جيمس جيفري، الدبلوماسي الذي كلفته واشنطن بملف سوريا... كيف يفكّر هذا الرجل؟
الاثنين 20 أغسطس 201807:25 م
موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيال ما يجب أن تفعله بلاده في سوريا غير واضح ومتبدّل وقابل للأخذ والرد، ولكن لعلّ الثوابت الواضحة تتلخّص بأمرين: هو لا يُريد لبلاده أن تتكلّف أموالاً لإعادة إعمار سوريا، لا بل يريد أن تغطّي دول أخرى نفقات أية مشاركة للجنود الأمريكيين في الحرب أو في إرساء الاستقرار.
وعلى أعتاب ملفات كثيرة ستُطرح في سوريا في المرحلة المقبلة، على رأسها ملفا إعادة الإعمار وعودة اللاجئين، عدا ملفات "التسوية النهائية، وفي ظل أحاديث عن رغبة واشنطن بالعودة إلى النشاط في البلاد التي مزّقتها الحرب للحد من نفوذ روسيا وإيران فيها، عُيّن في الـ17 من أغسطس جيمس جيفري مستشاراً لوزير الخارجية الأمريكي للشؤون السورية.
يعتقد جيفري بأن ما شهدته سوريا طيلة الأعوام السبعة الماضية لا يُمكن لا يمكن حلّه إلا سياسياً، ما يضعه أمام خيارات عدة، فقضايا شكل نظام الحكم والدستور الجديد والمرحلة الانتقالية وبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، كلها ملفات سيجمع أوراقها في حقيبته في المرحلة الحساسة المقبلة.
أقطاب الصراع في الداخل والخارج
سيرفع جيفري في سوريا المُدمّرة والتي من المفترض أن تبدأ فيها عملية إعادة إعمار واسعة العبارة التي يُرددها ترامب "ادفعوا"، فالولايات المتحدة لا تُريد أن تنفق شيئاً وتنتظر من "المتورطين" في الأزمة ومن القلقين على أمنهم أن يدفعوا، فحتى الـ230 مليون دولار التي كانت قد خصصتها لإعادة الإعمار في سوريا، أعادت توجيهها إلى أماكن أخرى، بعدما حصلت من حلفاء على تعهدات بإنفاق 300 مليون في سوريا. يقول كبير الباحثين في الصندوق الوطني للديمقراطية في واشنطن رحمن الجبوري لرصيف22: "جيفري يؤمن بفكرة أن يدفع الجميع وأن تبقى أمريكا هي القوية. لا تختلف توجهاته عن توجهات ترامب بخصوص إيران وبخصوص الحصول على أموال من الدول الأخرى، لذا اختاره الأخير لهذه المهمة". ويضيف: "جيفري يؤمن بأن لا حل في سوريا غير الحل السياسي، لكن كيف سيكون هذا الحل؟ هل بدولة فدرالية أو بدولة مركزية أو بشيء آخر؟". لجيفري (72 عاماً) تجارب دبلوماسية سابقة، فقد كان سفير بلاده في ألبانيا بين عامي 2002 و2004، كما تولى منصب سفير بلاده في أنقرة بين عامي 2008 و2010، قبل أن يعمل سفيراً لواشنطن في العراق بين عامي 2010 و2012. وبحسب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ستنصبّ مهمة جيفري على "تنسيق الجهود السياسية لجميع جوانب الصراع في سورية وجهود دعمنا للحلّ السياسي". كذلك، عمل جيفري مساعداً للرئيس الأمريكي ونائباً لمستشار الأمن القومي في إدارة جورج دبليو بوش. وبحسب تعريف معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذي يعمل فيه جيفري، "يتمحور عمله حول الاستراتيجية الدبلوماسية والعسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع تركيز خاص على تركيا والعراق وإيران".واشنطن والميليشيات الشيعية
في وظائف مختلفة شغلها في إدارة بوش الابن، ركّز جيفري على ملف إيران، وهو معروف بأنه أحد الصقور في مواقفه من طهران ومن موسكو أيضاً.الدبلوماسي الذي كلفته واشنطن بملف سوريا جيمس جيفري... "يؤمن بفكرة أن يدفع الجميع وأن تبقى أمريكا هي القوية. لا تختلف توجهاته عن توجهات ترامب بخصوص إيران وبخصوص الحصول على أموال من الدول الأخرى، لذا اختاره لهذه المهمة"
في وظائف مختلفة شغلها سابقاً، ركّز الدبلوماسي الذي كلفته واشنطن بملف سوريا جيمس جيفري على ملف إيران، وهو معروف بأنه أحد الصقور في مواقفه من طهران ومن موسكو أيضاًيقول أحمد الأبيض، الباحث العراقي الذي تابع عمل جيفري خلال فترة تواجده في العراق، لرصيف22: "لديه خبرة كافية في التعامل مع الميليشيات". لا يقتصر موقف جيفري من الميليشيات المدعومة من إيران على دورها في سوريا فحسب، فما يراه في سوريا الآن متطابق مع ما رآه في العراق، وهو يقول في مقابلة صحافية: "الذين مارسوا أسوأ المعاملات مع السنة، هم الذين يعملون تحت إمرة الحرس الثوري الايراني". يحمل جيفري معه ملفاً خاصاً بالميليشيات المتواجدة في سوريا والمدعومة من إيران، مثل حزب ألله اللبناني والفصائل الشيعية العراقية التي تُقاتل هُناك. يتخذ تجاهها موقفاً حازماً وإنْ كانت تتألف من عناصر غير إيرانيين. خبرته التي تجمع بين العسكرية والدبلوماسية ستضع، بحسب رحمن الجبوري، "حداً للجماعات المسلحة المتواجدة في سوريا"، إذ سيتعامل مع إيران مباشرة في ما يخص هذه الجماعات، ولن يفتح أي باب حوار مع الأخيرة بشكل منفصل. يخشى جيفري من سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويرى أنها تهدد بـتقويض النظام الأمني الأمريكي في الشرق الأوسط بأكمله"، لا بل ينتقد سماح ترامب له بالقيام بذلك. ولكن، على الأرجح، سيُفضّل عدم التصعيد مع الروس في الملف السوري، ففكرة بقائهم على الأراضي السورية لن تزول، لذا سيفاوضهم على الأرجح على عملية حدود تواجدهم وعلى صلاحياتهم. أما عن رأيه بدور القوة العسكرية، يُذكر أنه اعترض على قرار الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما سحب القوات القوات الأمريكية من العراق، عام 2011، واعتبر أن ذلك سيضرّ بنفوذ واشنطن وسيسمح بتنامي نفوذ طهران.