يمكن وصف الأزمة الأخيرة بين البرلمان الإيراني وبين رئيس البلاد حسن روحاني وحكومته بالحرب غير المسبوقة في الجمهورية الإسلامية.
وفي تطور جديد لافت، بدأ نواب إيرانيون في 29 أغسطس إجراءات لعزل وزير التعليم، بهدف الضغط على روحاني الذي يتعرّض لنقد غير مسبوق من النواب بسبب المشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد مؤخراً.
وتواجه حكومة روحاني أزمة كبيرة بسبب ما يقول إيرانيون إنه فشلها الشديد في إدارة الاقتصاد في البلاد. وأدى تردي الأوضاع الاقتصادية إلى بروز موجة غضب شعبي اجتاحت مختلف المدن، ووصلت المطالبات في بعض الوقفات إلى حد المطالبة بإسقاط المرشد والنظام بأكمله.
وبحسب وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء، قامت مجموعة من 20 نائباً بالتوقيع على طلب يتهم وزير التعليم محمد بطحائي بالإخفاق في إصلاح منظومة التعليم وتطوير المدارس في المدن الإيرانية.
ومن الناحية القانونية، يُعَدّ هذا العدد من الأصوات كافياً لإجبار بطحائي على المثول أمام البرلمان خلال عشرة أيام بهدف استجوابه، وبحال لم ينجح في إقناع النواب، يمكنهم التصويت على عزله.
يأتي ذلك في وقت وقّع فيه 70 نائباً على طلب بعزل وزير الصناعة والمناجم والتجارة بتهمة أنه أحد الأطراف التي تسببت في الأزمة التي تمر بها البلاد.
وقبل ثلاثة أيام، نجح النواب في إزاحة وزير الشؤون الاقتصادية والمالية مسعود كرباسيان عن منصبه، إثر تراجع حاد في قيمة الريال ووسط تدهور في الوضع الاقتصادي.
وحمّل النواب كرباسيان مسؤولية انهيار الريال الإيراني وزيادة البطالة. وصوّت 137 نائباً لصالح إقالته في حين صوت 121 لبقائه في منصبه.
وفي الثامن من أغسطس، عزل البرلمان وزير العمل علي ربيعي، بسبب ما قال النواب إنه إخفاقه الشديد في معالجة الأزمة الاقتصادية، ما أدى إلى زيادة البطالة.
وفي يوليو، أقال روحاني محافظ البنك المركزي ولي الله سيف ومسؤولاً آخر، بعد تعرّض البنك إلى انتقادات شديدة بسبب انهيار الريال.
امتعاض المحافظين والإصلاحيين
ولم يقتصر الامتعاض من أداء الحكومة الإيرانية على المحافظين. ففي 29 أغسطس، قال رئيس "كتلة الأمل" الإصلاحية في البرلمان الإيراني محمد رضا عارف إن الإصلاحيين غير راضين عن الأداء الحالي لحكومة روحاني.البرلمان الإيراني يواجه حكومة روحاني بعزل وزراء فيها.... مؤشر على ضعف الرئيس الإيراني في مواجهة الأزمات أم محاولة للإيحاء بأن هناك سياسات لمكافحة الفساد، بهدف تهدئة الرأي العام ، أي أن الأمر مجرّد "تمثيلية"؟
يمكن وصف الأزمة الأخيرة بين البرلمان الإيراني وبين رئيس البلاد حسن روحاني وحكومته بالحرب غير المسبوقة في الجمهورية الإسلامية...وأعرب عارف عن أسفه لكون وزراء الحكومة "عديمي الشعور بالمسؤولية"، مطالباً روحاني بإيجاد حل للوضع الذي اعتبره "واحداً من نقاط ضعف الحكومة". ويقول مراقبون إن البرلمان أصبح يتعامل بحزم شديد مع حكومة روحاني، ما يعبّر عن ضعف الرئيس الإيراني نفسه في مواجهة الأزمات التي تواجهها بلاده وفي مواجهة المعارضة الشديدة له ولسياساته من قبل بعض شخصيات الحرس الثوري الإيراني ورجال الدين المتشددين والسياسيين المحافظين. لكن هناك وجهة نظر أخرى تقول إن قيام النظام الإيراني في الآونة الأخيرة بإقالة مسؤولين كبار، من بينهم وزراء، إلى جانب موقف البرلمان المعارض لسياسات روحاني ما هو إلا محاولة للإيحاء بأن هناك سياسات لمكافحة الفساد، بهدف تهدئة الرأي العام في البلاد، أي أن الأمر مجرّد "تمثيلية". واختلفت الأمور تماماً في طهران منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو الماضي من الاتفاق النووي الذي كبح طموحات طهران النووية مقابل تخفيف العقوبات عنها. وفرضت واشنطن عقوبات على حيازة طهران للدولار وستعيد فرض عقوبات على صادرات النفط الإيراني والقطاع المصرفي في نوفمبر.
إجابات روحاني "غير مقنعة"
وفي 28 أغسطس، أعلن أعضاء البرلمان لأول مرة عدم اقتناعهم بردود روحاني على أسئلة وجههوها إليه وتتعلق باقتصاد البلاد المتردي. وكانت هذه المرة الأولى التي يستدعي المجلس روحاني منذ توليه السلطة قبل نحو خمسة أعوام. وطالب النواب روحاني بإجابات عن أسباب تزايد معدلات البطالة وارتفاع الأسعار وتراجع الريال الذي فقد أكثر من نصف قيمته منذ أبريل الماضي. لكن عملية تصويت جرت في نهاية الجلسة الساخنة أظهرت عدم رضا النواب عن أربع من إجابات الرئيس على أسئلتهم الخمسة. وكان لافتاً اعتراف روحاني في تلك الجلسة بأغلب المشكلات التي يشتكي منها المواطنون الإيرانيون. لكن رغم ذلك، لم يعترف بأن بلاده تواجه أزمة، إذ قال للنواب: "لا يجب القول إننا نواجه أزمة... إذا قلنا إن هناك أزمة، سيتحول الأمر إلى مشكلة بالنسبة إلى المجتمع ومن ثم إلى تهديد". وفي الجلسة، لم يقدم الرئيس الإيراني خطة لحل المشاكل التي تعاني منها بلاده، أو حتى مقترحات لمواجهة الأزمات الاقتصادية التي يصف مراقبون آثارها بالطاحنة. وكرر روحاني أكثر من مرة في نفس الجلسة أن حل المشاكل من وجهة نظره يكمن في الإظهار للناس أن المؤسسة الحاكمة متحدة. كما لمّح إلى متابعته للتهديدات بالقتل التي تُوجّه له في الاحتجاجات، وقال: "إذا تعرّضت للتهديد بالاغتيال، فلا مشكلة. لا أعتقد أن هذه مسألة كبيرة... نعرف جميعاً أن حلمنا هو الاستشهاد في سبيل الله". ومؤخراً، وجّه البعض تهديدات بالقتل لروحاني. على سبيل المثال هدد المنشد الإيراني منصور أرضي المقرب من المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، الرئيس الإيراني بأنه سيلقى حتفه في مسبح، مثل رفسنجاني، في إشارة إلى الرواية غير الرسمية التي ترى أن سبب موت الرئيس الإيراني الأسبق ورئيس مصلحة تشخيص النظام السابق هاشمي رفسنجاني اغتيل في مسبح "فرح" في طهران. وبموجب قواعد البرلمان، ستتم إحالة القضايا التي أعرب النواب عن عدم رضاهم عن إجابات روحاني عنها إلى القضاء لينظر فيها. وفي ديسمبر الماضي، شهدت إيران تظاهرات واسعة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد شملت أكثر من 80 مدينة وبلدة وأسفرت عن سقوط 25 قتيلاً. وتبقى الاحتجاجات متواصلة ولكن بشكل متقطع، وانضمت إليها فئات جديدة من الإيرانيين بينها سائقو الشاحنات والمزارعون والتجار في سوق طهران، وأسفر بعضها عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 3 أيامحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 6 أيامtester.whitebeard@gmail.com