"حب بلا حدود" مسلسل سعودي أثار الرأي العام لتناوله قصة محورها تحرر فتاة من العادات والتقاليد وتفضيلها السفر والعمل على الزواج.
مخرج هذا العمل هو مجتبى سعيد، الحاصل على جائزة "أفضل مخرج سعودي"، عام 2015. وهو يكشف في حواره مع رصيف22 كواليس المسلسل ورؤيته للتغيرات الانفتاحية في السعودية.
عرّفنا بك.
أنا مجتبى سعيد، مخرج سينمائي سعودي ولدت في الدمام، درست علوماً ثقافية بألمانيا وتقدمت للمعهد العالي للسينما هناك، وكان الأمر بالغ الصعوبة، وقُبلت مع 5 آخرين من بين 600 مشترك، من خلال فيلمي الأول "حياة" ببرلين.
أخرجت قبل التحاقي بالمعهد فيلمين هما "ليمون أخضر" و"بوصلة" من إنتاج شركة "نوافذ" التابعة للإعلامي والفنان ناصر القصبي، وقد أتاحا لي الفوز بجائزة أفضل مخرج سعودي في برنامج "عيون سعودية" في العام 2015.
بعد دخولي المعهد، أنتجت أفلاماً عدة هي "كفاحي" وهو من تأليفي، و"الطاووس" 16 مم وهو فيلم قصير، و"بعد الموت" وهو روائي وثائقي ثم "الظلام هو لون أيضاً". وفي العام 2017 أخرجت مسلسل "حب بلا حدود".
تجربة "حب بلا حدود" تعد جديدة على الفن السعودي، كيف تراها؟
غير صحيح، فإذا لم ينتبه العرب لوجود دراما سعودية، فهذا أمر آخر، لأن الحركة الفنية موجودة في السعودية منذ الستينات والسبعينات. كان الدعم أقل مما نشهده اليوم ولم يكن هنالك احتفاء من الناس بالفن.
أنت منحاز للسينما والفن السعوديين، كيف ترى التغيّر الحادث في بلادك؟
في فترة الصحوة الدينية بالسعودية، التي أسدل عليها الستار، تم التضييق على الفنون بشكل عام، وبالتالي على طاقات المبدع السعودي، لكن الوضع الآن تغيّر مع التحول الكبير الذي تشهده المملكة ويراه العالم.
الفن اليوم في السعودية يدعم بصناديق، وتتحرك أكبر مؤسسات الثقافة لتبنّي المواهب. هذا ما تقوم به الهيئة العامة للثقافة ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي "إثراء"، أحد أهم الصروح الثقافية العصرية.
هذا الدعم ليس للسينما وإنما للفنون كلها. وأشكال الدعم تبدأ من توفير البيئة والإنتاج إلى حمل هذه الأعمال إلى العالم. هذه التحولات نلمسها كل يوم وسنجني ثمارها في السنوات التالية.
من أين تبدأ السينما السعودية؟
لدينا خزان حكايات وغنى على المستوى البصري والجغرافي والطبيعي، وكذلك على المستوى الثقافي والإرث الاجتماعي. كانت هناك صعوبة نتيجة غياب آليات للصناعة نفسها، أما الآن فباتت الأمور منظمة بفضل مجلس أفلام تابع لهيئة الثقافة وهيئات ومعاهد حكومية وجامعات كلها تتضافر من أجل استثمار الإبداع السعودي سينمائياً وفنياً، كما أن هنالك توجّهاً لبناء معاهد سينمائية ولتعليم التمثيل.
هل أتى "حب بلا حدود" كرد فعل نتيجة الانفتاح؟
سبق أن تكلمنا في أعمالنا عن أشياء محرمة لم يكن يتكلم المجتمع السعودي عنها. علماً أن المسلسل أتى بشكل متزامن مع الانفتاح في السعودية برغم أن كتابته وتصويره تمّا قبل ذلك.
لو ظهر المسلسل قبل التغيير، لما وجد صدى أو متابعة، لكنه الآن يعمل كصادم للمشاهدين لأنهم وجدوا أنفسهم فيه.
تجربة المسلسل ليست عادية، هل تحدثنا عنها؟
أخرجته لاقتحام منظومة الإنتاج التلفزيوني بالمنطقة الخليجية والعربية، التجربة كانت مغرية برغم تحفظي عن النص الذي احتاج إلى عمل كثير في ورشة سيناريو في وقت ضيق جداً لتحريره من الدائرة الدرامية، علماً أن الممثلين كانوا متحمسين لتطوير النص أثناء التصوير.
استعنت بأخي الكاتب السينمائي علي سعيد في الورشة التي ضمت أيضاً الكاتبة الإماراتية أفنان القاسمي، لكن جهة ما في الانتاج رفضت إعادة الكتابة، وطلبت الاحتفاظ بالإطار العام للنص كما كتبته المخرجة هيفاء المنصور.
ماذا عن الصعوبات التي واجهت هذا العمل؟
كثيرة، منها غياب كاتبة النص عن الورشة، وقد طلبتُ مراراً من الجهة المنتجة توفير طرق تواصل مع الكاتبة، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك. الحيز الزمني الذي وضع للمسلسل، وهو 30 حلقة، كان تحدياً كوني قادماً من السينما، وهي منطقة اختزال وتكثيف، وهو ما تم تجاوزه إذ صورنا العمل خلال 74 يوماً مع 1000 كومبارس و30 شخصية رئيسية، منهم ممثلون من العالم العربي.
وهنالك صعوبة أخرى هي تصوير العمل باللهجة الحجازية "لهجة أهل جدة"، وهو ما أربك العمل، لأنه جاء متأخراً بقرار انتاجي، لاعتبارات ذات علاقة بانتماء الشخصيات الرئيسية.
هل عارضت أسرتك فعلاً دخولك الفن كما قدمك ناصر القصبي في برنامجه؟
هذه مبالغة أثيرت في البرنامج. الفنان ناصر القصبي قال إن والدي كان قاضياً شرعياً (شيخاً)، ربما ليوصل رسالة إلى الداخل السعودي، مفادها أن لا تعارض بين الدين والفن. وهذا صحيح من هذا المنطلق.
كان والدي رحمه الله من الداعمين الأساسيين لي في صناعة السينما. هو من أرسلني للدراسة في ألمانيا، ودعم دراستي في المعهد السينمائي، كما دعم أول أفلامي "حياة" مادياً ونفسياً من دون أن يسأل عن ماهيته، كان كل همه أن يكون ولده سعيداً في ما يعمل، أي في السينما.
وهذا الأمر ليس طارئاً. فأختي أزهار فنانة تشكيلية من جيل التسعينيات، بدأت الانخراط في الحياة الفنية عام 1993، واقامت معرضها الأول عام 1997، أي في ذلك العقد الزمني "المعقد"، عندما كان ظهور اسم الفنانة التشكيلية السعودية في الصحافة نادراً، وكان معظم المجتمع في سجن الصحوة الدينية.
في هذه الأجواء، نشأت حيث اعتزاز الأب وحبه لأبنائه يفوقان كل شيء. وهو أمر طبيعي في الأسر الطبيعية، لأن الفن رغم كل شيء يعيش منذ القدم في وجدان المجتمع السعودي.
[caption id="attachment_145822" align="alignnone" width="700"] خلال تصوير مسلسل "حب بلا حدود"[/caption]
كيف تقرّبت من الطبيعة الألمانية لدى إخراجك فيلم "الظلام هو لون أيضاً"؟
هو فيلم سيكودرامي يتحدث عن صياد يفقد السيطرة على غابته. الفيلم حصد تقديراً نقدياً لأنه فيلم فني محض.
ليس ضرورياً أن يكون المخرج ألمانياً ليخرج فيلماً في ألمانيا، لكن يجب أن يكون فاهماً للطبيعة الألمانية.
ما لفت انتباهي خلال سنواتي الأولى في ألمانيا وجعلني أتحمس للفيلم، هو أن هناك بقعة صغيرة من الغابة داخل المدينة، كأنها تُركت هكذا ليعرف الناس طبيعة المكان الأصلية، بعيداً عن الكتل الإسمنتية، لتصير المسافة بين الإنسان والطبيعة قصيرة جداً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...