تستعد تركيا لمعركة رئاسية غداً من المرتقب أن تنقل رجب طيب أردوغان من رئاسة الحكومة إلى رئاسة الجمهورية. وبينما ترجّح استطلاعات الرأي فوز مرشح حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، ارتفع صوت معارض ضد أردوغان ويطمح إلى الرئاسة، هو مرشّح المعارضة المشترك اكمال الدين إحسان أغلو.
أغلو شخصية معروفة في العالم الإسلامي بسبب قيادته منظّمة التعاون الإسلامي طوال عشر سنين، قبل انتهاء ولايته الثانية والأخيرة أميناً عاماً للمنظّمة منذ بضعة أشهر. وهو يستطيع أن ينافس أردوغان بين أوساط الإسلاميين، عدا تمتّعه بمزايا تجعله قادراً على جذب بعض العلمانيين، بسبب انفتاحه وتركيزه على الحريات المدنية.
علماً أن اختيار خمسة تشكيلات معارضة، من بينها حزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية التركية، لإحسان أغلو، كان غير متوقع، ولكنه جاء بناء على رغبة المعارضة في تقديم مرشح لا يعزل الناخبين الأتراك ذات الميول الإسلامية. وقد أحدث هذا الترشيح شرخاً داخل حزب الشعب الجمهوري، إذ رفض اليمينيون منه اختيار احسان أغلو بسبب جذوره الإسلامية، لكنهم في النهاية خسروا المعركة، وبقي ترشيح الحزب لأغلو كأوفر المرشّحين حظاً في مواجهة أردوغان.
يختلف إحسان أغلو اختلافاً كبيراً عن رئيس الوزراء الحالي، فبمقدار ما اشتهر الأخير بعاطفته وانفعاله العلني، يتمتع الأول بطابع هادئ وقدرة على التحاور. ولكن صوته الخافت يجب ألا يؤخذ على أنه صعف، لكونه يملك قوة شخصية وحضور تجعلاه مناسباً للمعركة الانتخابية الحالية. وهو أعلن أن هدفه هو الهدف نفسه الذي سعى إليه مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، والمتمثل في "بلوغ البلاد الحضارة المعاصرة"، بحلول الذكرى المئوية الأولى لقيام تركيا الحديثة عام 2023. يشدد أغلو على ضرورة إبقاء الدولة التركية وفيّة لمبادئ أتاتورك، في حين تعتبر بعض سياسات أردوغان منافية لها.
أما في ما يخص السياسة الداخلية للبلاد، فإحسان أغلو بنى حملته الانتخابية على ضرورة توحيد صفّ الأتراك بعد زيادة الفجوة بين الإسلاميين والعلمانيين ورؤى الطرفين حول إدارة البلاد ومستقبلها. كذلك يتطلع إلى دمج الحضارة الإسلامية والسياسات التقدمية. على سبيل المثال، كثيراً ما يستشهد في أحاديثه بآيات قرآنية، في حين أن زوجته "فوسون" لا ترتدي الحجاب. وقد رفض تعامل الحكومة التركية الحالية مع موجة التظاهرات التي هزّت البلاد خلال العام الماضي، معتبراً أنهم "وطنيون" يستحقون التعبير عن آرائهم.
على أن أغلو الذي يتقن العربية والانجليزية ويلمّ بلغات عدة منها الفارسية والفرنسية، يطمح إلى ترميم علاقات تركيا مع محيطها بعد التصادم الذي حدث بين تركيا وعدد من الدول العربية في السنوات الأخيرة. وعلى رأس تلك الدول مصر التي تربطه بها علاقة شخصية. فهو ولد في القاهرة عام 1943، ترعرع فيها، ثم عاد إلى تركيا ليحصل على الدكتوراه في العلوم من جامعة أنقرا عام 1974. لم يكتفِ بهذه الشهادة، فانتقل إلى المملكة المتحدة حيث حصل على لقب بروفيسور عام 1984 بعد إكمال الدراسات العليا في جامعة اكستر Exeter. يذكر أن والده درس في جامعة الأزهر، وحصل على شهادة العلوم وماجستير الكيماء من جامعة عين شمس في القاهرة.
ثقافة إحسان أغلو وصلاته العالمية تؤهلانه لتولّي منصب رئيس الجمهورية، وهو المنصب الأرفع والأكثر رمزية في تركيا. لكنّه لا يتمتع بالتنظيم القوي الذي قدّمه حزب "العدالة والتنمية" إلى أردوغان، استعداداً لانتخابات الغد. ففيما قضى أردوغان العقد الماضي في مركز السلطة داخل تركيا، كان إحسان أغلو خارج البلاد بعيداً عن الناخب التركي الذي يهمّه الشأن الداخلي أكثر من العلاقات الخارجية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين