ارتكب الحوثيون العديد من عمليات الخطف واحتجاز الرهائن كما ارتكبوا العديد من الانتهاكات الخطيرة بحق الأشخاص الذين يحتجزونهم.
هذا ما أكّده تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" وثّقت فيه 16 حالة احتجز فيها الحوثيون أشخاصاً بطريقة غير قانونية، "غالباً لإجبار أقاربهم على دفع المال أو لمبادلتهم مع محتجزين لدى قوات معادية".
وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة سارة ليا وتسن إنه "بدل أن يعاملوا المحتجزين لديهم بإنسانية، يستخدم بعض المسؤولين الحوثيين سلطتهم للتربّح المالي من الاحتجاز والتعذيب والقتل".
وصف التعذيب
أجرت "هيومن رايتس ووتش" مقابلات مع 14 محتجزاً سابقين وأقارب محتجزَين أو مخفيَّين. وصف محتجزون سابقون كيف ضربهم المسؤولون الحوثيون بقضبان حديد وخشب وبالبنادق، وقالوا إن الحراس جلدوا المساجين وكبّلوهم بالجدران وضربوهم بالخيزران على أقدامهم كما هددوا باغتصابهم أو اغتصاب أفراد من أُسرهم، وقلعوا أظافرهم في بعض الحالات. واعتبر بعض الشهود أن تعليقهم على الجدران وأيديهم مكبّلة خلف ظهورهم كان من أكثر تقنيات التعذيب إيلاماً. وقال محتجزون سابقون إن الحراس منعوا العناية الطبية أو العلاج عنهم بعد الضرب، وأشاروا إلى معاناتهم بعد الإفراج عنهم من مضاعفات نفسية وصحية بسبب سوء المعاملة.الابتزاز
ونقل التقرير عن محتجزين سابقين وناشطين حقوقيين يمنيين أن المسؤولين الحوثيين يقومون بابتزاز المحتجزين وأقاربهم وأفراد أُسرهم بانتظام. وفي بعض الحالات، أفرج الحوثيون عن المحتجزين، لكن في أغلب الحالات لم يفرجوا عنهم. وروت زوجة رجل احتجزه رجال مجهولون أواخر 2015، ثم تبيّن أنه محتجز لدى "جهاز الأمن السياسي" التابع للحوثيين في صنعاء أنها تابعت مع وسطاء حوثيين قضية زوجها وكانت تدفع لهم المال، "وكانوا يعدونني بحلول لكن بلا نتيجة". وروت شقيقة رجل اختفى في محافظة حجة عام 2016 أن ستة أشهر مرّت قبل أن يقول لها صديق إن شقيقها محتجز، فاتصلت بأحد المسؤولين الحوثيين ودفعت له الأسرة 100 ألف ريال فأٌطلق سراح شقيقها بعد شهر. وأرسلت "رابطة أمهات المختطفين"، وهي مجموعة نساء يمنيات يدافعن عن أقاربهم المدنيين المحتجزين أو المخفيين، إلى "هيومن رايتس ووتش" روايات من عشر حالات طالب فيها مسؤولون حوثيون بالمال كشرط للإفراج عن المحتجزين. دفعت تسع عائلات، ولكن الحوثيين أطلقوا سراح ثلاثة محتجزين فقط من الرجال، منهم واحد في تبادل سجناء.قصة تفصيلية
عرض التقرير ستّ قصص تفصيلية لمحتجزين سابقين تعرّضوا للتعذيب على يد الحوثيين منهم قصة القاضي عبدو الزبيدي. في أوائل 2016، حاصر رجال ملثمون يرتدون ملابس مدنية القاضي في المحكمة العسكرية عبدو الزبيدي، في أواخر الخمسينات من عمره، عند مغادرته مكتبه مع ابنه (17 عاماً) الذي جاء ليقلّه. اقتادهما الملثمون إلى "جهاز الأمن السياسي"، وفُصل الزبيدي عن ابنه. قال له أحد الحراس لاحقاً إن ابنه "خرج"، لكنه علم لاحقاً أن مسؤولي الأمن السياسي احتجزوه وعذّبوه. أمر المحققون الزبيدي بالاعتراف بأنه قائد المقاومة ضد الحوثيين في صنعاء وأنه يخطط لانقلاب، فرفض. روى أنه كان معصوب العينين ومكبّل اليدين، وأنهم سحلوه على الدرج ووضعوه في غرفة صغيرة ومظلمة، وقال له أحد الحراس إنه يستطيع الذهاب إلى الحمام مرة واحدة في اليوم وأعطاه قنينة فارغة لاستخدامها بالانتظار. يعلّق الزبيدي: "كنت مصدوماً، فأنا قاضٍ... أنا أنفّذ القانون... وأرسل المذنبين إلى السجن... هذا ليس حتى سجناً، إنه قبر". جرى استجواب الزبيدي مجدداً في اليوم الثاني. قال للمحققين إن ليس لديه ما يعترف به وإن لم يصدقوه يمكنهم التأكد من هاتفه وممتلكاته. ويعلّق: "أعتقد أن جوابي لم يعجبهم، كنت مكبلاً... جلدوني بسلك سميك على قدميّ ويديّ وظهري... رموني أرضاً ثم رموني على طاولة ثم جاؤوا بوسادة كبيرة ووضعوها بين الأصفاد وصاروا يسحبونها. ثم ضربوني بسلك على أصابعي. جلدوني نحو خمسين مرة حتى لم أعد أحس بيديّ. لا أزال أعاني من ذلك حتى اليوم. كل هذا كان يمكن تحمّله، لكن بعد ذلك كبلوا يديّ خلف ظهري وعلّقوا الأصفاد على إحدى النوافذ على ما أعتقد (مكان عالٍ) وصاروا يشدّون يديّ بعيداً عن ظهري وإلى الأعلى. كان هذا أسوأ ما عشته في حياتي"."كبلوا يديّ خلف ظهري وعلّقوا الأصفاد على إحدى النوافذ على ما أعتقد (مكان عالٍ) وصاروا يشدّون يديّ بعيداً عن ظهري وإلى الأعلى. كان هذا أسوأ ما عشته في حياتي"... توثيق التعذيب في معتقلات الحوثيين
"بدل أن يعاملوا المحتجزين لديهم بإنسانية، يستخدم بعض المسؤولين الحوثيين سلطتهم للتربّح المالي من الاحتجاز والتعذيب والقتل"... عن ابتزاز الحوثيين لأقارب المعتقلين وإجبارهم على دفع المالاعتقد الزبيدي أنّ يديه وذراعيه وكتفيه ستُقطع، فقال لهم إنه مستعد لكتابة ما يريدونه والتوقيع عليه. بدأ بتأليف القصص عن كيف يعمل مع الرئيس اليمني وكبار المسؤولين وكيف كان يقول للتحالف بقيادة السعودية الداعم للحكومة أين يضرب. حققوا معه على مدى أسبوع لكنهم لم يعذّبوه بعد "اعترافاته". في وقت من الأوقات، أعطاهم الزبيدي اسم شخص كان قد قرأ عنه وكان يعتقد أنه موجود في السعودية. بعد عشرة أيام، اقتاد الحراس الزبيدي إلى غرفة التحقيق وكان هذا الرجل حاضراً معصوب العينين. أمر الحراس الزبيدي بالتكلم عن دور الرجل في الجهود المعادية الحوثيين. عندما رفض هددوه بالقتل. وبعد بضعة أيام، أنكر الزبيدي "اعترافاته" مجدداً. علقوه على نافذة حديدية لبضع ساعات ويداه مبكلتان أمامه. بعد بضعة أسابيع، أمرت المحكمة الجزائية المتخصصة بإطلاق سراح الزبيدي لعدم وجود دليل ضده، لكن مسؤولي المخابرات أبقوا عليه محتجزاً وبعد أسبوع تقريباً أخذوه إلى النيابة العامة وعرضوا فيديو يظهر فيه وهو يعترف، فقال إن هذا الاعتراف كانت نتيجة التعذيب. أمرت المحكمة مجدداً بالإفراج عنه، ورفض مسؤولو المخابرات مجدداً تنفيذ الأمر. وفي يونيو 2017، أُخرج الزبيدي من زنزانته للقاء اللواء عبد القادر الشامي، الذي كان في حينها وكيل جهاز الأمن السياسي وأصبح اليوم رئيس الجهاز. وكان أقارب الزبيدي قد قطعوا الطرقات احتجاجاً على احتجازه ومنعوا شاحنات تجارية من الذهاب إلى صنعاء. أرادهم المسؤولون أن يتوقفوا. بعد أيام قليلة، أوصى المدعي العام مجدداً بالإفراج عنه وصادق أحد القضاة على الأمر. أُفرج عن الزبيدي بعد 450 يوماً من الاحتجاز. "ذهبت إلى المنزل تناولت الطعام ثم فررت من المدينة مباشرة"، يروي. حدّد محتجزون سابقون وأقاربهم ومحاموهم عدداً من مراكز الاحتجاز غير الرسمية التي يُمارَس فيها التعذيب، منها مقر جهاز الأمن القومي ومقر جهاز الأمن السياسي وجامع زين العابدين في صنعاء، ومقر جهاز الأمن السياسي ونادي الضباط والقلعة في الحديدة.
جرائم حرب
تؤكد "هيومن رايتس ووتش" أنه "بموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن احتجاز الرهائن، احتجاز الأشخاص وتهديدهم بالقتل أو الأذية، أو الاستمرار باحتجازهم لإجبار طرف آخر على القيام بأمر ما أو الامتناع عن أمر ما كشرط لإطلاق سراح المحتجز وسلامته، هو جريمة حرب". وتوصّل فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين بشأن اليمن عام 2018 إلى أن الحوثيين "قاموا بأعمال ترقى إلى مصاف جرائم حرب بما في ذلك، المعاملة القاسية والتعذيب والاعتداء على الكرامة الإنسانية". ووثق الخبراء قيام جهازي الأمن القومي والأمن السياسي التابعين للحوثيين باحتجاز طلاب مدافعين عن حقوق الإنسان، ومَن يُنظر إليهم على أنهم معارضين سياسيين، وبهائيين. وطالبت "هيومن رايتس ووتش" السلطات الحوثية بالإفراج فوراً عن المحتجزين تعسفاً وبالتوقف عن ممارسة الإخفاءات القسرية وبالتحقيق جدياً مع المسؤولين عن التعذيب واحتجاز الرهائن ومعاقبتهم. كما طالبت مجلس الأمن في الأمم المتحدة بفرض عقوبات تستهدف كبار المسؤولين عن الانتهاكات المرتبطة بالاحتجاز، بما في ذلك الذين أصدروا الأوامر، بحال لم يستجب الحوثيون للمطلوب منهم.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين