تسببت قناة "العربية" في إثارة ضجة كبيرة على الشبكات الاجتماعية، عقب بثها فيلماً وثائقياً لمخرج إسرائيلي فرنسي عن نكبة فلسطين، بسبب ما تضمنه من مصطلحات وروايات مُغايرة لتاريخ القضية الفلسطينية وإقامة دولة الكيان الصهيوني.
إذاعة "العربية" للفيلم الذي قدمته باسم "النكبة" كانت كفيلة بلفت انتباه روان الضامن، مُخرجة الأفلام الوثائقية الفلسطينية، لأنها قدمت عملاً مماثلاً من أربعة أجزاء بنفس الاسم فبل بضع سنوات، وفازت عنه بجوائز مهرجانات دولية عدة.
الضامن كشفت الاسم الحقيقي للوثائقي في مقال لها: "اكتشفت بعد التدقيق، أن هذا الوثائقي الحديث (النكبة)، الذي تم بثه في جزئين يحملان اسم (الجزء الأول 1897– 1948) و(الجزء الثاني 1948– 1967) على قناة العربية، هو في الأصل وثائقي بعنوان (إسرائيل: الأرض الموعودة مرتين)".
وعرض الفيلم، الذي أنتجته شركة "روتشي"، لأول مرة في مهرجان السينما الإسرائيلية في باريس في مارس 2018، ثم على قناة "الآرتي" الفرنسية في أبريل والآن على قناة "العربية" في يوليو"، بحسب الضامن.
المقاومة "عنف مُسلح".. واليهود "ضحايا" في حماية "الهاجاناة".. وحائط البراق "مبكى"
ومخرج الوثائقي الإسرائيلي الفرنسي، الذي أذاعته "العربية"، هو ويليام كارل وزوجته المخرجة بلانش فنجر، وهما معروفان بسلسلتهما الوثائقية في ثمانية أجزاء حول الهولوكست، انتاج عام 2015، ومنتجته دومينيك طيبي، مديرة شركة روتشي. تقول الضامن إن الإذاعات الفرنسية استضافت في الذكرى السبعين للنكبة المخرجين للحديث عن هذا الوثائقي، كاشفةً عن سيل من الأخطاء التاريخية التي وردت فيه. وأضافت: "الفيلم زعم أن "شباناً يهوداً" هم من اشتروا أرضاً لإقامة "ريشون لتسيون" عام 1882 من الفلسطينيين "والحقيقة أن الصهاينة حاولوا شراء قطعة أرض عام 1882 وحينما لم تتم الصفقة بسبب معارضة الوالي العثماني، تدخل نائب قنصل بريطانيا في يافا، فاشترى الأرض وسجلها باسمه وسميت مستعمرة "ريشون لتسيون"، وهي عبارة توراتية تعني "الأول أو الطليعي في صهيون"، كجزء من دعم بريطانيا لمخطط الصهيونية في فلسطين. ووثق ذلك الراحل العلامة د. عبد الوهاب المسيري في موسوعته".أطلق على الفلسطينيين في الفيلم اسم "الفلسطينيون العرب" للإيحاء بأن هناك "يهوداً عرباً" آنذاك، ووصف مسار المقاومة الذي انتجته منظمة التحرير الفلسطينية بأنها "أعمال عنف مسلح"، وأن القتلى الإسرائيليين "ضحايا وأبرياء".
ورد في الوثائقي، الذي بثته قناة العربية، أن الزعماء العرب طالبوا الفلسطينيين في عام 1948 بترك أراضيهم والرحيل، قائلين: "غادروا! سنفوز ويمكنكم العودة لاحقاً"، من أجل تجاهل رواية التهجير القسري الذي تعرض له الفلسطينيون.وذكر أن "الهاجاناة هي الجماعة المسلحة للدفاع عن اليهود الفلسطينيين"، بينما أكدت المخرجة الفلسطينية أن "الجماعة أسستها ودربتها وسلحتها بريطانيا منذ 1920 للدفاع عن الصهاينة المستعمرين، وبدأت نواتها بفيلق صهيوني دخل القدس عام 1917 مع الجيش البريطاني المحتل". كما ورد في الوثائقي، الذي بثته العربية، أن الزعماء العرب طالبوا الفلسطينيين في عام 1948 بترك أراضيهم والرحيل، قائلين: "غادروا! سنفوز ويمكنكم العودة لاحقاً"، من أجل تجاهل رواية التهجير القسري الذي تعرض له الفلسطينيون. وهو ما تنفيه روان الضامن: "الحقيقة أن هذا لم يحصل، ولا حتى في الإذاعات العربية كما روجت الرواية الصهيونية التقليدية، ودحض ذلك المؤرخ الإسرائيلي البروفسور آفي شليم، الأستاذ في جامعة أكسفورد، وأثبت عدم صحته". كما تخللت الفيلم مصطلحات وكلمات غير معهودة، منها ما ساقه أن مبررات إنسانية لهجرة اليهود إلى أرض فلسطين بزعم تعرضهم للاضطهاد في ألمانيا وأوروبا. كذلك أطلق على الفلسطينيين اسم "الفلسطينيون العرب" للإيحاء أن هناك "يهوداً عرباً" آنذاك، ووصف مسار المقاومة الذي انتجته منظمة التحرير الفلسطينية بأنها "أعمال عنف مسلح"، وأن القتلى الإسرائيليين "ضحايا وأبرياء". ورأى الثورة الفلسطينية 1936 "أعمال شغب"، وأنه حين ولدت "دولة إسرائيل تحول الحلم إلى حقيقة"، وأن "كل محاولات إسرائيل لإقامة دولتين فشلت بسبب الفلسطينيين". وتم تصوير دولة الاحتلال على أنها شقت طريقها "وسط الحروب" عندما "غزت" الجيوش العربية فلسطين، بينما جرى تجاهل المجازر التي تعرض لها الفلسطينيون طوال العقود الماضية. في حين اعتبر الفيلم أن المشكلة الوحيدة بعد ضياع فلسطين تتجسد في زيادة وتيرة الاستيطان فقط.
غضب وتساؤلات عن سر اهتمام "العربية" ببث الفيلم الإسرائيلي
وفجر بث قناة العربية غضب الفلسطينيين والمناصرين العرب للقضية الفلسطينية، وسط تساؤلات عن سر تبنّيها الرواية الصهيونية، ودوافعها لبث فيلم يحكي قصة قيام دولة إسرائيل. وهاجم آخرون القناة التي وصفوها بأنها لسان حال الاحتلال، بعدما حولت اليهود المحتلين إلى "حمائم سلام مضطهدين"، والفلسطينيين دعاة للعنف والحرب.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...