بينما اعتبرت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مقتل رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لحركة "أنصار الله" صالح الصماد ضربة موجعة وقاسية للقوات الحوثية وانتصاراً للقانون، أكّد زعيم جماعة الحوثي في اليمن عبد الملك الحوثي أن مقتل الصماد لن يمرّ من دون محاسبة، محملاً من أسماها قوى العدوان وعلى رأسها أمريكا والسعودية مسؤولية قتله، فمن هو هذا الرجل وكيف قرأ المحللون استهدافه؟
صيد ثمين للرجل الثاني
يرى التحالف في مقتل الصماد نصراً كبيراً له، لا سيما أن الأخير كان صرّح خلال الشهر الحالي بأن الحوثيين سيدشنون خلال الفترة المقبلة مرحلة إطلاق صواريخ بالستية كل يوم باتجاه السعودية. كان الصماد الرجل الثاني على قائمة الـ"40 إرهابياً حوثياً" التي أعلنتها السعودية، بينما رصدت 20 مليون دولار لمن يدلي بأية معلومات تُفضي إلى القبض عليه أو تحديد مكان تواجده، ولد الصماد في محافظة صعدة عام 1979 وتخرّج من جامعة صنعاء وعمل مدرساً، وكان من بين أوائل المساهمين في الحركة الحوثية منذ أيام حسين بدر الدين الحوثي. برز اسمه في حرب صعدة الثالثة بين القوات الحكومية والحوثيين عام 2005، حين قاد جبهة القتال ضد القوات الحكومية في بني معاذ، وكان له دور بارز في الحرب الرابعة أيضاً. يعتبر الصماد من الشخصيات القيادية للصف الأول للحوثيين وقد ساعدها في التمدد والتوسع، وكانت له جهود كبيرة في تماسكها أثناء حروب صعدة إذ استطاع فتح قنوات تنسيق آنذاك مع قبائل صعدة. وعمل ضمن لجان الوساطة بين الحكومة اليمنية والحوثيين عام 2009، ثم تولى منصب رئيس المكتب السياسي لجماعة الحوثيين بعد سيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء. في العام 2014، تم تكليفه رئيساً للمجلس السياسي للحوثيين خلفاً لصالح هبرة، ثم ترأس الصماد أول وفد علني للحوثيين يزور إيران في مارس 2015، ووقع خلال زيارته اتفاقيات تتولى طهران من خلالها دعم سلطة الحوثيين، وفتح رحلات مباشرة للطيران الإيراني بمعدل رحلتين يومياً إلى صنعاء.لمكان الاستهداف دلالة أيضاً
وُصف مقتل الصماد بأنه تطور استراتيجي يدل على اختراق استخباراتي كبير اجتاز هذه المرة الدائرة المغلقة في أعلى سلم القيادة الحوثية. "ما قبل مقتل القيادي الحوثي صالح الصماد ليس كما بعده"... هذا ما قاله الناطق باسم الحكومة اليمينة راجح بادي في حديث لموقع "العربية"، معتبراً أن مقتل من تم تنصيبه قائداً لواجهة الحوثيين هو دلالة على انهيارها.بعيداً عن تحديد الرابح والخاسر في مقتل الصماد، ثمة شبه إجماع على أن الأمر يعني موت الحل السياسي على حساب التصعيد العسكري
يرى بعض المراقبين أن تعيين المشاط رئيساً لما يسمى المجلس السياسي خلفاً للصماد يُعدّ خطأ استراتيجي ويدلّ على عدم ثقة عبد الملك الحوثي بباقي قيادات الصف الأولبدوره رأى السفير اليمني في واشنطن أن الحوثيين يتعرضون لضغوط عسكرية كبيرة في كل الجبهات، وأن قوات الشرعية تتقدم على حساب الانقلابيين حتى في صعدة. وهذا أيضا ما ذهب إليه بعض المحللين معتبرين أن الأمر لا يتعلق فقط باستهداف قيادي مهم، إنما أيضاً للمكان دلالته، شارحين أن وجود الصماد في الحديدة هو تأكيد على أن العمليات التي تخوضها قوات العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتله الحوثيون في نوفمبر الماضي بإسناد من القوات الإماراتية، قد أربكت الحوثيين ودفعتهم إلى إرسال قياداتهم إلى الجبهة لوقف الانهيارات المتتالية.
مقتل الصماد يعني التصعيد العسكري
بعيداً عن تحديد الرابح والخاسر في مقتل الصماد، ثمة شبه إجماع على أن الأمر يعني تصعيداً عسكرياً. وفي هذا الإطار، اعتبر الكاتب إبراهيم السراجي، في حديث إلى موقع "ميدل إيست آي"، أن موت الصماد يعني موت الحل السياسي على حساب احتدام الصراع. وقال السراجي إن "موت الصماد قد يكون خسارة للحوثيين لكنه لن يردعهم عن المضي قدماً في خطتهم. عندما قتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح توقف مؤيدوه عن القتال وتراجعوا عن الخطوط الأمامية، لكن هذا لم يحدث مع مقاتلي الحوثيين". من جهته، توقع الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بيتر ساليسبري أن يعزّز مقتل الصماد واستلام المشاط قوة المتشددين والجانب العسكري داخل مجموعة الحوثي. وكذلك رأى أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني أن "اغتيال القادة السياسيين يعني الهروب من الحوار والابتعاد عن دائرة المنطق والحلول السياسية".تشكيك حول ظروف قتله
على الرغم من إعلان المجلس السياسي الأعلى مقتل الصماد، إثر غارة جوية شنتها مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ظهرت بعض الأصوات المشككة في الأمر. ورأى الكاتب والمحلل السياسي خالد الآنسي أنه قد تكون تمت تصفية الصماد في خلاف داخل الحوثيين، لا سيما أن الجماعة لم تعتد إعلان مقتل قيادييها بهذه السرعة ولا تفعل إلا بعد شهور. واعتبر الآنسي في حديث إلى موقع "الجزيرة" أن تصفية الصماد قد تكون بسبب كونه من التيار المحسوب على صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام، وأن صالح كان يدفع به ليكون رئيس الجمهورية. وذكر الآنسي أن الحوثيين تخوفوا من استقطاب التحالف له، وهو ما كان سيؤثر في الجماعة إعلامياً وسياسياً لذلك سارعت للتخلص منه، مشيراً إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان قال في وقت سابق إنهم ينتظرون انشقاقات داخل الحوثيين، في إشارة لاحتمال انشقاق الصماد. ورداً على هذه التحليلات المشكّكة بمن يقف وراء موت الصماد، برّر القيادي في جماعة الحوثي محمد البخيتي سرعة الإعلان عن مقتله على خلاف عادة الجماعة بأنه نابع من طبيعة المنصب الذي كان يشغله والحاجة إلى إيجاد خلف له سريعاً. كما نقلت وسائل إعلام عن مصادر أن الخلافات الداخلية بين أجنحة الحوثي المتصارعة على السلطة في ما تبقى من مناطق سيطرتها، هي سبب إعلان مقتل الصماد بعد خمسة أيام فقط، مشيرة إلى خلافات حصلت حول من هو أحق بخلافة الصماد ما دفع عبد الملك الحوثي إلى تسمية صهره ومدير مكتبه مهدي المشاط، بعدما كان ينوي عدم الإعلان عن مقتل الصماد حالياً خوفاً من تأثير ذلك على معنويات مقاتليه."تعيين المشاط خطأ استراتيجي"
يرى بعض المراقبين أن تعيين المشاط رئيساً لما يسمى المجلس السياسي خلفاً للصماد خطأ استراتيجي ودلالة على عدم ثقة الحوثي بباقي قيادات الصف الأول، لا سيما أن المشاط من الجناح المتطرف وغير مناسب للمسار السياسي. والمشاط هو قيادي شاب في جماعة الحوثي، لعب أدواراً سياسية وعسكرية بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء عام 2014. عمل المشاط لسنوات مديراً لمكتب زعيم الحوثيين في صعدة، وكان برز اسمه أثناء الهجوم الذي شنه الحوثيون في نوفمبر 2013 على السلفيين في بلدة دماج التابعة لمحافظة صعدة، وكان ضمن القيادات التي اقتحمت دار الحديث السلفية في المنطقة. وفي العام 2016، عيّنت جماعة الحوثي المشاط عضواً في ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، وذلك بديلاً عن القيادي في الجماعة يوسف الفيشي الذي كان أحد مهندسي اتفاق تشكيل المجلس مع حزب صالح، وكان معروفاً أن علاقته جيدة مع الأخير. ومثّل القيادي الحوثي الجماعة في الحوار والمفاوضات مع الحكومة الشرعية برعاية الأمم المتحدة، وكان ضمن الموقعين على اتفاق السلم والشراكة مع الأطراف السياسية اليمنية عام 2014. وكشفت "الجزيرة" عام 2015، نقلاً عن مصادر خاصة، أن المشاط كان ضمن القيادات الحوثية التي حاولت مساومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من خلال مطالبتها بأن يعيّن نائباً للرئيس من الجماعة ويلحق عشرة آلاف بالجيش وعشرة آلاف بالأمن من أفرادهم.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين