"إيران تكذب". بهذه الجملة، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما قال إنه خداع طهران للعالم، حول مشروعها النووي. وبينما هو يكمل الحديث في مؤتمره الصحافي، واقفاً أمام ما قال إنه وثائق سرية تكشف الكثير عن هذا المشروع، ظلت جملة "إيران تكذب" ثابتة لوقت طويل على شاشة ضخمة خلفه.
في 30 أبريل 2018، كانت إيران على موعد مع ضربة سياسية جديدة موجهة إليها من إسرائيل، إذ عقد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو مؤتمراً صحافياً في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب، قال فيه إن إيران كذبت بشأن عدم سعيها إلى امتلاك أسلحة نووية.
وأضاف نتنياهو أن طهران واصلت الحفاظ على خبراتها المتعلقة بالأسلحة النووية، بل أنها عززت تلك الخبرات، بعد توقيع اتفاق 2015 مع القوى العالمية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بثقة، إن قادة إيران نفوا مراراً السعي إلى امتلاك أسلحة نووية، قبل أن يكمل: "الليلة أنا هنا لأقول لكم شيئاً واحداً: إيران تكذب".
وزعم أنه بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، كثفت إيران جهودها لإخفاء ملفاتها السرية، وفي عام 2017 نقلت ملفات مشاريع التسلح النووي إلى موقع سري للغاية في طهران.
وأشار نتنياهو إلى أن إيران تواصل الحفاظ على خبراتها المتعلقة بالأسلحة النووية وتعززها لاستخدامها في المستقبل.
أبرز ما كشفه نتنياهو
يمكن اعتبار أن أهم ما كشف عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي، هو ما وصفه بأنه "ملفات سرية نووية" متعلقة بـ"مشروع عماد" الإيراني، وتؤكد أن إيران كانت تسعى سراً إلى إنتاج أسلحة نووية. تحدث نتنياهو بالإنكليزية في المؤتمر، في إشارة إلى أنه يستهدف الدول الغربية في الأساس، لجعلهم يغيّرون موقفهم من الاتفاق النووي الإيراني، قبل 12 يوماً من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ما خص انسحاب بلاده من هذا الاتفاق. وكشف نتنياهو أن إسرائيل استطاعت الحصول على "آلاف الصفحات" من الوثائق التي تؤكد أن إيران خدعت العالم بإنكار أنها كانت تسعى إلى إنتاج أسلحة نووية، حسبما قال."الليلة أنا هنا لأقول لكم شيئاً واحداً: إيران تكذب"... عن "مهارات الساحر" التي امتلكها نتنياهو على "المسرح" وعن "مشروع عماد" النووي الإيراني
مؤتمر نتنياهو الصحافي لم يقدّم أية معلومات مثيرة للدهشة حول مشروع إيران النووي، ووكالة الطاقة الذرية كانت تعلم بمضمون ما تحويه الوثائق التي عرضها وكذلك الولايات المتحدة والقوى الأوروبيةويتعارض ما تحدث عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي مع موقف إيران المعلن، إذ لطالما زعمت أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية، متعلقة بإنتاج الطاقة، ولا أهداف عسكرية له، قبل وبعد عام 2015 الذي شهد موافقتها على الحد من برنامجها مقابل رفع العقوبات عنها. وبحسب ما جاء في مؤتمر نتنياهو، كانت إيران تطبّق مشروعاً للتسلح النووي حتى عام 2003، يحمل اسماً سرياً هو "مشروع عماد". لكن نتنياهو أشار في المؤتمر إلى أن طهران استمرت في مشروعها للتسلح النووي حتى بعد وقف "مشروع عماد". وعرض نتنياهو "نسخاً طبق الأصل"، بحسب وصفه، من وثائق سرية "نجحت المخابرات الإسرائيلية في الحصول عليها من مخزن سري في طهران" قبل أسبوعين.
ما هي هذه الوثائق؟
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي عن نصف طن من الوثائق، موزعة على 55 ألف صفحة و183 قرصاً صلباً، وتكشف تفاصيل مشروع عماد. ويهدف المشروع، بحسب نتانياهو، إلى "إنتاج خمسة رؤوس نووية، تبلغ قوة كل منها ما يعادل قوة 10 كيلوطن من مادة تي أن تي شديدة الانفجار". وأكد نتنياهو أن الوثائق تثبت أن إيران كانت تكذب عندما قالت إنه لم يكن لديها قط برنامج نووي، مضيفاً أن بلاده سلّمت نسخة من الوثائق إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهي بصدد تقديم نسخة أخرى للوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما أعلن أنه تحدث إلى زعماء فرنسا وألمانيا بشأن المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية وأنه يزمع إرسال ممثلين عنه إلى البلدين لنقاش ما فيها من معطيات. وترى الاستخبارات الإسرائيلية أن إيران تهدف من وراء تخزين أسرار برنامج عماد السري إلى استخدام كل تلك المعلومات "في الوقت الذي تختاره لتطوير سلاح نووي"."مزاعم قديمة"
تعليقاً على ما أفاد به نتنياهو، نفت إيران ما اسمته "المزاعم الإسرائيلية" معتبرة على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أن كل تلك الوثائق هي إعادة صياغة لمزاعم قديمة، كانت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قد تعاملت معها بالفعل في الماضي. وبالفعل، فإن وزارة الخارجية الفرنسية أكدت أن المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية عن طبيعة غير مدنية للبرنامج الإيراني كانت قد كشفت عنها القوى الأوروبية عام 2002. وبعكس ما أراده نتنياهو، أكدت الوزارة على ضرورة الإبقاء على الاتفاق النووي وعمليات التفتيش التي تجريها الأمم المتحدة. وبحسب إيران، فإن نتنياهو "مدمن على الكذب ويفتقر إلى الأفكار" والهدف من مؤتمره الصحافي هو التأثير على قرار ترامب بشأن الاستمرار في الاتفاق النووي الإيراني أو الانسحاب منه. وفي أول تعليق لها، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها "لا تملك أي مؤشر له مصداقية عن أنشطة في إيران على ارتباط بتطوير قنبلة نووية بعد العام 2009". وفي حين قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن طهران "أخفت عن العالم والوكالة الدولية للطاقة الذرية أرشيفاً نووياً ضخماً"، قال ترامب إنه تابع جزءاً من الشرح الذي قدمه نتنياهو في المؤتمر معتبراً أن سلوك إيران "غير مقبول". وأضاف أنه سيتخذ قراره النهائي في ما يخص بقاء بلاده ضمن إطار الاتفاق النووي الإيراني بحلول يوم السبت، الموافق 12 مايو الجاري. مضيفاً: "سنرى ما الذي سيحدث"."ساحر على خشبة المسرح"
واهتمت العديد من وسائل الإعلام العالمية بمؤتمر نتنياهو. وقالت صحيفة التايمز البريطانية في تقرير، إن المؤتمر لم يكن سوى "عرض مسرحي لم يقدّم أي جديد". واعتبرت أن المؤتمر لم يقدّم أية معلومات مثيرة للدهشة حول مشروع إيران النووي، مشيرةً إلى أن وكالة الطاقة الذرية كانت تعلم بالفعل مضمون ما تحويه هذه الوثائق، وأن الولايات المتحدة كانت تعرف أيضاً كل تلك المعلومات منذ سنوات عدة. وبحسب الصحيفة، فإن هذه المعلومات هي في الأساس أحد الأسباب التي دعت دول العالم إلى إبرام الاتفاق النووي الإيراني. وفي تعليقها على أداء نتنياهو في المؤتمر، قالت إنه كان يتحدث وكأنه يمتلك مهارات ساحر على خشبة المسرح.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...