أعلنت وكالة "أعماق" للأنباء، التابعةُ لتنظيم الدولة الإسلامية، "داعش"، اليوم 26 أغسطس، مسؤوليته عن هجومٍ مسلّح على نقطة تفتيشٍ للشرطة المصرية في محافظة شمال سيناء، أسقط 15 جندياً مصرياً بين قتيلٍ وجريح بحسب تصريح الوكالة. ويقول مراقبون إن إعلان داعش تبني الهجوم الأخير في سيناء يعني أن التنظيم لا زال قادراً على القيام بعملياتٍ حتى لو كانت محدودةً، في نفس المنطقة التي تتعاون فيها قواتُ الجيش والشرطة بحملةٍ كبيرةٍ للقضاء على "العناصر الإرهابية" في المحافظة المتاخمة لإسرائيل وقطاع غزة. وبحسب ما نشرته "أعماق" فإن مسلحي التنظيم استهدفوا حاجز الكيلو 17 غربَ العريش دون أن تورد أي دليلٍ أو تفاصيل عن عدد المشاركين في الهجوم.
تضارب في المعلومات
يتناقضُ ما أعلنه التنظيم اليوم مع ما سبق ونشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط، الحكومية، يوم 25 أغسطس أن قواتِ الشرطة أحبطت هجوماً على نقطة تفتيشٍ أمنية غربي مدينةِ العريش وقتلت أربعةَ مسلحين بينما فرّ آخرون. ونقلت الشرق الأوسط عن مصدرٍ أمني لم تسمِّه أن قواتِ الشرطة تصدَّت "لمجموعةٍ إرهابية" هاجمت نقطة التفتيش الأمنية وقتلت أربعةً منهم وفرَّ الباقون. ولم يتضمن تقرير الوكالة أيّة إشارةٍ إلى سقوط ضحايا من قوات الأمن خلال الهجوم، لكن صحيفة "المصري اليوم" اليومية الخاصة قالت في تغطيتها للهجوم إن أربعةً من رجال الشرطة قتلوا فيه. وعنونت الصحيفة المقربة من النظام المصري تغطيتها بـ"ضربةٌ جديدة للإرهاب: الشرطة تصدّ هجوماً كبيراً في سيناء"، ناقلةً عن مصادرَ أمنيةٍ لم تسمِّها أن "قوات إنفاذ القانون تمكنت من صد الهجوم الإرهابي، وقتلت ٤ من عناصرهم بعدما دارت معركةٌ مسلحة استخدم فيها الإرهابيون أسلحةً آلية وعبواتٍ ناسفةً، فيما عُثر على أحد القتلى مرتدياً حزاماً ناسفاً، واستشهد ٤ من جنود الشرطة من قوة الحاجز الأمني، خلال الهجوم، وأُصيب عددٌ آخر تم نقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج". وأضافت المصري اليوم أن قواتِ الأمن عثرت على ١٠ عبواتٍ ناسفة بجانب الكمين كانت ستُستخدم في الهجوم، و٤ أسلحةٍ آلية، و٣٠ خزينةً آلية، وآر بي جي، و٣ أحزمةٍ ناسفة، وكاميرا، وجهاز لاسلكي، وقنابل يدوية. كما نشرت وسائل إعلامٍ محليةٌ مقربة من النظام صوراً لجثتي رجلين على الأقل إحداهما على طريقٍ أسفلتي والأخرى على الرمال، وصوراً لأسلحة قالت إنها كانت بحوزة المهاجمين، بينها أربعُ بنادقَ كلاشنيكوف وقاذف صواريخ آر.بي.جي وخزناتُ طلقات وما بدا أنها أحزمةٌ ناسفة. ولأسباب أمنيةٍ وأخرى تتعلق بقيود تضعها الدولة المصري، تعاني سيناء من غيابٍ شبه تامٍّ لوسائل إعلامٍ مستقلة يمكنها أن تنقلَ ما يحدث على الأرض بعيداً عن الرواية الرسمية للدولة، أو لوكالة أعماق التابعة لتنظيم "داعش". وشنَّ متشددون إسلاميون هجماتٍ في شبه جزيرة سيناء. وقتلوا المئات من رجال الشرطة والجيش منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013 بعد احتجاجاتٍ حاشدةٍ على حكمه الذي استمر عاماً. وسبق وأعلن الجيش المصري رسمياً أنه سيخلصُّ سيناءَ من كل التنظيمات المتشددة، وبدأ في فبراير الماضي بدعمٍ من قوات الشرطة ما أُطلق عليه إعلامياً العملية الشاملة (سيناء 2018)، التي تهدفُ إلى القضاء على المتشددين الإسلاميين الذين شنّوا سلسلةً من الهجمات على قوات الأمن والمدنيين في السنوات التي تلت ثورة يناير 2011. وبدأت (سيناء 2018) مباشرةً بعدما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الجيش والشرطة "بسحق المتشددين" عقِب مقتل مئاتِ المصلِّين في هجومٍ شنَّه مسلحون على مسجد بسيناء في نوفمبر. ونجح الأمن المصري بالفعل في قتل مئاتِ المتشددين كما أُلقي القبض على الكثير منهم خلال العملية. لكن في المقابل قُتل عشرات من قوات الجيش والشرطة والمدنيين.أعلنت وكالة "أعماق" للأنباء، التابعةُ لـ"داعش"، مسؤوليته عن هجومٍ مسلّح أسقط 15 جندياً مصرياً، على نقطة تفتيشٍ للشرطة في محافظة شمال سيناء، التي ينفِّذ فيها الجيش المصري عمليةً للقضاء على التنظيم.
تعاني سيناء من غيابٍ شبه تام لوسائل إعلامٍ مستقلة يمكنها أن تنقلَ ما يحدث على الأرض بعيداً عن الرواية الرسمية للدولة، أو لوكالة أعماق التابعة لـ"داعش".
حين تحدث السيسي عن انتقال داعش إلى مصر
يُذكِّر الحادث الجديد بما سبق وحذَّر منه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن في أكتوبر من عام 2017 عن خشيته من انتقال أعضاءَ من "داعش" إلى مصر بعد الهزائم التي مُنّي بها التنظيم في كل من سوريا والعراق. واعتبر السيسي وقتها أن النجاحَ الذي تحقق في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، قد يترتب عليه انتقالُ بعض العناصر من التنظيم إلى ليبيا ومصر وسيناء وغرب إفريقيا. ويمثّل هجومُ "داعش" الجديد تحديّاً للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يصف التشدُّدَ الإسلامي بأنه تهديدٌ وجوديٌّ لمصر. وعلى عكس عادتها الدائمة، لم تنشر صفحة المتحدث العسكري المصري الرسميةُ على فيسبوك صوراً أو أخباراً تتعلق بالهجوم الأخير. وغالباً ما تنشر الصفحةُ صوراً وفيديوهات تقول إنها "لإرهابيين" قتلهم الأمن المصري. تقول مصر إن القضاءَ على الإرهاب أولويةٌ لاستعادةِ الأمن بعد سنواتِ الاضطراب التي أعقبت ثورة يناير عام 2011. لكنَّ منظماتٍ محليةً ودوليةً تقول إن حربَ النظام الحالي على "الإرهاب" شابَتها تجاوزاتٌ وانتهاكاتٌ عديدة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...