لا أحد يدري، على وجه الدقة، ما الذي سوف يدور في خلد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، وهو في طريقه من السجن إلى "معهد أمناء الشرطة" بمنطقة طرّه، ليحاكم على جريمة "قتل المتظاهرين" أمام قصر الاتحادية يوم غد الإثنين 4 نوفمبر.
لعله يتذكر رحلته من وادي النطرون "سجيناً" إلى قصر الاتحادية "رئيساً"، ثم نهايته متجهاً لمعهد أمناء الشرطة "متهماً". تلك هي المرة الثانية، في أقل من عامين، التي يرى فيها المصريون رئيساً لهم خلف القضبان. كلاهما، مرسي ومبارك، يُحاسب على ذات التهمة، "قتل المتظاهرين"، وإن اختلفت الأسماء، فالدم واحد.
"تم اختيار معهد أمناء الشرطة لأسباب أمنية"، هكذا يفسر العقيد محمد مصطفى سبب اختيار المعهد كمقرٍ لمحاكمة الرئيس المخلوع، ويضيف شارحاً: "المعهد قريب من سجن طرّه، فضلاً عن مجاورته لأحد مراكز تدريب جنود الأمن المركزي التي ستساعد على تأمين المحاكمة، حال حدوث أي طارئ". أما في ما يتعلّق بتجهيز القاعة، يقول أحد المهندسين العاملين على المشروع: "تجاوزت التكلفة الإجمالية لتجهيز المعهد 6 ملايين جنيه مصري، وذلك لصنع قفص الاتهام، وإعادة طلاء القاعة وتزويد المبنى بأجهزة صوت وتكييف وشاشات عرض وبوابات الكترونية... الخ”.
مرسي الذي كُتب عليه ألا يكون النجم الأوحد أبداً، حتى أثناء حكمه الذي تقاسمه مع "مكتب إرشاد جماعة الأخوان المسلمين" ورئيسه المرشد العام "محمد بديع" و"خيرت الشاطر" رجل الجماعة القوي، يجد اليومَ أيضاً من ينازعه الأضواء، فالكاميرات ستحتار بينه وبين المستشار أحمد صبري يوسف؛ إذ سينظر ذلك الأخير في قضية "قتل المتظاهرين" أمام قصر الاتحادية، المتهم فيها محمد مرسي مع 14 آخرين.
أحمد صبري يوسف وجه معروف للمصريين، فقد تولى الحكم في قضيتين شهيرتين من قبل. الأولى كانت محاكمة الفريق أحمد شفيق - المرشح الرئاسي السابق - في قضية اتهامه بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام، في قطاع الطيران المدني، وحكم عليه بالبراءة من أول جلسة، كما أصدر حكماً بحبس الحارس الشخصي لـ"خيرت الشاطر" نائب المرشد العام لجماعة الإخوان لمدة سنة، بعد إدانته بتهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، وكانت الشرطة قد ألقت القبض عليه في إحدى اللجان الانتخابية بالقاهرة.
عن السيناريوهات المتوقع حدوثها غداً، يقول المحامي "ناصر أمين"، مدير المركز العربي لاستقلال القضاء، إن هناك احتمالين لا ثالث لهما: الأوّل أن يحضر مرسي وتكون الجلسة "إجرائية"، تقوم فيها محكمة الجنايات بإثبات حضور المتهم وهيئة الدفاع والمدعين بالحق المدني، وتتلقى طلبات الدفاع، ثم تؤجل القضية لحين استيفاء هذة الطلبات، على الأغالب إلى شهر ديسمبر. في حال رفضَ مرسي وجود محامٍ إلى جانبه وإصراره على الترافع عن نفسه، يقول أمين "هذا من حقه، لكن المحكمة ستنبهه إلى أنه سيكون عليه تحمل عقبات دفاعه عن نفسه" وستعرض عليه أن توكل له محامياً، وإذا أصرّ على الرفض، سيكون له ما أراد. أما الاحتمال الثاني، فهو أن تحدث اضطرابات أمنية في البلاد يصعب معها إحضار مرسي للمحاكمة، وهنا تؤجل الجلسة "إدارياً" لحين إحضاره وانعقاد المحاكمة.
لكن سواء أحضرَ مرسي أم لم يحضر، وسواء حُكم عليه بالإدانة أم البرائة، الثابت هنا أن المصريين قد هبطوا بجلال منصب الفرعون من عنان السماء إلى غياهب السجون، والمؤكد أن الحصانة لم تعد دائمة والهيبة باتت إلى زوال، فها هو ثاني فرعون يخرج من القصر إلى السجن. هكذا تنتهي الأسطورة التي لطالما ردّدها أهل النيل "إن الفرعون من القصر الى القبر".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه