شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"شجارٌ بالأيدي أودى بحياة خاشقجي"... هل يستوعب المجتمع الدولي الروايةَ السعودية؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

السبت 20 أكتوبر 201810:51 ص
لأول مرةٍ منذ اختفائه في الثاني من أكتوبر الجاري، أقرّت السعودية فجرَ السبت بمقتل الكاتب والإعلامي جمال خاشقحي داخلَ القنصلية السعودية في إسطنبول، "في شجارٍ بالأيدي". "اشتباكٌ بالأيدي بين جمال خاشقجي وأشخاصٍ داخل القنصلية أدى إلى وفاته"، هذا ما أعلنه النائبُ العام في السعودية، الساعةَ الواحدةَ فجراً من يوم السبت بتوقيت السعودية.  وذكرت وكالة الأنباء الرسمية واس: "المناقشاتُ التي تمت مع جمال خاشقجي أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول لم تسر بالشكل المطلوب وتطورت بشكلٍ سلبي ما أدى إلى حدوث اشتباكٍ بالأيدي، وتفاقم الأمر، مما أدى إلى وفاته ومحاولتهم (منفذو العملية) التكتمَ على ما حدث والتغطية على ذلك". ونقلت وكالةُ الأنباء عن النائب العام إن "التحقيقاتِ الأوليةَ في موضوع المواطن جمال خاشقجي أظهرت وفاتَه والتحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن ( 18 ) شخصاً جميعهم من الجنسية السعودية". واستبقت وكالةُ الأنباء الرسمية وقناة الإخبارية السعودية إعلانَ مقتل خاشقجي، بنشر وبثّ خبر إقالة أحمد عسيري ⁧ والمستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني. كما شملت الإقالاتُ مديرَ الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي، ومساعدَ رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبد الله بن خليفة الشايع، ورئيسَ الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح. وذكر الإعلامُ الرسمي أن العاهلَ السعودي أمر بتشكيل  لجنةٍ وزارية برئاسة ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة و"تحديثِ نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتِها بشكلٍ دقيق". هذا الإقرارُ الرسمي بمقتل خاشقجي في "شجارٍ بالأيدي" لا يقدم معلومةً بشأن جثّة الراحل، ويتناقض مع ما أعلنه ولي العهد محمد بن سلمان في تصريح أدلى به لبلومبيرغ بعد يومٍ واحد من اختفاء الصحافي (أي الأربعاء 3 أكتوبر ونشر الجمعة 5 أكتوبر) بقوله: "خاشقجي غادرَ القنصلية". الروايةُ السعودية الرسمية تأتي في خضم ضغوطٍ دولية متزايدة على الرياض للكشف عن حقيقة اختفاءِ خاشقجي ترجمته عواصمُ غربية مثل باريس وبرلين ولاهاي ولندن بإعلان توقيف "الزيارات السياسية إلى الرياض" تماهياً مع انسحاب بنوكٍ​ عالمية وشركاتٍ كبرى من مؤتمر كبير استثماري في السعودية من المقرر عقده الأسبوعَ القادم.

ترامب يصدّق الرواية السعودية

في أول ردِّ فعل على إعلان الرياض مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده وملابسات مقتله "في شجارٍ بالأيدي"، أعلن ترامب أن إعلانَ الرياض "خطوةٌ أولى جيدة"، قائلاً إنه يصدق التفسيرَ السعودي بشأن ملابسات مقتل الكاتب والصحافي السعودي.  وامتدحَ الرئيس الأمريكي ما سمَّاه "سرعةَ إجراء التحقيقات من جانب السعودية"، واعتبر الخطوة "نقطةَ تحولٍ"، ووصفها بالخطوة "الذكية" لأنها كانت "سريعة" على حدّ تعبيره. ترامب كان قد سبقَ الرياض في إعلان موت خاشقجي حين صرّحَ للصحافيين الخميس أن خاشقجي "مات على الأرجح"، مشيرًا إلى أن "عواقبَ ذلك ستكون وخيمةً جداً". تصريحاتُ ترامب التي أعقبت اختفاءَ خاشقجي كانت متناقضةً فمرة يعلن أن "قتلةً مارقين" وراء مقتله، ومرة يتوعد السعودية بعقوبات (تستثني مبيعات الأسلحة) إن ثبتَ تورطها، ومرة أخرى يصرح "على العالم ألا يدين قادة السعودية قبل معرفة جميع الحقائق عن اختفاء خاشقجي" قائلًا: "ها نحن نتعاملُ مع الأمر مرة أخرى بمنطق أنت مذنب حتى تثبتَ البراءة. أنا لا يعجبني ذلك". وبين تصريحٍ وآخر يكررُ الرئيس الأمريكي: "السعودية حليفٌ مهم وينبغي وضعُ أهمية العلاقات الأمريكية السعودية في الحسبان". لكن ترامب صرح الخميسَ لصحيفة "نيويورك تايمز" بوجود احتمالٍ كبيرٍ لمشاركة السعودية في قتل الصحفي جمال خاشقجي. وقال من مكتبه في البيت الأبيض للصحافيين إنه يثقُ بمصداقية التقارير الاستخباراتية الواردة من مصادر عدة والتي "ترجح بشكلٍ كبيرٍ أن يكون هناك دورٌ سعودي على مستوى عالٍ في اغتيال خاشقجي". فكيف تغير موقفُ ترامب من إدانةٍ واضحةٍ للجهات الرسمية بالضلوع في مقتل خاشقجي إلى ترحيبٍ وتصديق للرواية السعودية الرسمية التي تتحدث عن عراكٍ بالأيدي بين رجل أعزل و15 شخصًا في قنصلية ذهب إليها لتسلُّم وثيقةٍ قالت له الجهاتُ الرسمية "إنها جاهزة"؟  ولماذا تقيلُ السعوديةُ نائبَ رئيس الاستخبارات والمستشار بالديوان الملكي إن كان "شجارًا بين خاشقجي ورجالاً قابلوه في القنصلية" هو السبب؟ .

مشككون... 

على خلاف ترامب، قال عدةُ مشرعين أميركيين، بينهم عدد من الجمهوريين إنهم لا يصدقون الروايةَ السعودية. أولُ المشككين السيناتور الجمهوري ليندزي غراهام الذي كان في السابق حليفاً قوياً للرياض ومدافعاً شرسًا عن ولي العهد قبل أن يتغيرَ جذريًا بسبب قضية خاشقجي، كتب في تويتر: "أقلُّ ما يمكن أن أقوله: إنني أشكُّ بالرواية السعودية الجديدة" ولمّح إلى أنه من الصعب أن تكون للروايةِ السعودية أيّةُ مصداقيةٍ بعد أن قالت في البداية إن خاشقجي غادرَ القنصلية. السناتور الجمهوري بوب كوركر قال إن روايةَ السعودية حول اختفاء خاشقجي تتبدلُ مع مرور كل يوم، لذلك "لا ينبغي أن نفترضَ أن روايتَهم الأخيرة ذاتُ مصداقية". من جهته ذكر عضو الكونغرس الديمقراطي آدم شيف "إذا كان يتشاجرُ مع أولئك الذين أُرسلوا للقبض على خاشقجي أو قتله، فإنه كان يفعلُ ذلك لإنقاذ حياته، إذا لم تتحرك الإدارة (البيت الأبيض) فيتعين على الكونغرس أن يتحرك". ومثلما يتساءلُ السواد الأعظم من المتابعين لقضية خاشقجي "أين الجثّة"؟ تساءل إريك سوالويل العضو الديمقراطي في لجنة الاستخبارات في حسابه في تويتر "أين الجثة؟.. عائلةُ خاشقجي تستحق أن يتمَّ تسليمُها رفاتَه على الفور". المتحدثُ باسم الأمم المتحدة قال إن الأمين العام دعا إلى إجراء "تحقيقٍ فوري وشاملٍ وشفاف في ملابساتِ موت خاشقجي، وحثَّ على محاسبة المتورطين في ذلك بشكلٍ كامل". محررةُ واشنطن بوست كارين عطية التي كانت تحررُ مقالاتِ خاشقجي كتبت في حسابها في تويتر بغضب تعليقاً على الرواية السعودية بأنه "محضُ هراء". وأضافت كارين إنها "غاضبةٌ من جديد" إزاءَ التقارير التي نقلتها وكالة الأنباء السعودية بشأن وفاة خاشقجي خلال شجارٍ واشتباكٍ بالأيدي داخل القنصلية السعودية. إلى ذلك قال مصدرٌ سعودي في التحقيقات الجارية في مقتل الصحافي السعودي لرويترز صباح السبت إنه "لا يعلمُ مصيرَ جثة خاشقجي"، وهو ما يثير بلبلةً في صفوف المشككين بالرواية السعودية، إن كان الشجارُ أودى بحياة خاشقجي فماذا فعلوا بجثته؟  تخميناتٌ عديدة بشأن ذلك، تصب في مجرى الروايةِ التركية "غير الرسمية" التي تحدثت منذ الوهلة الأولى عن قتل خاشقجي بعد وصول مجموعة من 15 شخصًا سعودياً على متن طائرتين خاصتين، وهو ما نفته السعودية في البداية (نفي محمد بن سلمان والإعلامُ الرسمي والمستشارُ المقال بالديوان الملكي سعود القحطاني).
لأول مرةٍ منذ اختفائه في الثاني من أكتوبر الجاري، أقرّت السعودية فجرَ السبت بمقتل الكاتب والإعلامي جمال خاشقحي داخلَ القنصلية السعودية في إسطنبول، "في شجارٍ بالأيدي".
هذا الإقرارُ الرسمي بمقتل خاشقجي في "شجارٍ بالأيدي" لا يقدم معلومةً بشأن جثّة الراحل، ويتناقض مع ما أعلنه ولي العهد محمد بن سلمان في تصريح أدلى به لبلومبيرغ بقوله: "خاشقجي غادرَ القنصلية".
في أول رد فعل على إعلان الرياض مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده و ملابسات مقتله "في شجار بالأيدي"، أعلن ترامب أن إعلان الرياض "خطوة أولى جيدة"، قائلاً إنه يصدق التفسير السعودي بشأن ملابسات مقتل الكاتب والصحافي السعودي.

رؤوس تسقط

سعود القحطاني الذي غرّد عقبَ حوار ولي العهد مع بلومبيرغ الذي نفى فيه مقتل خاشقحي قائلاً إنه غادر القنصلية، غرد يومها في تويتر قائلًا: "#لقاء_ولي_العهد_مع_بلومبيرغ أجبر المرتزقة في #جزيرة_شرق_سلوى للعودة لجحورهم التي تحميها القواعدُ الأجنبية وضاعت عليها ميزانياتُهم وخيراتُ الدويلة التي تستضيفهم. كما أجبر النظامَ الإيراني الإرهابي على العودةِ للعزلة التي حاول الهروب منها. حين يزأر الأسد تهرب الكلاب". القحطاني الذي أطيحَ به فجرَ السبت بسبب قضية خاشقجي، ومعه  نائبُ رئيس الاستخبارات العامة وقياداتٌ أمنية أخرى، تحوم حوله شكوكٌ أوردتها واشنطن بوست التي ذكرت قبل إقالته بحسب صديقين مقربين من جمال خاشقجي إن الراحلَ قبل اختفائه بفترة وجيزة تلقى مكالمتين هاتفيتين على الأقل من سعود القحطاني، ينقل فيها رسائلَ وديةً نيابة عن ولي العهد. بعيدًا عن الرياض، في إسطنبول، مسرحِ الجريمة، يواصل المحققون الأتراك صباح السبت عملهم بالتفتيش والمسح والتنقيب عن الأدلة في قضية خاشقجي، الذي وإن أُعلن رسميًا مقتله بعد 18 يومًا على اختفائه إلا أن جثته تبقى مفقودةً. فصلٌ غامضٌ آخر يتولد عن الأول. فمن أيّةِ عاصمةٍ يأتي الكشف عن هذا اللغز؟  تقاطعُ الاستخباراتُ الأمريكية مع التركية قد يحملُ الإجابة...لكن قرارَ كشفها بيدِ الحكام. 

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image