"قبل العام 1979، كان السعوديون يعيشون حياة رائعة وطبيعية مثل بقية دول الخليج… وبعد العام 1979 كان هناك إسلام متشدّد وغير متسامح في المملكة"، كان هذا ما قاله وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان مهاجماً "تيار الصحوة" السعودي الذي "هيمن على البلاد نحو 30 عاماً مضت"، حسب قوله.
وأثار هذا التعليق لولي العهد، في مقابلته مع قناة "سي بي أس" (CBS) الأمريكية، جدلاً في السعودية، تُرجم لاحقاً على تويتر تحت هاشتاغ "كيف نجوت من الصحوة".
"نجاة" أم "شمّاعة سياسيّة"؟
رحّب سعوديون بما قاله بن سلمان باعتبار أن النجاة من "الصحوة" هي "نجاة من تحريم ما أحلّه الله ومن تضليل الشباب ليقتلوا الأبرياء باسم الدين"، معتبرين أنّ التخلّص من نهج الصحوة هو عودة إلى الدين الصحيح.
ومن بين المغردين من تحفّظ على الأمر، معتبراً أن النجاة من الصحوة لا تعني الغرق في الليبراليّة
مقابل ذلك، لاقت تصريحات وليّ العهد السعودي أيضاً الرفض من بعض المغرّدين الذين اعتبروها دعوة للخروج عن أسس الدين الإسلامي
واعتبر آخرون أنّ هذه الدعوات ما هي إلّا شمّاعة تبرّر تصرفات الحكومات السعودية السابقة واللاحقة
الصدام مع "الصحوة" ليس حديثاً
لم تكن مهاجمة بن سلمان ما يُعرف بـ"تيار الصحوة" في السعودية أمراً مفاجئاً، لا سيّما أنّه يسير منذ فترة عكس هذا التيّار حاملاً لواء الإنفتاح والإسلام الوسطي، بدءاً من رؤية 2030 التي ركّزت على الترفيه والسياحة وعلى الاعتدال والوسطية في الإسلام، وصولاً إلى القرارات المتتالية التي اتخذتها المملكة كالسماح للمرأة بقيادة السيارة وعودة ظهور المغنيات على التلفزيون الرسمي السعودي والسماح بدور السينما والعمل على افتتاح دار للأوبرا.
وفي الأسبوع الماضي، قال وزير التعليم السعودي أحمد بن محمد العيسى إن الوزارة تعمل على محاربة الفكر المتطرف من خلال إعادة صياغة المناهج الدراسية وتطوير الكتب المدرسية وضمان خلوها وخلوه المدارس من منهج جماعة "الإخوان".
يُضاف لما سبق الجدل الحاصل حول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوصيات المطالبة بضمها إلى وزارة الشؤون الإسلامية بعدما قلّصت الحكومة السعودية عام 2016 صلاحياتها بشكل كبير.
وفي ما يخص "تيار الصحوة" تحديداً، لم تكن هذه المرّة الأولى التي ينتقده فيها ولي العهد صراحةً، ففي العام الماضي، قال بن سلمان إن "السعودية لم تكن كذلك قبل 1979، السعودية والمنطقة كلها انتشر فيها مشروع الصحوة بعد عام 1979 لأسباب كثيرة..."، معتبراً أن ما يقوم به هو يتمثل فقط بـ"إعادة المملكة لما كانت عليه من الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان".
لم تكن هذه المرّة الأولى التي ينتقد فيها ولي العهد "تيار الصحوة"، ففي العام الماضي، قال بن سلمان إن "السعودية لم تكن كذلك قبل 1979، السعودية والمنطقة كلها انتشر فيها مشروع الصحوة بعد عام 1979"، معتبراً أن واجبه"إعادة المملكة لما كانت عليه من الإسلام الوسطي المعتدل"
كان التيار، قبل التسعينات، يتمتع بعلاقات جيدة مع النظام السعودي إلا أنّه تصادم معه بسبب رفضه استعانة المملكة السعودية بالولايات المتحدة إثر احتلال الكويت
والصدام مع "الصحوة" ليس حديثاً بل يعود إلى بداية التسعينيات حين تحوّل التيار إلى طرف يواجه هيئة العلماء المسلمين الداعمة للحكومة السعودية.
التيّار الذي ينبذه "الاعتدال الإسلامي"
بدأت جذور التيّار في السعودية منذ الستينيات واستمر بالنمو حتى الثمانينيات في أعقاب الثورة الإيرانية، وصولاً إلى النقطة الأهم في تاريخه وهي حرب الخليج الأولى واحتلال الكويت عام 1990.
كان هذا التيار قبل ذلك التاريخ يتمتع بعلاقات جيدة مع النظام السعودي إلا أنّه تصادم معه بسبب رفضه استعانة المملكة السعودية بالولايات المتحدة إثر احتلال الكويت. وفي حين رفض التيار هذه الخطوة، اتخذت هيئة كبار العلماء موقفاً مؤيداً للحكومة وأفتت بجواز استعانة المملكة بالقوات الأجنبية، معتبرة ذلك دفعاً لأشد الضررين عن الوطن.
ويدعو "الصحوة" بشكل عام إلى الحفاظ على العقيدة الإسلامية وتحصين المجتمع السعودي من "التغريب"، مقدماً نفسه كتيار يعتمد على "المنهجية الوسطية المعتدلة الرافضة للتطرف".
وقد تأثر شيوخه بفكر جماعة "الإخوان المسلمين"، ومن أبرز رموزه سلمان العودة وعائض وعوض القرني الذين تعرّضوا للمضايقات من قبل النظام السعودي الذي سجن بعضهم أكثر من مرّة.
وكانت السلطات السعودية اعتقلت العام الماضي سلمان العودة وكذلك عوض القرني، الذي كان سُجن أيضاً بين عامي 1994 و1999 لدعوته إلى التغيير السياسي لاسيّما أنّه من أكثر علماء السعودية قرباً من "الإخوان المسلمين" الذي صنفته السعودية تنظيماً إرهابياً عام 2014.
وبعد التضييق الذي تعرض له رموز "الصحوة" تبنوا منهجاً جديداً تخلوا بموجبه عن أسلوب المعارضة العلنيّة للسياسات الحكومية واستبدلوا مصطلح "المواجهة" بمصطلح "النصح"، ولكنّ تأثيرهم ظل واضحاً في المجتمع السعودي.
وكانت السعودية بدأت بالترويج للاعتدال الإسلامي منذ العام 2003، حيث أطلقت حملة إلكترونية تطوّعية مستقلة تحت إشراف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بهدف "التصدّي للأفكار والمناهج المنحرفة المؤدية إلى العنف والغلو، ونشر المنهج المعتدل وتكريس قواعده وضوابطه ومفاهيمه، وبناء شخصية إسلامية متوازنة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه