لم يكن داعش أول مَن دعا إلى إعادة الخلافة الإسلامية التي سقطت بسقوط الدولة العثمانية عام 1924، بل سبقته إلى ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928 مع مشروعها الذي أسمته "أستاذية العالم"، ثم لحق بها حزب التحرير الإسلامي الذي تأسس في فلسطين عام 1953.
تأسيس الحزب
يروي القيادي في حزب التحرير-ولاية مصر والباحث في شؤون الإسلام السياسي محمود طرشوبي لرصيف22 أن الحزب أسسه في فلسطين القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني، عام 1953، وتم حله في العام نفسه واعتقال مؤسسيه.
أهداف الحزب ومبادئه
لحزب التحرير هدف وحيد وأساسي يبلغ به الراغبين في الانضمام إليه، وهو "إعادة المسلمين إلى العيش عيشاً إسلامياً في دار إسلام، وفي مجتمع إسلامي، بحيث تكون جميع شؤون الحياة فيه مسيّرة وفق الأحكام الشرعية، وتكون وجهة النظر فيه هي الحلال والحرام في ظل دولة إسلامية، هي دولة الخلافة".العداء للديمقراطية
وللحزب مواقف فكرية وسياسية تعبّر عنه و أعلنها بشكل واضح عبر موقعه الرسمي. فهو يعتبر الديمقراطية كفراً ويقول فيها: "الديمقراطية هو مبدأ كفر يتناقض مع الإسلام لأن الله هو المشرع وهو وحده الذي وضع النظام للبشر". ولهذا اعتبر الأنظمة السياسية القائمة على الديمقراطية أنظمة كفر تتناقض مع الإسلام. وللحزب الموقف ذاته مع كل من الشيوعية والرأسمالية وكذلك الحريات الأربع: حرية العقيدة، حرية الرأي، حرية الملكية، والحرية الشخصية، فهو لا يعترف بها ويعتبر أنها تناقض تعاليم الإسلام.رفض الحضارة الغربية
يؤمن حزب التحرير بعدم جواز أخذ المسلمين أي شيء من الحضارة الغربية ويعتبر أنها تناقض الإسلام، إلا العلم والاكتشافات العلمية. ويضع نصاً ضمن مبادئه فيه: "لا يجوز للمسلمين أن يأخذوا شيئاً من الحضارة الغربية، أو شيئاً من الحضارة الشيوعية، لتناقض هاتين الحضارتين مع الإسلام".الموقف من أنظمة الحكم
لا يرى الحزب أي نظام حكم في العالم صحيحاً إلا حكم الخلافة فقط الذي يتم من خلال نظام البيعة للخليفة، ولهذا كفّر كل أنظمة الحكم الأخرى كالنظام الملكي والنظام الجمهوري. ويأتي ضمن مبادئه: "حدد الإسلام شكل نظام الحكم بأنه نظام الخلافة، وجعله وحده نظام الحكم للدولة الإسلامية". ويؤيد الحزب فكرة إقامة الأحزاب السياسية المختلفة لمحاسبة الحكام بشرط أن تكون قائمة على العقيدة الإسلامية، كما أنه يحرّم الخروج على الحكام الذين يحكمون بالإسلام، دون أن يوضح مَن هم، ويبيح الخروج عليهم لو حكموا بالكفر. وقال نصاً في هذا الصدد: "طاعة الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله فرض على المسلمين، ما لم يأمر بمعصية، وما لم يظهر الكفر البواح في حكمه".العلاقات الدولية
يتحدث الحزب في أدبياته عن نظرته إلى العلاقات والمعاهدات الدولية، فيحرّم أية معاهدات سياسية أو اقتصادية أو دبلوماسية مع الدول التي يصفها بالاستعمارية كإنكلترا وأمريكا وفرنسا وروسيا، لأنها "تُعتبر دولاً محاربة حكماً"، كما يدعو إلى الدخول مع إسرائيل في حالة حرب ومنع رعاياها من دخول بلاد المسلمين.مكانة العقيدة الإسلامية
يسجّل الباحث في شؤون الإسلام السياسي محمد توفيق رضوان انتقاداته للحزب ومنها "عدم اهتمامه بالعقيدة الإسلامية بنفس قدر اهتمامه بأن يكون الحزب الحاكم في يوم من الأيام بعد إحيائه الخلافة الإسلامية". ويستدلّ الباحث الذي تقرّب من حزب التحرير بعد ثورة 25 يناير 2011 بهدف دراسته، على كلامه بأن الحزب يمنع أعضاءه من ممارسة أي نشاط ديني ويدعوهم إلى الاكتفاء بالعمل السياسي فقط، حسبما جاء في كتاب "منهج حزب التحرير في التغيير". ويضيف أن الحزب لا يمانع في التحالف مع الشيعة رغم أنه كيان سني في الأساس "مقابل تقديم بعض التنازلات العقدية مثل الهجوم على بعض الصحابة المكروهين من قبل الشيعة مثل معاوية بن أبي سفيان".يحرّم أية معاهدات سياسية أو اقتصادية أو دبلوماسية مع الدول "الاستعمارية" كإنكلترا وأمريكا وفرنسا وروسيا... حزب التحرير الإسلامي
يعادي الحريات الأربع: حرية العقيدة، حرية الرأي، حرية الملكية، والحرية الشخصية، ولا يعترف بها ويعتبر أنها تناقض تعاليم الإسلام... حزب التحرير الإسلاميويتابع: "وصل الأمر إلى عرض حزب التحرير الخلافة على (المرشد الأعلى السابق للثورة الإيرانية روح الله) الخميني في اجتماع بإيران عام 1989 وهو مَن رفض، وفقاً لما أكده عبد الرحمن الدمشقية في مجلة الوعي العدد 18". ولكن عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير بفلسطين علاء أبو صالح يردّ على هذه النقطة بقوله إن الحزب سياسي وليس دعوي ولهذا يرفض الاهتمام بأي شيء ما عدا السياسة في سبيل تحقيق الهدف المنشود وهو إحياء الخلافة الإسلامية. ويضيف لرصيف22 أن الحزب لا يمانع في التعاون مع أي مسلم لتحقيق هذا الهدف "حتى لو كان شيعياً"، مؤكداً رفض الحزب للطائفية التي تفرّق بين السنة والشيعة، ومشيراً إلى عدم وجود أي تعاون بين الحزب والأنظمة الحاكمة في العالم العربي ومنها النظام الإيراني.
تكفير المجتمعات
لا يفرّق محمد توفيق رضوان بين حزب التحرير وبين تنظيم داعش، ويرى أن "كليهما يكفّران المجتمعات وهذا يعني استحلال دماء مَن فيها وأموالهم". ويقول إن "الفرق الوحيد هو أن داعش ينفّذ عمليات إرهابية وحزب التحرير لا، على الرغم من أن أدبياته تدعو إليها مثل إيمانهم بالجهاد المسلح للتغيير ورفضهم تطبيق هذا الجهاد في الوقت الراهن، هذا بجانب اعترافهم بكفر الأنظمة الحاكمة وضرورة الخروج عليها ومعارضة حكامها ومحاولة إسقاطهم من أجل تطبيق الخلافة الإسلامية التي يدعون إليها وقد ظهر هذا الأمر جلياً في موقفهم من ثورات الربيع العربي التي دعموها كلها بحلم السيطرة على تلك البلاد في ما بعد وتطبيق مشروعهم". ويرد المسؤول الإعلامي في حزب التحرير على هذه المقارنة بتوضيحه أن "المقصود بدار الكفر هي الدار التي لا يحكم فيها الإسلام دون استحلال دماء أو أعراض" مؤكداً أن الحزب لا يمتلك جناحاً مسلحاً كما أنه يدين أي عمل إرهابي لأنه يرى أن التغيير يجب أن يتم بالكفاح السياسي، "مع العلم بإيمان الحزب بضرورة الجهاد ولكن تحت راية دولة الخلافة، أي بعد إقامة الخلافة الإسلامية واختيار خليفة يقود هذا الجهاد".مشروع الخلافة
يشير محمد توفيق رضوان إلى أن الحزب لا يعترف بدعوات إقامة الخلافة التي سبقته كدعوات الإخوان ومشروعهم أستاذية العالم ولا التي لحقته كالتي يدعو إليها داعش. ويقول: "رغم أن الهدف واحد إلا أن الحزب يرى أن تلك الكيانات الإسلامية مشبوهة وممولة من الخارج لتشويه الإسلام وتقسيم وشرذمة المسلمين". ويعتبر الدكتور علاء أبو صالح أنه لا يمكن تشبيه مشروع حزب التحرير للخلافة "بمشروع الإخوان السطحي والذي نسيته الجماعة تماماً الآن، أو مشروع داعش الدموي والهمجي الساعي إلى نفس الهدف". وقال: "نحن نؤمن بخلافة دون دماء أو قتل أو تفجير كما يفعل داعش الذي نرفضه ولا نعتبره يمثل الإسلام من الأساس حتى يتحدث عن الخلافة الإسلامية، كما لم نجعل الخلافة قضية هامشية ضمن أجنداتنا كما فعل الإخوان بل نراها قضية محورية واجب السعي إليها والتجهيز لها وهو ما قمنا به من خلال تجهيز دستور إسلامي شامل جاهز للتطبيق حال إعلان الخلافة، هذا بجانب مشروع كامل يوضح نظام الحكم، وكيفية اختيار الخليفة ومبايعته، وهو ما لم يسبقنا إليه أحد من الكيانات الإسلامية الأخرى". ويتأسس مشروع الحزب المذكور على معارضة الأنظمة الحاكمة حالياً لإجبارها على إقامة الخلافة، وإن لم ينجح ذلك يقود الحزب الشعب نحو الثورة من أجل طلب الخلافة الإسلامية فإذا نجحت الثورة، يقوم أهل الحل والعقد، و"هم حالياً أهل العلم وقيادات الجيش" بحسب أبو صالح، بالاتفاق على خليفة ومن ثم تتم بيعته. وبعد ذلك يُطلب من باقي أهل العلم وقادة الجيوش في العالم الإسلامي نصرة الخليفة ومبايعته ليصير خليفة المسلمين ويبدأ بتطبيق الخلافة الإسلامية الراشدة. ويقول أبو صالح: "نحن لا نشترط خليفة بعينه فنحن نوافق على ما يجتمع عليه أهل الحل والعقد".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين