شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
لأنك لست لبنانية لن تتمتعي بفحص مجاني لسرطان الثدي

لأنك لست لبنانية لن تتمتعي بفحص مجاني لسرطان الثدي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 17 أكتوبر 201812:19 م
لأنك لاجئةٌ فلسطينيةٌ أو سورية فهذا ينسف تماماً فرصةَ تمكينك من فحصٍ مجاني بالأشعة لسرطان الثدي. لو توجهتِ أنتِ غير اللبنانية إلى مستشفى حكومي لبناني مشاركٍ في الحملة التي أطلقتها وزارةُ الصحة اللبنانية للتوعية ضدّ سرطان الثدي للسيدات، فعلى الأرجح لن يُقبلَ فحصُك لأن "برنامج الحملة للبنانيات فقط". الحملة التي تمتد أربعةَ أشهرٍ وترعاها وزارة الصحة تستهدف النساءَ فوق سن الأربعين، تمكّن الكشف عليهنّ مجاناً في المستشفيات الحكومية، وبسعر 40 ألفَ ليرة (نحو 26 دولاراً) في المستشفيات الخاصة المشاركة في الحملة. ولكن هل سرطان الثدي، يقتصر على اللبنانيات وحدهنّ؟ هل يفرّق المرض بين جنسيةٍ وأخرى؟ منعُ غير اللبنانيات من الفحص المجاني أو منخفض الكلفة تصدرَ عناوين الصحف اللبنانية، بعضُها ذهب إلى الحديث، لا عن التمييز فقط بل عن العنصرية. مستشارُ وزيرِ الصحة جورج عاقوري قال إن كافةَ "المقيمات" باستطاعتهن أن يستفدنَ من التخفيضات في المستشفيات الخاصة خلال الحملة أو على مدار السنة في مراكز الرعايةِ الصحيةِ الأولية المؤمَّنة بشكلٍ "شبه مجاني". أضاف ردّاً على تغريدةٍ ساخرةٍ للإعلامية ديما صادق، جاء فيها "لأنه نحن منحب فلسطين ومنكره الفلسطينية"، قائلاً "مشكلة اللاجئين والنازحين هي مشكلةٌ دولية وليست لبنانية فقط ويجب ألا تقع تكلفتها على عاتق المواطنين اللبنانيين الذين هم بدورهم يعانون الفقرَ ويدفعون ضرائبَهم ليحصلوا على هذه الخدمات من الدولة."

تتعددُ الأشكالِ والعنصرية واحدة

رُبما يرى البعضُ "مبالغةً" فيما سبّبته الحملةُ الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي في لبنان من رميِّ أطرافٍ بالعنصرية، لأن بإمكان اللاجئاتِ إجراءَ فحصٍ بشكلٍ "شبهِ مجاني" كما قال عاقوري. لكن ككرة الثلج، تكاثفتِ المواقفُ العنصريةُ في لبنان الآونةَ الأخيرة، بشكلٍ لافت، البعضُ يراها "مواقفَ لا تعبّر عن الشعب اللبناني بل هي مواقف ذاتية". "ممنوع نزول الكلاب والسوريين والمحجبات إلى الشاطئ". هذا ما قاله "موظفٌ" في بلدية العقيبة اللبنانية للفنان يوري مرقدي أغسطس الماضي، أثناء نزولِه الشاطئ برفقة كلبته، ما دفعَ مرقدي للحديث عن الحادثة بمقطع فيديو، كان قد نشره عبر "السوشيال ميديا"، معرباً عن استهجانه من وضع "الكلاب والسوريين والمحجبات" في "فئةٍ واحدة".
/ وبعدما أثار الفيديو جدلاً، نشرَ مرقدي اليومَ التالي فيديو آخر لافتاً فيه إلى أنه تلقى اتصالاً من رئيس بلدية العقيبة موضحاً له سوءَ التفاهم، ليشرح له أن القرارَ يمنع نزول الكلاب فقط، حفاظاً على سلامة المواطنين، "أما بالنسبة لمنع السوريين والمُحجبات، فهو عارٍ من الصحة"، كما أوضح أن"الموظفَ" ادعى أنه يعمل لدى البلدية، ولكنه ليس كذلك.

اللي بعده..

لنفترض الآن أن الموظفَ كان بالفعل "متطوعاً عنصرياً" ماذا عن قرار منعِ تجوّلِ السوريين بعد السادسة مساءً؟ في 2014، نددت منظمةُ "هيومن رايتس ووتش" بفرض حظرِ تجولٍ ليليّ على المواطنين السوريين في لبنان، في عدد من المناطق، معتبرةً ذلك مخالفاً للقانون، ويسهم في إيجاد مناخٍ "يشجع على التمييز وعلى ردود فعل سلبية" ضدَّهم. وكشفت في تقريرها أن 45 بلديةً لبنانيةً على الأقل تفرضُ حظرَ تجولٍ على السوريين، ذلك عقب مواجهاتٍ شهدتها بلدةُ عرسال الحدودية بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سوريا ومن مخيمات للاجئين داخل البلدة، تسببت بمقتل 20 عسكرياً و16 مدنياً. وبعد نحو 4 سنواتٍ على تنديد المنظمة، ظهرت لافتة "ممنوع تجوّل العمال الأجانب حتى السادسة صباحاً"، من جديد، مايو الماضي، لثوانٍ معدودة في الحلقة الثانية من المسلسل الرمضاني، اللبناني - السوري "طريق"، لتثير القصةُ جدلاً من جديد، خاصة أن طاقمَ العملِ غالبيتُه سوريون، على رأسهم المخرجة رشا هشام شربتجي، التي هي الأخرى لم تنتبه لوجود اللافتة أثناءَ تصوير المشهد.
وتعقيباً على الجدل الذي أُثير، قال المنتجُ صادق الصباح آنذاك "لِمَ الاختباء خلف الإصبع؟ هذه اللافتاتُ موجودةٌ في الشارع، ولسنا نتبنّاها. لا نستطيع إنكارَ المناخِ العام في لبنان، البلد الذي تجري فيه أحداثُ المسلسل. مدّة المشهد أقلّ من ثوانٍ، فلم نجد ضرورةً لإعارته اهتماماً"، مُضيفاً "اتهامنا بالعنصرية باطل".

الإعلام اللبناني

"سرطانُ العنصرية" طالَ الإعلامَ اللبناني كذلك. فقد نشر موقع "MTV Lebanon" خبراً بعنوان "السرطان يجتاح لبنان... وسببان يساهمان بانتشاره". كان بالفعل عنواناً جذّاباً، و"ربما" استحقَّ القراءةَ حينها، لو تم طرحُ سببين مقنعين، إلا أن واحداً منهما جاء كالتالي: "الالتهاباتُ المتزايدة بفعل تكاثر النازحين السوريين في لبنان تتسبب مباشرةً بمرض السرطان. فهؤلاء، بسبب الظروف السيئة التي عانوا منها مرغمين، يأتون ببكتيريا خطيرة قد تخلق الأمراض لدى الإنسان".
وكعادة الأخبار "العنصرية" التي سرعان ما تخلق جدلاً بين رواد التواصل الاجتماعي، ردَّ داني حداد، رئيسُ تحرير الموقع الإلكتروني في القناة قائلاً "كان هناك في لبنان اجتماعٌ للجنة الصحة النيابية بحضور وزير الصحة، وخلال الاجتماع عرض الوزير موضوع انتشار السرطان بكثافة وقال إن الإصابة زادت بنسبة 5.6%". أضاف "نحن كموقعٍ إلكتروني أردنا معالجةَ الموضوع، فطلبت من أحد الزملاء الاتصال بطبيب مختص، وسأل عن طبيب فمنح رقم الدكتور فادي نصر وأنا شخصياً لا أعرفه، لكن قيل لنا إنه من أشطر الأطباء في لبنان بهذا المجال واتصلنا فيه لاستيضاح الموضوع وأسباب زيادة انتشار السرطان في لبنان، فأدلى بما أدلى به". وتابع في ردّه "عندما أُرسل إليَّ كلامَه كرئيس تحرير، بصراحة وبشفافية استفزني رأيه، لكن هذا رأيٌّ علمي لا أستطيع أن أتدخل به، أو أعدل فيه لأنه ليس رأياً بموضوع سياسي، أو موضوع آخر، أي تعديل به يمكن أن يشوّه الحقيقة التي ذكرها، الحقيقة بين مزدوجين حسب رأيه. أنا لا أتبنى رأيه ولا أعارضه". أما قناةُ "الجديد"، فلم تتردد، أبريلَ الماضي، في بثّ إحدى حلقات برنامج "قدح وجم" والتي جاءت فيها أغنيةٌ ساخرةٌ طالت اللاجئ السوري في لبنان. وعلى لحن أغنية "ع العين موليتين"، جاء فيها: "يا عين عالسوريين بأرضي اللبنانية، نحن صرنا المغتربين، وهني الأكثرية".
ككرة الثلج، تكاثفتِ المواقفُ العنصريةُ في لبنان الآونةَ الأخيرة، بشكلٍ لافت، منها بث أغنية ساخرة على قناة لبنانية تقول كلماتها "يا عين عالسوريين بأرضي اللبنانية، نحن صرنا المغتربين، وهني الأكثرية".
إبعاد السوريات والفلسطينيات من برنامج فحصٍ مجاني بالأشعة عن سرطان الثدي في لبنان.. ومسؤول في وزارة الصحة "مشكلة اللاجئين دولية وليست لبنانية فقط. اللبنانيون يعانون الفقرَ ويدفعون ضرائبَهم ليحصلوا على هذه الخدمات من الدولة."
عام 2016، احتلت لبنانُ المرتبةَ الأولى عربياً كالدولة الأكثر عنصرية، والثانية عالمياً، بعد الهند، ضمنَ قائمة موقع "إنسايدر مونكي" الذي صنف 25 دولةً عنصرية حول العالم، معتمداً على أسئلة وُجهت لـ85 ألفَ شخصٍ من 61 دولة، في الفترة ما بين 2014 و2015.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image