أصبح عمر مهرجان ارتجال للموسيقى التجريبية (من 28 آذار إلى 6 نيسان) الذي ينظم سنوياً في بيروت، 18 عاماً كانت كافية لإنضاجه، وجعله اِسماً معروفاً.
الموسيقى التجريبية ليست نمطاً موسيقياً محدداً ومستقلاً كما الأنماط الأخرى، برغم أنها عنوان يجمع أسماء وفعاليات ومهرجانات، بل هي موسيقى على هامش الأنماط أو "ما بعدها"، توضع اليوم في خانة الفنون المعاصرة Contemporary Arts المتمردة، بحسب التعريف بها، على الأشكال التقليدية، عائدةً بالفن إلى مستوى بدائي وتلقائي يولّد أحياناً انطباعاً بعدم الاحترافية، تصبح فيه الموسيقى مجموعة أصوات غير مترابطة ببنى نغمية وهارمونية معتادة (ما ينطبق على الغناء الذي يتحول إلى أصوات فموية وهمهمات)، وهذا ما يبدو بشكل واضح في ملصق المهرجان (فكرة ورسم مازن كرباج، وتصميم حاتم إمام) الذي يظهر غيتاراً وعلبة كبريت، يحيلان لإحدى اللحظات الخالدة في عالم الروك، عندما أشعل الموسيقي جيمي هندركس غيتاره أمام الجمهور في العام 1967.
يركز جزء من المهرجان على الأصوات الجسدية، إذ يقدم رائد ياسين، وهو أحد أقدم الأسماء المشاركة في المهرجان منذ العام 2002، مقطوعة أدائية / موسيقية عنوانها "لا يمكن أن تهمهم عندما تمسك أنفك"، هي أول تجربة من نوعها له، ترتكز فقط على الأصوات الجسدية من همهمة، وتصفير، وتصفيق، ويشارك فيها عدد من المؤدين اللبنانيين.
يعتبر ياسين اِسماً بارزاً في مجال الفنون المعاصرة في لبنان، حيث يعرف بأسلوبه التجريبي الهزلي، الذي يظهر بشكل خاص في فرقة "برائد للموسيقى الشعبية". تتأرجح أعماله بين الموسيقى، والفيديو، والرسم، والأرشفة، والأداء. قدم أعمالأ في العقد الماضي في متاحف ومراكز فنية حول العالم، منها متحفا غوغنهايم في نيويورك ونوتنغهام للفنون المعاصرة.
&t=580s
وتشارك المؤديةُ الصوتية والحركية إيرينا تومازين بمقطوعة صوتية أو "تجميع أصوات" وفق تعبيرها، تحت عنوان "للصوت أجساد كثيرة، وللجسد أصوات كثيرة". ترتكز أعمال تومازيان على الأصوات التي تخرج من الفم بشكل خاص، مستعملةً تقنيات مختلفة للتعامل مع اللعاب ولتدريب جهاز التنفس، وذلك من أجل اكتشاف "الأصوات المهملة داخل الجسد واكتشاف المخفي في التراث الغنائي الشعبي"، وفق تعبيرها.
&t=101s
حصة الجسد الأخرى في المهرجان هي فرقة "أطلس" التي تتألف من المؤدية الجسدية ليا طويل وعازف الكمنجا مايك خوري، وهما لبنانيان ناشطان في المشهد الموسيقي التجريبي في ديترويت، يزوران لبنان للمرة الأولى. ويقدمان عروضاً غريبة ترتكز على استهلاك ليا بشكل نشط لمساحات المسرح الفارغة على وقع أصوات ونغمات كمنجا مايك خوري.
&t=1743s
من أبرز الفرق المشاركة هذا العام فرقة Oiseaux – Tempete التي تتألف بشكل أساسي من الفرنسيين فردريك أوبرلان وستيفان بيغرويل، اللذين يقومان منذ سنوات بجولة في المتوسط بدأت في اليونان، ومرت باسطنبول، وبيروت، والقاهرة، تعاونا خلالها مع عدد كبير من الموسيقيين لإنتاج مجموعة من الألبومات، كان آخرها "الآن" بالتعاون مع موسيقيين لبنانيين، منهم شريف صحناوي، والثنائي الحوت وقبيسي، وباسكال سمردجيان، كما استُعملت في الألبوم مقاطع وقراءات من قصائد لمحمود درويش.
تراوح مقطوعات الفرقة بين الروك المهلوس، والفري جاز، والموسيقى الإلكترونية، وأخيراً النغمات الشرقية والعربية. تحاول الفرقة الابتعاد قدر الإمكان عن المزج، حيث تدخل الموسيقى الشرقية كعنصر رئيسي متساوٍ مع العناصر الأخرى منذ البداية، وليس كنكهة مضافة أو كبهارات وحسب.
&t=249s
من التجارب الشرقية المنتظرة هذا العام مقطوعة لفرقة "كرخانة" التي تضم سام شلبي (أقزام شرق العجوز) وعضو فرقة Konstrukt التركية Umut Cagla، وموريس لوقا (ترتكز أعماله على الموسيقى الشعبية المصرية)، وطوني علية، ومايك زيرانغ، ومؤسسي المهرجان شريف صحناوي ومازن كرباج.
تقدم الفرقة مقطوعة موسيقية أتت نتيجة إقامة فنية استمرت أسبوعاً في مدينة مالمو السويدية في شهر كانون الثاني، مما يعني أن العرض سيكون أكثر انضباطاً وتنظيماً من عروض سابقة كانت غالبيتها شبه ارتجالية. يراوح مزاج المقطوعة بين الشرقي، والموسيقى الإلكترونية، والروك المهلوس، والضجيج، بوجود عدد كبير من الآلات التي تعطي أحياناً نبضاً شرقياً راقصاً. شارك في تأليف المقطوعة أعضاء الفرقة التي ينتظر أن تقدم أبرز أعمالها حتى الآن.
&t=1032s
يقدم عازف العود والإيقاع العراقي خيام اللامي، أحد أعضاء فرقة "الألف"، تجربة فريدة من نوعها هذا العام، إذ يستعمل السينثسايزر كآلة شرقية لعزف مقطوعة تيري رايلي In C التاريخية، على مقام الراست.
تعتبر المقطوعة الأكثر شهرة لرايلي في عداد المقطوعات الاختزالية الأولى في العالم، إذ كان لها تأثير على الموسيقى الكلاسيكية المعاصرة مع ستيف رايش وحون آدام، وعلى موسيقيين معروفين في عالم الروك مثل جون كايل، والآمبينت والدرون كبراين إينو.
عُزفت المقطوعة في السابق على يد مئات العازفين، ومن الممكن عزفها على أي آلة. تعتبر تجربة اللامي الأولى من نوعها في العالم العربي، وهو لا يزال بعيداً عن الموسيقى الاختزالية.
&t=394s
من الأسماء الجديدة هذا العام، فرقتان لبنانيتان ظهرتا أخيراً هما Ilvy وKozo، وقدمتا برغم صغر سن أعضائهما هوية منفصلة عن المشهد اللبناني العام خلال السنتين الماضيتين. تراوح أنماط الفرقتين بين الروك التجريبي، والدرون، والآمبينت، والغليتش. أما اختلافهما الأساسي عن الفرق اللبنانية الأخرى، فهو تركيزهما على أنماط غير سائدة، وتجريبية.
تقدم كوزو موسيقى بوست روك ميلانكولية بكلمات عربية "جماعية" (تتبنى الفرقة إسماً يابانياً. تعني KOZO"بناء"). تتخذ الفرقة موضوعاً غريباً لألبومها الأخير هو الحركة المعمارية في اليابان ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومحاورةً الأفكار والحركات التي ساهمت بصعود اليابان التكنولوجي والثقافي خلال فترة عصيبة من تاريخها.
&t=30s
https://soundcloud.com/ilvymusic/ballons-rouges?utm_source=soundcloud&utm_campaign=share&utm_medium=facebook
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...