برأت محكمة بحرينية في 21 يونيو زعيم المعارضة الشيعية الشيخ علي سلمان من تهمة القيام بأعمال عدائية داخل البحرين، وقبول مبالغ مالية من دولة أجنبية، في إشارة إلى قطر، مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية في البلاد.
وشمل حكم البراءة أيضاً اثنين من مساعدي سلمان حوكما على خلفية القضية ذاتها. وكانت النيابة العامة قد وجهت للثلاثة تهمة "التخابر مع دولة قطر" من أجل "القيام بأعمال عدائية داخل مملكة البحرين والإضرار بمركزها الحربي والسياسي والاقتصادي ومصالحها القومية والنيل من هيبتها واعتبارها في الخارج".
ويطرح الحكم بتبرئة المعارض الشيعي العديد من الأسئلة، عن الأسباب الحقيقية لإطلاق سراحه، وهل للأمر علاقة برغبة المنامة في التخفيف من حدة الأزمة بينها وبين قطر، وهل سيقفل الحكم باب اتهام البحرين الدائم لقطر بدعم معارضين على أراضيها؟
أكثر من مجرد معارض
لا يمكن النظر إلى علي سلمان باعتباره مجرد معارض شيعي يقلق السلطات البحرينية، بل إن الصورة أوسع من ذلك بكثير. فبحسب العديد من المراقبين كانت محاكمة سلمان بالتهمة المذكورة أقرب إلى محاكمة الدوحة التي تتهمها المنامة بأنها دعمت الاحتجاجات التي شهدتها منذ عام 2011. وتنفي قطر الاتهامات البحرينية، وترى أنها من دون دليل، وتقول إنها تواصلت مع شخصيات معارضة في إطار توسطها لحل الأزمة في البحرين، بطلب من الحكومة البحرينية. والبحرين واحدة من الدول التي قطعت علاقاتها مع قطر في الخامس من يونيو 2017. وبعدها مباشرة طلبت المنامة من جنود قطريين يعملون ضمن القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية مغادرة أراضيها. وتحوي البحرين قاعدة أمريكية تعمل فيها القيادة المركزية للقوات البحرية، وتشمل عسكريين من دول في المنطقة، ينفّذون مهامَّ تتعلق بالحرب على تنظيمات متطرفة في الشرق الأوسط. ويقول المحلل السياسي محمد طلعت لرصيف22 إن وجود القاعدة الأمريكية في البحرين هو ما جعل الولايات المتحدة تغض النظر عن الانتهاكات التي وقعت بحق المعارضين والمحتجين فيها منذ عام 2011 وحتى اليوم. وفي نهاية أكتوبر 2017، اقترح وزير الخارجية البحريني تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي. ويوم 27 مايو، حظرت قطر كافة البضائع والمنتجات المستوردة من البحرين، طالبة من جميع المتاجر والمحلات في البلاد إزالتها من على رفوفها فوراً. وشمل القرار القطري أيضاً البضائع القادمة من السعودية والإمارات ومصر.الهدف ليس قطر
واعتُقل سلمان بتهمتي التحريض على الكراهية وإهانة الدولة في ديسمبر 2014، ثم أدانه القضاء بهاتين التهمتين في يوليو 2015، وحكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات، لكن تم تشديد العقوبة بعد ذلك إلى تسع سنوات، قبل أن تقرر محكمة التمييز، في أبريل 2017، خفض العقوبة إلى أربع سنوات مجدداً. ورأى مراقبون وقتها أن قرار التخفيف هدفه تهدئة الشارع، بعد أن شهدت البحرين عدة تظاهرات حاشدة تطالب بالإفراج عنه.لا يمكن النظر إلى علي سلمان باعتباره مجرد معارض شيعي يقلق السلطات البحرينية، بل إن الصورة أوسع من ذلك بكثير... فبحسب العديد من المراقبين كانت محاكمته بتهمة "التخابر مع قطر" أقرب إلى محاكمة الدوحةوبحسب المحلل السياسي محمد طلعت، لا تستهدف البحرين قطر بأي شكل في الحكم بتبرئة علي سلمان، ويؤكد أن الأمر له أبعاد دولية أكثر منها إقليمة. ويقول: "هناك منظمات دولية حقوقية عدة تهاجم البحرين، كما أعلنت عدة دول مهمة على رأسها الولايات المتحدة، التي تعد حليفاً للبحرين، عن معارضتها لحبس سلمان أكثر من مرة". ويأتي الحكم بتبرئة سلمان بعد أيام قليلة من مطالبة منظمة العفو الدولية للسلطات البحرينية بالإفراج "الفوري" عنه. وهناك هدف آخر من تبرئة المعارض الشيعي البارز، بحسب طلعت، وهو تهدئة الشارع البحريني، ويقول: "لا تتوقف التظاهرات الحاشدة التي تطالب بالإفراج عن سلمان الذي يعده غالبية الشيعة في المنامة رمزاً مهماً لهم". ولا يتوقع طلعت أن يغلق هذا الحكم ملف اتهام المنامة الدائم للدوحة بدعم المعارضة البحرينية، معتبراً أن الأزمة بين البحرين وقطر لن تنتهي بمجرد تبرئة معارض، فالأزمة أكبر من ذلك بكثير، ووصلت بالفعل إلى طريق مسدود. وحل القضاء البحريني جمعية "الوفاق" المعارضة التي كان يترأسها سلمان، والتي كانت تمتلك أكبر كتلة نيابية، قبل استقالة نوابها في فبراير 2011. وفي 12 مايو 2017، قالت وزارة الخارجية البحرينية إن الحكم الصادر على علي سلمان لا علاقة له بوجهات نظره السياسية، وإن "حرية التعبير مكفولة بموجب الدستور البحريني"، مضيفة أن السبب هو إدانته باستخدام خطاب الكراهية والتحريض على العنف ضد الشرطة البحرينية في خطبه العامة، وأن محاكمته كانت "كاملة ومستقلة وشفافة"، وقد حضرها ممثلون عن السفارات الأجنبية والمنظمات غير الحكومية. لكن لم تتوقف المطالبات الدولية بإسقاط التهم الموجهة لسلمان، والإفراج عنه باعتباره معتقل رأي. وتشهد البحرين احتجاجات متقطعة منذ نجاح البحرين بمساعدة جيرانها الخليجيين في قمع الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي بدأت في فبراير 2011، إبان الربيع العربي، والتي طالبت بإقامة ملكية دستورية. وفي مارس 2011، دخلت "قوات درع الجزيرة" المكونة من جنود سعوديين وإماراتيين إلى البحرين، لوقف تلك الاحتجاجات، بناء على طلب حكومة البحرين .ومنذ ذلك الحين، تتشدد السلطات القضائية في أحكامها بحق المعارضين الشيعة. ولا يتوقع المحلل السياسي محمد طلعت أن تؤدي تبرئة سلمان إلى توقف التظاهرات في البحرين "رغم كل محاولات القمع التي تمارسها الحكومة البحرينية"، معتبراً أنه مجرد معارض واحد من أعداد كبيرة تقبع في السجون البحرينية، و"لن تستطيع البحرين الإفراج عنهم لأنها تعلم أن ذلك تهديد حقيقي لها".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com