في بلاد طحنتها الحرب وعلى شفا مجاعة كبرى، مازال ممنوع على اليمنيين الانصراف عن مشاهد الجوع والمرض والدماء إلى شيء آخر يذكرهم ربما بإنسانيتهم وأهمية وجودهم على قيد الحياة.
هذا ما فعله مقص الرقابة الدينية لجماعة الحوثيين بمهرجان فني كان مقرراً إقامته للمرة الأولى في صنعاء، يوم الخميس.
إدارة مهرجان "كرامة اليمن لأفلام حقوق الإنسان" أعلنت، عبر موقعها الرسمي، أنها تلقّت تعليمات من الجهات الأمنية بإيقاف جميع الفعاليات، رغم حرص مؤسسة "اليمن تنتصر"، وهي الجهة المنظمة للحدث، على تذليل كافة العقبات مسبقاً والاستجابة لما طلبته السلطات حتى يمكنها تنفيذ الفعاليّة الفنيّة.
لماذا غضب الحوثيون من "شذى وصابر"؟
منذ بضعة سنوات تسيطر على العاصمة حركة "أنصار الله"، المعروفة باسم "الحوثيين" نسبة إلى مؤسسها الإمام بدر الدين الحوثي، التي أحكمت قبضتها على صنعاء بتحالفها مع الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح قبل اغتياله في 4 ديسمبر الماضي.
وقالت لجنة مهرجان "كرامة اليمن" إن الجهات الأمنية اعترضت في بداية الأمر على بوستر فيلم "صوت قزح"، ما دفعها إلى تغيير البوستر وأعماله الدعائية، إلا أن هذه الجهات عادت وقررت إلغاء الحدث برمته.
ويُظهر بوستر "صوت قزح" زوجين حقيقيين يستلقيان على ظهرهما. صابر يمسك بنوتة موسيقية وبجواره آلة الفيولا الموسيقية، وشذى تمسك بفرشاة رسم وألوان. وتتحدث قصة الفيلم الوثائقي عن حياة زوجين يمنيين، وعن اهتماماتهما وآرائهما ومواهبهما.
الحوثيون يلغون مهرجاناً فنياً بسبب "بوستر"... "المشكلة ليست في البوستر ولا في صورة، المشكلة في العقول في الجهل والكبت والقمع وعدم احترام قناعات الآخرين..."
مؤسسة "اليمن تنتصر"، المسؤولة عن تنظيم المهرجان، كشفت أنها سبق وسلمت الجهات المعنية النسخ الخاصة بالأفلام المُزمع عرضها، لمعرفة مدى موافقتها على عرضها.
/951681918363187/?type=3&theaterفي حين قالت تقارير صحافية محلية إن هذه الجهات رأت البوستر "غير ملائم للبيئة اليمنية الدينية وموجه لهدم أخلاقيات شباب الأمة"، رغم التزام المنظمة بشروط الحوثيين خلال فترة التنسيق لتنظيم المهرجان.
ويحمل المهرجان شعار "Bring It To Light"، وكان مُخططاً أن تسلط فعالياته الضوء على قضايا المرأة والطفل وحقوق الإنسان في وقت الحروب، إضافة إلى معاناة النازحين، الديمقراطية، السلام والتعايش.
"إلغاء مؤسف لعمل جميل"
على مدار عام مضى، سعت لجنة المهرجان للتحضير بشكل وافٍ له، جامعة نحو 45 فيلماً روائياً ووثائقياً كان من المفترض عرضها.
وتتنوع هذه الأعمال بين محلية ودولية، حيث عملت اللجنة على استقبال الأفلام المُنتجة في اليمن منذ عام 2014، فضلاً عن تعاونها مع مؤسسات دولية وعربية، منها "معمل 612 للأفكار"، "مهرجان كرامة الأردن"، "الشبكة العربية لأفلام حقوق الإنسان- أنهار" والإذاعة الهولندية.
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، سرت حالة من الجدل والاستياء بين صفوف الداعمين لفكرة إقامة المهرجان، الذي وصفوا إلغاءه بـ"شيء مؤسف لعمل جميل".
وقال بعضهم إن "المشكلة ليست في البوستر ولا في صورة، المشكلة في العقول في الجهل والكبت والقمع وعدم احترام قناعات الآخرين...".
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2167892776814442&set=a.1449502195320174&type=3&theaterفي المقابل، هاجم البعض المهرجان، مُعتبرين أن إلغاءه ليس كافياً، وطالبوا بمراقبة ما وصفوها بـ"منظمات مشبوهة مدعومة وممولة من دول العدوان"، حسب تعبيرهم.
وتشهد اليمن أزمات إنسانية شديدة مصحوبة بمعاناة ملايين الأشخاص من الجوع والمرض، على وقع القتال الدموي المُستمر منذ 3 سنوات بين التحالف العربي الذي يقوده ثنائي السعودية والإمارات في مواجهة الحوثيين المسيطرين على العاصمة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت