في خطاب النصر الذي ألقاه رجب طيّب أردوغان من على شرفة مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التركية، قال: "لن نركع لأية قوة في العالم إلا لله".
وبالفعل، لم يعُد فوق أردوغان في منظومة السلطة التركية إلا الله، وصار أشبه بسلطان يتحكم بكل شيء، بعد انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي، وافتتاح مرحلة "تركيا الجديدة"، بحسب تعبير الرئيس التركي.
ومنذ بداية هذه التغيّرات، عبّر معارضو أردوغان عن تخوّفاتهم من أن يؤدي النظام الجدد إلى تسييس القضاء والحد من دور البرلمان، في بلد يشهد حملة قمعية واسعة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.
وسبق لزعيم أكبر أحزاب المعارضة التركية، حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو أن وصف النظام الرئاسي بأنه "نظام حكم بيد رجل واحد"، مشبهاً إياه بـ"حافلة بدون مكابح لا تعرف وجهتها".
افتتاح مرحلة الرئيس القوي
في التاسع من يوليو، وبالتحديد في الساعة الرابعة عصراً بتوقيت إسطنبول، أدى رجب طيب أردوغان، أمام البرلمان التركي، اليمين الدستورية رئيساً للجمهورية. وفور قيامه بذلك، انتقلت تركيا إلى النظام الرئاسي، وبدأ سريان تغييرات أتت في مرسوم صدر في الرابع من يوليو. المرسوم المذكور، وهو مرسوم بحكم القانون، نشرته الجريدة الرسمية التركية ويحمل رقم 477، ويتضمن تعديلات بشأن نظام الحكم الرئاسي في البلاد من خلال تغيير بعض القوانين. وبموجبه، تنتقل صلاحيات مجلس الوزراء المنصوص عليها في بعض القوانين إلى رئيس البلاد. ونصّ المرسوم على استخدام عبارتي "رئيس الجمهورية" و"من قبل رئاسة الجمهورية"، مكان عبارات "لجنة النواب التنفيذيين" و"مجلس الوزراء" و"رئاسة الوزراء" التي كانت واردة في بعض القوانين الصادرة بين عامي 1924 و2017.إقرار النظام الرئاسي
وكان الأتراك قد شاركوا، في 16 أبريل 2017، في استفتاء شعبي أسفر عن إقرار تعديلات دستورية تتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي. وبناءً على تلك التعديلات، تقرر أن يُطبّق النظام الجديد بعد انتخابات كان مقرراً أن تجري في الثالث من نوفمبر 2019، إلا أن أردوغان قدّمها وجرت في 24 يونيو الماضي. وفاز أردوغان بالرئاسة، كما حقق "تحالف الشعب"، وهو تحالف يضم حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" أكثرية في البرلمان بنسبة 53.7%. وبموجب التعديل الدستوري الذي أُقر بأغلبية شعبية بسيطة (51.4%)، تم إلغاء مكتب رئيس الوزراء وصار بوسع أردوغان تشكيل وتنظيم الوزارات وإقالة الموظفين العموميين دون الحصول على موافقة البرلمان. ورغم أنه رئيس لتركيا منذ عام 2014، إلا أن المنصب الذي يشغله لم يكن يعطيه صلاحيات كثيرة، لأن الدستور التركي يمنح الصلاحيات الكبرى لرئيس الحكومة. غير أن أردوغان استطاع الظهور بمظهر الرجل الأهم لأنه يتزعّم الحزب الذي يختار رئيس الحكومة.بعد أيام، لن يكون فوق أردوغان في منظومة السلطة التركية إلا الله، وسيصير سلطاناً متحكماً بكل شيء، بعد انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي، وافتتاح مرحلة "تركيا الجديدة"، بحسب تعبير الرئيس التركيولكن بعد دخول التغيير الدستوري حيّز التنفيذ، لم تعد هناك حاجة إلى هذه اللعبة. ألغي منصب رئيس الحكومة وصار الرئيس هو مَن يعيّن الوزراء ويقيلهم.
أبرز مواد الدستور التركي الجديد
المادة الرابعة تنص على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية كل خمس سنوات، وفي اليوم ذاته. المادة الخامسة تنص على أن الوزراء لا يحتاجون ثقة البرلمان لتعيينهم، لأن الرئيس الذي يعيّنهم يحصل على الثقة بشكل مباشر من الشعب. المادة السابعة تنص على أن مدة الرئاسة خمس سنوات، ولا يحق للرئيس الترشّح لأكثر من ولايتين على التوالي، ما يعني أن أردوغان يستطيع حكم تركيا حتى عام 2028. المادة الثامنة تمنح رئيس الجمهورية السيطرة على السلطة التنفيذية في البلاد، فيعيّن نوابه ويعيّن الوزراء وينهي مهامهم بحال أراد ذلك، كما يعيّن إداريي الدولة وينهي مهامهم ويحجب الثقة عنهم، وينشر القوانين، ويقترح القوانين الخاصة بتغيير الدستور، ويقرر استخدام القوات المسلحة التركية، ويستطيع إلغاء العقوبات أو تخفيفها عن المسجونين الذين يصابون بآفة مرضية مزمنة أو بالشيخوخة. المادة 11 تسمح للبرلمان التركي بالدعوة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، ولكن هذه الصلاحية مقيّدة بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان. المادة 12 تعطي الرئيس حق إعلان حالة الطوارئ لمدة لا تتجاوز ستة أشهر، في منطقة محددة أو في عموم تركيا. المادة 15 تمنح الرئيس صلاحية اقتراح قانون الموازنة على البرلمان. المادة 18 تلغي القانون القاضي بقطع بمنع الرئيس بعيد انتخابه من أن يكون رئيساً لحزبه.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...