شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
كوميديا الشيوخ: نمط جديد من الكوميديا وخطاب دينيّ فكاهيّ

كوميديا الشيوخ: نمط جديد من الكوميديا وخطاب دينيّ فكاهيّ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 18 يونيو 201803:21 م
الصورة النمطية لرجل الدين الإسلامي، أو الشيخ، هي أنه جاد متجهم لا يضحك ولا يهزل، ومنهم من يخوِّف الناس طوال الوقت منه مُذَّكِراً إياهم بما ينتظرهم من النيران والوعيد والحرق والشواء والغسلين والصديد. لكن الأمر عند المصريين نقيض ذلك. فالشيخ المصري يستثمر خفة دمه وقدراته الكوميدية في خطابه الديني ومخاطبة جمهوره وجذب أسماعهم وقلوبهم إليه. فكم من متابعٍ لأحد المشايخ أو دعاة الفضائيات لا لشيءٍ إلا لأنه يمازح الناس فيخفف عنهم أعباء الحياة.

الشيخ الأزهري الكوميدي

الشيخ الأزهري المصري الدكتور مبروك عطية الذي يقدم برنامج "الموعظة الحسنة"، لا تخلو مواضيع حلقاته من سخرية من واقع الناس، وربما يصل الأمر أحياناً إلى توبيخ المستفتين الذين يتصلون بالبرنامج.
ففي هذا المقطع، تتصل سيدة به وتحكي قصتها مع زوج ابنتها الذي أغضب ابنتها، ثم قدمتْ شكوى عليه لدى السلطات، ولم تكتفِ زينب بذلك بل حشدت عشرين رجلاً واستغلت انشغال الناس بالانتخابات الرئاسية واستولوا على محتويات شقة زوج ابنتها، ثم قامت بتطليق ابنتها واستدعت شهود زور على أنها لم تحصل على عزال شقة ابنتها وتطالب به كما أنها حرمت زوج ابنتها من رؤية أولاده. تسرد زينب القصة والدكتور مبروك عطية يتعجب ويسخر من ذلك، فيسألها مثلاً: ممعاكيش طبلة. إنت حد مأجرك عليا يا بت. وكانت زينب قد ذكرت أن هذه الواقعة كانت في انتخابات السيسي، فيسألها مبروك عطية: وايه اللي جاب انتخابات السيسي للعدوان والافترا . فتجيب السيدة زينب : ما هو من أيامها. فيرد عطية: وبتكيليلي ورا بعضه ورا بعضه ورا بعضه وبتعترفي انك حايشين العيال عنه، ويسألها: عايزة تدخلي الجنة؟ فتجيب زينب: طيب يا دكتور هو عاوز يشوف العيال ولما جه عندنا يشوف العيال ضربناه. فيرد عطية متعجباً: ضربتوه؟! عشان تدخلوا الجنة ولا عشان يعملولكو تمثال؟! فترد: احنا ضربناه عشان اتجوز .
"لما ابوسك وتيجي مقربة عشان يبوسك ييجي واخدك بالبونية موقَّع سنانك في حنكك اللي هو بقك"
"المظاهرات غيرت الناس اتعودوا يصوتوا لأ ارجعي.. ارجعي تاني لفطرتك ..البنت من جمالها حيائها دا من جمالها"
فيعقب مبروك عطية ساخراً: آه ضربتوه عشان اتجوز ابن كلب حرامي قليل الأدب كفر بالاسلام يا نهار اسود ويسألها: يعني بنك مخلِّفة (أي لديها أبناء منه)منه كام؟ فتجيب: بنتين. فيسألها ثانية: وفيه عريس جه الدار وشرب الشاي وعاوز يتجوزها(يقصد ابنة زينب المطلقة)؟ فترد: لا مفيش حد لحد دلوقتي. فيعقب فاتحاً يديه: ولا حد حيجيلك ولا يعبَّرِك (أي يلتف إليكي) ما دام عرفوا إنك فِتِّواية وخدتي العزال يوم الانتخابات بتاع السيسي وعجنتوا الراجل عجن لما جه يشوف عياله مين حيتجوز بنتك! مش حيتجوز بنتك إلا واحد يقدر يخبطك بالشومة راخر (أي هو الآخر). ثم يسألها: طب سؤالك إيه يا زينبُ؟ (بالتأكيد على فتح الزاي وضم الباء في كلمة زينب). فترد زينب ويا لعجب الرد الذي استفز مبروك عطية، فانهال عليها برده: حرامين اتنين وأربع حرامات وتمانين حراماً بالتمييز (يقصد التمييز في النحو العربي) يابت حرام مين يا بت حرامين وأربعة يا بت اشبعي حرامات حرام عليكي يا اختي الواد يشوف عياله يا حبيبتي وسيبك من اللي راح بقا ما دام طلقتوها وعرفتوا تشتكوا لكن يشوف ولاده وولاده يشوفوه ليكبروا ولاده ويقولولك خدي يا جدة زينب كده تعالي لما ابوسك وتيجي مقربة عشان يبوسك ييجي واخدك بالبونية (بلكمة) موقَّع (أي مُسقطاً) سنانك في حنكك اللي هو بقك (أي فمك) يعني بالموضة الواد يشوف عياله يحرك الجواز على اللي بيجوزه بالطريقة آدي الواد يشوف ولاده وولاده يشوفوه حتولَّعي يا زينب انتي واللي جابوكي للي عملتوه دا عدوان.

الكوميديا السلفية ونقاب الموضة

ويسخر أحد شيوخ السلفية الشباب في هذا الفيديو من نقاب الفتيات المختلف عن النقاب التقليدي، فيقول: البنات المنقبات مش عارفين مبقوش زي زمان بصراحة فيه حاجة... ويستطرد متهكماً: نفسي أنزل.. ولا أعمل كتاب.. ولا أعمل فلاير ولا أفتح قناة .. يعني نعمل حاجة: تبرجتُ ونسيتُ أنني منتقبة . ويواصل متعجباً: مش النقاب بقى شكله عجيب شوية؟! مش النقاب بقينا نشوفه ملون شويتين!.. وضيق بعض الشيء!.. ومجسم إلى حدٍ ما، ويتابع الشيخ مبتسماً: والعين مكشوفة بشكل أو بآخر.. والحواجب بقت ما شاء الله.. وجونتي نسيناه مش موجود.. وعاملين كده،( ورسم بأصابعه شكل القلب) ومنزلين صورنا على الفيس ولابسين طوق ودبوس وشنطة ضهر (أي ظهر) مقسمة جسمي أصلاً.. وواقفة مع ولاد (أولاد شباب) في الشارع وشلة ولاد وبنات صداقة بريئة في الله بحدود واحترام وأدب وأخلاق وعفة.. مش جديد الكلام ده شويتين .. يعني ايه؟ ..فيه ايه؟ ويرد الشيخ الشاب على نفسه: مبقولش اقلعي النقاب احنا ملصمينك (أي بالكاد هكذا جيد) بس بقول مش جو دين ده ،ويتسائل فين الحياء؟.. فين السِتر؟.. فين الخوف؟.. فين رجائك إن ربنا سبحانه وتعالى يقبلك ويغفرلك ذنوبك؟.. فين اصوت الواطي اللي كنا بنعرف بيه الأخوات المتدينة الجميلة الحيية؟ ..فين الحياء اللي كان بيخليكي متقعديش تعمل ويشير بيديه ما يعرف بالعامية المصرية (تشويح). ثم يتابع: المظاهرات غيرت الناس اتعودوا يصوتوا لأ ارجعي.. ارجعي تاني لفطرتك ..البنت من جمالها حيائها دا من جمالها. عمالين نعمل حاجات زينة في الحجاب الشرعي.. وعاوزين نفضل مسمينه شرعي. ويرد الشيخ على التعليقات التي يتوقع أن تأتي من الناس بشكل ساخر: أقلك التعلقيات؟ طب وهو ايه الحرام في الدبوس؟.. وقولي ايه الحرام في الحركة دي (اشارة القلب بالأصابع).. يعني لو عملتها كدة على اليمين حتبقى كويسة ؟ ..عشان شمال يعني ؟ ..مين قال إن الموضوع له علاقة بالشمال؟.. على فكرة انت نيتك وحشة، على فكرة الجونتي فيه خلاف، على فكرة الألوان مفيهاش مشكلة.

قصص كوميدية لتوصيل العظة والعبرة

وبعض المشايخ يعتمد على حكايات وأقاصيص ليجذب الجهمور إليه ويوصل العبرة أو الدرس الأخلاقي الذي يريد توصيله من خلال القصة، فمثلاً يحكي الشيخ السلفي الشاب محمود المصري قصة إمام مسجد في مصر في زلزال سنة 1992 قفز من فوق المصلين عندما سمع صوت الزلزال، فيقول الشيخ مبيّناً كيف يجب أن تكون عزيمة الشخص وهو يصلي، وجاء الزلزال وهو في الصلاة: تبص تلاقي واحد يقولك ايه يعني زلزال ييجي وأنا بصلي وأنا ساجد وبين ايدين ربنا وأموت وأنا ساجد. ويحكي الشيخ ماذا حدث بالفعل: أهو احنا كنا بنصلي ساعتها وكنا في الركوع الإمام بيصلي بينا صلاة العصر الله وأكبر نزل ركع حصل الزلزال، هنا يجذب الشيخ الجمهور: تخيل حضرتك إن الإمام اللي بيصلي بينا طلع يجري من فوقينا، ويبتسم قائلاً: يعني تخيل طبعاً مفاجأة لا تخطر على قلب بشر احنا قلنا فيه حد بيلعب نطة الانجليز وإحنا بنصلي العصر واخد بالك ولاقينا اللي بينط من فوقينا.
ويحكي محمود المصري قصة له دعا فيها سيدة أمريكية إلى الإسلام مستخدماً نفس تقنيات الضحك والمزح والفكاهة. ويحكي أيضاً قصة القبض عليها مازجاً الحكي بالسخرية والكوميديا.

آراء

يؤيد الدكتور سعيد محفوظ مدير المركز الإسلامي بميلانو فكرة استخدام الفكاهة في المحاضرات والدعوة بشكل عام، ولكن بشرط أن يكون المزاح منضبطاً ونابعاً من الموضوع وخادماً له، وكذلك يستخدم كشاهد على صحة الحدث ووسيلة لاقناع المتلقي. ويضيف محفوظ أنه يحبذ الفكاهة كوسيلة جذب وعامل ترويج للفكرة ومساعدة الجمهور على التركيز، وأشار إلى أن التاريخ زاخر بالأمثلة في هذا المضمار. وأكد الكاتب والداعية محمد صدقي الشيخ أن الفكاهة أمر طيب، شريطة ألا تنقلب إلى سخرية من المستفتي. وأضاف أن المزح والفكاهة يساعدان على جذب كثير من الناس إلى الخطاب الديني بعيداً عن التشدد والتملق. وأوضح الشيخ أن استخدام الفكاهة في الخطاب الدين ليس مقتصراً على مشايخ مصر وحدها بل يمتد إلى دول أخرى كالمغرب والسعودية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image