شدة الحرارة في محافظة الجيزة المصرية، 37 درجة مئوية، لم تمنع مجموعة من المسؤولين وعلماء الآثار، من إقامة مؤتمر صحفي مفتوح، أمس السبت، تحت الشمس الحارقة في منطقة سقارة الأثرية التابعة لمركز البدرشين.
خلال المؤتمر أعلن وزير الآثار المصري خالد العناني عن نجاح البعثة الأثرية المصرية الألمانية التابعة لجامعة توبنغن الألمانية، في العثور على ورشة كاملة كانت تُستخدم في عملية التحنيط تحت أرض منطقة سقارة، ملحقٌ بها حجراتٌ للدفن تحوي مومياوات تعود إلى عصر الأسرتين السادسة والعشرين، والسابعة والعشرين (664- 404 ق.م).
لكن أبرز ما عثر عليه في هذا الكشف، أوانٍ لبعض الزيوت التي كانت تُستخدم في عملية التحنيط، مكتوبٌ عليها عباراتٌ باللغة المصرية القديمة.
ويقول متخصصون لـ "رصيف22" إن هذا الكشف تحديداً قد يساعد على فك شفرة سر التنحيط التي لا زالت تحير العالم حتى اليوم.
خطوة مهمة
يقول الباحث والمفتش بوزارة الآثار المصرية أحمد عامر إن سقارة من أهم المناطق التي تحوي كنوزاً وأسراراً فرعونية لم تُكتشف بعد، مضيفاً أنها لا تقلُّ أهمية عن منطقة أهرامات الجيزة. يضيف لـ "رصيف22" أن هناك حالياً الكثير من البعثات المصرية والأجنبية التي تعمل على اكتشاف كامل هذه المنطقة الغنية، مستخدمةً في ذلك أجهزة حديثة لم تُستعمَل في الماضي، ما قد يسهل الوصول إلى اكتشافات قد تكشف سر التحنيط بشكل كامل، على حد تعبيره. ويؤكد عامر أن أواني الزيوت المستخدمة في التحنيط التي وجِدت في هذا الكشف، قد لا تعني بالضرورة اكتشاف سر التحنيط "لأن هناك اكتشافات سابقة كشفت بالفعل بعض المواد المستخدمة في التحنيط، منها زيوت ومواد عطرية وملح من منطقة وادي النطرون". لكن بحسب الباحث فإن ما يحتاج العلماء فهمه بخصوص التحنيط هو معادلة صناعة التركيبة التي تستخدم في هذا الفن الغامض، مشيراً إلى أن الأهمية الحقيقية للاكتشاف الحالي أنه يقربنا أكثر من فهم سر التحنيط. "ما نحتاجه في الوقت الحالي كعلماء ومتخصيين في الآثار هو معرفة النسب الدقيقة التي تُخلَطُ ببعضها للوصول إلى تركيبة يمكنها تحنيط مومياء" يقول عامر. ونقل موقع قناة الحرة الأمريكية عن الباحث الأثري محمد خطاب قوله إن علماء الآثار يعلمون أسماء بعض مواد التحنيط حالياً "لكن تظل هناك مواد لا ندركُ ماهيتها رغم معرفة أسمائها". وبحسب خطاب فإن الأواني المكتشفة حديثاً قد تساعد العلماء على معرفة ماهية مواد التحنيط المتبقية، بالإضافة إلى بعض طرق التحنيط، منها تلك المستخدمُ فيها "ملح النطرون". اختلف علماء المصريات حول طريقة استخدام "ملح النطرون" في عملية التحنيط، فهناك من يقول إن الأمر كان يتم عن طريق نقع الميت في الملح مباشرة، بينما يؤكد آخرون أن الميت كان يوضع في محلول ملحي. ونقل بيان لوزارة الآثار المصرية عن الأثري المصري رمضان حسين، رئيس البعثة، والباحث في مجال الآثار المصرية بجامعة توبنغن، قوله إن ورشة التحنيط المكتشفة ذات تخطيط معماري مستطيل، ولها مدخلٌ في الركن الجنوبي الغربي، ومشيدةٌ من الطوب اللبن وأحجار جيرية غير منتظمة الشكل. مضيفاً أنها تشمل عدة مباني منها بئر خبيئة التحنيط، بعمق 13 متراً وتنتهي بحجرة أسفل الأرض، وضعت داخلها أوانٍ فخارية مدون عليها بالخط الهيراطيقي والديموطيقي أسماء لمواد وزيوت التحنيط، كما تضم الورشة أيضاً حوضين محاطين بجدران من الطوب اللبن، أغلب الظن أن أحدهما خُصصَ لوضع ملح النطرون والآخر لإعداد لفائف المومياء الكتانية. كما تحوي ورشة التحنيط بئراً في منتصفها تبلغ أبعادها حوالي3 م× 3.50م، وتصل إلى عمق 30 م. أيضاً عدة حجرات دفن منقورة في الصخر على أعماق متباعدة، ومومياوات وجدت في منتصفها.مصر تعلن عن كشف أثري هام. "ما نحتاجه في الوقت الحالي كعلماء ومتخصيين في الآثار هو معرفة النسب الدقيقة التي تُخلَطُ ببعضها للوصول إلى تركيبة يمكنها تحنيط مومياء".
يؤكد باحث مصري أن ما يحتاج العلماء فهمه بخصوص التحنيط هو معادلة صناعة التركيبة التي تستخدم في هذا الفن الغامض "الأهمية الحقيقية للاكتشاف الحالي أنه يقربنا أكثر من فهم سر التحنيط".وتحدث بيان وزارة الآثار عن بعض تفاصيل الكشف الأثري، منها حجرة الدفن الشمالية الثانية الواقعة على عمق حوالي 30 متراً، وتحوي مدخلاً يؤدي إلى صالتين صغيرتين، يقع على جانبيها حجرات دفن منقورة في الصخر، وعثر في الصالة الأولى على حجرة دفن داخلها ثلاث مومياوات في حالة غير جيدة.
قناع مومياء مذهب
إضافة إلى ما سبق عثرت البعثة، التي كانت تقوم بالأساس بأعمال مسح أثري بمنطقة مقابر العصر الصاوي الموجودة جنوب هرم أوناس بسقارة، على قناع مومياء مذهب ومطعَّم بأحجار نصف كريمة كان يغطي وجه أحد المومياوات الموجودة بأحد حجرات الدفن الملحقة، إلى جانب ثلاث مومياوات، ومجموعة من الأواني الكانوبية (أواني استخدمها المصريون القدماء أثناء عملية التحنيط لحفظ أحشاء الموتى)، وعدد من التماثيل الأخرى. وبحسب بيان وزارة الآثار المصرية فإن القراءات المبدئية للكتابات المتهالكة على القناع الذي عثر عليه داخل المقبرة المكتشفة، تظهر أنه يخص كاهناً من العصر الصاوي، من بين ألقابه الكاهن الثاني للآلهة موت وكاهن الآلهة "نيوت شا إس" التي على هيئة ثعبان وذات صلة عقائدية بالآلهة موت. كما أن القناع مصنوع من الفضة المغطاة بطبقة من الذهب وعيونه مطعمة بحجر أسود، قد تكون عقيق أسود، ورخام مصري، وأوبسيديان (زجاج بركاني)، وتبلغ مقاساته حوالي 23× 18.5 سم، ووزنه قبل تنظيف العوالق 267.96 جرام.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...