علياء المهدي، نادية بوستة، حنان زمالي، هالة الفيصل، أمينة السبوعي، أسماء لنساء عربيات تعرّين وحمّلن فعلهنّ رسائل اجتماعية تراوح ما بين الحرص على الحرية الفردية في التصرّف بالجسد وفي استخدامه كوسيلة للتعبير وبين تصوير عريّهنّ كفعل ثوري قادر على تغيير المجتمعات.
في الحقيقة لكلّ من هذه النساء "خطاب" يميّزها وسيرة ذاتية خاصة تساعدنا على فهم أفضل لدوافع توسّلها العريّ كأسلوب للاحتجاج على وضع اجتماعي ترفضه أو لربّما... ادّعاء ذلك. يصعب وضعهنّ في سلّة واحدة، لذلك من الأفضل استعراضهنّ كنماذج منفصلة.
هالة الفيصل: التعرّي السلمي
الرسامة السورية هالة الفيصل تعرّت في نيويورك عام 2005 احتجاجاً على احتلال العراق وفلسطين. كتبت على جسدها "اوقفوا الحرب" ووقفت عارية في ساحة واشنطن سكوير بارك. عن الأسباب التي دفعتها إلى القيام بخطوتها، قالت إبنة مدينة حمص وإبنة وزير سوري سابق للاتصالات، لصحيفة نيويورك تايمز New York Times: "فعلت ذلك لأن ما يحصل فوق المعقول. الدم يهدر كل يوم والتاريخ يدمر وهذا لا يعود أبداً".
ابنة الـ47 عاماً حينذاك ربطت تعرّيها بكونها "فنانة وهذا استعارة وكل شخص له طريقته". وهي ترى أن "الشخص العاري هو الشخص الحقيقي ولا يمكن أن يقوم بالحرب وهو ضعيف لا يحمل أسلحة".
"تعلمنا أن نلغي الجسد العاري في منطقتنا العربية" قالت الفيصل على هامش أحد معارضها الفنية في دمشق في ما بعد، وشرحت قولها: "الجسد العاري حساس بالنسبة للإنسان العربي. الجسد شيء عظيم، لكننا، في منطقتنا العربية، تعلمنا أن نلغيه".
للعري فلسفة خاصة في فكر الفيصل، فلسفة تربط الجسد بالروح وبطبيعة حياة المرأة العربية. تقول: "يفرض على المرأة أن تغطي نفسها وتتحرك بطريقة آلية، ولكن يجب أن يكون هناك توازن بين الجسد والروح والعقل. إذا كان جسدنا معاقاً، لن نستطيع تطوير تفكيرنا لأن عقلنا سيكون معاقاً أيضاً".
كثيراً ما ترسم هالة الفيصل، في لوحاتها، الجسد الإنساني العاري. تعتبر أن عريّ الجسد هو "نوع من الاحتجاج". ترى أن "قمع الجسد في تربيتنا ولّد أمراضاً نفسية كثيرة، وأنا أُخرج ذلك في اللوحة". تعرّي الفيصل في نيويورك لم يكن حادثة معزولة. كان خاتمة لسياق طويل من التفكير في مسألة الجسد. "طريقتي في الاحتجاج في نيويورك هي امتداد لأهمية الجسد في أعمالي، وليس العكس"، تقول وتضيف: "جسدي غالٍ ونبيل، وقد استخدمته من أجل قضية نبيلة، فالحرب والقتل في فلسطين والعراق كانا فوق طاقة الاحتمال".
حنان زمالي: تعرّي "أن ترحل"
حنان زمالي شابة مغربية ولدت في تونس. عام 2008، حين كان عمرها 26 عاماً، نشرت صورها عارية على شبكة الإنترنت. وضعت حنان تعرّيها ضمن إطار مقاومة الاضطهاد الذي تتعرض له النساء في الوطن العربي. ولكنها، قبل ستة أشهر من ظهورها عارية، كانت قد أصبحت في إيطاليا.
لم يكن والد حنان وأخوها يسمحان لها بالخروج من المنزل إلا إذا كانت ترتدي الحجاب. عام 2002، خرجت إبنة العشرين عاماً من المنزل لشراء بعض الحاجات. التقت ماسيمو، رجل إيطالي يبلغ من العمر الرابعة والخمسين. "وقعت في حبه من النظرة الأولى"، تقول حنان وتضيف: "كنت أرتدي الحجاب ولم يرَ سوى عينيّ. تبادلنا النظرات. وعندما خرجت من الدكان أوقفني وطلب مني رقم هاتفي. لم أكن أمتلك هاتفاً فأعطيته رقم أختي".
كانت حنان تعرف إيطاليا من خلال البرامج التي تتابعها على قناة "راي". كانت تحلم بالرقص مثل الإيطاليات وبالتعرف على العالم. تروي أنها كانت تحلم بالتخلص من تونس وتقرّ بأن فتيات كثيرات يقاسمنها الحلم عينه. ليست هذه الرغبة بمستهجنة لمن قرأ رواية "أن ترحل" للطاهر بن جلون. تقول حنان: "سئمنا من اعتبارنا ربّات منزل. نحن محتجزات داخل قفص دون حتى أن نمتلك إمكانية حرية التعبير وممنوع علينا أن نخترق التقاليد الاجتماعية".
تواعدت حنان مع ماسيمو وكانت تلتقيه، بمساعدة أختها، خفية عن الأعين. افتضح أمرهما وهددتها عائلتها بالقتل. بمساعدة إحدى عماتها، استطاعت الهرب من المنزل والزواج من الرجل الإيطالي وفق أحكام الشريعة الإسلامية. ثم انتقلا إلى نيتونو، مكان قريب من روما. "في إيطاليا، تقول حنان، فهمت ما يعنيه أن تكون امرأة"، لذلك قررت خوض معركة هدفها حث النساء العربيات على عدم التخلي عن حقوقهنّ.
بدأت حنان "معركتها" بقرارها نشر مجموعة صور لها وهي عارية. تواصلت مع المصور البرتو ماليوزي الذي كان قد أثار غضب الكنيسة لنشره روزنامة تحمل صور فتيات عاريات أطلق عليها اسم "مادون". شرحت له هدفها من الصور واتفقا على التفاصيل. "أعرف أن هذه الصور لن تكون مقدرة لدى عائلتي ومواطنيّ، ولكن، بالنسبة لنساء كثيرات، ستشكل صرخة أمل في عالم صامت".
في أي إطار خطابي تضع حنان تعرّيها؟ تجيب: "أتعرّى لأعطي إشارة قوية إلى النساء المسلمات. أريد منهنّ أن يمتلكن الشجاعة للثورة على آبائهنّ الذين يتعاملون معهنّ كأشياء. أنثويتنا لا يمكن أن تكون مقموعة. كثيرات يحلمن بالانعتاق. قلّة منهن بمتلكن الشجاعة للقيام بالأمر".
لا ترى زمالي في تعرّيها مخالفة للشريعة الإسلامية. تقول: "أنا مؤمنة. لا أتنكر لديني الإسلامي وأمارس فريضة الصلاة يومياً. خضوع المرأة للرجل ليس له أيّة علاقة بالعقيدة الإسلامية. أنا لا أقوم بإيذاء أحد. فقط أنا أطالب بمساواة المرأة والرجل في الحقوق وأطالب بتمتع المرأة بحرية التعبير. إذا كانت هذه الأمور متوفرة لدينا تكون الأرض أفضل".
علياء المهدي: التعرّي العربي "التغييري"؟
علياء ماجدة المهدي (مواليد 1991). اسم يكاد يقفز من كونه اسم علم إلى اسم جنس، والسبب هو التعرّي.
رغم حداثة سنها، اشتهرت علياء في نوفمبر من العام 2011، عندما أنشأت مدونة إلكترونية عنوانها "ذكريات ثائرة" ونشرت عليها صوراً لها وهي عارية. علياء هي شابة مصرية كانت تدرس الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة قبل أن تنقطع عن الدراسة بسبب عدم تسديد والدها أقساط جامعتها. أما سبب توقف والدها عن دفع الأقساط فهو مغادرتها المنزل في يوليو 2011 اعتراضاً على تدخل أهلها في حياتها الخاصة.
نزلت علياء إلى ميدان التحرير. لم تكن من أوائل المعتصمين في الميدان بل انضمت إلى الحراك بعد 4 أشهر من 25 يناير. هذا ما قالته للـ"سي أن أن" مضيفة أنها لم تكن تهتم سابقاً بالسياسة ولكنها شاركت لأنه يمكن أن يكون لها دور في تغيير مستقبل مصر.
في ميدان التحرير، بين "الثوار"، خبرت علياء مواقف شخصية بلورت وعيها في مسألة طريقة تفكير مجتمعها. لم تعجب بـ"ثوريي" ميدان التحرير. خرجت منهم وخرجت على أساليبهم. تعرّت وصوّرت جسدها بنفسها ونشرت صورها على مدونتها وعلى فيسبوك والتويتر. هنا بدأت قصص أخرى، قصة شهرة وقصة تعليقات وقصة تزايد دراماتيكي لأعداد زائري هذه المدونة. حبيبها كتب لها على صفحتها على فيسبوك: "عداد المدونة يشبه عداد الثواني... يلعن أبو الهوس الجنسي". حبيبها حينها صار معروفاً بفضلها، رغم أنه مدوّن مصري سجن لمدة 4 سنوات بتهمة ازدراء الأديان.
أول ردود الفعل اللافتة على تعري علياء كان بيان أصدرته حركة 6 أبريل تبرأت فيه من تهمة انتساب علياء إليها. الحركة الليبرالية أرادت وضع حد لإشاعة انتماء الشابة إليها وذلك لتلافي تأثيرات علياء السلبية عليها. بعض التحليلات ذهب إلى حد اعتبار أن تعرّيها خدم الإسلاميين كثيراً في الانتخابات المصرية لأنه سمح لهم بتخيير المصريين بين الإسلام وبين الأفكار التي تنتج العريّ في المجتمع.
في الحقيقة لم تجرِ دراسة دقيقة لمدى "أثر علياء"، ولكن المستفيدين من فعل علياء لم يكونوا الأقربين من المبادئ التي تعرّت من أجلها. فتعريها سمح لعبد المنعم الشحات، المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي، بتوسل علياء لمهاجمة الأحزاب والتيارات المدنية واتهامهم بأن "المبادئ التى يسعون لفرضها فى الدستور ستكفل لأمثال علياء المهدي أن تفعل ما فعلته".
تعرّي علياء اعتبرته مقالات رأي وتحليلات عربية كثيرة "حركة ثورية" أو على الأقل جرس إنذار يجب أن يلفت نظرنا إلى الواقع التسلطي في المجتمع العربي. علياء نفسها اعتبرت تعرّيها "صرخه ضد مجتمع العنف والعنصرية والتمييز الجنسي والتحرش الجنسى والنفاق"، هي التي "تعتبر الجسد أفضل وسيلة للتعبير عن الرأي".
نالت علياء الشهرة في بلدها. ولكن في مجتمع كالمجتمع المصري كان لا بد من أن تعاني من كونها معروفة. في الاسكندرية تعرضت للاختطاف على يد ثلاثة رجال. حاولوا اغتصابها ولكنها نجت. كان ذلك قبل قليل من مغادرتها إلى السويد للمشاركة في ندوة، بدعوة من شابة إيرانية. سافرت علياء ولم تعد إلى مصر.
في السويد أكملت علياء حركاتها الاحتجاجية. وأيضاً توسلت جسدها العاري أسلوباً للتعبير. أمام السفارة المصرية تعرّت في نهاية العام 2012 رفضاً لنشوء دولة دينية في مصر. على جسدها كتبت: "الشريعة ليست دستوراً". في تحركها لم تكن وحيدة. إلى جانبها وقفت ناشطتان من حركة "فيمين" النسوية. إحداهما خطت على جسدها العاري عبارة ''لا للإسلاميين نعم للعلمانية''. بعد قليل من تعرّيها الكامل، وضعت علياء المهدي لوحة كتبت عليها "القرآن"، لستر عضوها الجنسي فيما وضعت زميلتيها لوحتين تحملان كلمتين هما "الكتاب المقدس" و"التوراة".
نادية بوستة: تعرّي عادي مع لمسة بورقيبية
الفنانة التونسية نادية بوستة ظهرت عارية الصدر على غلاف المجلة التونسية Tunivision في ديسمبر 2011. وكالعادة انقسمت الآراء بين مستنكرين كثر وقلة مؤيدة. الفنانة نشرت صورتها في وقت كانت تروّج لفيلمها الجديد "حكايات تونسية". الفيلم هو من إخراج ندى المازني، وفيه تؤدي دور شخصية زوجة، تجسد الطبقة المتوسطة في المجتمع. في سيناريو الفيلم، تتعرض الزوجة للخيانة الزوجية، ولا تتقبل الأمر فتطلب الطلاق. الفيلم لا يحتوي أية مشاهد جنسية أو إباحية، إنما يتخلله حوار جريء يتناول الحياة الجنسية وعلاقة الرجل بالمرأة من خلال حكايات متعددة لمجموعة من الأشخاص، تتمحور حول الحب والجنس والعلاقة المتوترة مع الجسد.
نادية بوستة أكدت بعد نشر صورتها "أنها لا تجد عيباً في ظهورها عارية وأنها تعتبر استخدام الجسد في التعبير قمة الحرية". وتستغرب "كل هذا اللغط على صورة عادية جداً بالنسبة لي"، وتروي أنها لم تخطط للصورة بهذا الشكل الذي ظهرت به، بل أن المجلة اقترحت عليها هذا الستايل كصورة للغلاف ووافقت عليه، و"هي صورة عادية جداً بالنسبة لي كصورة مجلة، فانا لا أخرج بهذا الشكل إلى الشارع".
ما يميّز حالة بوستة هو أنها، وعلى الرغم من الانتقادات اللاذعة التي تعرضت لها، تشعر بأن محيطها القريب متضامن مع الخطوة التي قامت بها. الفنانة التونسية تتحدث عن "تشجيع من أهلي وأصدقائي وزملائي في الوسط الفني ومن الكثير من جمهوري وممن يعرفونني".
هي تميّز بين نوعين من التعرّي تصنع الفارق بينهما التربية المنزلية. تقول: "أهلي لم يكن لديهم أية مشكلة بالنسبة إلى صورتي فهم منفتحون وربّوني جيداً ويثقون بي". وتؤكد أن صورتها "ليس لها موقف سياسي، وربما يكون لها موقف ثقافي وفكري كإصرار على مكاسب المرأة التونسية".
"ليس لدي إشكالية بالنسبة للتعري إنما لا أملك أي موقف سياسي أعبّر عنه في صورة عارية"، جملة تؤكد عدم رغبة بوستة في تحميل تعريها إلى وعد للنساء بمنحهنّ الحرية. المسألة مسألة خيارات فردية وطرق في التعبير تختلف. "الصورة محل الجدل أو حياتي ومواقفي هي حريتي الشخصية"، هذه هي خلاصة نظرة بوستة لقصة تعريها برمتها.
أمينة السبوعي: تعرٍّ استفزازي
بدأت قصّة الشابة أمينة السبوعي في مارس 2013 عندما كانت في الـ18 من العمر وتحمل اسم "أمينة تايلر". انتشرت صورة لها على صفحة حركة فيمين Femen النسوية، تظهر فيها نصف عارية، وقد كتبت على صدرها وبطنها: "جسدي ملكي وليس شرف أحد".
بعد ذلك، عادت أمينة إلى الإعلام نتيجة القبض عليها بتهمة "تدنيس مقبرة". تضاربت الروايات في شأن ما فعلته أمينة السبوعي في ظهورها في مدينة القيروان في تونس. قال الناطق باسم وزارة الداخلية التونسية محمد علي العروي أن أمينة ظهرت في تجمع لحركة "أنصار الشريعة" السلفية وهي ترتدي حجاباً ونظارة شمسية وكتبت كلمة "فيمين" باللاتينية على جدار يحيط بمقبرة أولاد فرحان المحاذية لمسجد عقبة بن نافع في القيروان، فيما ادّعى القيادي في "أنصار الشريعة" بلال الشواشي أن رجال الأمن سهلوا وصولها وأنها لم تكن وحدها. عندما اقتادها رجال الأمن، اتصلت أمينة بمراسلة مجلة "ماريان" Marianne الفرنسية نادية الفاني لتبلغها باحتجازها فتعرّت الأخيرة تضامناً مع صديقتها الموقوفة.
بعد اعتقال أمينة، صرحت والدتها أن ابنتها ليست ناضجة على نحو كافٍ لتقدّر عواقب أعمالها، وأنها تعاني من مشاكل نفسية وعصبية. أمّا رد فعل والدها فجاء أكثر تفهماً وإنسانية إذ قال إن ابنته ضحية نمط مجتمعي فاشل يجب معالجته، لا الانتقام من شبابه.
بعد إطلاق سراح أمينة في مطلع أغسطس من العام الماضي، تركت الناشطة التونسية منظمة فيمين بعد أن اتهمتها بمعاداة الإسلام. ثم لجأت أمينة إلى فرنسا حيث قامت بالتظاهر حاملة علم بلادها برفقة ست نساء أخريات من جنسيات أخرى في مارس الماضي قرب متحف اللوفر في باريس، وهن عاريات تماماً. وآخر أخبار أمينة، إنها رهن التوقيف الاحتياطي منذ أسبوع في مقرّ الشرطة الفرنسية بعد شجار في أحد شوارع العاصمة باريس مع رجل ترافقه زوجته المحجبة.
كَلشيفته فاراهاني: نهد إيراني في الأحلام
التعرّي كأسلوب لإيصال القصة، كوسيلة احتجاج صارت عالمية، وصل إلى إيران، بالقرب من المنطقة العربية، مع قيام كَلشيفته فراهاني بالكشف عن أحد نهديها عام 2012. الممثلة الايرانية الشابة، ابنة الـ29 عاماً حينذاك، كانت تشارك، مع 30 ممثلاً، مرشحين لإحدى جوائز أوسكار (Le prix du meilleur espoir)، في فيديو قصير بالأبيض والأسود، مدته دقيقة ونصف، أنجز لصالح مجلة مدام فيغارو Madame Figaro.
كل مشارك في الفيديو الذي يحمل عنوان "أجساد وأرواح" كان عليه أن يظهر طرفاً من جسده. بخلاف الجميع قررت النجمة الإيرانية إبراز نهدها لترافق حركتها جملة هي: "في أحلامكم فقط سأكون مادة لشهوتكم". كان ذلك في منتصف مستهل 2012.
اختلفت التعليقات المنشورة على صفحتها على فيسبوك. "أخيراً وجدنا من يعبّر عن آلام الشعب الإيراني بواسطة الفن"، قالت إحدى المعلّقات. "الحرية لا يعبّر عنها بالعريّ... ما قامت به فاراهاني قامت به لاستعادة شهرة فقدتها منذ تركت وطنها. هذا فعل ناجم عن يأس عبثي"، قالت أخرى.
بعد كشفها العلني عن نهدها، أبلغها مسؤول إيراني في وزارة الثقافة والإرشاد الديني بأن إيران لم تعد بحاجة لفنانين وفنانات. المسؤول نفسه نصحها بـ"تقديم خدماتها الفنية في مكان آخر غير إيران". منعت فراهاني، التي تقيم في فرنسا منذ العام 2009، من العودة إلى إيران. لم يكن تعرّي فاراهاني سبب التوتر الأول بينها وبين سلطات وطنها. عام 2008، ظهرت سافرة إلى جانب ليوناردو دي كابريو Leonardo Dicaprio وراسل كرو Russell Crowe في العرض الأول للانتاج الهوليوودي الضخم، "مجموعة أكاذيب" Body of Lies. ولكن الأخطر، من منظار السلطات الإيرانية، كان، بلا ريب، دعمها من باريس للثورة الخضراء عام 2009.
على حسابها على فيسبوك وضعت فراهاني صورتها وهي تخفي نهديها بيديها ترافقها وصلة إلكترونية إلى مقال ينتقد بشدة وضع المرأة في إيران.
سريعاً، تم تناقل الفيديو الذي تعرّت فيه فاراهاني وبشكل أوسع، جرى تناقل صورة لها مقتطعة من الفيديو في اللحظة التي تكشف فيها نهدها. وكالة "فار نيوز" الإخبارية شبه الرسمية، استنكرت "نشر صور البائسة كَلشيفته فراهاني التي تظهر الجانب المخفي والبذيء من السينما".
عالمة الاجتماع الايرانية آزادي كيان اعتبرت أن "كَلشيفته فراهاني لها الحق بفعل ما تريد بجسدها، وخاصة في دولة مثل فرنسا. ولكن في الإطار السياسي، لا تخدم هذه الرسالة قضية النساء في إيران". ما فعلته فراهاني، في رأي كيان، لا يخدم سوى الملالي الايرانيين الذين يستطيعون التذرع بفعلها لتبرير سياساتهم الأخلاقية. "المشكلة أن المناضلات من أجل حقوق المرأة، اللواتي يقاتلن من أجل مسائل أكثر أهمية من الحجاب سيفقدن مصداقيتهنّ بسبب ما فعلته كَلشيفته"، تؤكد كيان. وتضيف: "بالرغم من كون النساء يشكلن أكثرية طلاب الجامعات، إلا أنهنّ دائماً ضحايا لانتهاك حقوقهن الأساسية. سن الرشد بالنسبة للنساء هو "تسع سنوات فيما هو 16 سنة بالنسبة للرجال، شهادتهنّ في المحاكم تساوي نصف قيمة شهادة الرجال، والديّة التي على القاتل دفعها لعائلة الضحية تقسم على إثنين إن كانت الضحية امرأة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...