انتقلت من مصنع الملابس إلى عالم الموضة، ومن دائرة الرومانسية الحالمة إلى عوالم الراقصات الشعبيات. خلطة غير مستقرة رسمت الأداء التصاعدي للفنانة الشابة ياسمين رئيس في ذهن الجمهور المصري.
ظهورها الأول أمام كاميرا محمد خان في فيلم "فتاة المصنع" جعل عارضة الأزياء السابقة تحصد 6 جوائز من مهرجانات مختلفة، لتشق بها الطريق إلى فئة نجوم الشباك.
وفي "بلاش تبوسني"، الذي يعرض حالياً في سينمات القاهرة ودبي، تجسد ياسمين شخصية "فجر" الممثلة الصاعدة التي ترفض أداء قبلة من دون إضفاء الخدع السينمائية، تجربة أحيت أسئلة التيار المحافظ عن غياب السينما النظيفة في مصر.
إلا أن ياسمين التي تعشق أفلام الأبيض والأسود، تتحفظ كثيراً على الداعمين لمصطلح "السينما النظيفة"، كما تؤمن بأفكار تتعارض مع تصنيفات النقاد بشأن أدوار الإغراء.
عن أزمة الفن والتيار المحافظ وسينما محمد خان، يدور حوارنا مع ياسمين رئيس.
لماذا أثارت "فجر" كل هذا الجدل؟
فجر فنانة شعرت بالضيق من أداء القبلة السينمائية بعد كابوس غريب حول حياتها. الفيلم يرصد التغيير غير الطبيعي في حياة شابة انتقلت من ممثلة وراقصة إلى ملتزمة دينياً ترفض تمثيل قبلة.
رصدتُ ردود أفعال متبانية، هناك أناس فرحوا بالفيلم وأعجبتهم فكرته، ومجموعات أخرى لم تفهم فكرته وروجت أننا ندعو للتقبيل في السينما، والحقيقة أن الجمهور نفسه لم يعبّر عن ضيقه من الفيلم بسبب التقبيل، لكن بعض الناس ظنوا أننا نخدش حياءهم من خلال الاسم.
وما رأيك في نموذج فجر؟
هذه النماذج نقابلها في حياتنا، شخصيات متغيرة ومنقلبة على أوضاعها من النقيض إلى النقيض، تجدها متطرفة جداً في اليمين أو في اليسار.
كل فرد في المجتمع معرض لهذه التجارب، وهذا ينطبق على أمثلة التحرر الفكري والثقافي والديني، فالأمر له علاقة بالثقافة والأفكار والنشأة والبيئة الحاضنة لك.
بشكل عام، لا أمتلك الحكم على هذه التجارب، تحدُث لي أحياناً تغيرات كبيرة في أفكاري حسب تطور علاقاتي وخبراتي، لكن لم أصل لمرحلة التطرف.
هل كشف "بلاش تبوسني" أزمة التيار المحافظ في مصر؟
بكل تأكيد واقتناع أقول لسنا مجتمعاً محافظاً. الناس في مصر يحبون مشاهدة كل شيء من دون قيود، وتحديداً الأشياء الحلوة، فالبيوت والمقاهي تذيع أفلاماً قديمة عبر روتانا زمان لنجوم يرتدون ملابس قصيرة ويؤدون قبلات ساخنة.
لكن هناك من يدعو إلى عودة السينما النظيفة.
أنا تربيت على الأفلام القديمة الجميلة، وأرفض مصطلح "السينما النظيفة" التي ينادي بها البعض لمنع القبلات والملابس القصيرة. فما نفعله الآن لا يعبّر عن السينما غير النظيفة مثلاً.
هل تشعرين بأنك تغردين في سرب خاص؟
لا أغرد وحدي في السرب، الصحافيون هم من يصدرون صورة سلبية ويوجهون الجمهور لشعارات مثل السينما النظيفة والأخلاقية.
أرى الناس في مصر عاديين جداً ويشاهدون المسلسلات التركية بما فيها من قبلات وفنانات بملابس حرة، ويُحضرون الراقصات إلى أفراحهم، ويحبون ويعرفون معنى "الفرفشة".
برأيك، هل الفن ضحية لانتشار هذه الأفكار؟
الفن يدفع فاتورة انتشار الأفكار الوهابية، أناس يحبون المشي مع التيار وأناس لا يحبون، وأنا من الفئة الثانية.
فكرة المجتمع المحافظ اكتسبتها من قراءاتي حول انتشار الفكر الوهابي بدءاً من السبعينيات وتطبيق نظام الإعارات عن طريق تحجيب النساء واعتزال الفنانات على أيدي الشيوخ.
وما هو كتالوج ياسمين رئيس في السينما؟
أمثل ما يعيشه المجتمع وما يشاهده، لو أن السيناريو طلب مني قبلة أو ارتداء ملابس قصيرة أو معانقة حبيبي، أفعل هذا كله، لأنه موجود في المجتمع وأشاهده باستمرار بأم العين على كوبري قصر النيل. الطبيعة المصرية كتالوجي.
ألا يزعجك وصفك بالممثلة الجريئة أو المثيرة؟
الإعلام يصنع تصنيفات خاطئة، كالجريئة والمثيرة. ما تعلّمته هو أن الجرأة عكس الجبن، وأنا جريئة ولست جبانة. اخترت أن أكون جريئة في قراراتي واختياراتي الفنية.
قد يفهم من كلامك أنك تروجين لسينما الإغراء؟
لا أعرف ما المقصود بسينما الإغراء، وما معاييرها بالنسبة لأهل الفن والجمهور؟ ممثلات الإغراء اللواتي تصفهن أنت كذلك، هن "ستات حلوة" والناس يحبون التفرج عليهن لأنهن حلوات.
حالياً، ليس هنالك مشاهد إغراء في السينما، فلا تجد البكيني أو القبلات، علماً أن أجيالنا تحارب من أجل ارتداء ملابسها بحرية، فهل هذا "إغراء"؟
غنّيتِ مرتين، فهل تكررين ذلك مستقبلاً؟
غنيت في الشيخ جاكسون، الذي رشحته مصر لجوائز الأوسكار، وفي "البحث عن أم كلثوم" الذي عرض في مهرجان فينيسيا، وكان تجربة جيدة، أسعى لتكرارها.
وما الفرق بينك وبين صابرين في تجسيد شخصية أم كلثوم؟
فرق كبير، صابرين جسدت قصة حياتها من الريف إلى قمة الهرم الغنائي، أما في "البحث عن أم كلثوم" فجسدت شخصية غادة التي تمثل ثومة فقط لا غير.
هل أنت من مريداتها في الأساس؟
لم أكن كذلك، كنت أسمع أغانيها ولا أفهمها في طفولتي. لاحقاً أحببت أغانيها وتعرفت على شخصيتها وحياتها بعيداً عن كونها الصوت الأقوى في مصر، ثم وجدت نفسي مشدودة لجبروتها.
البعض يراكِ محظوظة لترشيح أفلامك للمهرجانات.
لا أريد تصنيفي هكذا، علماً أن مجموعة من أفلامي مثل فتاة المصنع ومن ضهر راجل وهيبتا وواحد صحيح كانت سبباً في نجاحي وتكريمي، هذا يعني أن المهرجانات تطاردني، لكني لا أخطط للاشتراك فيها.
لكنك محظوظة أيضاً في العمل مع المخرج الراحل محمد خان في فتاة المصنع.
بلا شك، فقد كنت أشاهد أفلام محمد خان وأحبها قبل أن أعرفه، كنت أحلم بأن أكون جزءاً من سينماه. روح خان تشعر بها في العمل الفني، نفتقده كثيراً.
تبدين لنا محصورة في أدوار الرومانسية.
الجمهور والنقاد لم يصنفوني كفنانة محصورة في دور المرأة الرومانسية، لأني قدمت أدواراً متنوعة وجسدت حياة الست الشعبية في فتاة المصنع وطرف ثالث، ودور كوميدي في بلاش تبوسني.
"أنا شهيرة أنا الخائن" يرصد الخيانة الزوجية، هل تفشت هذه الآفة في المجتمع؟
طبعاً، فالفن يستمد موضوعاته من المجتمع ويعالجها. هذا المسلسل من الأعمال التي أحبها لخوضه في تفاصيل اجتماعية، وأسعدني حصوله على نسب مشاهدة عالية خارج الموسم الدرامي في رمضان.
لمن تقرئين؟
لا أقرأ لكاتب معين. أقرأ بشكل عشوائي عن الطب وعيش الغراب والتاريخ، كذلك أحب فن الرواية. أعجبني فيلم أنف و3 عيون، فقرأت قصة إحسان عبدالقدوس، وهكذا.
أتحبين تحويل الروايات لأعمال فنية؟
أحب اختيار أعمالي حسب السيناريوهات التي تحدث في واقعنا ولا نستمدها من قصص خيالية لن يصدقها الجمهور.
علمنا أنك تدعمين فرق الآندرجراوند، ما القصة؟
أدعم المواهب الصاعدة التي تستحق الدعم. لا أدعمهم لأني أسمع هذا النوع من الموسيقى، بل هو دعم مطلق. شاركت في أسبوع ويومين لدعم مخرجته مروة زين، وفي حملة أنت المنتج لدعم ألبوم يسرا الهواري. أسمع فرقاً عدة كوسط البلد وشارموفوز وكاريوكي.
هذا يعني أنك تتعاطفين مع افكارهم السياسية.
أتبنى أفكار الأندرجراوند والسينما المستقلة، فالمزيكا الحرة تصنع التوارن بين ما يعبر عن الشباب وأفكارهم وما يطلبه السوق.
الفنان يجب أن يحمل هموم المجتمع ويبحث عن أدوار هادفة بعيداً عن مصالح المنتج ورأس المال.
نود التعرف على أحلامك وخططك المستقبلية.
أحلامي ملك لي، وليست من حق الناس. لما أنجزت فيلماً مهماً مع مخرج مهم مثل محمد خان كان ذلك حلماً، كذلك كانت مشاركتي في فيلم انترناشوينال يشاهده الأجانب مثل "البحث عن أم كلثوم".
ألا تضعك صورك على مواقع التواصل الاجتماعي في أزمة؟
أنا من يلتقط الصورة ويضعها في خانة النشر ومسؤولة عنها. مقتنعة بكل ما أنشره. إن كنت سمحت لك بمشاهدة الصورة، فمن حقك أن تشاهدها، ولكن ليس من حقك شتمي أو ترك تعليق سخيف، حينها سيكون من حقي حذفك ما دامت ملابسي تستفزك.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...