قالت إيران في 14 أغسطس إن السعودية أفرجت عن ثلاثة صيادين إيرانيين اعتقلهم خفر السواحل السعودي العام الماضي، وذلك بعد مفاوضات بين الجانبين.
وفي يونيو 2017، كانت السعودية قد اعتقلت هؤلاء الصيادين واتهمتهم بانتهاك مياهها الإقليمية، لكن إيران اعتبرت أن دخولهم المياه الإقليمية السعودية لم يكن مقصوداً.
ووصف رئيس قطاع الثروة السمكية في إقليم بوشهر الإيراني أردشير يار أحمدي عملية الإفراج عن الصيادين بأنها تمت "بعد مفاوضات بين مسؤولي وزارة الخارجية في البلدين".
ويمكن اعتبار اعتقال السعودية المتكرر لصيادين إيرانيين انعكاساً للتوتر بين طهران والرياض خلال السنوات الأخيرة.
لكن من ناحية أخرى، يطرح تكرار الأمر دورياً أسئلة عدة حول أسباب دخول صيادين إيرانيين إلى المياه الإقليمية السعودية، وحول الاتهامات التي توجهها لهم الرياض عادةً، وأسباب إفراجها عنهم بعد ذلك.
صيادون متهمون بأنهم من الحرس الثوري
تتكرر حوادث القبض على صيادين من إيران في المياه الإقليمية السعودية، لكن المملكة تفرج عنهم بعد شهور من احتجازهم. ففي فبراير الماضي، أفرجت السلطات السعودية عن تسعة صيادين إيرانيين، بعد اعتقالهم لمدة عامين بتهمة انتهاك المياه الإقليمية السعودية. وفي 26 يونيو، أفرجت عن سبع صيادين إيرانيين كانت قوات خفر السواحل السعودي قد اعتقلتهم عام 2016، بنفس التهمة. إذاً، لم يكن حادث القبض على الصيادين الإيرانيين الثلاثة الذين أفرجت عنهم الرياض اليوم الأول من نوعه، لكنه كان مختلفاً إلى حد كبير عن كل الحوادث المماثلة السابقة. ففي نفس اليوم الذي اقترب فيه هؤلاء الصيادون من المياه الإقليمية السعودية أو دخلوا إليها، أعلنت الرياض أنها ألقت القبض على "ثلاثة من عناصر الحرس الثوري الإيراني كانوا على متن زورق مليء بالمتفجرات"، وهو ما نفته طهران بعد ذلك معتبرة أن "الادعاء السعودي غير صحيح". وبحسب بيان لوزارة الإعلام السعودية صدر في 19 يونيو 2017، كان القارب الذي يقل هؤلاء الصيادين متوجهاً إلى منصة نفطية في مياه الخليج. وأضاف البيان أنه "من الواضح أن القصد من ذلك كان تنفيذ عملية إرهابية في المياه الإقليمية السعودية بهدف إلحاق أضرار جسيمة بالأرواح والممتلكات". وقتها، نفت إيران الرواية السعودية، وقال المكلف بشؤون الحدود في وزارة الداخلية الإيرانية مجيد أغابابي إن "هوية الأشخاص الثلاثة معروفة وهم يتحدرون من بوشهر (مرفأ جنوب إيران) وكانوا يصطادون عندما اعتقلهم خفر السواحل السعودي، ولا يوجد أي دليل على أنهم عسكريين". ويوم 22 يونيو 2017، قالت وكالة فارس الإيرانية شبه الرسمية للأنباء إن إيران دعت السعودية للإفراج عن الصيادين الثلاثة ودفع تعويض عن قتل صياد آخر ومعاقبة مَن يقفون وراء هذا "العمل غير المسؤول". ونقلت الوكالة عن بيان لوزارة الداخلية الإيرانية قوله: "الصيادون لم يكونوا مسلحين... الحرس السعودي قتل واحداً حين فتح النار على القوارب". لكن السعودية لم تفرج عن الصيادين سوى بعد أكثر من عام، ولم تقدم أية دلائل على روايتها السابقة بأنهم تابعين للحرس الثوري، كما لم تَظهر أنباء عن دفعها تعويض عن الصياد الذي قتل.تخوّف سعودي على حقول ومنصات البترول
من وجهة نظر الرياض، يُعَدّ اقتراب القوارب والزوارق الإيرانية من المياه الإقليمية السعودية في الخليج تجاوزاً وانتهاكاً لسيادتها.قضية اعتقال السعودية المتكرر لصيادين إيرانيين... يطرح تكرار الأمر أسئلة عدة حول أسباب دخول الصيادين إلى المياه السعودية، وحول الاتهامات التي توجهها لهم الرياض عادةً، وأسباب إفراجها عنهم بعد ذلك
تتخوف السعودية من اقتراب القوارب الإيرانية من المناطق المحظورة لحقول ومنصات البترول التي تقع في مياهها الإقليمية، وترى في ذلك تهديداً كبيراً لأمنهاوتتخوف المملكة الغنية بالنفط من اقتراب القوارب الإيرانية من المناطق المحظورة لحقول ومنصات البترول التي تقع في مياهها الإقليمية، وفقاً لخط الحدود البحرية الذي تم تعيينه بموجب الاتفاقية المبرمة بين البلدين عام 1968، وترى في ذلك تهديداً كبيراً لأمنها. لذلك لا تتهاون مع الأمر، ولدى خفر سواحلها أوامر بإطلاق طلقات تحذيرية على كل مَن يقترب من تلك المناطق وبعدها الرصاص الحي. أما من وجهة نظر إيران، فإن صياديها لا يقصدون الاقتراب من المياه الإقليمية السعودية، وتعتبر أن أمواج الخليج هي ما يدفع القوارب بعيداً عن مسارها، ما يجعلها تنجرف إلى المياه السعودية. وكثيراً ما يتم الإفراج عن الصياديين الإيرانيين بعد مفاوضات بين الجانبين، وهو ما يُظهر بدوره وجود باب لم يُغلق بعد من التفاوض الدبلوماسي بينهما.
القضية وصلت إلى أروقة الأمم المتحدة
في 10 يوليو الماضي، تقدمت المملكة العربية السعودية بمذكرة احتجاج لدى الأمم المتحدة، ضد ما أسمته بالتعديات والتجاوزات المتكررة للقوارب والزوارق الإيرانية على المياه الإقليمية السعودية في الخليج. أشارت المذكرة إلى أن "الانتهاكات الإيرانية" تطال مناطق محظورة لحقول ومنصات البترول في مياه المملكة. وبحسب المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، فإنه، على الرغم من مذكرات الاحتجاج الموجهة إلى الحكومة الإيرانية والأمين العام للأمم المتحدة، إلا أن "التعديات التي تقوم بها الزوارق الإيرانية تكررت بشكل متزايد في مياه المملكة والمناطق المحظورة لحقول البترول المعلن عن إحداثياتها والموضحة على الخرائط الملاحية العالمية التي تقع في البحر الإقليمي للمملكة ومنطقتها الاقتصادية الخالصة في الخليج العربي". وأضاف المعلمي "أنه نتيجة لهذه التعديات والتجاوزات المتكررة ومنها ما حصل في نوفمبر 2016 وأكتوبر وديسمبر 2017، قامت السلطات المختصة في المملكة باتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تلك التعديات والتجاوزات، وفقاً للأنظمة المعمول بها في المملكة العربية السعودية". وأكد المعلمي أن حكومة بلاده "تحمّل حكومة طهران كامل المسؤوليات عن أي ضرر قد ينشأ نتيجة لهذه التعديات والتجاوزات". وتشهد العلاقات بين الرياض وطهران، أزمة شديدة، منذ إعلان الأولى، في الثالث من يناير 2016، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الثانية، على خلفية الاعتداءات التي تعرّضت لها سفارة المملكة في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد، شمال إيران، وإضرام النار فيهما، احتجاجاً على إعدام رجل الدين السعودي الشيعي نمر باقر النمر. ويظهر التوتر بين البلدين في الكثير من الملفات، منها الملف النووي الإيراني الذي ترى الرياض أنه يهدد أمنها وأمن المنطقة، إضافة إلى الملفين اليمني والسوري، إذ تعترض السعودية على دعم إيران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا والحوثيين في اليمن.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...