إنّ كاس العالم لكرة القدم مناسبة جامعة لكل البشر بمختلف أعراقهم، وفرصة للاستمتاع بشهر كامل من المنافسة الرياضية الشيقة، التي تجعل الهواة الموسميين للعبة يتمسمرون أمام شاشات التلفاز لمتابعة فرقهم المفضلة.
أما هذا العام بالتحديد، للعرب حصة كبرى في المونديال مع مشاركة أربعة منتخبات عربية: السعودية ومصر وتونس والمغرب، وهي مشاركة تعتبر الأعلى منذ بداية مباريات كأس العالم سنة 1930، مما دفع بـ400 مليون عربي إلى اعتبار المونديال فرصة لإزالة آثار النكسات السياسية والثقافية التي أصبحت ملاصقة لهم كحضارة عريقة فقدت مكانتها تحت الشمس.
بعد المحاولات المتعاقبة والفاشلة للنهوض بالعالم العربي سياسياً واقتصادياً، استبدل المواطن العربي العادي رموزه السياسية والإصلاحية كصلاح الدين الأيوبي والأمير شكيب أرسلان وجمال عبد الناصر والحبيب أبو رقيبة، بنجوم كرة القدم العرب من أمثال "الفرعون" المصري محمد صلاح نجم فريق ليفربول الإنكليزي الذي سحر العالم بأدائه وبأخلاقه العالية.
الرهان على موهبة الفرعون محمد صلاح الفردية لهزيمة المنتخبات الغربية بمفرده لا يختلف بتاتاً عن وهم العرب سنة 1967 بأن المارد الأسمر جمال عبد الناصر قادر على رمي اليهود في البحر وتحرير القدس.
وصوت أحمد سعيد وعلي محمد علي لن يغطي على المأساة العربية المستمرة.
العرب لا يزالون بعيدين كل البعد عن تقديم أنموذج في أي من المجالات، ومن ضمنها كرة القدم، ليبرهنوا للعالم بأنهم على الطريق الصحيح نحو نهضة فكرية أو حتى رياضية.
إن محمد صلاح وقصة نجاحه هي مميزة بالدرجة الأولى كونه استطاع تحقيق الكثير ليس لأنه عربي بل كونه استطاع الوصول إلى النجومية بالرغم من أنه مواطن عربي لم ينل أي تشجيع من شعبه ودولته.
لدى انتهاء مبارات اليابان مع كولومبيا التي فاز بها فريق اليابان، وقبل الانسحاب من الملعب للاحتفال، عمد الجمهور الياباني إلى تنظيف القمامة من مدرجاته، وهو ما قام به جماهير بعض الفرق الأخرى ومنها السنغال.
تلك البادرة ليست مؤشراً على رقي الشعب الياباني فحسب، بل هي دليل على أن تلك البلد التي عاشت تحت الإقطاع الوحشي لقرون والتي دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية، استطاعت النهوض مجدداً عبر النظر إلى المستقبل وليس فقط إلى الماضي المتخيل كما يفعل العرب ومعلقيهم السياسيين والرياضيين.
للأسف سيفشل محمد صلاح ورفاقه في المنتخبات العربية الأخرى في التأهل إلى الدور الثاني تاركين وراءهم الملايين من العرب الباحثين عن أصنام أخرى تقودهم إلى النصر.
هذا الواقع المرير والعقلية السائدة هي النكسة الحقيقة المتجددة التي تجعل الأجيال القادمة من الشباب العربي شركاء في نكسات على مد النظر.
حوّل العرب مباريات الفرق العربية إلى منازلة ضد الغرب من أجل "استرجاع" الأندلس وعظمة الخلفاء المسلمين والفراعنة القدماءفمنطق الشعوب العربية يرى المنتخبات الكروية كبديل للجيوش الجبارة التي فشلت بشكل ذريع في وجه العدو الصهيوني وفضلت استعمال القوة لقمع شعوبها تحت الذريعة البائدة بأن "لا صوت يعلو عن صوت المعركة" ولا حتى صوت الحق. فبدل صوت المذيع المصري أحمد سعيد عبر إذاعة صوت العرب يبشر -أو بألاحرى يضلل- الأمة العربية بالانتصار الساحق للجيوش العربية وتدمير الأسطول الجوي للدولة الإسرائيلة، يظهر لنا الآن المعلق المصري الرياضي علي محمد علي ليحول مباريات الفرق العربية لمنازلة ضد الغرب من أجل "استرجاع" الأندلس وعظمة الخلفاء المسلمين والفراعنة القدماء. المتابع لمباريات المنتخبات العربية-وفي بعض الأحيان المنتخب الإيراني-يصبح بفعل ضغط الجماعة والمعلق العربي، سجين نوع من القومية العربية المستجدة التي تجعل تشجيع الفريق الخصم بمثابة خيانة قومية عظمى يعاقب عليها بالموت الاجتماعي. المشكلة الأساسية لهذه الظاهرة تتمثل بكون الفرق العربية المشاركة في آخر المطاف مجرد انعكاس لشعوبها، لا يختلف أداؤها الفني الكروي عن وضع مجتمعاتها السياسي والاجتماعي المتردي، والخسائر المتعاقبة للفرق العربية الأربع حتى الآن هو خير دليل. كرة القدم، كلإصلاح السياسي، هي مشروع جماعي يتطلب سنوات من التحضير الثقافي والبنيوي قبل أن يتمكن العرب من التفكير في مقارعة الغرب الذي ينعم بالمقدرات المادية الكبيرة، وبخطط عمل مستقبلية مرتبطة بمؤسسات عريقة تستمر بغض النظر عن الأفراد.
الرهان على موهبة الفرعون محمد صلاح الفردية لهزيمة المنتخبات الغربية بمفرده لا يختلف بتاتاً عن وهم العرب سنة 1967 بأن المارد الأسمر جمال عبد الناصر قادر على رمي اليهود في البحر وتحرير القدس.
الرهان على موهبة الفرعون محمد صلاح الفردية لهزيمة المنتخبات الغربية بمفرده لا يختلف بتاتاً عن وهم العرب سنة 1967 بأن المارد الأسمر جمال عبد الناصر قادر على رمي اليهود في البحر وتحرير القدس.
وصوت أحمد سعيد وعلي محمد علي لن يغطي على المأساة العربية المستمرة.
العرب لا يزالون بعيدين كل البعد عن تقديم أنموذج في أي من المجالات، ومن ضمنها كرة القدم، ليبرهنوا للعالم بأنهم على الطريق الصحيح نحو نهضة فكرية أو حتى رياضية.
إن محمد صلاح وقصة نجاحه هي مميزة بالدرجة الأولى كونه استطاع تحقيق الكثير ليس لأنه عربي بل كونه استطاع الوصول إلى النجومية بالرغم من أنه مواطن عربي لم ينل أي تشجيع من شعبه ودولته.
لدى انتهاء مبارات اليابان مع كولومبيا التي فاز بها فريق اليابان، وقبل الانسحاب من الملعب للاحتفال، عمد الجمهور الياباني إلى تنظيف القمامة من مدرجاته، وهو ما قام به جماهير بعض الفرق الأخرى ومنها السنغال.
تلك البادرة ليست مؤشراً على رقي الشعب الياباني فحسب، بل هي دليل على أن تلك البلد التي عاشت تحت الإقطاع الوحشي لقرون والتي دمرت بالكامل في الحرب العالمية الثانية، استطاعت النهوض مجدداً عبر النظر إلى المستقبل وليس فقط إلى الماضي المتخيل كما يفعل العرب ومعلقيهم السياسيين والرياضيين.
للأسف سيفشل محمد صلاح ورفاقه في المنتخبات العربية الأخرى في التأهل إلى الدور الثاني تاركين وراءهم الملايين من العرب الباحثين عن أصنام أخرى تقودهم إلى النصر.
هذا الواقع المرير والعقلية السائدة هي النكسة الحقيقة المتجددة التي تجعل الأجيال القادمة من الشباب العربي شركاء في نكسات على مد النظر.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...