شهدت أخيراً فكرة مشاركة المرأة العربية في العمل الدعوي الإسلامي جدالاً كبيراً، وعلى الرغم من ظهور أكثر من داعية إسلامية ذات ثقل شرعي، لا يزال هناك مَن لا يحب أن يتعامل مع داعية امرأة لأسباب دينية أحياناً، متعلقة بقوامة الرجل عليها، التي يجدها مبرراً لعدم الاستفادة من علمها الشرعي. ولأسباب اجتماعية في أحيان أخرى في ظل استمرار النظرة إلى المرأة العربية على أنها أقل من الرجل، ولا تستطيع أن تقوم بالمهمات التي يقوم بها.
رصيف22 تحدث مع الداعية الإسلامية ماجدة الروبي التي تعطي دروساً دينية أسبوعية للنساء في عدد من المساجد بالقاهرة، لمعرفة كيف يتعامل المجتمع معها باعتبارها تتولى حالياً سلطة دينية، هناك مَن يرى أنها يجب أن تقصر على الرجال.
تقول الدكتورة الروبي أنها تعمل في مجال الدعوة منذ نحو 10 سنوات، وقد تخرجت في معهد إعداد الدعاة بعد دراسة عامين حصلت بعدهما على إذن بإعطاء الدروس الدعوية في المساجد بجانب سلطة الإفتاء، للنساء اللواتي يدرسن الشرع معها.
أي أنها لا تفتي للرجال. رغم ذلك لم تسلم من انتقاد بعض الرجال.ما تقوم به الروبي ليس ثورة أو أمراً مستهجناً، فهي تعطي دروساً في حب الله لنساء. أي أنها لم تقتحم عالم الرجال وتعطيهم دروساً. لكنها رغم ذلك تواجه استهجان مجتمع الذكور.
الدين الإسلامي ساوى بين الرجل والمرأة في الدعوة إلى الله بدليل أن نساء رسول الإسلام بعد وفاته تولين شؤون الدعوة ونقلن أحاديث الرسول ونصائحه ودروسه
رؤية المجتمع إلى المرأة الداعية
تدير الروبي حلقة دعوية تعطي فيها درساً كل يوم سبت، وقد أطلقت عليها اسم "العاشقات لله" كونها خصصت دروساً لتعليم السيدات كيفية عشق الله. تعلم النساء كيف يركزن في صلاتهن تماماً ويبعدن عن أنفسهن عن أي مؤثر خارجي، هذا بجانب تعليمهن مناجاة الله ودعاءه وطلب عفوه ومغفرته بطريقة صحيحة على غرار رابعة العدوية، وهو تعليم أقرب للطريقة الصوفية. ما تقوم به الروبي ليس ثورة أو أمراً مستهجناً، فهي تعطي دروساً في حب الله لنساء. أي أنها لم تقتحم عالم الرجال وتعطيهم دروساً. لكنها رغم ذلك تواجه استهجان مجتمع الذكور. تقول إن هناك من يرون المرأة غير قادرة على تأدية أدوار بعينها من ضمنها الدعوة إلى الله، مشيرة إلى أن رجالاً أقاربها اعترضوا على عملها في مجال الدعوة، وقالوا إن هذا العمل محصور بالرجال لأن لديهم قدرة أكبر على تحصيل العلم الشرعي. برأيهم، هم قوامون على النساء، بالتالي، يصبح من الأفضل أن تتلقى النساء علومهن الشرعية من الرجال لا ممن هن مثلهن ولو تساوين مع الرجال في الدرجات العلمية. بعض أقاربها مثلاً، قرروا أن يعلموا بناتهم العلم الشرعي على أيدي مشايخ رجال، الأمر الذي يعكس استمرار وجود النظرة الذكورية المجتمعية إلى بعض أعمال المرأة، وعلى رأسها العمل الدعوي. في المقابل، هناك رجال آخرون يقدرون عملها الدعوي، بل إن هناك مَن يطلب منها فتاوى شرعية في قضايا لا تتمحور حول النساء فقط.الدين والمرأة الداعية
الذكورية برأيها في المجتمع وليست في الدين. وأعرافه هي التي تجعل تقبل مهنتها لدى البعض أمراً صعباً وليس تشريعات الدين. تتحدث الروبي عن رأي الدين الإسلامي ورؤيته إلى المرأة الداعية، فأكدت أنه ساوى بين الرجل والمرأة في الدعوة إلى الله بدليل أن نساء رسول الإسلام (زوجاته وبناته...) بعد وفاته تولين شؤون الدعوة، ونقلن أحاديث الرسول، ونصائحه، ودروسه إلى بقية المسلمين من دون أن يُمنعن ولم يُنظر إليهن نظرة سوء. وكانت على رأس هؤلاء الداعيات، السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق زوجة الرسول التي كانت نقلت عدداً كبيراً من أحاديثه إلى المسلمين بعد وفاته وصل إلى ما يقرب من 1200 حديث. وزينب بنت علي بن أبي طالب، حفيدة الرسول التي عرفت بعلمها الشرعي الغزير ونقلها عن جدها أحاديث نبوية شريفة كثيرة، وغيرهما كثيرات.آراء الدعاة الرجال
للدعاة الإسلاميين من الرجال آراء في عمل المرأة في المجال الدعوي، من ضمنهم الشيخ مصطفى راشد، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء الإسلام من أجل السلام، الذي أكد موافقته على عمل المرأة في مجال الدعوة، لأن السيدة عائشة - زوجة الرسول - كانت تقوم بهذا العمل، وهي أولى السيدات اللواتي عملن في مجال الدعوة، وأكثر السيدات فهماً وحفظاً للدين الإسلامي. ولم يمانع راشد أن يأخذ الرجال العلم الشرعي عن النساء العالمات بالدين والعارفات بالله، مشيراً أيضاً إلى أن السيدة عائشة علّمت المسلمين شؤون دينهم بعد وفاة الرسول، كما لم يمانع من أن تصلي المرأة بالرجل إماماً شرط أن يكون هناك فاصل حاجب بينهما. من جهة أخرى، ترى رباب كامل، الناشطة النسوية المصرية ومؤلفة كتاب "نساء في عرين الأصولية الإسلامية" الذي رصد حقيقة اضطهاد المرأة ممّن يدّعون الدين الإسلامي والمجتمعات الإسلامية، أن عمل المرأة في العمل الدعوي حق من حقوقها لا يستطيع أن يمنعها منه أحد، كما أن من حقها أن تدعو الرجال كما يحدث في المجتمعات العربية. وأكدت كامل أن هناك مهناً، بخاصة الدينية، كانت مقصورة على الرجال، منها وظيفة الداعية، ووظيفة المأذون، الأمر الذي انتهى أخيراً، بعدما انتشرت الداعيات الإسلاميات في مصر، كما انتشرت وظيفة المأذون السيدة أيضاً وذاع أمرها. في الوقت نفسه، تنتقد كامل الداعيات كونهن كرسن دعوتهن للحديث عن إخضاع المرأة للرجل، وتأصيل فكرة النقص دينياً وعقلياً عندها، وهذا أمر يجب ألّا يكون من النساء، ومن المفترض أن يتحدثن عن حقوق المرأة في الإسلام وكيف كرّمها، معتبرةً أن هذا دورهن الأساسي لتخليص المجتمع العربي المرتبط بالدين بشكل كبير، من هويته الذكورية التي تقف حائلاً أمام المرأة لتنجح وتكبر في أي مجال. تقول الروبي إن ما تقوم به لا يعتبر تحدياً حقيقياً للمسلمات، فهي في آخر الأمر تعطي دروساً للنساء. التحديد الحقيقي هو أن يقبل علمها من الرجال أيضاً، إذ أكدت أنها تحلم في يوم من الأيام أن يعترف الرجال بدعوتها وأن يستمعوا لدروسها ويتعلموا منها حتى لو بشكل غير مباشر أي من خلال دراسة محاضراتها على شبكة الانترنت. وختمت أن نساء الرسول كان لهم دور كبير في تعليم الرجال شؤون الإسلام بعد وفاة الرسول.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...