شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
إذا كنتم تعانون من المشاكل فإن هذه المقالة ستفيدكم حتماً

إذا كنتم تعانون من المشاكل فإن هذه المقالة ستفيدكم حتماً

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 13 يونيو 201801:17 م
من منا لا يعاني من المشاكل في حياتنا الشخصية، الأسرية، العملية، مع أنفسنا ومع الآخر؟ تحصرنا العقبات، وتقف أمامنا كل يوم مشكلة جديدة، أحياناً نتجاوزها أو نحلها أو حتى نسخرها لمصلحتنا وأحياناً أخرى لا نستطيع. غير أن المشاكل لا تنتهي في كل الأحوال، لذلك هي تستميل تفكيرنا وتهدر أوقاتنا. فهل تساءلنا يوماً عن ماهية المشكلة؟ هل لها جوانب إيجابية؟ هل هناك طريقة صحيحة للتعامل مع مشاكلنا؟ هنا سنحاول الرد على تلك التساؤلات التي تشغل عقولنا جميعاً، ربما تكون الإجابة عليها مدخلاً لحل مشاكل تؤرقنا.

في مديح المشكلة

يُعرّف علماء النفس المشكلة بكونها العائق الذي يحول بين المرء وممارسة الحياة على نحو أفضل. غير أن الطبيب النفسي والشاعر إبراهيم السيد يرى أن هذا التعريف مشروط بالإحساس بالمشكلة. يضيف السيد لرصيف22: "لا يمكن الجزم بأن هناك مشكلة من الأساس دون الشعور بها، فالمشكلة تعتمد على مدى إحساسنا بها". يفرق صاحب ديوان "أحد عشر كوكباً" بين إحساس الحيوان بالمشكلة وإحساس الإنسان، فالأول يشعر من خلال الإدراك الحسي أنه في مشكلة ما كأن تكون بطنه توجعه مثلاً، هنا المشكلة موجودة والشعور بها أيضاً ولكن الإدراك الحسي غير كاف لحلها أو التفكير فيها بشكل منطقي. يكمل إبراهيم: "أما الإنسان فهو لا يكتفي بالشعور بالمشكلة فحسب بل عن طريق الإدراك العقلي يبحث عن أسباب المشكلة وطرق حلها، لذا فنحن نتساءل حين نشعر بألم في بطوننا على الفور: ماذا أكلنا؟ ولماذا نشعر بالألم؟". ويؤمن إبراهيم أن هذا الفارق في التعامل مع المشاكل السبب الرئيسي في تطور البشرية. ويوضح: "في الوقت الذي كانت تهرب فيه الحيوانات من الصعوبات التي تواجهها، كان الإنسان يقف أمام تلك الصعوبات مبتكراً طرقاً لترويضها واستغلالها لخدمته".

الوعي الزائف يسود

ولكن ليس كل البشر على القدر نفسه في التعامل مع المشاكل... فلماذا؟ يجيب السيد: "بالطبع، والسبب في ذلك يرجع إلى الوعي. كنا قد أشرنا إلى الإدراك الحسي والإدراك العقلي، وهنا علينا نشير إلى الوعي". via GIPHY ويُعرّف إبراهيم الوعي بأنه الحالة العقلية التي يتم عبرها إدراك الواقع والحقائق التي تدور حولنا، وذلك عن طريق تواصل الشخص العاقل مع محيطه واستيعابه للأمور المختلفة، مما يجعله يعقد المقارنات والمقاربات حتى يتشكل وعيه. ويضيف: ولكن ليس كل وعي يمكن اعتباره وعياً حقيقاً، هناك نوع من الوعي يُعرف باسم "الوعي الزائف". ويُعرّف إبراهيم الوعي الزائف بكونه وعياً مضللاً للتفكير العقلاني السليم، موضحاً أن السبب في انتشار هذا النوع يرجع إلى المؤسسات التي تشكل الوعي العام مثل المؤسسات الدينية والتربوية والإعلامية. ويشرح: "هذه المؤسسات قد تضلل العقول، سواء عن قصدية أو بحسن نية، فرجل الدين مثلاً لديه تفسير للمشاكل التي يقع فيها الإنسان، فإن سألته مثلاً: لماذا فشلت في مشروعي؟ ربما تكون إجابته: لأنك محسود. أو لأنها ليست مشيئة الله. هو يرجع سبب الفشل إلى تفسير غيبي "الحسد"، هذا التفسير يؤمن به تماماً، ويعرف جيداً كيفية الشفاء منه. ولكن، هل هذا هو السبب الحقيقي في فشل مشروعي؟"
لا يمكن الجزم بأن هناك مشكلة من الأساس دون الشعور بها، فالمشكلة تعتمد على مدى إحساسنا بها.
الإنسان الذكي أو ذلك الذي يملك قدرة عالية من الادراك العقلي دائماً ما يتوقع المشاكل قبل حدوثها ويحمي نفسه منها
ويرى إبراهيم أن المؤسسات الإعلامية كذلك تلعب هذا الدور، ربما لأغراض تخدم سلطة الدولة، لذا فإنها تفسر أسباب المشاكل على نحو مضلل، وهو ما يعرف بـ "التضليل الإعلامي". ويلفت السيد إلى خطورة تلك المؤسسات والتبعية لها قائلاً: "تحدثنا عن الإنسان المبتكر الذي وقف أمام مشاكل العالم وحلها، هذه المؤسسات وقفت أمام هذا المبتكر، والتاريخ الإنساني زاخر بالمواجهات بين رجال الفكر والعلم ورجال الكهنوت، فالأول يؤمن بقدرة الإنسان على تجاوز العقبات بينما الثاني يؤمن أن ما يصيب الإنسان من خير وشر هو قضاء وقدر، ويتنظر الحل دائماً من السماء". ويبيّن إبراهيم أن الوعي الزائف يسود في المجتمعات المتخلفة البدائية بعكس الوعي الحقيقي الذي هو سمة الأمم المتقدمة. ويقول: "هنا تمكن الخطورة، فأولى الخطوات لمعالجة أية مشكلة لا بد من إرجاعها لسببها الجذري والحقيقي، أما ما تفعله المؤسسات الدينية فإنها تقطع الطريق الصحيح على صاحب المشكلة وتفتح له طريقاً آخر غير صحيح بالمرة، ربما يؤدي إلى هلاكه".

كيف نحل مشاكلنا بطريقة صحيحة؟

يؤكد السيد أن السؤال الأصح: متى نبدأ في حل المشكلة؟ via GIPHY يجيب إبراهيم على تساؤله موضحاً: "المشكلات تمر بثلاث مراحل كما هو متعارف عليه في علم النفس. مرحلة النشوء، مرحلة الاكتمال، مرحلة الأزمة". ويشير إلى أولياء الأمور الذين يأتون إلى مصحات علاج الإدمان وقد عصفت بهم الأزمة، يتساءلون: إبننا مدمن ولا نعرف كيف نتصرف معه؟ هنا يتوجب سؤالهم: في أي مرحلة هو؟ من خلال إجابتهم يمكن للمعالج النفسي أن يكتشف مدى خطورة الحالة المعروضة عليه. يوضح السيد: "الإنسان الذكي أو ذلك الذي يملك قدرة عالية من الادراك العقلي دائماً ما يتوقع المشاكل قبل حدوثها ويحمي نفسه منها. لماذا بطني تؤلمني؟ لأنني أكلت من الشارع. العاقل لا يأكل من مطاعم غير مضمونة من الأساس، لذلك فإن المقولة الشهيرة "الوقاية خير من العلاج" على جانب كبير من الصحة، والعقلانية أيضاً". يعود بنا إبراهيم إلى أولياء أمور الشخص المدمن مشيراً إلى أنهم لم يتوقعوا يوماً مثل تلك الفرضية وإلا فما وصل بهم الحال للشكوى أمام طبيب نفسي، لذلك فكثيراً ما نراهم في دهشة وحيرة: هل فعلاً سقط إبني فريسة الإدمان؟ يقول إبراهيم: "هنا شعر أولياء الأمور بالمشكلة بعد الوقوع فيها، وكان عليهم أن يتوقعوا منذ البداية أن إبنهم في خطر، وكان يجب عليهم الوقاية من خلال احتوائه والتعرف على أصدقائه ومتابعة التغييرات التي تطرأ عليه". يشرح السيد مراحل المشكلة موضحاً أن حالة النشوء هي الإنذار الأول بالخطر، في حالة الادمان مثلاً، تعرف المدمن على شاب آخر طلب منه أن يجرب، مجرد التجربة، وقد فعل، هنا علاقته بالشاب الآخر وكذلك بالمخدرات لا تزال في البدايات والاقلاع عنها في غاية السهولة، وكل ما على الأسرة، أو على الشخص نفسه فعله هو أن يبتعد عن هذا الصديق وهذه الطريق. مرحلة الاكتمال: أصبحت الصداقة قوية، والتعاطي بشكل دوري، بدأ الجسد يستجيب للمخدر، والعامل النفسي يستريح للصديق وللحالة التي يحصل عليها عقب التعاطي. مرحلة الأزمة: أصبح الشخص مدمناً بالفعل، بل أصبح إدمانه خطيراً فهو لا يتردد في سرقة الأسرة للحصول على المخدرات، لقد سيطرت عليه تماماً حتى بات هو نفسه مصدراً للخطر، العلاج في تلك المرحلة سيكون الأصعب بلا شك. via GIPHY لحل تلك المشكلة – والمشاكل الأخرى كذلك- علينا أن نتبع عدة خطوات كما يوضح السيد. 1-    تحديد المشكلة في جملة واحدة وواضحة: ما هي مشكلتي بالضبط؟ 2-    البحث عن إجابة واضحة وحقيقية: الإدمان. 3-    جذور المشكلة: لماذا أدمنت هذا النوع من المخدر؟ مشاكل مع الأسرة، الإحساس بالوحدة والضياع، الحصول على لذة وسعادة، الانفصال عن الواقع... . لكل واحد منا أسبابه الخاصة، كما لكل واحد منا مشاكله الخاصة. 4-    تحديد موقعك من المشكلة: أنا في مرحلة النشوء سأحل المشكلة الجذرية. في مرحلة الاكتمال: يمكنني مساعدة نفسي والابتعاد عن هذا الأمر. في مرحلة الأزمة: سأستعين بمن يهتم بأمري لأنني أصبحت غير مسيطر على أفعالي.

هل يمكن حل جميع مشاكلنا بتلك الطريقة؟

يؤمن إبراهيم أنه بإمكاننا أن نطبق هذا على معظم مشاكلنا، مثلاً في حالة رسوب طالب بدراسته: لماذا رسبت؟ لأنني لم أذاكر جيداً ولم أستطع تحصيل المواد كلها بنفس القدر. ماذا سأفعل؟ هنا يأتي تحديد موقعه من المشكلة، سأوفر وقتاً أكبر، وسأستعين بمن يساعدني في المواد التي لم أستطع هضمها. ويضيف: "نحن هنا نتحدث عن المشاكل الحياتية التي تواجه الإنسان العادي، ولكن هناك نوعاً آخر من المشكلات التي يعجز الإنسان عن حلها تماماً كأن تكون بلاده تعاني من ويلات الحرب، أو يصاب بمرض خطير أو حتى كارثة طبيعية تعصف بمسكنه وتشرده... هذا ما نطلق عليه الكارثة". ويختم إبراهيم "في هذه التحديات الكبرى يأتي دور الدول وحكوماتها لحل تلك الأزمات العظيمة، فهي القادرة على أن تجنب شعبها الحروب، وهي التي تدفع بالبحث العلمي لإيجاد علاج للأمراض المستعصية، حتى الكوارث الطبيعية فإن الدول القوية كفيلة بها ويمكننا أن نتذكر الأعاصير التي اجتاحت أمريكا أو الزلازل التي تضرب اليابان، من خلال تلك التحديات تظهر قوة الدول الحقيقية، فكما أن الأزمات تبرز أقوى ما فينا، كذلك يحدث مع الدول".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image