يعتقد كثير من الإيرانيين أن كلّ بيت في إيران لابدّ أن يحتوي على مصحف وديوان حافظ الشيرازي. القرآن كرمز دينيّ، وديوان حافظ كإشارة ثقافية، وأيضا باعثة للأمل. ولا تختلف المناسبة إن كانت عيد الربيع وبداية السنة الإيرانية (نوروز) في إيران، أو ليلة بداية الشتاء (يَلدا) والتي يحتفل بها كثير من الإيرانيين، أو مجرد شعور بالبهجة أو حتى القلق ليعرّج الإيرانيون نحو شاعرهم الحبيب، يمسكون ديوانه، يغمضون عيونهم ويفتحون صفحة منه لِتأتيهم القصيدة الملائمة لِما فكّروا به أو تمنّوه، مؤمنين أن الشاعر الذي يعتقدونه "لسان الغيب" سيوحي لهم بشيء يتعلق بما يفكّرون به، يتعاطف معهم، وقد يخبرهم بشيء ما جديد، فتثلج صدورهم وتطمئن.
التفأل" (كما يقال له في إيران) بأن يركّز الشخص على فكرة أو أمنية أو "نيّة" (كما يقال أيضا) محددة، ثم غيرَ ناظرٍ إلى الديوان وهو بين يديه، يفتح صفحة منه، ويقرأ القصيدة التي تأتي في الصفحة اليمنى من الديوان، ثم يكون البيت الأول من القصيدة التالية أو الثالثة بعد القصيدة الأصلية هو المؤكد أو ما يسمى بالـ"شاهد" بين الإيرانيين. وقد يكون هذا الشخص هو الأكبر عمرا في المجموعة، أو من هو معروف عنه قراءته الجيدة لشعر حافظ.
وتأتي طريقة "يمسكون ديوانه، يغمضون عيونهم ويفتحون صفحة منه لِتأتيهم القصيدة الملائمة لِما فكّروا به أو تمنّوه، مؤمنين أن الشاعر الذي يعتقدونه "لسان الغيب" سيوحي لهم بشيء يتعلق بما يفكّرون به، يتعاطف معهم، وقد يخبرهم بشيء ما جديد، فتثلج صدورهم وتطمئن.
تأتي طريقة "التفأل" (كما يقال له في إيران) بأن يركّز الشخص على فكرة أو أمنية أو "نيّة" محددة، ثم غيرَ ناظرٍ إلى الديوان وهو بين يديه، يفتح صفحة منه، ويقرأ القصيدة التي تأتي في الصفحة اليمنى من الديوان.وهناك من يعتقد أنه من الضروري أن يتوضأ قبل القيام بالتفأل، وأن يقرأ سورة الحمد لروح حافظ الشيرازي وهو ماسك الديوان بيده اليسرى، ليفتَحه باليد اليمنى؛ وثمة من يتمتم بما يشبه التراتيل قبل القراءة وبعبارات في سياق: "يا حافظ الشيرازي، أنت كاشف كلّ سرّ، أطلب منك فألا، فاكشف لي سرّا من الأسرار". لكن الأمر اليوم أسهل بكثير من هذا لدى الكثير من الإيرانيين، فهو مختصر بالتركيز على النية، ثم فتح الديوان، وقراءة القصيدة. ففي النهاية ليس ثمة طريقة مدونة للتفأل بشاعرِ شيراز، ومن الممكن أن يفعل كلّ أحد وفق ما يعتقد ويحسّ، أضف إلى ذلك أن الأمر اليوم أخذ طابع التسلية إلى حدّ كبير.
هو ما يشبه اللعبة، فكلّ من يفتح ديوان حافظ الشيرازي، يجد في القصيدة أمامه بيتا شعريا أو جملة أو تعبيرا يوافق أمنيتهوبالنسبة لتفسير "الفأل" (أو الفال، في الفارسية) وما يمكن استنباطه لصاحب النية فيعود الأمر إلى الحالة النفسية والعاطفية له، وكيف يمكن أن تُفسّر الأبيات في كل مرة، ذلك أن شعر حافظ حامل أوجه وأبعاد عدّة، ويمكن أن تلائم قصيدةٌ ما فكرةً ما، وفي مرة أخرى تناسب فكرة مختلفة تماما، فلا يمكن التأكيد على حكم محدّد. فضلا عن ذلك تحتوي القصيدة لدى حافظ على أبيات متعددة المعاني، ومن خلال ذلك يمكن وقوع نية الشخص مهما كانت مختلفة عن الآخر على بيت مناسب لها، فكل بيت لقصيدة شاعر هو بيت مستقل عن سابقه وتاليه في معظم الأحيان. وهو ما يشبه اللعبة، فكلّ من يفتح ديوان حافظ الشيرازي، يجد في القصيدة أمامه بيتا شعريا أو جملة أو تعبيرا يوافق أمنيته، فيظنّ أن حافظا قد ردّ على سؤاله، غير أنه في كثير من الأحيان يجد الشخصُ المعنى الملائم لفكرته في أي قصيدة أخرى. وبما أن المحور الأكبر لقصائد حافظ هو الحبّ والمحبّة، فيتفأل به الإيرانيون عند المناسبات السعيدة كعيد نوروز، وحفلات الخطوبة والأعراس، وولادة الأبناء وأعياد الميلاد. هناك حكايات كثيرة نُقلت عن التفأل بديوان حافظ منذ العهد الصفوي في إيران (1501-1722م.)، إلا أن التفأل بديوان حافظ يبدو أنه قد بدأ بُعيد فترة من وفاته، وثمة وثائق تاريخية تشير إلى هذا الأمر والقيام به بعد مرور سبعين عاما على رحيل الشاعر. ويذكر المستشرق الإنكليزي إدوارد براون (1862 - 1929) في المجلد الثالث لكتابه "تاريخ الأدب الإيراني" أنه بعد وفاة حافظ، اجتمع عدد من الرجال لتكفيرِه من أجل الحلول دون دفن جثمانه في المقبرة. فآل الأمر في النهاية بهم إلى أن فتحوا ديوانه ليروا ماذا يقول. ويضيف براون في كتابه: "قام هؤلاء الرجال بعد ذلك بكتابة جميع قصائد حافظ على أوراق ووضعِها في سلّة. ثم طلبوا من طفل أن ينتقي واحدة منها. وكانت النتيجة أنهم استغربوا بجواب حافظ غير المتوقع. فكان أحد أبيات القصيدة: لا تحرمي جثمان حافظ من مجيئِك/ فرغم ذنوبه الكثيرة، ذاهب هو إلى الجنّة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...