عام 2002 ظهرت في كابول فرقة نسائية تدعى "برقع باند" تغني الروك الهندي، وجميع فتيات الفرقة يرتدين النقاب. غنين ضد التقاليد والقوانين التي فرضتها حكومة طالبان آنذاك، واستطاعت الفتيات إصدار أول أغنية "سينغل" لهن عام 2002.
بينما تعزف جيزيل ماري، وهي برازيلية من أصل ألماني، الهيفي ميتال Heavy Metal بواسطة الغيتار الكهربائي، وهي مرتدية النقاب، الذي ترى أن ارتداءه لا يتعارض مع عشقها للفن، ومع صعودها إلى خشبة المسرح مع فرقتها الموسيقية Spectrus التي تأسست عام 2012.
أما في مصر، فلم يعد غريباً أن تجدوا العديد من الفرق الموسيقية والغنائية لنساء منقبا،. فاللباس الإسلامي المتدين هو مجرد لباس آخر بالنسبة لفتياتٍ عشقهن الأول هو الموسيقى، والاحتفال بها بأي ثمن.
[caption id="attachment_116428" align="alignnone" width="700"]
burqa band[/caption]
10 منقبات صغيرات
تتشح "سمية" (21 عاماً) بالسواد من رأسها حتى قدميها. فتاة ناعمة ولدت في عائلة متدينة، تقول إنها ترتدي النقاب عن اقتناع بأنه الوجهة الصحيحة لإرضاء الله. تصل إلى قاعة عرس، تنتظر دورها بصحبة 10 فتيات أخريات في الجانب نفسه من القاعة المخصص "للنساء فقط"، بعيداً عن القاعة المخصصة للرجال. دقائق معدودة وتصل العروس، تنزع سمية والفتيات الـ10 الأخريات نقابهن ويطوقن أنفسهن والعروس بالورود، وتبرز كل واحدة منهن عن فستان قصير، لا يهمها ما يكشفه، طالما أنهن في صحبة النساء. تعتلي الفتيات الـ10 وسط القاعة، حيث خشبة مسرح صغير بجوار العروس، تمسك كل واحدة مايكروفوناً والبعض منهن يمسكن دفاً للنقر عليه، ويغنين إنشاداً وطرباً وفرحاً بواسطة الدف فقط. [caption id="attachment_116430" align="alignnone" width="700"] جيزيل ماري من فرقة "Spectrus"[/caption] تقول سمية، عضو فريق من الهواة باسم "سوار للأفراح الإسلامية": "بدأت منذ قرابة 10 سنوات بصحبة فتيات أعرفهن، كنا نحب الغناء والإنشاد، فقررنا أن نقدم خدمة لصديقاتنا وأن نفرح حسب مقتضيات الدين". وتضيف: "طبعاً بالغناء على الدف فقط، فإن بقية الأدوات الموسيقية حرام، أردنا أن نفرح عروساً، وأن يعرف الناس أن المنقبات يحيين الفرح بما يرضي الله، وأن هناك جواً يسعدهن بدون ملل". سمية المتخرجة من كلية الخدمة الاجتماعية، وصديقاتها، يحيين الأفراح من دون مقابل، حتى الآن، إلا أنهن يناقشن تطوير الفرقة لتشمل مجموعة رجالية أيضاً. بعد تحية العروس فور دخولها وإلقاء الورود عليها، يشرعن في أداء أغنية "يا شهرزاد" وغيرها من الأغاني المعروفة مثل أغنية "ودوني على بيت حبيبي" للنجمة اللبنانية "يارا" وأغنيات أخرى ملحنة بطريقتهن الخاصة، مستعينين بأصواتهن ليُستكمل الشكل الموسيقي حسب المتاح. لم يعارض أهل سمية وعائلات بقية الفرقة الأمر. وتقول سمية إن الأهالي يوافقون لأنهن "لا يغضبن الله في شيء"."الفرحة اللي نحن فيها"
بنبرة امرأة واثقة ومخضرمة، تقول رحاب سلامة، مؤسسة فرقة "بنات سندس للأفراح الإسلامية"، إنها أسست الفرقة منذ أن كانت طالبة في الجامعة. كانت تهوى الغناء في طفولتها وتغني في المدرسة واشتركت في مسابقات عدة، كما كانت تعزف الأكورديون والاكسليفون وتشارك في حفلات أعياد الطفل والأم واحتفالات أكتوبر وعيد تحرير سيناء، وكانت تحب الغناء لصفاء أبو السعود وعبد المنعم مدبولي، بالإضافة إلى الأغاني الوطنية المعروفة. من شهادات تقدير وجوائز وتكريمات في مجال الغناء والرياضة في طفولتها، إذ تأهلت لبطولة الجمهورية في الكاراتيه، تغيرت أفكا رحاب 180 درجة فور دخولها الجامعة. حضرت العديد من الدروس الدينية، ومجالس العلم التي تقدم للشباب الجامعي دروساً في الدين الإسلامي. تقول: "أردت أن أرضي الله وأفرح الناس بشكل مختلف عبر شيء أحبه وهو الغناء والاستعراضات" ما جعل رحاب تؤسس، حينما كانت في الحادية والعشرين من عمرها، فرقة عام 1997، تعد من أوائل الفرق الموسيقية الإسلامية في مصر، أنها رأت أن مقدمي هذا اللون حينذاك لم يكونوا على درجة عالية من الحرفية، فلم يراعوا الزي الموحد أثناء الاستعراضات الإسلامية، ولا ضبط الأغاني والألحان عبر الآلات الموسيقية المختلفة. عملت رحاب على ضبط ما أخفقت فيه الفرق الأخرى، وقدمت العديد من الاستعراضات من الفولكلور المختلف الجنوبي (الصعيدي) والفلاحي والسيناوي وغيرها، مع اختيار ملابس مناسبة لها. نجحت فرقة "سندس"، بحسب مؤسستها، ووصل عدد عضواتها إلى 10، وأصبحت تجوب المحافظات لتقديم العروض وإحياء الأفراح وليالي الحنة والحفلات. عام 2001، صدر أول ألبوم "شريط كاسيت" للفرقة، يضم أغنيات خاصة وأغنيات إسلامية الطابع، وكان الأول من نوعه في مصر، وتم تسجيله بأصوات أطفال أعمارهم أقل من 12 سنة، كي لا ينتقدهن أحد بحجة أنهن بلغن ويحرم عليهن الغناء. تقول رحاب إن غالبية كلمات الأغاني تراثية مشهورة، تتردد داخل الوسط الإسلامي، ولا يعرفن مؤلفاً محدداً لها. وقد لجأن لملحنين وموزعين معروفين في الوسط الإسلامي، باستثناء أغنية واحدة كتبها لهن خصيصاً شاعر حديث ولحنها ووزعها ياسر طلعت، اسمها "بيها والله بيها"، لافتةً إلى أنهن أعدن تسجيل أغاني الألبوم لمن يحرم الموسيقى والآلات، بنسخة من دون موسيقى، تعتمد على الدف فقط. https://soundcloud.com/jrtom0kfv78v/sets/lhtz9rzke5b4 الغناء وتلاوة القرآن هما من مصدر واحد، هكذا تقول رحاب، مشيرةً إلى التقارب بينهما، فالشيوخ يتلون القرآن بالمقامات نفسها التي يتم بها الغناء. ترفض انتقادات وجهت لهن بتحريم الغناء، وتطلب منهن أن يقتصر الأداء على الإنشاد فقط، معتبرةً أن من يدعون لذلك سطحيون ويأخذون ظاهر الدين فقط، ويحرمون كل شيء، وهو ضد الفطرة. تقول: "الورود نفسها لها موسيقى، وإيقاع الحياة نفسه له ريتم موسيقي". تتخلى رحاب عن حجابها قبل دخول قاعة الحفل هي وأعضاء فرقتها، ويصبحن من دونه وقت الغناء والعزف على مختلف الآلات، منها الدف والطبلة والدرامز.صبايا للأفراح الإسلامية
فرقة جديد أخرى ظهرت قبل بضع سنوات، تتكون من 15 فتاة، هي "فرقة صبايا للأفراح الإسلامية" لإحياء حفلات الخطبة والزفاف بالإنشاد والغناء. عبر منشور مقتضب على صفحتهن الرسمية، وجهت الفتيات دعايتهن الخاصة، مرتديات نقاباً، تارة باللون الأحمر، وتارة بالأبيض، وبألوان أخرى أحياناً. كما ظهرن في عدد من الصور بالألوان والفساتين نفسها على طريقة الـBridesmaid، وفي صور مُلتقطة في أفراح وهن مخفيات الوجوه. "أفراح إسلامية ترضي الله"، هكذا كتبت الفتيات على صفحتهن الرسمية، ونشرن مجموعة من أغانيهن. حاولنا التواصل مع الفتيات إلا أنهن رفضن التحدث إلى الصحافة في الوقت الحالي. لكن في حوار سابق لأحد المواقع المصرية، قالت الفتيات إن الفرقة بدأت عام 2014، وجمعتهن فكرة "الفرح الإسلامي" وما يحتويه من عروض تناسب أفكارهن، فقررن تكوين هذه الفرقة واستخدام الوسائل الحديثة كـ"الدي جي" لمجاراة تطور العصر. ورغم تأكيدهن أنهن لا ينتمين إلى أي كيان أو تيار ديني أو سياسي، أوضحت مؤسسة الفرقة صفية ممدوح في حوارها للموقع: "أغانينا للنساء فقط، فالفتيات الأربع اللواتي يقدمن العروض منقبات". وأضافت أن كل هذه العروض تتم أمام العروس ومن يرافقها من فتيات لرسم البسمة على وجوههن، وتظل العروض قائمة حتى يأتي العريس. وقالت لأحد المواقع الإلكترونية إن الفرقة مؤلفة من 10 فتيات، لكن أحياناً يكون عددهن أقل، وذلك حسب الطلب. إذا طُلبت 6 فتيات تكون كلفة الحفل 1,700 جنيه (نحو 90 دولاراً) أما الـ8 فكلفتهن 2000 جنيه (120 دولاراً) و الـ10 كلفتهن 2,300 جنيه (190 دولاراً).20 فرقة ومنقبة
شهدت حقبة التسعينات نشاطاً موسيقياً غير عادي، وللمرة الأولى ظهرت الفرق التي تحيي الأفراح الإسلامية الطابع، وفي طليعتها فرقة "بسمة الأندلس" التي انبثق عنها العديد من الفرق لتنتشر داخل ربوع مصر. وصل عدد الفرق إلى قرابة 100، منها 20 فرقة نسائية، بحسب ياسر مصطفى، شاب ثلاثيني، وأحد أفراد "بسمة الأندلس" منذ عام 1993 ومؤسس فرقة "صبا" عام 2009. "كوفر Cover" هو اللون المستخدم بشكل رئيسي، لتغني الفرقة أغنياتها في الأفراح وعدداً من الأغاني الذائعة. يلفت مصطفى إلى أن هذه الاغاني معروفة إلا أن انتشارها ليس كانتشار أغاني عمرو دياب وغيره من المطربين. انتقادات عديدة يتلقاها مؤديو هذا اللون الخاص من الغناء وإحياء الأفراح، إلا أن مؤسس فرقة "صبا" قال إن إحياء الأفراح بطابعها المعتاد يرقص فيها الناس على الإيقاع مثل المقسوم والملفوف، وأوضح: "نحن نأخذ هذا الإيقاع ونحاول إيصاله للناس بكلماتنا مثل أغنية يا نجف بنور، نضع عليها كلماتنا، وفي الوقت نفسه يوفر الإيقاع الرقص الذي يريده الناس".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون