تستأذن رَوَد (اسم مستعار)، 22 عاماً، من شلتها الجامعية في كلية الهمك شرق العاصمة، أنبأها الفايسبوك برسالة، تبتسم وتعض طرف شفتها، ثم تعود إلى الرفاق حيث كان الحديثُ محتدمًا، عبارات جنسية، نكات، ومفاهيم جعلتها تنسحب بدعوى العيب والحرام، بينما في داخلها تقول:
"48 ساعة ليأتي يوم الخميس"، حيث ستبقى وحيدة في غرفتها ضمن أروقة السكن الجامعي، وتمارس ما أسمته العيب والحرام خارج حدود مجموعتها الجامعية "ولا من شاف ولا من دري" على حد تعبيرها.
هي قصة واقعية لفتاة وغيرها العشرات من الشباب السوريين، يتأرجح عندهم "تابو" الجنس بين حرام ظاهرٌ ورغبة باطنية توثقها آهات افتراضية في رسائلٌ على الموقع الأزرق ومكالمات هاتفية يحميها ظلام الليل.
7 أيام حتى كسبنا ثقة رود، ووافقت على لقائنا في حديث استمر ساعات حاولت أن تحكي خلاله مكنونات عقلها وقلبها.
بررت رود سبب تناقضها في الحياة عند الحديث عن أي مفردة من مفردات الجنس ورفضها الجلوس حتى لو كنَّ مجموعة فتيات، وبين رغباتها المطلقة بالحديث مع الشاب الذي تعرفت عليه على الفيسبوك، تقول " المجتمع يحب هذه الفتاة الخجولة حتى لو كان الخجل ادعاء، وأنا أحب الجنس لأنه رغبة وحق لي، حق بالشعور بالأمان للحظات، لرعشة حب أحصل عليها باتصال مع من أحب أفضل من رعشة يوثقها فراش، لأنه ورثنا عن آبائنا أن الفراش دون عقد باطل، هي فقط وراثة".
المجتمع يحب هذه الفتاة الخجولة حتى لو كان الخجل ادعاء، وأنا أحب الجنس لأنه رغبة وحق لي، حق بالشعور بالأمان للحظات، لرعشة حب أحصل عليها باتصال مع من أحب.
لن ينسى لي يوماً أن عادتي السرية مارستها على أنين صوته، كل واحد منهم يحتاج فتاةً يطبق عليها المثل الشامي "ما باس تمها غير أمها" مهما ادعى الانفتاح.وتتابع "رَود": في هذه الممارسة أو العادة السرية مع الشريك لا نخدش الشرف المتمثل بغشاء البكارة، فأبقى تلك التي لم تتلطخ بجنسٍ علني، وتعقب "مع احترامي لكل من تجرأ وتجرأت ومارسوا الجنس علناً". تفرك علا (اسم مستعار) يديها وتتكلم بصوت مرتفع وغاضب: لو أمكن للمجتمع المتعصب أن يحرمنا من "العادة السرية"، ولو يمكن للأهل أن يضعوا رقيبًا على سرير كل فتاة وشاب، هي حق مشروع بفعل البيولوجية الإنسانية، تقول علا: بكل صراحة أنا لا أنتظر خميس ولا جمعة، كلما أتت رغبتي الجنسية أكلم الشاب الذي تعرفت عليه على الواتس آب، والحقيقة أن خطأ برقم جوال واحد، جعل القدر يخطفه لي ونصبح صديقين. علا وصديقها لا يجمعهما حب ولا أية مشاعر، كلاهما قناة الآخر لتفريغ الطاقات الجنسية، تعلق علا " استلطاف فقط". وعن إمكانية حصول ارتباط رسمي ترد علا: "مستحيل" مبررةً أنه لن ينسى لي يوماً أن عادتي السرية مارستها على أنين صوته، كل واحد منهم يحتاج فتاةً يطبق عليها المثل الشامي "ما باس تمها غير أمها" مهما ادعى الانفتاح.
أبقى تلك التي لم تتلطخ بجنسٍ علنيفي لحظات بلوغ الرغبة الجنسية أوجها يغيب العقل بفعل الغريزة، غريزة وضعتها الطبيعة في مخلوقاتها، وقوننتها العادات والتقاليد، والمجتمعات، لذلك لحظات الرعشة الجنسية لا تهاب ابتزازاً، ويصبح الحديث عن حالات ابتزاز تتعرض لها الفتيات هباءً منثوراً، فكم فتاة تعرضت لابتزاز بصورة فيسبوكية؟ وكم واحدة نجت لأن ذاك الشاب يفكر خارج الصندوق؟
رأي شريك ومارد جنسي
لا تكتمل أي صورة إن كانت زاوية التصوير خاطئة، لذلك يستوجب الحديث عن كل الجوانب في قضية ممارسة الجنس فيسبوكياً أو هاتفياً الوقوف على رأي الطرف الآخر للذة الجنسية. via GIPHY يبتسم محمد (اسم مستعار، صحفي في إذاعة خاصة سورية، معقباً على سؤال حول ممارسة الجنس عن طريق الهاتف أو الفيسبوك:"على قد بساطك مد رجليك"، في إشارة منه إلى أن ممارسة الجنس الكامل وخصوصاً للشباب غير المرتبطين بعلاقة عاطفية، يحتاج دفع أموال، والليالي الحمراء ارتفع سعرها في الحرب كما كل شيء، وصلت دقائق الحصول على الرعشة الجنسية في بعض المناطق لـ100 دولار على حد تعبير محمد. بدون تردد، يقول نعم أمارس هذا النوع من العلاقات الجنسية حالياً مع فتاة أحبها، لكن قبل عام مارسته مع فتاة اتفقنا فقط أن نكون مجرد وسيلة لتفريغ طاقاتنا. صورة، صوت، كلام ناعم، هي الوسيلة الوحيدة لشباب فقير مادياً لا يستطيع الزواج، ولا يستطيع السفر، ولا يستطيع أن يخلو بجميلة من جميلات دمشق في ليلة حمراء بآلاف الليرات، لذلك الجنس عبر الفيسبوك أو الهاتف المحمول وسيلة تفريغ جيدة، وعن موضوع الابتزاز يرى الصحفي " محمد" أن ظاهرة الابتزاز عن طريق تسجيل المكالمات أو الفيسبوك باتت نادرة اليوم، وإن وجدت فهي أخف وطأة من جنس علني ما زال يهدد الفتاة بالقتل. يثني "محمود " ،وهو دخل منذ أيام عامه 36، على كلام الصحفي " محمد"، بكل تفاصيله، ويضيف أن المارد الجنسي بداخل كل شخص بالمجتمع، لكن الشائع حالياً هو تعري الطرفين أمام الكاميرا، فهو بمثابة فيلم جنسي، لكنه خاص يلبي رغبة الطرفين، وبلحظة خروج المارد الجنسي ينسى الطرفان فكرة الابتزاز، ويمتنع الشباب بالعموم عن الجنس العلني وخصوصاً مع من يحبون لأن الارتباط العلني يجبرهم على الارتباط الرسمي والزواج مهما طالت المدة، والشباب السوري اليوم غير قادر على الزواج السليم. أما فكرة أن تهرب الفتيات بالعيب والحرام والتمثيل حتى بموضوع تداول الكلمات الجنسية فهي قيود فرضها المجتمع وجبر الفتاة على التصنع، وما زال المجتمع اليوم أو على الأقل فرد بكل أسرة سورية يقول "حلال عليه" للشاب تحفيزاً له على ممارسة الجنس، " وعيب عليها" إن تلفظت بكلمة جنسية .هوية جنسية وفقدان الرغبة
بعيداً عن الحلال والحرام والعيب والتفاصيل الأخرى التي يتحدث عنها المجتمع، للمهتمين بالقضايا المجتمعية والأطباء رأيهم وأبحاثهم، تواصل رصيف22 مع الطبيب عمار فاضل والمتهم بالقضايا المجتمعية للوقوف على وجهة نظره، وقد أشار إلى أن موضوع العادة السرية أو الجنس عبر الهاتف وادعاء الخجل في الواقع لا يقتصر على الأنثى بل يشمل الرجال، ولا يقتصر على العازبين بل يشمل المتزوجين. ومن أهم أسباب اللجوء لهذا النوع من الجنس الذي رغم أنه يحمل في طياته أحياناً فرصة للابتزاز، أن كلا الطرفين يستطيع التعبير عن هويته الجنسية بحرية، وبالتالي تفريغ للكبت الجنسي الذي يعاني منه معظم أبناء المجتمع في مختلف المراحل العمرية، مع إعطاء خصوصية للأنثى، لأن المجتمع يرى أن جسد الأنثى هو جسد ممتد لجذور العائلة.كلما أتت رغبتي الجنسية أكلم الشاب الذي تعرفت عليه على الواتس آبويضيف أن كلا الجنسين يميل إلى الممارسة الافتراضية للجنس، وخصوصاً الأنثى هو بسبب صراع بين المنظومة الأخلاقية للفرد والمنظومة الاجتماعية التي ما زالت تشكل توتراً للفرد، رغم ازدياد الإقبال عليها من قبل عدد لا يستهان به من الشباب والفتيات بشكل مباشر أو غير مباشر، بفعل انتشار وسائل التواصل والتعرف على ثقافات أخرى تتعامل مع الجنس، وتنظر له من منظور مختلف. كثيرة هي الأقاويل المنتشرة بين قليلي الثقافة الجنسية أو المفاهيم المتوارثة حول موضوع العادة السرية سواء جنس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر الهاتف أو عادة سرية طبيعية، لكن حسب الدكتور عمار فاضل، إن العادة السرية أو الاستمناء سواء بالتخيل أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا يوجد أي مخاطر عضوية مباشرة لها ما دامت الممارسة تتم بطرق غير مؤذية للجسد. وتنحصر المخاطر الممكنة فقط على المستوى السلوكي الذي قد يجعل من الشخص في بعض الحالات يتطرف في هذه الأمور إلى الحد الذي قد يفقده المتعة في الممارسة الجنسية المباشرة. كيف لمجتمع أن يسمح بالجنس، وما زالت الرصاصة في بعض محافظاته ومدنه تخترق رأس من تغيبت عن المدرسة ساعتين لتسير في الشارع على مع من تحب؟ وهذا ما حصل في السويداء قبل أيام، ويمكن أن يحصل في كل محافظة ومدينة سورية على الرغم من ندرة هذه الحالات اليوم، لكنها تحصل.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...