صباح يوم الـ16 من يونيو، رفعت الحكومة المصرية أسعار المواد البترولية بنسب تراوحت بين 17.4% إلى 66.5%، كما أُعلن رسمياً عن زيادة في أسعار الكهرباء بمتوسط نحو 26% بداية من أول السنة المالية الجديدة، التي تبدأ في الأول من يوليو.
وبالنسبة إلى شركات الأدوية المصرية، فإن كلاً من الوقود والكهرباء عنصران أساسيان يدخلان في عملية تصنيع الدواء وتوزيعه. فالوقود تستخدمه السيارات التي توزع الأدوية على شركات التوزيع، والتي تقوم بدورها بتوزيعه على الصيدليات المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية. أما الكهرباء، فهي ضرورية لتشغيل الأجهزة التي تصنع الأدوية في المصانع.
لذلك، وجدت تلك الشركات أن دورها جاء للدخول في مفاوضات مع الحكومة المصرية للمطالبة بزيادة جديدة في أسعار الأدوية التي تنتجها.
وفي 17 يونيو، قالت وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد "إنه لا زيادة في أسعار الأدوية، على خلفية زيادة أسعار المحروقات".
أعلن رسمياً أن لا زيادة في أسعار الدواء، إلا أن الشركات هددت بشكل واضح بأن عدم زيادة الأسعار يعني عدم إنتاج الأدوية. وانتصرت في النهاية رغبة الشركات.
لكن يبدو أن المصريين تعلموا جيداً أن الفوز في معركة زيادة الأسعار دائماً ما يكون للشركات، وليس للتصريحات الحكومية الرسمية.
وبدأت معاناة المصريين مع أسعار الدواء بعد قرار تعويم الجنيه، في نوفمبر 2016. فبعد ذلك القرار بأسابيع قليلة، وبالتحديد في يناير 2017، زادت أسعار الأدوية المحلية والمستوردة بنسبة وصلت في بعض الحالات إلى 50%.
ورغم أن وزير الصحة المصرية وقتها، الدكتور أحمد عماد، قد ارتفاع أسعار الأدوية قريباً
يقول الدكتور أحمد العزبي، رئيس غرفة صناعة الدواء المصرية، التابعة لاتحاد الصناعات، إن أعضاء الغرفة سيجتمعون خلال ساعات قليلة، لتحديد مدى تأثير قرارات تقليل الدعم عن المواد البترولية والكهرباء على الشركات المنتجة للأدوية في مصر. ويضيف لرصيف22 أن إنتاج الأدوية صار يكلّف أموالاً أكثر بعد قرار تقليل الدعم عن المواد البترولية، "وبالتأكيد ستزيد هذه التكلفة حين تبدأ شركات الأدوية من الشهر القادم بدفع مبالغ أكثر مقابل استهلاكها للكهرباء". وبحسب العزبي، لا مفرّ من زيادة أسعار الدواء، حتى تستطيع شركات إنتاجه الاستمرار في عملها، وبالتالي ضمان توفير الدواء للمصريين.شركات الأدوية المصرية ترى أن دورها جاء للدخول في مفاوضات مع الحكومة المصرية للمطالبة بزيادة جديدة في أسعار الأدوية التي تنتجهاولا يمكن لأية شركة زيادة أسعار الدواء من دون موافقة الحكومة المصرية، سواء أكانت الأدوية تُنتج محلياً، أو يتم استيرادها من الخارج، إذ تفرض الحكومة تسعيرة جبرية على كل أنواع الأدوية التي تباع في الصيدليات المصرية. لكن هذه التسعيرة توضع بالاتفاق مع الشركات.
البدء بإخفاء أدوية؟
يقول صيدلي مصري فضل عدم ذكر اسمه لرصيف22 إن شركات توزيع الأدوية بدأت بالفعل في إخفاء عدد كبير من الأدوية لأنها تعلم أن الأسعار ستزيد خلال أسبوعين على أقصى تقدير. ويضيف أن هناك نقصاً بدأ بالفعل في 18 يونيو يتعلق بعدة أدوية منها أدوية الضغط، والسكر، والقلب، ويؤكد أنه تواصل مع شركتي توزيع تزودان صيدليته بالدواء فقيل له إن الأدوية التي يطلبها غير متوفرة. ويتابع أن أدوية مرض الصرع، ومنها الديباكين والتغريتول، لم تعد متوفرة هي الأخرى، واصفاً تعامل شركات التوزيع مع الأمر بأنه "جشع سببه الرئيسي عدم وجود رقابة حكومية على تلك الشركات". ولا ينفي الصيدلي أن بعض الصيدليات تقوم هي الأخرى بإخفاء أنواع من الأدوية انتظاراً لزيادة سعرها، وبعدها تقوم بلصق السعر الجديد على العبوة مكان السعر القديم. من جانبها، حذّرت نقابة الصيادلة في 18 يونيو من أن رغبة شركات الدواء المصرية في زيادة أسعار الأدوية التي تنتجها، سيدفع ثمنه المريض المصري، مضيفة أن انتشار الخبر سيزيد من عدد نواقص الأدوية في السوق المصرية. وقدّرت وزارة الصحة المصرية في أحدث إحصاء لها عدد الأدوية غير المتوفرة في الصيدليات بسبب قلة إنتاجها بثمانية أصناف فقط ليس لها بدائل، ونحو 134 صنفاً لها بدائل أخرى. لكن الصيدلي يقول لرصيف22 إن أرقام وزارة الصحة غير دقيقة، مؤكداً أن أعداد الأدوية غير المتوفرة حالياً في الصيدليات أكثر من ذلك بكثير. وترى نقابة الصيادلة أن مطالبة الشركات بزيادة أسعار الأدوية التي تنتجها أمر طبيعي، فهدف تلك الشركات الأساسي هو الكسب وليس الخسارة، وزيادة أسعار الوقود والكهرباء سيجعل هامش ربحها يقل. ويتهم مراقبون الحكومة المصرية بأنها لا تضع خططاً علمية حين تقرر رفع أسعار سلع أو خدمات، لكن الحكومة تعتبر أن ما تقوم به في "يصب في مصلحة المواطنين" ويساهم في تصحيح الاقتصاد المصري. وفي السنوات الأخيرة اتخذت الحكومة قرارات اقتصادية عدة اشترطها عليها صندوق النقد الدولي.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين