يترقب العالم يوم الثاني عشر من مايو المقبل، الذي من المفترض أن يُحدد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقف بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، في ظل تهديده بإعادة العقوبات ومحاولة أوروبية للحفاظ على هذا الإتفاق الذي توصلت إليه إيران والولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا عام 2015.
منذ توليه الرئاسة الأمريكية، وحتى خلال حملته الانتخابية، لم يكف ترامب عن انتقاد الاتفاق النووي الإيراني، إذ يصف تارة بـ"الأسوأ على الإطلاق" وتارة أخرى بـ"الكارثة"و"السخيف"، بينما أعطى مؤخراً مهلة لما أسماه تصحيح عيوب الاتفاق مهدّداً بالإنسحاب منه.
وكان ترامب حدّد بداية العام عدداً من الشروط لتبقى بلاده داخل الاتفاق، ومنها سماح إيران بالتفتيش الفوري لكل مواقعها التي طلبها المفتشون الدوليون، قائلاً إن على القانون الأمريكي أن يربط بين برنامجي الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى ليجعل إجراء طهران لاختبارات صواريخ سبباً في فرض عقوبات صارمة.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول أمريكي قوله إن ترامب يريد من الكونغرس الأمريكي تعديل القانون الخاص بمراجعة مشاركة الولايات المتحدة في الاتفاق النووي، ليتضمن بنوداً تسمح للولايات المتحدة بإعادة فرض عقوباتها إذا ما تم انتهاكها.
إيران تهدّد بالإنسحاب أيضاً
في الوقت الذي تهدّد فيه الولايات المتحدة بالخروج من الاتفاق، قالت إيران إنها ستخرج من الاتفاق في حال خرجت أمريكا. وتوعّد مستشار خامنئي في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي بالرد بخطوات انتقامية في حال انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، مشدداً على أن بلاده ليست مستعدة لقبول اتفاق النووي لن يجلب إليها منافع. ورأى ولايتي أن "الطرفين الأوروبي والأميركي يتقاسمان الأدوار خلف الستار. الفرنسيون يقولون يجب ألا تملك إيران برنامجاً صاروخياً والبريطانيون يحتجون على حضور إيران الإقليمي". ويرى بعض المحللين أنّه من الصعب جداً أن تنصاع إيران لشروط ترامب، وفي وقت سابق قال ريتشارد نيفيو، الخبير السابق في العقوبات الإيرانية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، إن تحقق شروط ترامب سيعتمد على ما إذا كان الرئيس يريد سبيلاً لحفظ ماء الوجه مع الإبقاء على الاتفاق النووي بغطاء سياسي يتمثل في تشريع أمريكي صارم، أم أنه يريد حقاً إعادة صياغة الاتفاق.حدّد ترامب بداية العام عدداً من الشروط لتبقى بلاده داخل الاتفاق، ومنها سماح إيران بالتفتيش الفوري لكل مواقعها التي طلبها المفتشون الدوليون، قائلاً إن على القانون الأمريكي أن يربط بين برنامجي الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى ليجعل إجراء طهران لاختبارات صواريخ سبباً في فرض عقوبات صارمة
في حال نفّذ ترامب تهديده بالانسحاب من الاتفاق النووي، ستجد آلاف الشركات الأجنبيّة نفسها أمام موقف صعب بعدما وقعت صفقات بمليارات الدولارات مع إيران...واعتبر نيفيو أن التشريع يمكن صياغته ليبدو وكأنه يخفف مخاوف ترامب لكن من المستحيل أن تقبل إيران بعمليات تفتيش دولية غير مقيدة أو بعدم وجود حدود زمنية لقيود الاتفاق النووي.
دعوة أوروبية لعدم الإنسحاب
تبدو الدول الأوروبية متمسكة بالاتفاق النووي الإيراني، إذ سارعت فرنسا إلى التأكيد على التمسك بالاتفاق النووي الإيراني، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده لن تنسحب من الاتفاق النووي مع طهران، كي لا تخلي الساحة في الشرق الأوسط للفوضى. وشدّد ماكرون، في كلمة ألقاها أمام الكونغرس الأمريكي، على ضرورة التأكد من عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية على الإطلاق، لكن في المقابل توقع انسحاب ترامب من الاتفاق وقال "لا أعلم القرار الأمريكي لكن التحليل العقلاني لكل تصريحات الرئيس ترامب لا يقودني للاعتقاد أنه سيفعل كل شيء للبقاء في الاتفاق". أمّا ألمانيا فاعتبرت أن هذا الاتفاق غير كاف لضمان كبح طموحات إيران واحتوائها، وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه يجب أن يكون هناك توافق بين أوروبا والولايات المتحدة حول هذا الموضوع، معتبرة أن الاتفاق النووي الإيراني مرحلة أولى ساهمت في إبطاء أنشطة إيران على هذا الصعيد بصورة خاصة.اشتعال النزاع في المنطقة
يرى المحللون أن انهيار الاتفاق النووي الإيراني وعودة إيران إلى برنامجها سيزيد من خطر المواجهة في المنطقة، لأن الحلفاء الرئيسيين لواشنطن في الشرق الأوسط ومنهم إسرائيل والسعودية مصممون على تراجع النفوذ الإيراني، هذا بالإضافة إلى تهديد إسرائيل في الماضي بقصف المواقع النووية الإيرانية لمنعها من الحصول على أسلحة. ويعتمد تحديد الرابح والخاسر من الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني بشكل كبير على الطريقة التي ستتصرف بها الدول الأخرى، حسب المحللة أليكس فاتانكا من معهد الشرق الأوسط في واشنطن التي تفسّر أنه في حال خرجت أميركا من الاتفاق "يمكن للدول الأخرى القول إننا نلتزم بالصفقة وفي حال حصول هذا الأمر لن يكون الوضع كارثياً على الاستثمارات في إيران". ورأت وكالة "بلومبرغ" أنّ الصين وروسيا قد تكونان من المستفدين على الساحة الدولية في حال عودة العقوبات الأمريكية، لا سيّما أن روسيا تحارب بالفعل وتنتصر إلى جانب إيران في الصراع السوري. واعتبرت الوكالة أن تراجع الاستثمارات الأوروبية والأمريكية يبشّر بطفرة جديدة لبعض الشركات الصينية والمستثمرين الرئيسيين في إيران الذين وقّعوا بالفعل اتفاقيات بمليارات الدولارات في قطاعات النفط والصناعة والنقل.الإقتصاد الإيراني وسعر النفط
في السنوات الأخيرة، انتعش الاقتصاد الإيراني بفضل رفع العقوبات لكن الانتعاش الاقتصادي لا يزال هشاً، وفي هذا الإطار قالت سوزان مالوني، الباحثة في معهد "بروكنغز"، إنه إذا أخذنا المجموعة الكاملة من العقوبات الأمريكية بما في ذلك فرض عقوبات على استيراد النفط الخام الإيراني، فإن الوضع الاقتصادي الإيراني الهش سيتدهور بالتأكيد. وكان الريال الإيراني انخفض مقابل الدولار الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة، وفقدت العملة الإيرانية ما يقرب من ثلث قيمتها خلال العام الماضي، فيما تشير تقارير إعلامية إلى أن الانخفاض كان أكثر حدة في بورصات السوق السوداء. ولكن من جهة أخرى يشير المحللون إلى أن إيران تمتلك رابع أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم، بالإضافة إلى نحو خمس احتياطيات الغاز الطبيعي. وكان إنتاج إيران زاد منذ تخفيف العقوبات إلى حوالي 3.8 مليون برميل في اليوم، بمقدار مليون برميل نفط إضافي يومياً عن معدل عام 2015، أي قبل التوقيع على الاتفاق، وإذا فرضت عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيرانية فالعرض العالمي سيتأثر مما سيتسبب في ارتفاع الأسعار.الشركات الأجنبية
أوضح موقع "سي ان ان" أن أكبر الصفقات التي تم توقيعها مع شركات أجنبية حتى الآن كانت مع شركات الطيران، فقد ووقعت "بوينغ" صفقة بقيمة 8 مليارات دولار، لبيع 80 طائرة للخطوط الجوية الإيرانية بعد رفع العقوبات، ومن المقرر تسليم أول دفعة من الطائرات خلال العام الجاري. وقالت "بوينغ" إن مبيعات طائراتها إلى إيران ستدعم مباشرة عشرات الآلاف من الوظائف في الولايات المتحدة، وأن 100 ألف موظف في "بوينغ" يستفيدون من تلك الصفقة. بالإضافة إلى "بوينغ"، استفادت "إيرباص" من رفع العقوبات فوافقت على بيع 100 طائرة إلى إيران مقابل 10 مليارات دولار أمريكي. وكانت شركة "توتال" وقعت اتفاقاً بقيمة ملياري دولار للمساعدة في تطوير أحد حقول الغاز في إيران بالاشتراك مع شركة النفط الوطنية الصينية، وحذرت "توتال" من أن اتباع نهج صارم من ترامب يمكن أن يقضي على تلك الصفقة. كما حظيت شركة "جنرال إلكتريك" الأمريكية بعقود بملايين الدولارات من الطلبات من إيران، كما أعلنت شركة "فولكس فاغن" الألمانية أنها ستبدأ ببيع السيارات في إيران لأول مرة منذ 17 عاماً.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعتين??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 22 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون