قالت منظمة العفو الدولية (آمنستي) في التاسع من أغسطس إن إحالة الناشطة المصرية أمل فتحي، والتي قُبض عليها بعد نشرها مقطع فيديو تحدثت فيه عن تجاربها مع التحرش، للمحاكمة تمثل "حالة مروعة من الظلم".
واعتبرت المنظمة الدولية التي تتخذ من لندن مقراً لها في بيان أن فتحي "تحدثت في الفيديو عن تجربتها مع التحرش الجنسي في مصر بجرأة شديدة وهو أمر ينبغي أن يكون محل إشادة على شجاعتها، عوضاً عن أن يتم تقديمها للمحاكمة".
وستُعقد جلسة الاستماع الأولى للناشطة المصرية يوم 11 أغسطس الجاري، أمام محكمة جنح المعادي بالقاهرة.
وألقت قوات من الشرطة المصرية القبض على أمل فتحي، مع زوجها محمد لطفي، وهو باحث سابق في منظمة العفو الدولية والمدير الحالي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، في 11 مايو، بعد ساعات قليلة من نشرها الفيديو.
واقتحمت الشرطة منزل الزوجين في القاهرة واقتادتهما إلى قسم شرطة المعادي، مع طفلهما البالغ من العمر نحو ثلاث سنوات.
وتتهم النيابة المصرية فتحي بنشر شريط فيديو يدعو إلى الإطاحة بالنظام، ونشر أخبار كاذبة تسيء إلى الأمن القومي، وبإساءة استخدام الإنترنت، وهي تهم تقول منظمات عدة إنها كيدية وتهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة لنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكثيراً ما تستخدم السلطات المصرية هذه الاتهامات ضد مدوّنين وصحافيين وناشطين يعارضون النظام الحالي.
ما الذي جاء في الفيديو؟
ظهرت فتحي في بث مباشر بالفيديو مع متابعي صفحتها على فيسبوك، يوم 9 مايو، وهي ترتدي نظارة طبية، وتحدثت عن مدى انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، منتقدةً تقاعس الحكومة عن توفير الحماية للنساء. كما انتقدت السلطات بسبب ما قالت إنه تدهور حقوق الإنسان وسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية وتردي الخدمات العامة في البلاد. بدا الفيديو أقرب إلى دردشة تلقائية غير منظمة، إذ كانت فتحي تنتقل من موضوع إلى آخر، وكانت ترد على بعض التعليقات التي تصلها أثناء البث المباشر. وحوى الفيديو الكثير من الشتائم المباشرة والصريحة. وفيه، وجّهت فتحي شتائم للشعب المصري، وللأمن، وللنظام، وأيضاً لنفسها، وقالت: "إحنا كلنا أولاد (...) بمَن فيكم أنا". وعبّرت فتحي في المقطع عن أنها "اتخنقت من البلد"، وهي جملة عامية مصرية تعني إنها لم تعد تطيق واقع الحال في البلد، كما قصّت في بداية الفيديو أزمة تعرّضت لها وتتعلق بضياع بطاقتها البنكية. وأضافت أنها حينما ذهبت إلى فرع المصرف في حي المعادي بالقاهرة لحل المشكلة واجهت إجراءات روتينية وتعقيدات، ثم تحدثت عن أن عناصر أمن البنك، وأمين شرطة كان هناك، تحرشوا بها، ثم وجهت شتائم للدولة ولنظام الأمن، وقالت مقارنةً بين الحياة في الماضي والحاضر: "إحنا من سبعين سنة فاتوا، كنا أفضل من كدة"، مضيفة: "لو كانت سيدة تسير في الشارع وشخص قال لها ‘بنسوار يا هانم’ كانت تنادي له العسكري، الذي كان يقوم بالقبض عليه". وبغضب، قالت إن أمين الشرطة في فرع المصرف الذي توجّهت إليه كان يضع يديه على عضوه الذكري، بينما يتحدث معها بأسلوب "وسخ"، مضيفةً بضيق: "إحنا عندنا ثاني أعلى نسبة تحرش في العالم".في بث مباشر، قالت: "إحنا من سبعين سنة فاتوا، كنا أفضل من كدة"، وندّدت بظاهرة التحرّش في مصر وبتردي أوضاع البلد... قصة الناشطة المصرية أمل فتحي منذ اعتقالها حتى قرار إحالتها على المحاكمةوذكرت الناشطة أيضاً أن سائقي سيارات الأجرة يتحرشون بها، ثم انتقلت إلى التعبير عن حزنها على القبض على شادي أبو زيد، مراسل برنامج أبلة فاهيتا السابق، وقالت بسخرية: "شادي أصبح إرهابياً"، في إشارة إلى التهم الموجهة له، وأضافت: "يخرب بيت أم دي دولة". وتحدثت فتحي أيضاً عن أنها تنتظر حتى يُتمّ طفلها ثلاث سنوات من العمر حتى "تخلع" (تهرب أو تسافر) من البلد. وأثار الفيديو جدلاً كبيراً بعد نشره، وبدأت وسائل إعلام مقربة من النظام، سواء خاصة أو مملوكة من الدولة، بشن حملة على الناشطة بسببه، واتهمتها بإهانة مصر ومؤسساتها. كما تسبب الفيديو في موجة من المضايقات للناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، من مؤيدين للدولة، أو مَن يُطلَق عليهم "الدولجية"، مع توجيه تهديدات لها.
ماذا قالت العفو الدولية عن الفيديو؟
في بيانها، قالت منظمة العفو الدولية إنها فحصت مقطع الفيديو الذي استمر نحو 12 دقيقة، ووجدت أنه لا يحتوي على أي شكل من أشكال التحريض، وبالتالي فهو يندرج تحت خانة حرية التعبير. ووصفت المنظمة أمل فتحي بأنها "سجينة رأي"، وقالت إنها "سُجنت فقط بسبب التعبير السلمي عن آرائها". وعُرفت فتحي في السنوات الأخيرة باعتبارها مدافعة عن حقوق الإنسان، وكانت تتحدث بجرأة عن الانتهاكات والاحتجاز التعسفي للناشطين. ويوم 11 مايو، وصفت منظمة العفو الدولية عملية القبض على فتحي بأنها "مستوى متردٍّ جديد وصلت إليه حملة القمع التي تشنها مصر على حرية التعبير". وقالت مديرة الحملات لشمال إفريقيا بالمنظمة نجية بونعيم إن اعتقال الأمن لفتحي بعد نشر الفيديو الذي انتقدت فيه الحكومة لتقاعسها عن توفير الحماية للنساء، أظهر أن بواعث قلقها في محلّها. وأضافت: "إنه يوم مظلم عندما تكون السلطات المصرية أكثر اهتماماً بإسكات صوت امرأة تتحدث عن التحرش الجنسي بدلاً من اتخاذ خطوات للتصدي لهذه القضية". وتشكو الكثير من النساء المصريات والأجانب من انتشار ظاهرة التحرش في الشوارع المصرية، ولم تقم السلطات بأي دور عملي للقضاء على هذه الظاهرة. وفي السنوات الأخيرة، تتهم الكثير من المنظمات السلطات المصرية بانتهاك حقوق الإنسان والقبض على ناشطين بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين