في مؤتمر الشباب السادس، وهو حلقة في ملتقى دوري للحوار المباشر بين الشباب وممثلين عن الحكومة المصرية أقيم في أواخر يوليو الماضي في جامعة القاهرة، عُرض أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي فيلم تسجيلي عن مشكلة التعليم في مصر.
كان لافتاً أن الفيلم المعروض تضمّن في أكثر من مشهد موادّ مأخوذة من موقع "مصر العربية" الذي اتخذت السلطة قراراً بحجبه في مايو 2017، كما أمر القضاء بحبس رئيس تحريره الكاتب الصحافي عادل صبري احتياطاً، منذ أبريل 2018، بتهمة نشر أخبار كاذبة.
سياسة إعلام الصوت الواحد
موقع "مصر العربية" هو منصة إعلامية مستقلة تأسست عام 2014، ورفض القائمون على إدارته أن ينضم إلى سياسة إعلام الصوت الواحد، فمورست ضدهم تضييقات بدأت باقتحام قوات الأمن مقرّ الموقع ومصادرتها بعض أجهزة الكمبيوتر، مروراً بحجبه الذي تسبب بتسريح عشرات الصحافيين، وتقليل مرتبات مَن ارتضى منهم البقاء إلى النصف، حسبما قال المدير الإداري للموقع أحمد عبد الجواد. عبد الجواد نفسه احتجزته قوات الأمن داخل قسم شرطة الدقي في الجيزة، في وقت كان يتم فيه عرض فيلم عن مصر والصين، أنتجته الشركة المالكة للموقع، أمام وزير الثقافة السابق حلمي النمنم في مؤتمر عالمي، إلا أنه أخلي سبيله بضمان محل الإقامة.القبض على عادل صبري
يروي عبد الجواد لرصيف22 تفاصيل القبض على عادل صبري ويقول: "خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت بين 26 و28 مارس 2018 وفاز فيها الرئيس السيسي بولاية ثانية، نشر الموقع ترجمة لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، تطرق إلى مسألة حشد المواطنين في الانتخابات نظير مقابل مادي، فأصدر المجلس الأعلى للإعلام برئاسة مكرم محمد أحمد، قراراً بتغريم الموقع 50 ألف جنيه مصري، في الأول من أبريل، وقال إنه كان يجب على الموقع التدخل بالرأي أو التحقق مما ورد في التقرير". وبعد يومين من قرار المجلس الأعلى للإعلام، يتابع عبد الجواد، داهم ضباط يرتدون لباساً مدنياً مقر ﻣﻮﻗﻊ "ﻣﺼﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ"، و"قالوا إنهم من ﻣﺒﺎﺣﺚ ﺍﻟﻤﺼﻨﻔﺎﺕ، وجاؤوا لتحصيل غرامة الـ50 ﺃﻟﻒ ﺟﻨﻴﻪ، وبعد ساعات من المداهمة ﻗﺮﺭﺕ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟمتواجدة في اﻟﻤﻜﺎﻥ ﺍﺣﺘﺠﺎﺯ ﺻﺒﺮﻱ وإغلاق مقر الموقع". حررت السلطات الأمنية حينذاك محضراً يفيد بأن موقع "مصر العربية" يُدار دون الحصول على ترخيص من الحي (ترخيص محال تجارية)، وهو ما لا ينطبق قانوناً على الجريدة الإلكترونية، أو الشركات التي تدير مواقع إلكترونية، بحسب عبد الجواد. حمل المحضر القضائي رقم 4681 لسنة 2018 - جنح الدقي. وفي التاسع من يوليو الماضي، قضت الدائرة 22 جنايات-الجيزة، برئاسة المستشار محمد حلاوة، بإخلاء سبيل عادل صبري بكفالة 10 آلاف جنيه مصري، في تهم عدم الحصول على ترخيص، وبينما كان يستعد لدفع الكفالة، قررت نيابة أمن الدولة تجديد حبسه احتياطياً على ذمة القضية 441 لسنة 2018.القضية 441... ثقب أسود يبتلع الصحافيين والحقوقيين
صبري محتجز حالياً داخل سجن القناطر وهو واحد ضمن قائمة طويلة تضم عشرات الصحافيين والحقوقيين المصريين الذين يقبعون في السجون لاتهامهم في القضية 441 لسنة 2018. ووفقاً لتقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش، ضمت القضية بجانب صبري الصحافيين مصطفى الأعصر وحسن البنا مبارك ومعتز ودنان وهاجر عبد الله وشروق أمجد، وعبد الله مضر وزوجته فاطمة موسى وشقيقها عمر موسى، والمحامي والمدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات عزت غنيم، والمصور عبد الرحمن الأنصاري، والمدوّن وائل عباس، وطالب الدكتوراه في جامعة واشنطن وليد الشوبكي.عادل صبري وآخرون مسجونون في القضية 441 لسنة 2018، القضية التي أصبحت مثل ثقب أسود تبتلع من خلاله السلطات في مصر أصوات الصحافيين والحقوقيين الذين يقومون بإبراز الرواية المقابلة للرواية الرسمية
"قدم خلال السنوات الأخيرة صحافة حرة ونزيهة وغير منحازة لأي طرف في الصراع السياسي، وظل يغرّد خارج السرب"... عن الصحافي عادل صبري المسجون بتهمة التآمر مع الإخوان رغم أنه وفدي وليبراليكل هؤلاء يواجهون تهم التخابر مع منظمات أجنبية معادية، والانضمام إلى جماعة تأسست على خلاف أحكام القانون وتدعو إلى تعطيل الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، ومشاركة تنظيم إرهابي في تحقيق أهدافه بقلب نظام الحكم القائم في البلاد مع العلم بأغراضه (جماعة الإخوان)، ونشر أخبار كاذبة وبث مقاطع مصورة عمداً لتشويه صورة الأجهزة الأمنية والقضائية والحكومة، والترويج لأعمال العنف والتحريض عليه. وبحسب التحقيقات الأمنية في القضية، فإن تنظيم الإخوان الدولي أعد عام 2017 خطة بالتنسيق مع قيادات الجماعة المصريين الهاربين خارج البلاد، لضرب الاستقرار الأمني في مصر، عن طريق تأسيس شبكات إعلامية سرية تتولى مهمة فبركة تقارير ونشر أخبار كاذبة.
قضية بلا دليل إدانة
ترى "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان" أن القضية 441 لسنة 2018 أصبحت مثل ثقب أسود تبتلع من خلاله السلطات في مصر أصوات الصحافيين والحقوقيين الذين يقومون بإبراز الرواية المقابلة للرواية الرسمية. وطالبت الجبهة النائب العام المصري بالإفراج الفوري عن المتهمين في هذه القضية وغيرها، والتوقف عن استهداف الصحافيين والحقوقيين والباحثين، على خلفية عملهم ونشاطهم، من خلال اتهامهم بنشر أخبار كاذبة. وأكدت الجبهة أن عمليات الاستهداف هذه تشكّل تهديداً يؤثر بشكل مباشر على مساحة المجال العام المتبقية في مصر. ويؤكد أحمد الخواجة، أحد ممثلي هيئة الدفاع عن عادل صبري، لرصيف22 أن القضية ليس فيها أي دليل إدانة لصبري سوى محضر تحريات الأمن الوطني، و"وفقاً لأحكام محكمة النقض المصرية، فإن التحريات لا يمكن أن تكون وحدها دليلاً لإدانة أي متهم دون أن يكون هناك أدلة تعزز هذه التحريات". ويشير المحامي إلى أن هيئة الدفاع قدّمت إلى النيابة مستندات تثبت أن صبري منتسب لجريدة الوفد منذ عام 1985 وحتى وقتنا الحالي، وأن توجيه تهمة الانضمام إلى جماعة الإخوان إليه تتناقض مع مسيرته.سيرة عادل صبري
تشير السيرة الذاتية التي نشرها موقع "مصر العربية" عن عادل صبري، معتبراً أنها "توثّق براءته" وأنها "أقوى دليل براءة له من تهم الانتماء للإخوان التي ألصقتها تحريات الأمن الوطني به"، إلى أنه عمل محرراً لشؤون رئاسة الجمهورية في جريدة الوفد (الجريدة الرسمية لحزب الوفد المصري) بين عامي 1993 و1999، ثم انتقل للعمل محرراً للشؤون البرلمانية في مجلسي الشعب والشورى بين عامي 2000 و2011، واستمر تصريحه الأمني للعمل في البرلمان سارياً حتى عام 2013، رغم عدم ذهابه إلى مقرّه، بعد رحيل الرئيس حسني مبارك. وشغل صبري أيضاً منصب عضو الجمعية العمومية لحزب الوفد وعضو لجنة الإشراف على انتخابات رئاسة الحزب في عامي 2000 و2010. كذلك، عمل في مؤسسات إعلامية وصحافية وجامعية كثيرة منها مؤسسات صينية ممولة من الحكومة الصينية.التهمة: صحافي
يؤكد عضو نقابة الصحافيين المصريين عمرو بدر لرصيف22 أن عادل صبري "رجل وطني ومخلص يدفع ثمن تمسكه بالقواعد الحقيقية والجادة لمهنة الصحافة، وقدم خلال السنوات الأخيرة عبر موقع مصر العربية صحافة حرة نزيهة وغير منحازة لأي طرف في الصراع السياسي، وظل إلى يوم القبض عليه يغرّد خارج السرب". ويضيف أن "الاتهامات التي وجهتها الأجهزة الأمنية لصبري باطلة، فهو صحافي وفدي ليبرالي في تفكيره، ولا علاقة له بالإخوان أو أية جماعة إرهابية أو متطرفة". وحذّر بدر من خطورة سياسة الصوت الواحد على مهنة الصحافة التي تعيش ورطة حقيقة بسبب تحوّلها إلى نشرات للتحركات الحكومية وتصريحات المسؤولين وعرض إنجازاتهم. وتابع: "إذا لم تدرك السلطة الحاكمة الآن أن صحافة التعبئة العامة انتهت من العالم في ظل الانفتاح الكبير في مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات، ولو استمر الوضع على ما هو عليه الآن من قمع واستبداد، ستنتهي مهنة الصحافة في مصر". واحتلت مصر عام 2017 المركز 161 من أصل 180 دولة على مقياس حرية الصحافة العالمي الذي تعده منظمة "مراسلون بلا حدود" التي وصفت مصر بأنها "أحد أكبر سجون الصحافيين في العالم". وحلّت مصر في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث عدد الصحافيين السجناء فيها بعد تركيا والصين، وفقاً للتقرير السنوي الصادر في 13 ديسمبر 2017 عن لجنة حماية الصحافيين الدولية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين