شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!

"جامية بالمكسرات" و"إخوانية بالبهارات"... خلاف بين إخوان وسلفيين حول طاعة الحاكم

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 17 أغسطس 201803:56 م
في الفترة الأخيرة، نشبت خلافات بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها وبين تلاميذ الشيخين محمد أمان الجامي وربيع المدخلي، على خلفية فيديو نشره الإعلامي المصري المحسوب على الإخوان والمقيم خارج مصر عبد الله الشريف بعنوان "جامية بالمكسرات". يبدأ الفيديو بتسجيل لفتوى للداعية السعودي عبد العزيز الريس قال فيها: "تخيّل أن للحاكم، سيان أكان ملكاً أو رئيس دولة، نصف ساعة في التلفزيون يطل خلالها فيزني ويشرب الخمر على الهواء مباشرة ولا تنكر عليه أفعاله بطريقة تحرّض الناس عليه". ويعلق الشريف على الفتوى قائلاً: "مين دول؟ وليه؟ وفين؟ وإمتى؟ وإزاي؟". ويضيف: "بدأت القصة عام 1931 حيم وُلد في إثيوبيا رجل اسمه محمد أمان الجامي. شد حيله وسافر إلى الصومال ثم اليمن ثم دخل السعودية وكانت الدعوة وقتها في أوجها، والمشايخ والعلماء كانوا خطراً على آل سعود، بعد أن صارت لهم كلمة مسموعة وتلاميذ كثر. وهنا ظهر محمد أمان الجامي. ورغم ثناء الجميع على علمه وعقيدته، اتضح في ما بعد أنه شيخ برتبة مخبر إذ كان يبلغ الأمن السعودي بمراكز القوى في الجامعة الإسلامية في السعودية وكذلك طلبة العلم الموجودين معه في الحلقات، حتى تمّت ترقيته وأصبح أمين شرطة، أي أصبح مدرساً في الجامعة الإسلامية، وترقى أكثر فأعطوه عموداً في المسجد النبوي". وتابع الشريف: "خرج في جنوب السعودية في تلك الفترة شخص آخر اسمه ربيع بن هادي المدخلي. وجد هذا الطريق سالكاً ورائجاً، فقال: يا حكومة أنا شيخي وأستاذي ومعلمي هو محمد أمان الجامي وأستطيع أن أكون مثله. وكان أول ما فعله نشر أحاديث وجوب طاعة ولي الأمر وضبطها لمصلحة آل سعود فلم يروا ذلك كافياً وهمشوه. ولما دخل (الرئيس العراقي الأسبق) صدام (حسين) إلى الكويت وهدد السعودية وقامت أمريكا بإنشاء قواعد في المملكة، رفض علماء السعودية الكبار الأمر واعتبروه استعانة بالكفار على المسلمين، فاستغل ربيع المدخلي الفرصة وفجأة ألف كتاباً بعنوان ‘صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة على قتالهم بغير المسلمين’". كتاب-باسم-'صد-عدوان-الملحدين-وحكم-الاستعانة-على-قتالهم-بغير-المسلمين وبحسب وجهة نظر الشريف، "كانت خلاصة الكتاب: استعينوا بالأمريكيين، فهذا حلال. فتمت ترقية الشيخ المدخلي وأجلسوه بجوار محمد أمان الجامي وأصبح تيارهم هو الوحيد الآمن في المملكة من بطش الأمن، كما كان يتم تمويلهم لنشر أفكارهم في الأوساط السعودية وأوساط جميع التلاميذ، فكبرت دعوتهم وزاد عدد تلاميذهم، وظهر شيوخ من هؤلاء التلاميذ مثل عبد العزيز الريس وعلي المالكي، وتجاوز التيار حدود السعودية ووصل إلى مصر عبر شيوخ مثل محمد سعيد رسلان، وطلعت زهران، والرضواني، وفي الكويت سالم الطويل، وفي الإمارات محمد بن غيث ووسيم يوسف وغيرهم في كل البلدان العربية". وتابع الشريف تعليقه: "لا يوجد مذهب باسم جامية أو مداخلة أو حتى تنظيم لكن كلهم عندهم نفس الصفات المشتركة مثل تمجيد الحاكم وتنزيله منزلة الإله، وسب وشتم المخالفين والإبلاغ عنهم". ثم بدأ الشريف في استعراض عدد من الفتاوي الصادرة عن تلاميذ الشيخين المدخلي والجامي والتي تمجّد الحكام وتهاجم كل مَن ينتقدهم، ومنهم فتوى للداعية السلفي المصري طلعت زهران يجيز فيها تزوير الانتخابات ويعتبر ذلك من الأشياء التي يُثاب فاعلها عليها، وفتوى للشيخ محمد سعيد رسلان يحرّض فيها على الرئيس المصري الإخواني الأسبق محمد مرسي في حين يحرّم انتقاد أي حاكم آخر.

"الموضوع معقّد"

يروي عبد الله الشريف لرصيف22 أن "الموضوع في بالي منذ فترة طويلة، وقرأت كثيراً عنهم ولمست مواقفهم بشدة، خاصة إبان ثورات الربيع العربي". ويضيف: "كانت عندي معضلتان في أن أتحدث عنهم: الأولى، أن عامة الناس غير مهتمة بمعرفة الفرق والمذاهب المعاصرة؛ والثانية، أن الموضوع معقد وكل الشروحات التي سمعتها وقرأتها صعبة الشرح، ولكن بعد انتشار فيديو عبد العزيز الريس وجدت الفرصة مناسبة جداً، نظراً لشغف الناس بمعرفة هؤلاء، فجمعت مادة سريعاً وقدمتها". وعن رأيه الشخصي في الشيخين محمد أمان الجامي وربيع بن هادي المدخلي، يقول: "الجامي والمدخلي من وجهة نظري، إنْ لم يكونا مواليين للأجهزة الأمنية كما ذكرت في الفيديو، فهما على أقل تقدير قد ضلّا وتم استخدامهما لتنفيذ أجندة الحكام".
هجوم إخواني على السلفيين: "لا يوجد مذهب باسم جامية أو مداخلة أو حتى تنظيم لكن كلهم عندهم نفس الصفات المشتركة مثل تمجيد الحاكم وتنزيله منزلة الإله، وسب وشتم المخالفين والإبلاغ عنهم"
بعد مهاجمة إخواني للسلفيين ولفتاويهم التي ترفض الخروج على الحاكم، سلفي يردّ بنفس الطريقة ويلقي الضوء على فتاوي إخوانية مماثلة منها: "لا يجوز خلع الحاكم ولو كان يفعل فعلة قوم لوط"
ويضيف: "مدرستهما قائمة على مبدأين: الأول، تصوير ولي الأمر بصورة الإمام المعصوم الذي لا ينطق عن هوى وإنْ نطق وأخطأ فخطأه ليس كالبشر، إذ لا يُحاسب ولا يُساءل ولا يجوز حتى التلويح بنقده ولو من بعيد وهو باق في منصبه ما دام قلبه ينبض، وهو ما يخالف بشكل صريح ما قاله الخليفة والصحابي الجليل أبو بكر الصديق ‘ولّيت عليكم ولست بخيركم فإن أخطأت قوّموني’؛ والمبدأ الثاني هو التجريح بمخالفيهم ومهاجمة كل مَن يخالف ولي الأمر ويشكل مصدر إزعاج أو تهديد معنوي له، بل واستحلوا الإبلاغ عن مخالفيهم وأوجبوه في بعض الحالات".

"إخوانية بالبهارات"

أثار الفيديو المذكور غضب تلاميذ الشيخين المدخلي والجامي، وأطلق أحدهم، محمد عبد الحي، رداً بالفيديو أيضاً على عبد الله الشريف، معتمداً على برنامج الأخير نفسه. ففي فيديو الرد، يبقى الإعلامي الإخواني هو المقدم ولكن ما يتغيّر هو التسجيلات التي يعرضها للسخرية منها، إذ صارت فيديوهات لعلماء ومشايخ محسوبين على جماعة الإخوان. عُرف الفيديو الجديد باسم "إخوانية بالبهارات"، وقال عبد الحي في تقديمه له: "هذا المقطع صنعته على سبيل المحاكاة، رداً على حلقة على اليوتيوب بعنوان ‘جامية بالمكسرات’ ، أداها المنحرف عبد الله الشريف وبثته قناة الجزيرة، إذ ملأه هذا الكذاب بالكذب والافتراء على أهل السنة والعلماء الربانيين، ولم يستطع الوصول إلى مأربه طبعاً إلا بخلط الغث بالسمين، وقد أظهرت لعبد الله شريف جانباً من تناقضات الجماعة الإخوانية التي يدافع عنها وبيّنت الحق بالمعظمين عنده لعله يفيق هو ومَن اغتر به". عرض فيديو الرد العديد من فتاوي المشايخ المحسوبين على الإخوان والتي تتوافق مع فتاوي الشيخين المدخلي والجامي بشأن تقديس الحكام وعدم جواز الخروج عليهم، ومنها فتوى للداعية السلفي المصري المقيم حالياً في تركيا محمد عبد المقصود والذي قال نصاً: "لو الحاكم ولو كان كافراً تغلب بالسيف وقاتل المسلمين وانتزع الحكم منهم انتزاعاً عليك أن تسمع وتطيع"، وفتوى للداعية الموريتاني المحسوب على الإخوان محمد حسن الددو قال فيها: "ولي الأمر لا يجوز الخروج عليه إلا إذا كفر، وفي ما عدا ذلك الخروج محرم"، وفتوى للداعية الإخواني الموجود في تركيا وجدي غنيم قال فيها: "لا يجوز خلع الحاكم ولو كان يفعل فعلة قوم لوط"، وفتوى أخرى لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي قال فيها: "لا يجوز لأحد أن يرفع صوته بالمناداة بإخراج محمد مرسي من نظام الحكم وهو ولي الأمر المسلم الذي يجب أن يُطاع"، وهو نفسه قال في فتوى أخرى: "الذي يوجب عزل الرئيس الكفر البواح الذي عندنا فيه من الله برهان".
/?t=11

"تناقضات علماء الإخوان"

في تعليقه لرصيف22 على السجال، يستشهد الداعية محمد عبد الحي بمقال للشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، بعنوان "نعم هذا وقتها يا زياد" ليردّ بواسطته على الشريف. في مقاله المذكور، ينتقد الفوزان لقب الجامية ويقول: "وأما اللقب الذي لمزت به أتباع السلفية الصحيحة بأنهم جامية نسبة إلى الشيخ الفاضل محمد أمان الجامي رحمه الله وهو لا ذنب له إلا أنه يدعو إلى السلفية الحقة الصحيحة كما عرفناه عنه وعاصرناه عليه وما هو مدون في كتبه وأشرطته وهذا لقب نقلته عن غيرك ولم تعرف ما تحته ومَن الذي اخترعه". ويضيف الفوزان: "إن الذين اخترعوه هم الحزبيين لما رأوا الشيخ محمد أمان الجامي وإخوانه يدعون إلى السمع والطاعة لولي أمر المسلمين ويدعون إلى لزوم الجماعة وعدم التفرق والاختلاف الذي تعينه الجماعات الحزبية، اخترعوا هذا اللقب لينفروا من تلك الدعوة وأصحابها كما اخترعت الفرق السابقة لأهل السنة والجماعة ألقاباً منفردة مثل الحشوية والمجسمة والخوارج والوهابية إلى غير ذلك ولكن هذا لا يضير أهل الحق كما قال إخوانهم من قبل (قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ)". وتوجّه عبد الحي إلى عبد الله الشريف وقال له: "أنت كغيرك من أصحاب الجماعات المنحرفة لا يستطيعون أن يواجهوا أهل الحق إلا بالباطل والكذب لذا تجد الصدق في كلامه يلتقط بالمناقيش. حاولت في حلقتك أن تصف أهل السنة بأنهم جامية كنوع من أنواع التنفير، على طريقة أسلافك ممّن نعتوا أهل السنة بالحشوية، والمجسمة، والوهابية، والحنابلة". وأضاف لرصيف22: "العلامة محمد أمان الجامي والعلامة ربيع المدخلي أثنى عليهما وعلى منهجهما العلماء الكبار كمحمد ناصر الدين الألباني وعبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين وصالح الفوزان، فلسنا بحاجة لمَن يدلّس عليهما". وهاجم الشريف واتهمه بالكذب وبأنه "يحاول أن يزعزع استقرار مصر ويحارب الجيش والشرطة ويدعو الناس إلى الثورات والتظاهرات وهو هارب". وعن فيديو "إخوانية بالبهارات" الذي أنتجه، قال: "بيّنت له فيه كلام علمائه المعتبرين من جماعة الإخوان في مسألة الخروج على الحاكم وقت كان محمد مرسي في الحكم، وبيّنت له تناقضهم في المسألة". وأضاف: "يلزمه أن يحكم أيضاً عليهم بحسب وصفه بأنهم جامية". هذا ليس الخلاف الأول بين الإخوان وبين السلفيين الذين يوصفون تارةً بالمداخلة وتارةً أخرى بالجامية. ويقول الباحث في شؤون الإسلام السياسي هشام النجار لرصيف22 إن "الخلافات الحالية بين الإخوان والتيار المدخلي أو الجامي قديمة وسببها دعوة الشيخين ربيع المدخلي ومحمد أمان الجامي في دروسهما إلى عدم الانضمام لتلك الجماعة، وهجومهما على مؤسسها حسن البنا والقيادي البارز فيها سيد قطب، ما تسبب في غضب الإخوان على الشيخين وتلاميذهما، فدخلوا في معارك شرسة طوال القرن الماضي والحالي معهم وأطلقوا عليهم وقتها لقب ‘عبيد الحكام’ وكذلك ألقاب ‘الجامية’ و’المداخلة’".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image