يعمل الشاب المصري حسام أحمد مسؤول مبيعات في إحدى المكتبات المصرية الشهيرة، وراتبه الشهري 2600 جنيه، أي ما يعادل 150 دولاراً تقريباً. ومنذ سنوات وحلم شراء سيارة صغيرة يراوده، لتنقذه من جحيم استخدام المواصلات العامة التي يلجأ إليها يومياً للذهاب إلى عمله، ويعتبرها "غير صالحة للاستخدام الآدمي"، بحسب تعبيره.
لكن قرارات كثيرة صدرت في مصر مؤخراً جعلت أحمد يلغي فكرة شراء سيارة. يقول لرصيف22: "الحكومة المصرية نجحت في قتل كل أحلامي، الوقود زاد سعره بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة، وأصبح مَن يمتلك سيارة حتى لو صغيرة يحتاج إلى راتب آخر مع راتبه، ليستطيع دفع متطلباتها من وقود وتصليح".
لكن أسعار الوقود ليست الوحيدة التي جعلت الشاب المصري يتخلى عن حلمه البسيط. ففي الخامس من يونيو، وافق مجلس النواب المصري، بشكل نهائي، على مشروع القانون المقدم من الحكومة والقاضي بتعديل بعض أحكام القانون رقم 147 لسنة 1984، ويهدف إلى تنمية الموارد المالية للدولة من خلال فرض رسوم جديدة.
يتضمن القانون قرارات عدة، منها زيادة في أسعار بعض خدمات المرور، إذ تضمن البند الخاص بالسيارات ورخص القيادة، إضافة رسم على رخصة تسيير السيارات الخاصة الجديدة، بنسبة 0.25% من ثمنها إذا كانت السعة اللترية لمحركها لا تزيد عن 1330 سم3، و1% من ثمنها إذا كانت السعة اللترية لمحركها بين 1330 و1630 سم3، و1.75% إذا كانت السعة اللترية لمحركها بين 1630 و2030 سم3 ، و2.5% إذا كانت السعة اللترية لمحركها تزيد عن 2030 سم3.
كما تضمن البند الخاص بتجديد رخص تسيير السيارات الخاصة، رفع الرسوم تصاعدياً بحسب السعة اللترية لمحرك السيارة، لتتضاعف عدة مرات.
وفي ما يتعلق باستخراج بدل فاقد أو تالف للرخص، نص مشروع القانون على فرض رسم قيمته 100 جنيه بدلاً من نحو أربعة جنيهات.
ومن المتوقع أن تعلن مصر عن رفع أسعار الوقود في الأيام القليلة القادمة، ضمن خطة أكبر لرفع الدعم عن كل الخدمات الحكومية بهدف "إيصال الدعم إلى مستحقيه فقط، وإصلاح الاقتصاد المصري"، على حد تعبير الحكومة المصرية في أكثر من مؤتمر صحافي.
ويكمن السبب الرئيسي في رفع أسعار الوقود، بحسب مراقبين كثر، في الاتفاق المعقود بين مصر وصندوق النقد الدولي، والذي يُعرف إعلامياً باتفاقية قرض صندوق النقد الدولي، إذ اشترط الصندوق التزام الحكومة المصرية بأمور عدة منها رفع الدعم التدريجي عن الوقود، وتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، مقابل الحصول على القرض الذي يبلغ 12 مليار دولار.
"الحكومة المصرية نجحت في قتل كل أحلامي بامتلاك سيارة، الوقود زاد سعره بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة، وأصبح مَن يمتلك سيارة حتى لو صغيرة يحتاج إلى راتب آخر مع راتبه"... رسوم جديدة في مصر
رسوم جديدة في مصر... مواطن: "الحكومة أصبحت تبحث عمّا تحتاجه من أموال في جيوب المصريين. بدأت أخاف من أن يأتي يوم ويتم فرض رسوم جديدة على الهواء الذي نتنفسه"وبدأت بعض وسائل الإعلام المصرية المقرّبة من النظام بالفعل بالترويج لزيادات مرتقبة في أسعار الوقود. فموقع اليوم السابع نشر تقريراً بعنوان "هنستحمل زيادة البنزين يتصدر تويتر بآلاف التغريدات"، وهو تقريباً نفس التقرير الذي نشرته مواقع أخرى منها صدى البلد. كما بدأ موقع مصراوي بنشر تقارير تروّج للأمر منها "قبل زيادة الأسعار.. 8 نصائح لتوفير استهلاك السيارة للوقود". وعقّب الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب المصري، على كلمة للنائب سامي المشد تحدث فيها عن ضرورة رفض زيادة أسعار المحروقات، يوم الاثنين، بقوله: "اللي راكب عربية لازم يدفع". يقول حسام ببعض الضيق: "الحكومة أصبحت تبحث عمّا تحتاجه من أموال في جيوب المصريين. بدأت أخاف من أن يأتي يوم ويتم فرض رسوم جديدة على الهواء الذي نتنفسه". ويشمل القانون المذكور أيضاً فرض رسم قدره 200 جنيه عند استخراج جواز السفر أو تجديده، بدلاً من 54 جنيهاً و40 قرشاً. كما يشمل رسوماً أخرى ربما لن تؤثر على المواطن المصري، ومنها رسوم جديدة على إقامة الأجانب وما يتعلق بها، الحصول على الجنسية، إذن العمل، رخص استغلال المحاجر، واستخراج أو تجديد رخصة سلاح.
استقالة الحكومة
لم يخرج المصريون في تظاهرات للمطالبة باستقالة الحكومة في الفترة الأخيرة، على عكس ما حدث مؤخراً في الأردن على سبيل المثال. وقد تقدم المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء المصري، باستقالته من منصبه، أمس الثلاثاء، بعد أيام قليلة من أداء الرئيس عبد الفتاح السيسي لليمين الدستوري لفترة رئاسية جديدة، وهو إجراء روتيني. واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إسماعيل، وكلفه بتسيير أعمال الحكومة والاستمرار في أداء مهامها وأعمالها إلى حين تشكيل حكومة جديدة. ووافق مجلس النواب أيضاً، في جلسته العامة في الخامس من يونيو، على تعديلات قانون الضريبة على الدخل. وأصبحت أسعار الضريبة موزعة على شرائح: الشريحة الأولى، حتى 8000 جنيه في السنة معفاة من الضريبة؛ الشريحة الثانية، أكثر من 8000 جنيه في السنة وحتى 30 ألف جنيه، سيقومون بدفع 10%؛ والشريحة الثالثة، أكثر من 30 ألف جنيه وحتى 45 ألف جنيه سيقومون بدفع 15%؛ والشريحة الرابعة التي تحصل على أكثر من 45 ألف جنيه وحتى 200 ألف جنيه ستدفع ضريبة 20%؛ والشريحة الخامسة أكثر من 200 ألف جنيه ضريبة دخلها 22.5%. تقول أمل محمد، ربة منزل: "بالأمس وأثناء تجمعي مع أسرتي لتناول الإفطار، علمنا بالقرارات الحكومية الجديدة، خصوصاً ما يتعلق بفرض رسوم على شراء خط (موبايل) جديد، ورسوم أخرى تدفع شهرياً عند سداد فواتير الهاتف المحمول كل شهر، نجحت الحكومة في سد أنفسنا عن الطعام، حتى أثناء الإفطار في الشهر الكريم". وينص مشروع القانون المقدم من الحكومة على فرض رسم قدرة 50 جنيهاً عند شراء خط محمول جديد، و10 جنيهات شهرياً عند سداد الفاتورة لخطوط المحمول على أن تلتزم الشركات التي تقدم خدمات المحمول في مصر، وهي أورانج، فودافون، اتصالات، وشركة وي، بتحصيل هذه الرسوم وتحويلها إلى وزارة المالية. "كل يوم تقريباً هناك قرارات مرعبة، وكأن النظام الحالي يظن أن مهمته الوحيدة هي كيفية جمع أموال من المواطنين، دون تفكير في عمل مشاريع اقتصادية حقيقية تنقذ الاقتصاد"، تقول أمل.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين