تجلّت حالة من الاندماج بين مطربي الزمن الجميل وملحنيه في بروفات التسجيل. ففد شهدت بعض هذه البروفات مواقف طريفة لكوكبة من الكبار. فما بين ركوع عبد الحليم حافظ وقُبلة وردة للموسيقار محمد عبد الوهاب وهروب بليغ حمدي من البروفة، ظهرت روائع الطرب للنور، كما كان لكل منهم طقسه الخاص أثناء تسجيل أغانيه.
وردة لعبد الوهاب: إنت عايز بوسة كبيرة
"لولا الملامة يا هوا لولا الملامة لأفرد جناحي ع الهوا زي اليمامة"، على أنغام عود الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب، سمعنا وردة الجزائرية تغنيها في إندماج وتألق، أو هكذا انتشرت الأغنية في صورتها الأخيرة، لكن أن تستمتعوا لصوت عبد الوهاب يغنيها وسط آهات وردة، وترديدها من حين لآخر "الله!". يواصل عبد الوهاب "كتروا من الحب تلاقوا في الضلمة ألف قمر"، ثم تقول وردة في حب وشجن وتأثر للموسيقار الكبير "إنت عايز بوسة، بوسة كبيرة". بروفة "لولا الملامة" من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان عبد الوهاب، وهي إحدى أغاني فيلم "حكايتي مع الزمان" عام 1973، بطولة وردة ورشدي أباظة، شهدت اندماج الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، في غنائه واستمتاع وردة، حالة الصداقة التي تولدت بين العملاقين، أنتجت روائع لا تزال تطرب المستمعين، ما لم تكن لترى النور لولا الحب الذي ساد صناع الموسيقى آنذاك."العيون السود" قصة حب بليغ حمدي ووردة الجزائرية
حينما شاهدت الشابة وردة فيلم "الوسادة الخالية" أعجبت كثيراً بأغنية "تخونوه" ولحنها المميز التي غناها العندليب الأسمر، وقالت "سأتزوج ملحن هذه الاغنية". دارت الأيام وقادت الصدفة بليغ ليلتقي وردة في بيت الفنان محمد فوزي، وعن هذا اللقاء قال بليغ للإعلامي الراحل وجدي الحكيم "أنا عمري في حياتي ما اهتزيت لعاطفة امرأة إلا لما شوفت وردة أول مرة وأنا بسلم عليها". نشأت قصة حب بين بليغ ووردة، اعترضها رفض الأهل الذين أصروا على اعتزال وردة للفن وعودتها للجزائر وزواجها من أحد أقربائها، وهو ما حدث وأنجبت طفلين وداد ورياض. وبحسب صحيفة "العربية.نت"، أكدت الفنانة لبلبة أنه بعد سنوات من اعتزال وردة الفن، كان هناك احتفال بعيد الاستقلال في الجزائر، وقررت وردة الذهاب لتحية عدد من الفنانين المصريين في الفندق، وكان من بين الحضور هدى سلطان ومحمد رشدي وبليغ حمدي الذي أمسك بالعود وجاءته فكرة أغنية "العيون السود"، التي قام بكتابتها في هذا التوقيت، وبعد ذلك بعام ونصف العام انفصلت وردة عن زوجها، وعادت إلى مصر وقامت بغنائها. بعد عودة وردة إلى الفن مرة أخرى عام 1972، قدمت أغنية "العيون السود" التي قال عنها وجدي الحكيم إنها قصة حب وردة وبليغ، إذ كتبت الأغنية في بيروت، وكانت مخصصة لعودة وردة للفن مرة أخرى. وبعد عشر سنوات من اللقاء الأول بالقاهرة، أجرت وردة بروفات الأغنية على أنغام عود زوجها بليغ حمدي في منزلها لتغنيها أمام الجمهور في أول حفل لها في مصر بعد العودة في نهاية عام 1972. وبحسب موقع "وردة الجزائرية" حققت الأغنية انتشاراً كبيراً وأحب المخرج حلمي رفلة أن يستغل نجاح هذه الأغنية فطلب من وردة أن تغنيها في أول أفلامها "صوت الحب".حينما هرب بليغ من أحد البروفات
كذلك يذكر الإعلامي الراحل وجدي الحكيم أنه كان ذاهباً في إحدى المرات مع بليغ لحضور بروفة "ألف ليلة وليلة" لأم كلثوم، وطلب بليغ أن يسبقه الحكيم للصعود. وحينما تأخر صعود بليغ سألت عنه أم كلثوم، وأجابها الحكيم أن بليغ "يركن سيارته" ثم غاب يومين وعلمت بعد ذلك أنه كان في بيروت يعدل لحن الأغنية لأنه لم يكن راضياً عنه ولم تغضب لأنها تعرف جنون بليغ.الثلاثي قباني والموجي وعبد الحليم حافظ
اندمج عبد الحليم حافظ أمام الموسيقار محمد الموجي والشاعر السوري نزار قباني، في آخر أغنياته "قارئة الفنجان" وفي تسجيل نادر يعود لعام 1976 طلب العندليب من قباني تغيير بعض الأبيات حسبما اتفقا. "يا ولدي قد مات شهيدا"، كان هذا اللقاء في 25 ديسمبر 1976 ولم يواجه العندليب الجمهور بعدها إلا مرة واحدة عقب أسبوع في حفل زفاف ابنة الرئيس السادات ليسافر بعده إلى لندن في رحلة العلاج الأخيرة، وتوفي هناك في 30 مارس 1977. وفي صورة نادرة نشرها محبو العندليب، ظهر حافظ راكعاً فاتحاً ذراعيه وخلفه فرقته الموسيقية ومخاطباً الملحن محمد الموجي، الذي حاوره الإعلامي مفيد فوزي عام 1982، والذي أكد مراجعة العندليب له عدة مرات لتغيير لحن أحد كوبليهات قارئة الفنجان، ولاحقاً لحنه العندليب بنفسه ثم وافق الموجي عليه. https://www.dailymotion.com/video/x2l80e3 http://www.dailymotion.com/video/x382shoأم كلثوم والسنباطي ومكاوي
لم تتربع أم كلثوم على عرش الأغنية العربية على مدار 40 عاماً من فراغ، بل كان خلف نجاحها دأب وكد، حسبما قال الملحن والصديق المقرب لأم كلثوم رياض السنباطي في كتاب "أم كلثوم معجزة الغناء العربي" من تأليف رتيبة الحفني عام 1994. روى السنباطي ذكرياته مع بروفات أم كلثوم قائلاً "إن الجلسات التي كانت تحفظ فيها لحناً جديداً. كانت تستمر من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساءً. تحفظ من دون كلل أو ملل. كانت ترفض أثناء البروفة استقبال أي إنسان، لكي تتفرغ تماماً لفنها. كانت تستوعب كل نغمة في اللحن. وكل كلمة. لقد كانت أم كلثوم دائماً متحفزة للنجاح. تماما كالفرس التي تستعد للسباق وتصمم على الفوز". وكتلميذة كانت أم كلثوم أثناء تسجيل البروفات مع الملحن رياض السنباطي الذي لحن لها 107 من أغانيها، ووفقاً لتسجيل نادر وقديم عبر موقع يوتيوب يظهر صوت السنباطي يلقن أم كلثوم كوبليهات أغنية "حيرت قلبي معاك" التي كتبها الشاعر أحمد رامي وغنتها أم كلثوم للمرة الأولى عام 1961، بعد خلاف قصير حدث بينها وبين السنباطي، ثم عاد ليلحن لكوكب الشرق وكانت "حيرت قلبي معاك" أول انتاجهما."يا مسهرني" وقصة اللقاء الأول بين أم كلثوم وسيد مكاوي
برغم شهرة كل منهما في مجال الطرب على مدار أعوام، فإن أم كلثوم لم تغن من ألحان سيد مكاوي، إلا بمصادفة طريفة، حينما أعطاها عازف العود في فرقتها أحمد الحفناوي مقالاً كتبه الكاتب والأديب رجاء النقاش، يسأل فيه "لماذا لا تغني أم كلثوم حتى الآن لسيد مكاوي؟" فأعجبها المقال بالفعل واقتنعت به. على الفور طلبت أم كلثوم مكاوي الذي منعه خجله عدة مرات أن يلتقيها ويعرض عليها ألحانه، التقى الثنائي أخيراً فقدم لها لحن "يا مسهرني" من كلمات صديقها أحمد رامي، الذي احتفظ به مكاوي في خزانته في انتظار أن تغنيه أم كلثوم. وحسبما ذكرت جريدة "فيتو"، انبهرت أم كلثوم باللحن وطلبت على الفور من رئيس فرقتها إجراء البروفات في أستوديو 46 بالإذاعة وطلبت من مهندس الصوت الاستعداد لتسجيل الأغنية، وبعد 25 بروفة تم التسجيل وأصبحت الأغنية جاهزة للغناء مع طبعها على أسطوانات وشرائط كاسيت عام 1972."عطسة" تسببت في طرد محمد الحلو من بروفة
ويروي الفنان محمد الحلو لأحد البرامج التلفزيونية أنه حينما كان طالباً وعضواً في فرقة "أم كلثوم" في شبابه، كان يحب أغاني محمد عبد الوهاب ويغنيها ورآه الحلو في إحدى المرات يدخل عليهم بصحبة الدكتورة رتيبة الحفني وسمعه عبد الوهاب يغني أغنية له وهي "في الليل لما خلي"، وطلب من الحفني أن يذهب الحلو لبيته، وبالفعل ذهب وأثناء وجوده في بيت عبد الوهاب "عطس" الحلو وقام عبد الوهاب بطرده قائلاً "10 أيام وتجيلي". وعن موقف آخر جمعه بالموسيقار محمد عبد الوهاب، كانت بطلته الفنانة وردة، قال محمد الحلو إنه كان في بيت وردة وأخذ العود وبدأ يعزف ويغني "في يوم وليلة" وبعد أن سمعت وردة أول جزء، اتصلت هاتفياً بعبد الوهاب وقالت له: "اسمع الحلو بيعزف في يوم وليلة إزاي" وظلت ممسكة بسماعة التليفون إلى أن انتهى الحلو من العزف.لقاء إعلامي في بروفة
ومن المرات النادرة أن يجري إعلامياً لقاءً تلفزيونياً أثناء إحدى البروفات كانت من نصيب الإعلامي المخضرم مفيد فوزي في برنامجه "الموسيقار وأنا"، طلب فيه فوزي من الموسيقار حضور بروفة أغنية "من غير ليه" مع الفرقة الماسية بقيادة المايسترو أحمد فؤاد حسن. ومرة أخرى، اقتحم الإعلامي مفيد فوزي البروفة وجلس بجوار الموسيقار عبد الوهاب أثناء تدربه على عزف جملة موسيقية وسأله "هل أنا اقتحمت خواطرك الموسيقية" ليجيب عبد الوهاب بالإيجاب، مما تسبب بضحك أفراد الفرقة الموسيقية ثم سأله فوزي "لماذا تعتبر البروفة من الأسرار الحربية؟" وأجاب عبد الوهاب "لأن فيها تفاصيل ما يصحش إنه حد يعرفها، اعتبر البروفة عملية تنسيق وتواليت ومكياج". أغنية "من غير ليه" من كلمات مرسي جميل عزيز وكان من المفترض أن يغنيها عبد الحليم حافظ، إلا أنه توفي قبل غنائها عام 1977 وغناها عبد الوهاب عام 1989، قبل 4 سنوات من وفاته.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعتين??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 22 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون