"نبارك لكل الشعب العراقي برفع الحظر عن ملاعب الكرة العراقيّة و باسمي ونيابة عن أسرة كرة القدم العراقية نشكر تركي آل الشيخ لجهوده القيّمة في رفع الحظر"... بهذه الكلمات شكر رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عبد الخالق مسعود نظيره السعودي بعد صدور قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي سمح للملاعب العراقية باستقبال مباريات دولية رسميّة في 3 مدن عراقية.
القرار الذي انتظره العراقيون طويلاً، بعدما مُنعت بلادهم من احتضان مباريات دولية كاملة على أرضها منذ غزو العراق للكويت عام 1990، برز فيه اسم آل الشيخ بقوّة كوسيط فاعل، من دون أن يكون ذلك الحضور الوحيد للسعودية في تلك المنطقة.
من الباب الرياضيّ، عادت التساؤلات حول خلفيّات الدور الذي تلعبه السعوديّة في العراق، وتحديداً في المحافظات العراقية الجنوبية المعروفة بتأثرها بالنفوذ الإيراني.
كيف يمكن تفسير الجهد السعودي لرفع الحظر الرياضيّ عن العراق؟ وما هي المبادرات السعودية الأخرى التي استقبلتها، أو تنتظرها، تلك المناطق العراقيّة؟ وكيف يمكن وضعها في سياق ما يُحكى عن "أدوات ناعمة" تستخدمها السعودية سعياً لمواجهة النفوذ الإيراني على الأرض العراقيّة؟
السعودية والبوابة الرياضيّة
شمل رفع الحظر الرياضي عن العراق ثلاث مدن عراقية كبرى هي البصرة وأربيل وكربلاء، فيما بقي قائماً على بغداد.
وبحسب القرار، يبدو أن هذه المدن الأكثر جاهزية من الناحية الأمنية والرياضية، إذ تمتلك البصرة ملعباً دولياً يُعرف بـ"جذع النخلة" ويتّسع لأكثر من 65 ألف متفرج، بالإضافة إلى مرافق وبنى تحتية حديثة وعصرية.
وكانت كربلاء قد افتتحت ملعبها الأولمبي الجديد في نوفمبر الماضي، حين استضاف العراق المنتخب السوري في مباراة ودية أمام 30 ألف مشجع عراقي، بينما ساعد الاستقرار الأمني الذي تشهده أربيل في التخلص من الحظر، رغم عدم امتلاكها لملعب شبيه بملعبي البصرة وكربلاء.
في المقابل، لن يستطيع المنتخب العراقي اللعب داخل العاصمة العراقية بغداد حالياً لأن رفع الحظر لم يشملها، إذ أوضح الاتحاد الدولي أنّ مسألة إقامة مباريات دولية في العاصمة العراقية تحتاج إلى مزيد من الدراسة.
ويرى مراقبون أنّ دعم السعودية للعراق، لاسيّما في الملفات الرياضية، هو انعكاس لتغيّر سياسة الرياض تجاه العراق لتصبح أكثر انفتاحاً، لا سيّما في ظل تزايد زيارات المسؤولين العراقيين إلى السعودية في الآونة الأخيرة وخروجهم بتعليقات إيجابية متبادلة تؤكد على حسن العلاقة بين البلدين.
وتأتي الوساطة الذي لعبها رئيس الاتحاد السعودي في جزء منها في الإطار نفسه، إذ لعبت السعودية دوراً كبيرا في دعم هذا الملف، مستكملة الجهود السابقة لإقامة مباراة ودية بين المنتخبين السعودي والعراقي على ملعب جذع النخلة في البصرة، فاز فيها المنتخب العراقي على ضيفه بـ 4 أهداف لهدف واحد.
وقد لاقت هذه المباراة حينها اهتماماً كبيراً في الأوساط الرياضية والإعلامية، نظرا لأهميتها إذ كانت أول مرة تلعب فيها السعودية في العراق منذ نحو 40 عاماً. كما احتفت الجماهير العراقية بالمنتخب السعودي مطلقة هاشتاغ #دارك يالأخضر الذي لاقى تجاوباً من السعوديين الذين شكروا العراق على الاستضافة.
وتفاخر ولي العهد السعودي، خلال زيارته مصر، بـ"70 ألف عراقي كانوا يحملون العلم السعودي" في مباراة المنتخب في البصرة، في إطار حديثه عن السعودية التي باتت "تمتلك التأثير في بعض الدول العربية، ومنها العراق".
بينما لجأ وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى استنهاض الجانب "العروبي" في وجه إيران "الفارسية"، حيث رأى أن المباراة تأتي على طريق "انتصار العروبة والوطنية"، على حدّ توصيفه.
وكان الملك سلمان تعهد، بعد أسبوع من المباراة، بتشييد استاد لكرة القدم في العراق، حسب ما أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حينها.
الرياضة ليس المدخل الوحيد
في ظلّ التغيرات السياسية المتسارعة في المنطقة، لا سيّما بعد وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، سارعت المملكة العربية السعودية بحسب بعض المراقبين إلى تغيير سياستها في المنطقة عبر دعم العراق، وكان ذلك واضحاً العام الماضي، من خلال عدد من الاتفاقيات والزيارات المتبادلة.
وفي فبراير العام الماضي، زار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير العراق، لتكون الزيارة الأولى لوزير خارجية سعودي إلى هناك بعد غياب 14 عاماً، وقد جاءت بهدف إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح، كما قال الجبير.
في المقابل، زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي السعودية، حيث التقى الملك في مسعى لإقناع الرياض بالاستثمار في البلاد والمساعدة في إعادة إعمار العديد من المدن التي دمرتها الحرب ضد "داعش".
وفي تقرير لمجلة "إيكونومست"، مطلع الشهر الحالي، برز اسم البصرة كأكبر مدن العراق وعاصمة البلاد الاقتصادية التي تضم عدداً من أهم حقول النفط، والتي تجمعها حدود جنوبية مع السعودية.
الرياضة والفن والإعلام والتجارة... بعض أدوات السعودية التي دخلت فيها إلى المناطق الجنوبيّة في العراق، سعياً لمواجهة النفوذ الإيراني
خطة السعودية في العراق تواجهها قوة إيران واستثماراتها هناك، كما يواجهها "افتقار وليّ العهد السعودي للصبر الاستراتيجي لرؤية ما ستؤول إليه مبادرته"، حسب "الإيكونومست"
وأشارت "الإيكونومست" البريطانية إلى إن المملكة تضع اللمسات الأخيرة على قنصليتها في مدينة البصرة، لتعود إلى حيث كان السعوديون قبل عقود في جنوب العراق. وشرحت المجلة أنه قبل غزو الكويت، كان الخليجيون العرب يحتفلون على ضفاف نهر "شط العرب"، جنوبي العراق. وقد امتلك كثيرون منهم قصوراً ومزارع حول البصرة وتزوجوا من عراقيات.
كما لفتت المجلة البريطانية إلى أن عشرات الشعراء السعوديين سافروا الشهر الماضي إلى مدينة البصرة من أجل حضور "مهرجان إربد الشعري"، الذي تقيمه وزارة الثقافة العراقية سنوياً في أحد أشهر الأسواق القديمة.
وفي أواخر الشهر الماضي، وصل وفد إعلامي سعودي رفيع المستوى إلى بغداد، في زيارة هي الأولى لوفد مماثل منذ 28 عاماً، فيما علقت نقابة الصحافيين العراقية قائلة إن الهدف من الزيارة هو تعزيز وتطبيع العلاقات بين البلدين خصوصاً في المجال الإعلامي.
يأتي كلّ ذلك، بعدما كان عام 2015 مركزيًا في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حين أعلنت الرياض فتح سفارتها في بغداد بعد قطيعة دامت 25 عاماً.
وفي العام الماضي، بدأت التقارير تتحدث عن سعي بن سلمان لنقل الأموال من سياسيين سُنّة إلى شيعة أكثر تأثيرًا. وتزامن ذلك مع استقباله رجل الدين العراقي الشيعي البارز مقتدى الصدر ووزير داخلية العراق المقرب من إيران قاسم الأعرجي.
وفي العام الماضي أيضاً، اتفق البلدان على إعادة فتح معبر "عرعر" البري بينهما بعد 27 عاماً من إغلاقه، كما تم الإتفاق بين البلدين على استئناف الرحلات الجوية على عدد من المدن السعودية والعراقية، وقد وصل عدد الرحلات إلى حوالي 140 رحلة شهرياً.
وكان لافتاً ما سبق تلك الخطوات من بدء الشركات السعودية افتتاح مكاتب لها في بغداد، وبينها "الشركة السعودية للصناعات الأساساسية" (SABIC) المعروفة بعملاق البتروكيماويات، فيما أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، خلال زيارته للبصرة في ديسمبر الماضي، أن الشركة في "المراحل الأخيرة".
ما هي أفق الاستراتيجية السعودية في العراق؟
مع اقتراب الانتخابات العراقية، المُزمع إجراؤها في 12 مايو المقبل، تراهن السعودية على حظوظ حلفائها السياسيين التي تنسجم مع تحركاتها على الأصعدة المختلفة هناك.
وفي هذا الإطار، تعيد السعودية رسم استراتيجيتها البديلة في العراق، وهي استراتيجية فيها ما فيها من حظوظ، يمكن رؤيتها مثالاً في البصرة التي تستذكر جيداً حربها ضد إيران، ويرى البعض هناك في تدخلات الأخيرة أشبه بـ"الاستعمار".
في المقابل، ثمة نقاط ضعف تواجهها السعودية في العراق الذي ضرّه "الإرهاب" كثيراً، بينما يربطه كثر بالدعم السعودي. من ناحية أخرى، فإن خطة مماثلة تواجهها قوة إيران في العراق واستثماراتها هناك، كما يواجهها "افتقار وليّ العهد السعودي للصبر الاستراتيجي لرؤية ما ستؤول إليه مبادرته"، حسب وصف"الإيكونومست".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع