديها عبر الإنترنت. كما أن شركةَ ماكنزي الاستشارية، مقرُّها الولايات المتحدة، ساعدت الحكومةَ السعودية على تحديد واستهداف المنشقين على تويتر الذين عوقبوا في وقتٍ لاحق بهدف إسكاتهم. تحقيقُ الصحيفة الذي اعتمد على مقابلاتٍ مع أشخاص شاركوا في صنع صورة المملكة على شبكة الإنترنت، إضافة إلى نشطاء وخبراء ومسؤولين سعوديين وأميركيين، يبيّن كيف تلاعبت الحكومةَ السعودية بقوةٍ بموقع تويتر. وتحدث تقرير الصحيفة الأمريكية عن جهود الحكومة السعودية وولي العهد محمد بن سلمان لإسكات المعارضين ليس داخلَ المملكة فقط، بل أيضاً حول العالم، مركزاً بشكل خاص على ما قامت به الحكومة السعودية ومحمد بن سلمان بشأن اختفاء وقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي الذي اختفى بعد دخول القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر، قبل أن تعترف السعودية أنه قتل "أثناء شجار بالأيدي" داخل القنصلية في وقت لاحق. ويفتح ما كشفه تقريرُ الصحيفة ملفَّ المخاطرِ التي تواجه شركاتِ التكنولوجيا الأمريكية، خصوصاً حين تتعارض رغبة تلك المواقع في أن تكون منصاتٍ مفتوحةً للجميع، مع ما ترغب فيه بعض الأنظمة الاستبدادية من إسكات الأصوات المعارضة. ووفقاً للصحيفة، فإن النشطاءَ السعوديين الموالين للنظام "حشدوا" لمضايقة منتقديه على تويتر بهدف إخماد أصواتهم، عن طريق استخدام تكتيكاتٍ عدة ضمنَها استخدامُ الصور ذات التعليقات الساخرة المعروفة باسم "ميمز"، لتشتيت الانتباه عن النقاشات الأصلية، إضافة إلى قيام هذا الجيش بالإبلاغ عن المحتوى الذي لا يرغب في مشاهدته على تويتر على أنه "محتوى حساس". وقد أنشأت الحكومة جيش تويتر الخاص بها عن طريق دفع نحو 10 آلافِ ريالٍ سعودي شهرياً لكل مغرد، (حوالي 3 آلافِ دولارٍ أميركي).
اختراق تويتر
ويعد تويتر أحدَ أهم المنصات المؤثرة في السعودية، وسعود القحطاني، أحدُ كبار مستشاري ولي العهد الذي أُعفي من مهامه السبت على خلفية مقتل خاشقجي، كان الخبيرَ الاستراتيجي وراء العملية والمسؤولَ عن حشد جيش السعودية الإلكتروني على تويتر، وفق ما نشرت نيويورك تايمز. لكن أحدَ أكثر الأجزاء إثارةً للقلق في تحقيق الصحيفة، يتمثلُ في كشفها الطريقةَ التي تعرّف بها السعوديون على موظف تويتر، وهو علي آل زبارة، وقيامهم بتجنيده للتجسس على الحسابات من داخل الشركة. وانضم آل زبارة لتويتر عام 2013، وخلال هذه الفترة رُقيَ إلى منصب قائد تقني، وسمح له هذا المنصب بالوصول إلى أرقام هواتف المستخدمين وعناوين IP الخاصة بأجهزتهم إضافة إلى معلوماتٍ مهمةٍ أخرى. وأصبح المدراء التنفيذيون في تويتر على دراية بما يحدث في العام 2015 بعد أن قال لهم مسؤولو المخابرات إن آل زبارة أصبح قريباً جداً إلى عملاء المخابرات السعوديين الذين طلبوا منه الدخولَ إلى العديد من حسابات المستخدمين. وبعد إبلاغِهم بأنه على تواصل مع النظام السعودي قام المسؤولون التنفيذيون في تويتر بإعطاء آل زبارة إجازةً إدارية، ثم استجوبوه وأجروا تحقيقاتٍ لتحديد ماهية المعلومات التي وصلَ إليها، لكنهم لم يتمكنوا من العثور على دليل يؤكد أنه سلَّم بياناتِ تويتر إلى الحكومة السعودية، فطردوه من الشركة في ديسمبر 2015. عاد آل زبارة إلى المملكة العربية السعودية بعد فترة، آخذاً معه بعض ممتلكاته، وهو الآن يعمل مع الحكومة السعودية رئيساً لجمعية مسك الخيرية ذات العلاقة بولي العهد محمد بن سلمان. بعد ذلك أرسلت تويتر، إخطاراً بالسلامة للحسابات المحتمل قيام آل زبارة بالوصول إليها. وكانت شركة "تويتر" قد أرسلت إشعاراتِ السلامة إلى مالكي عشرات الحسابات يوم 11 ديسمبر عام 2015، كان ضمنَهم باحثون في الأمن والخصوصية، وأخصائيون في المراقبة، وأكاديميون يعملون في الشأن السياسي، وصحافيون. ورفض متحدثٌ باسم تويتر التعليقَ على تحقيق صحيفة نيويورك تايمز.صحيفة نيويورك تايمز: السعودية قامت بتجنيدِ موظف في تويتر لمساعدتها في التجسس على المستخدمين والنشطاء المنشقين عن النظام أو المعارضين له.
نيويورك تايمز: ماكنزي متورطة في إعداد تقرير لصالح النظام السعودي ساهم بإلقاء القبض على معارض سعودي واعتقال أشقاء معارض آخر بعد اختراق جهاز هاتفه.
تورط شركة McKinsey
وأشار تحقيق نيويورك تايمز إلى أنه عقب إعلان السعودية سياساتٍ وتدابيرَ اقتصاديةً تقشفية عام 2015 لمواجهة أزمة انخفاض أسعار النفط وسد العجز في الموازنة العامة للدولة، قام النظام السعودي بتوظيفِ شركة ماكينزي الاستشارية لمتابعة تطبيقِ السياساتِ الجديدة. وتقول نيويورك تايمز إنها حصلت على أحد التقارير التي قامت بها شركة ماكينزي من 9 صفحات، وجدت فيه الشركةُ أن السياساتِ التقشفيةَ الجديدة كان لها صدى سلبيٌّ في موقع تويتر وبقية وسائل التواصل الاجتماعي. المثير للقلق هنا أن نيويورك تايمز كشفت في تحقيقها عن أسماءَ الشباب الذين ذكرهم تقريرُ ماكينزي وكانوا يقودون حملاتٍ رافضةً للقرارات التقشفية، وتمكنوا من التصدّي لهجمات الجيش الإلكتروني الذي جندته السلطاتُ السعودية على تويتر، وهم الكاتبُ خالد العلقمي والطالب عمر بن عبد العزيز المعارض السعودي المقيم في كندا، وشخصٌ مجهول يحمل اسم أحمد. بمجرد إصدار ماكينزي تقريرَها أُلقي القبض على الكاتب العلقمي بحسب ما أكدته منظمة القسط الحقوقية، أما عمر بن عبد العزيز فتم اعتقال اثنين من إخوته وسجنهما، بينما اخترق النظامُ السعودي هاتفَه المحمول وحسابا كان يديره وتدعمه شركة سيتيزن لاب، أما حسابُ المغرد أحمد فقد أُغلِقَ نهائياً. لكن شركة ماكينزي نفت الاتهاماتِ الموجهةَ لها في تحقيق نيويورك تايمز قائلة إن السلطاتِ السعوديةَ لم تكلفها أبداً بإعداد تقارير عن معارضين. بينما لم تعقّبِ المملكةُ العربية السعودية على تحقيق نيويورك تايمز حتى الآن. وتقول نيويورك تايمز إن قضيةَ اختفاء خاشقجي وضعت السعودية ومحمد بن سلمان تحتَ المجهر. ففي حين سعى وليُّ العهد لتقديم نفسه باعتباره مصلحاً في بلده، أظهرت أدلةٌ أخرى جانباً أكثر قتامةً من صورته، حيث أشرف على اعتقال وحبس المئاتِ من رجال الأعمال المؤثرين في المملكة العامَ الماضي، كما يشرف على حرب اليمن، وحصارٍ دبلوماسي على قطر، ودخل في خلاف شديد مع كندا عام 2018، "لكن يبدو أن إدارةَ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحبه" بحسب نيويورك تايمز.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...