أثار إعلان مصر بث 22 مباراة بكأس العالم في روسيا على المحطات الأرضية، تساؤلات جمهور كرة القدم عن مصير وتداعيات هذه الخطوة.
ومع استمرار الجدل حول مدى قانونية ذلك من عدمه، يلوح في الأفق سيناريو الغرامة الثقيلة التي مُني بها الاتحاد المصري، بعد إذاعته لمباراة المنتخب القومي مع غانا في تصفيات إفريقيا عام 2014، والمُقدرة بنحو مليوني دولار.
وتلعب مصر بالمجموعة الأولى مع منتخبات روسيا والسعودية وأوروجواي، إذ تعود بعد 28 عامًا من الغياب إلى البطولة التي تستمر منافساتها من 14 يونيو إلى 15 يوليو.
"السكوت علامة الرضا"
برغم حصول شبكة beIN sports على حقوق بث مباريات المونديال في منطقة الشرق الأوسط حتى العام 2030، فجَرت الهيئة الوطنية للإعلام مُفاجأة بإعلانها أن التليفزيون المصري سيذيع 22 مباراة من إجمالي 64، إلا أن البعض يرى أنها ليست أكثر من مجرد "مزحة للاستهلاك المحلي". وتقول الهيئة في بيانها إنها عندما تخلف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لمدة يومين عن الرد على طلبها شراء بث 28 مباراة، قررت التوجه إلى جهاز حماية المنافسة المصري الذي قرر حق مصر في إذاعتها مجانًا على البث الأراضي. https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1658707284248296&id=356341247818246 هذه التطورات التي تأتي قبل بضعة أيام من أول مباراة لمنتخب مصر مع منتخب الأوروجواي، الجمعة المقبل، لم تتوقف عند هذا الحد. فقد قال الدكتور أمير نبيل، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إن الفيفا لم يجرِ أي مزايدة عند بيع بث مباريات كأس العالم بمنطقة الشرق الأوسط، بينما أعط "فيفا" فرنسا وأنجولا حق البث الأرضي دون مشكلات. وأضاف نبيل، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد موسى على فضائية "صدى البلد"، أن الجهاز أوقف قرار الفيفا بعدم التعاون مع التليفزيون المصري بشأن بث مباريات كأس العالم، وسيتم إحالة قضية فساد الفيفا إلى النيابة المصرية لاتخاذ الإجراءات القانونية.بين سيناريو غرامة غانا وامتيازات بريطانيا وفرنسا
وفي صفقة دولية هي الأكبر لكرة القدم في أي مسابقة رياضية، باع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) حقوق بث منافسات كأس العالم مقابل 1.85 مليار دولار. وعلى وقع الصدام السياسي المُستمر بين الدوحة والقاهرة، قررت مصر في 2014 إذاعة مباراتها مع منتخب غانا في تصفيات كأس العالم، التي انتهت بنتيجة ساحقة لمصلحة الأخيرة ب 6 أهداف مقابل هدف. ومثلما تفعل الآن، نوّهت قناة الجزيرة الرياضية (بين سبورت حاليًا)، المالكة لحقوق بث المباراة، حينذاك بأنها ستتخذ الإجراءات القانونية ضد المعتدين على حقوقها. وفي نهاية الأمر دفعت مصر غرامة مقدارها مليونا دولار للفيفا. ومع قرار "الوطنية للإعلام" الأخير، تذكر العديد من مُشجعي وخبراء الكرة سيناريو الغرامة وسط تعليقات ساخرة واستهجان لطريقة مسؤولي الكرة في إدارة المسألة من البداية، وتحذيرات من "الحط علينا، ولبس غرامات بالعبيط" من الفيفا. يأتي هذا في وقت تبذل السعودية جهودًا مع "فيفا" من أجل الحصول على حقوق مشاهدة وبث 22 مباراة، تشمل مباريات المنتخب السعودي حال تأهله للنهائيات، وسط توقعات بفشلها. واستند مسؤولون مصريون في قرارهم ببث المباريات مجاناً إلى ما فعلته وستفعله بريطانيا وفرنسا، وحكم محكمة العدل الأوروبية في العام 2011 لمصلحة بريطانيا ضد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) و(فيفا) بعد دعوى أقامتها الحكومة لعدم بيع حقوق بث بطولتي كأس الأمم الأوروبية وكأس العالم حصرياً على قنوات مُشفرة. وفي 18 يوليو 2013، رفضت محكمة العدل الأوروبية طلب الاستئناف ضد الحكم الصادر، وتأييد حق دول الاتحاد الأوروبي في منع بث كأس العالم وكأس أوروبا لكرة القدم على قنوات مشفرة، وطالبت الاتحادين الدولي والأوروبي للعبة ببثها على قنوات مجانية. وعندما حان موعد كأس العالم بالبرازيل 2014، تمسكت بريطانيا ببث جميع مباريات البطولة لجميع السكان المحليين. وفي النسخة الحالية ستتقاسم هيئة الإذاعة البريطانية BBC وشبكة ITV البث مجاناً في المملكة. وأوضح محامون أن ما فعلته بريطانيا مرتبط بوجود تشريعات قانونية مثل قوانين منع احتكار البث، وهذا غير موجود في مصر. وفي تصريحات لموقع "ف الجول" الرياضي المصري، قال المحامي الدولي نصر عزام إن محكمة العدل الأوروبية أوردت في نص حكمها أن "الدول الأوروبية لديها الحق في اختيار بث الأحداث التي تعدّ مهمة للمجتمع بشكل مجاني من دون أن تحرم أياً من العامة حقه في المشاهدة المجانية". وكانت بلجيكا من الدول التي نجحت في الحفاظ على حقوق البث لمباريات كأس العالم ومباريات البطولة الأوروبية مجاناً نتيجة حكم مماثل، وفق ما أوضحت BBC.تقشف في زمن "التشفير"
وتتجه المغرب إلى بث مباريات مونديال روسيا مقابل 20 مليون دولار بعد شراء الحقوق من شبكة "بين سبورت". وقبل العام 1998، كانت التليفزيونات العربية تبث منافسات البطولة على مختلف قنواتها، قبل أن تبدأ أزمة بيع حقوق البث، بعدما قرر "الفيفا" منحها لجهة واحدة بعد كأس العام بفرنسا. وكان الفيفا تعاقد مع اتحاد الإذاعات والتليفزيونات العربية لبث البطولة طوال 20 عامًا، منذ 1978 إلى 1998. ومع مونديال اليابان 2002، ظهرت معاناة جماهير الكرة العرب من "تشفير" المباريات الذي احتكرته شبكة "ART" ثم تخلت عن احتكارها لمحتكر آخر، هو قنوات الجزيرة الرياضية (beIN sport) ، بدءاً من مونديال 2010. وفي دول عربية، مثل مصر، اعتادت نسبة كبيرة من جماهير الكرة مشاهدة المباريات عبر شاشات كبيرة ومتوسطة في المقاهي والأندية، التي تحصل عليها عبر اشتراكات في شبكة "beIN sport". وفي وقت يبدو حديث الحكومة عن عزمها بث المنافسات بشكل مجاني مجرد دعابة قد تنال اهتمام من طحنتهم الظروف الاقتصادية الحالية، لا سيما في بلاد اعتمدت إجراءات تقشفية قاسية، وتحظى فيها كرة القدم بشعبية كبيرة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...