شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!
عن السنين التائهة من حياة گوگوش في طهران بعد الثورة الإسلامية

عن السنين التائهة من حياة گوگوش في طهران بعد الثورة الإسلامية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 10 سبتمبر 201810:47 ص
"كنت أنا في نقطة من العالم وابني في نقطة أخرى، بينما كان أبي وأمي وإخوتي في طهران"؛ بهذه الكلمات تبرّر كوكوش أسباب عودتها إلى إيران بعد مرور بضعة أشهر على الثورة الإسلامية. لم تصبح كوكوش منذ بداية مشوارها الفنيّ مطربة ذات شعبية عالية وحسب، بل بمرور السنوات تحولت إلى أيقونة غنائية وثقافية في إيران وخارجها. المطربة الجميلة ذات الصوت الرائع والإحساس الرهيف في الأداء، كانت تطلّ من شاشات التلفاز ومن على منصات المسارح بدلعها المحبّب لتملأ قلوب السامعين لذة وسعادة. لذلك أحبّها الإيرانيون نساء ورجالاً، كما أن صيتها ذاع خارج البلاد، فغنّت منذ شبابها في كثير من البلدان، فصار يعرفها الآخرون، أجانبَ وعرباً.
يتذكّر التونسيون المخضرمون أنها غنت على شاطئ الحمامات في السبعينيات، كما هنالك حكاية معروفة ذكرها "هاشمي رفسنجاني"، رئيس الجمهورية الإيرانية آنذاك في مذكراته وتم تداولها كثيراً في إيران، هي أنه لمّا زار أوزبكستان عام 1993 كان الأوزبكيون يعرفونها ويحبّونها، فيذكر عن لسان زوجته أنه أقيم حفل نسائي على شرفها وكان فيه رقص وغناء، وكانت غالبية الأغاني لكوكوش.
حكم عليها بالسجن لمدة شهر عقاباً لنشاطاتها الفنية قبل الثورة. وبعد أن أفرج عنها، كانت الحرب قد بدأت، فمرّت أيام حياتها في صمت وعزلة في طهران، غير قادرة على السفر ومغادرة البلاد لأنها لم تكن تمتلك جواز سفر إيرانياً بعد.
أخذا القرار بالتمثيل في أحد أفلام المخرج مسعود الكيميائي عام 2000، ما أثار موجة اعتراض كبيرة من قبل الطائفة المتشددة في إيران، والتي كانت ما تزال تنظر إلى كوكوش مروّجة للفحشاء والابتذال.
عندما كانت الأعمال الفنية قبيل الثورة الإسلامية في إيران شبه متوقفة بسبب الأوضاع السائدة في البلاد وحظر التجوال، غادرت كوكوش إيران برفقة زوجها الثاني الذي كان رجل أعمال باتجاه فرنسا، ومن ثم إلى سويسرا لزيارة ابنها من زواجها الأول وكان يدرس هناك، وبعد فترة دُعيت إلى لوس أنجلوس لافتتاح ناد موسيقي، فمكثا شهرين ونصف الشهر هناك. في هذه الأثناء انتصرت الثورة في إيران، ما أدى إلى تغيير النظام الملكي إلى الجمهورية الإسلامية. مثل هذه الظروف جعلت كوكوش حيرى، وأصبح مصيرها غير واضح الملامح؛ فمن جهة لم تكن قد حملت معها ما يكفي من الأموال لتسديد مصاريف بقائها لفترة طويلة.
ومن جهة أخرى لم يكن بإمكانها العودة إلى إيران والقيام بالأعمال الفنية والغناء كما كان من قبل، لأن النظام الجديد في إيران كان قد حظر غناء النساء تماماً، ولم يكن التعامل جيداً مع مطربي ومطربات النظام السابق، عدا أن أقاربها، كما تذكر في حديثها عام 2000، كانوا يقولون لها إنها سوف تعدم في إيران في حال عودتها.
في الاستدعاء الأخير أُلزمت كوكوش بالتعهد بعدم القيام بأيّ نشاط فني، وبعبارة أخرى تم حظرها صوتاً وصورة وحضوراً.
كل هذه الأسباب أدت إلى مكوث كوكوش في لوس أنجلوس، ثم الانتقال إلى نيويورك برفقة زوجها أيضاً. إلا أنها أثناء إقامتها في نيويورك قررتْ فجأة أن تعود إلى إيران، فطارت نحوها. في المطار كان قد أوصى صديق لها وكان صاحب نفوذ في مطار طهران، أن يتم نقلها مباشرة من المطار إلى منزل أمها دون أن يمسّها أي أذى. وكان بيتها الشخصي قد احتجز من قبل النظام ليتحول فيما بعد إلى سكن طلابي. وتشرح كوكوش تفاصيل عودتها إلى إيران بُعيد الثورة الإسلامية، أي في مايو 1979 أنه عند وصولها إلى مطار طهران الدولي: "نظر أحدُ رجال الحرس في المطار إلى جواز سفري، فقال: أه، هذه إعدامية (من المحكومين عليهم بالإعدام). قلتُ مع نفسي: انتهى كل شيء. وقرأتُ الشهادتين. ولكن، بعد خمسُ دقائق أوتي بجوازي، وخُتم عليه بالدخول. وضعوا شنَطي فوق التاكسي، وقالوا: البسي شيئاً فقط، فالناسُ في الشارع ما زالت تعتريهم الأحاسيس الثورية، وقد يعرفونك ويؤذونك. كنتُ مستغربة حقّا، ولم أصدق أنني حية، وهكذا يتمّ استقبالي. ذهبتُ إلى بيتِ أمّي، لأن بيتي كان ضمن البيوت المفقودة الأصحاب، ومن المقرّر أن يتحول إلى سكن طلابيّ، فكان في حوزة الكُميتيه (الحرس الثوري). وفي يوم غد أعادوا إليّ بيتي."
بعد مرور فترة على ذلك تم استدعاء كوكوش وفنانين آخرين لأكثر من مرة من قبل "قوات الحرس والحفاظ على الشؤون الإسلامية"، لا سيما أن منشوراً كان قد نشر موجهاً إليهم في صحيفتي "كيهان" و"اطلاعات" الإيرانيتين من قبل حاكم الشرع ورئيس محكمة الثورة طالباً مثولهم أمام المحكمة، ومن ضمن الأسماء المذكورة في الاستدعاء المطربة الشهيرة هايده، والمطرب ذو الشعبية "فريدون فرّخ زاد" شقيق الشاعرة فروغ فرُّخ زاد. في الاستدعاء الأخير أُلزمت كوكوش بالتعهد بعدم القيام بأيّ نشاط فني، وبعبارة أخرى تم حظرها صوتاً وصورة وحضوراً. بعد فترة حكم عليها بالسجن لمدة شهر عقاباً لنشاطاتها الفنية قبل الثورة. وبعد أن أفرج عنها، كانت الحرب قد بدأت، فمرّت أيام حياتها في صمت وعزلة في طهران، غير قادرة على السفر ومغادرة البلاد لأنها لم تكن تمتلك جواز سفر إيرانياً بعد. وفي نهايات التسعينيات، تمكنت كوكوش، بعد تسديد ما كان مطلوباً منها من الضرائب، من الحصول على جواز السفر، وكانت قد انفصلت من زوجها الثاني عام 1989 بعد اثني عشر عاماً من الحياة المشتركة، فتزوجت عام 1991 من المخرج الإيراني الشهير "مسعود كيميائي"، ليؤول الأمر بها إلى القرار بالتمثيل في أحد أفلامه عام 2000، ما أثار موجة اعتراض كبيرة من قبل الطائفة المتشددة في إيران، والتي كانت ما تزال تنظر إلى كوكوش مروّجة للفحشاء والابتذال. من أجل مشروع هذا الفيلم سافرت كوكوش وزوجها المخرج إلى كوبا، إلا أن المنتج أعلن بعد شهرين من وجودهما في كوبا أنه لم يتم السماح بصناعة هذا الفيلم، فتوقف المشروع، وعادا إلى إيران. ثم هاجرت كوكوش إلى كندا، وفي بداية دخولها، نشرتْ كوكوش ألبوماً موسيقياً بعنوان "زرتُشت"، وكانت موسيقى هذا الألبوم قد سجّلت في إيران، لكن صوت كوكوش لهذا الألبوم تمّ تسجيله في كندا. وخلال عام وبضعة أشهر، أجرت كوكوش حفلات كبيرة في أمريكا، وكندا، وأوروبا ودبي. فلم يعد بإمكانها العودة إلى إيران بعد ذلك. وما زالت هذه المطربة تغني في كثير من البلدان، ويحضر حفلاتها محبّوها من إيرانيين وغيرهم. كثير من هذه الحفلات التي تقيمها كوكوش ومطربون آخرون من المقيمين خارج إيران والممنوعين من العمل داخل البلاد، تقام في دول الجوار لإيران، ما أصبح هدف الكثير من الإيرانيين من السفر إلى تلك البلدان كالإمارات وتركيا هو حضور حفلات مطربيهم المحبّبين.
وآخر ما غنّت كوكوش، أغنية مشتركة مع مطرب من جيلها هو "سيافَش قُمَيشي"، تحت عنوان "اربعون عاماً"، تتحدث عن مرور أربعين عاماً على الثورة الإسلامية في إيران والأوضاع في البلاد. هذه الأغنية هي التي سببت في إعادة نشر حديث كوكوش عن عودتها إلى إيران وما جرى لها، وتبعتها ردود كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وتداول حديثها القديم الذي يعود إلى مؤتمر صحفي أقيم عام 2000 في كندا بمناسبة حفلتها الأولى بعد قطيعة دامت عشرين عاماً.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard